الرواية في كتاب الهادي الهروي

حمودي عبد محسن

الحوار المتمدن-العدد: 7653 - 2023 / 6 / 25 - 04:50
المحور: الادب والفن
    

ذا الكتاب للباحث والمبدع الهادي الهروي الموسوم بعنوان (الرواية والسوسيولوجيا- مظاهر الاندماج والتفاعل) الصادر عن دار روافد في القاهرة عام 2022 والبالغ 346 صفحة حيث يجسد الكتاب بحثا نموذجيا بروءية تجددية حديثة في عالم الرواية خاصة وهو يتوقف عند ابرز الأمور التي تعالج ماهية الرواية ودورها في الوعي الاجتماعي وكذلك تطورها في مراحل تاريخية، ويتناول الهروي أجناس الرواية في الواقع الاوربي والعربي المعاش من عدة دول. هذا، ويدخلنا الكتاب في حيز المعنى والدلالة للرواية العربية بين المتخيل والواقع، لذلك سأركز على نقطتين لان الكتاب يثير جدلا مهما وحوارا متواصلا:
1-الرواية:
أن الرواية الآن أخذت من التطور أبعادا مختلفة، وتحولت إلى رقي تكاد تدخل في عالم الفلسفة بكونها فن إبداعي جميل يتوغل الراوي في تناول ماهية الانسان والمجتمع حيث يعبر عنها بفكرة أو موضوع عبر أحداث زمنية معينة متناسقة متسقة في ترابطها بمنطق المعاينة كظرف زماني، فلذلك يقال ان الروائي يمتلك وعيا فرديا خاصا به ثم يظهرها بروءيته الخاصة، وهذا ما تطرق اليه الهروي ثم توقف عند الترابط مع السوسيولوجيا ( علم الاجتماع) كصيرورة حتمية اجتماعية - تاريخية، وكادراك في الوعي الإنساني لذلك ركز الهادي الهروي عن جوهر التكوين الروائي المتجانس المحتوى سواء كانت الرواية واقعية او متخيلة او تاريخية او معاصرة، ليكون كتابه مؤثرًا على القاريء من حيث البدء والنمو والنهاية للرواية بمدلولها كقصة نثرية سردية ايضا ذات امتداد في روءية العالم المحيط، ووجهة النظر حوله لاسيما يدرس الهادي الهروي في كتابه هذا بنية الرواية، وتحليلها، ومفهوم التناسق بين الشكل والمضمون، وشخصيات الرواية الرئيسية من خلال نسيج المجتمع التاريخي والثقافي والنفسي، ويشير الكتاب ايضا الى الخطاب الرمزي في الرواية أو المباشر بدلالة المعنى، اذ كل رواية لها لغتها المتميزة ضمن فضاءها، لتكون مفيدة تعالج كذلك مفاهيم الروح الإنسانية والوجود الاجتماعي وعلاقاته التاريخية، فاثار هذا الكتاب قيمة، وموضوعاته شيقة وتجلب الانتباه عند التمعن بمدلوله وتحليلاته، وهنا لابد من الإشارة لمًا ورد في التمهيد بصفحة 6 من الكتاب: ( ان هدفنا من هذه الدراسة يكمن في الإشارة إلى أوجه التلاقي الكثيرة بين السوسيولوجي والروائي فقد سخر كلاهما ملكة تفكيره واجتهاده المعرفي النظري والمنهجي في مقاربته للعالم والوجود وللمجتمع بظواهره)
2- ماهية الانسان في المجتمع:
الهروي حين يدرس العديد من الروايات يتوقف عند جوهر الانسان وحقيقته في الوجود بحسه وشعوره وإدراكه ووعيه وعلاقته بالمجتمع، فهو الذات، وهو موضوع الرواية في غايتها، وهذا يقودنا الى اغتراب الانسان في مجتمعه رغم ان لا توجد إشارة مباشرة الى هذا المفهوم خاصة الرواية العربية التي تتمحور مواضيعها في هذا المجال لان المجتمعات العربية تعاني من بوءس وحرمان، فلذلك بالضرورة يشعر الانسان انه ضعيف القدرة في تحقيق رغباته او. طموحه، ومسلوب الإرادة ازاء قوة مهيمنة تتحكم بواقعه ومصيره، تجعله عاجزا أمامها، فهو لا يستطيع ان يخرج من دائرتها، ليكون في دوامة متواصلة من التناقض والصراع اللانهائي بين اناه وهذه القوة التسلطية كما لو ان الروايات في شموليتها لا تخرج من عجلة الاغتراب بمواضيعها. هنا في هذا الكتاب ننداح ببطء الى كشف لغزا سواء بصمت او بضجيج ان الرواية العربية تنحاز الى الذات الانسانية التي تستهلكها القوة التسلطية الى كينونة مبهمة تنفي الانسان ذاته، وتسهلك حقيقته، وتلغي حريته، فهو في ظل الاغتراب في عائلته او جماعته او مجتمعه او وطنه او في العالم المحيط به لا يتآلف مع الواقع المعاش، ومع نفسه.
هذه الدلالة الرواءية المعاصرة التي بحد ذاتها تأملية للقاريء لا يمكن فصلها عن هذا الاغتراب كمدلول ومعنى سواء كانت تتحدث عن الماضي او الحاضر، سواء كانت تاريخة او حديثة، وكذلك سواء ناقشت الخير والشر ام النور والظلام ام الحقيقة والزيف ام الحرب والسلام ام الحب والكراهية ام الباطل والكذب، فهي في جوهرها تتناول الاغتراب الذي يقضي على الشخصية الفردية، وهذه حقيقة تاريخية - مجتمعية تمر بها الرواية العربية.
حين نقرأ الكتاب نستنبط ونستقرا، ونحس، ونستمد ان الرواية العربية بهويتها انعكاسا لهذا الواقع المعاش التي يتناولها الهروي بعروض اخرى، بكشوف اخرى، واسلوب شيق، ورفع بدراسته الروح الانسانية من ذاتها الى موضوعية المجتمع كحقيقة معاصرة لها شرعيتها، ومظهرها، ودلالتها، وتفسيرها في دورة الحياة.

2023.06.24

#حمودي_عبد_محسن (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل