أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودي عبد محسن - ابكوا على الكتاب وأهله














المزيد.....

ابكوا على الكتاب وأهله


حمودي عبد محسن

الحوار المتمدن-العدد: 5308 - 2016 / 10 / 8 - 18:38
المحور: الادب والفن
    


ابكوا على الكتاب وأهله
قال العرب في زمن ليس بعيدا أن مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ أي أن العراقي جيد القراءة، صادق الحس، دقيق الذهن في الفطنة، يبتهج حين يقرأ، ويغذي نفسه بالمعرفة الشمولية، ويتابع قراءة الكتب الجديدة، وأن أنيسه هو الكتاب حتى في سفره، ويكاد لا يخلو بيت من مكتبة، ولا يخلو مجلس من حديث عن كتاب، وغالبا ما كان العراقيون يتداولون الشعر مسابقة أو منافسة طورا سواء كان ذلك مرحا أو ذما، وطورا آخر يصمت الجليس لأنه يحب أن يسمع في حضرة البلغاء، فلا يتكلم، ولا يسأل لأن كلام البليغ يؤنس مسمعه، ويبهج قلبه خير بيان المعاني في فصاحة اللسان، وحلاوة اللغة، وإيجاز الكلام. هكذا كان العراقي يستمد وحي الفكر الإنساني الحر الجميل عبر الكتاب الأخرس المتحدث في حلله الإبداعية، ولا نبالغ أن نقول أن حفظة الشعر في عالمنا العربي كان هم العراقيون، لذلك قال عنهم الجاحظ المعتزلي:(أهل العراق أهل نظر وذوو فطن ثاقبة، والنظر يكون التنقيب والبحث). ثم ذهب ابن ابي الحديد المعتزلي ابعد من ذلك حين وصف أهل العراق بأهل بصروتدقيق ونظر. أما اليوم فلا لطف مجلس، ولا حلاوة جليس، ولا ملاحة قراءة، فلم يعد العراقي كما كان سابقا، فهو يدخل غاضبا ويخرج حزينا تتقاذفه أمواج الحيرة والألم، ويحترق قلبه من هذا العذاب والبلاء، فهو بين ظالم لا يخجل، وفاسد لا يستحي، وبلده أصبح ـ غان جيان ـ يدخله أعجمي، ويتحكم به أجنبي رغم الأهازيج والهلاهل والزغاريد والتراتيل والخرافات، فالعراقي لا يقرأ، ولم يعد أنيسه الكتاب في جحيم هذه الأوضاع أما زيارته إلى شارع المتنبي الاسبوعية فهي تقتصر على رواد قدامى، لن يتخلوا عن نعم الجليس والأنيس الكتاب الذي ينطق الأحياء والموتى، ولا يستطيع أحد من الظالمين أو الفاسدين أن يبدله بكلام آخر أو يسكت صاحب الكلمات، فالكتاب لهؤلاء الرواد شجرة طيبة الثمار، وعمره طويل بينما عمر الحكام قصير.
اليوم اتصل بي تليفونيا أحد الزملاء، وهو يسألني عن مدى اقتناء العراقيون في السويد لكتابي (Gasill) الذي استغرقت في كتابته أكثر من عشرة سنوات وهو ملحمة طويلة بمئتين وثمانين صفحة، فلزمت الصمت، ثم بعد وهلة قلت بصوت حزين:
ـ لم يقتن الكتاب أحد.
برهة مرت قاسية مرعبة على صديقي، وقد تحول صوته الوديع الرقيق إلى بؤس، وهو يردد:
ـ ابكوا على الكتاب وأهله.
ثم راح يثرثر لوحده:
ـ لو كان الكاتب من جزيرة الواق الواق لخرجت الجزيرة كلها ترقص.
لم اتفوه بكلمة، ثم ما لبث أن سألني مرة أخرى:
ـ حتى سفارتنا الموقرة الغارقة في حفلات الترفيه مثل مئات الاتحادات والجمعيات العراقية لم تقتن نسخة واحدة.
فأجبت بايجاز:
ـ نعم.
فانتابه الهلع كما لو أن صاعقة هدت كيانه، فقال:
ـ لو حفلة ترفيهية لذهب السفير، واصحاب الجمعيات والاتحادات إليها.
ثم اعتذر لئلا كان قد تجاوز حده، وأنا متيقن بأن الكتاب قد يأتي زمانه، وأن كل من شغل نفسه بالكتابة لا يخلو قلبه من الأسى. فالكاتب والكتاب توؤمان لا يفترقان كما قال الشاعر:
يؤلف اللؤلؤ المنثور منطقه****وينظم الدر بالأقلام في الكتب
حمودي عبد محسن
2016.10.07



#حمودي_عبد_محسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمير الأعور (ميري كوره) فصل من رواية ( حب في ظلال طاووس م ...
- حكايات من أرباخا
- مئة رواية ورواية
- من دايتون إلى العدوان على الكعبة
- فكر ماركس اليوم الحلقة الثانية
- فكر ماركس اليوم
- الولي الصالح في بعشيقة
- اللسان الصوفي
- حديقتنا الخضراء
- المفكر والباحث فارس كمال نظمي
- الشرير فريق باشا / حب في ظلال طاووس ملك / رواية في قيد الكتا ...
- حب في ظلال طاووس ملك / عصا الراعي
- الحب الظيم
- قصيدة خالدة خليل
- حب في ظلال طاووس ملك / شجرة الزيتون
- حب في ظلال طاووس الملك/ فصل : ميرزا
- لا أحد يهلك الشمس
- حب في ظلال طاووس الملك
- قصيدة حنين عمر
- لهيب الغضب


المزيد.....




- الشَّاعرُ - علاَّل الحجَّام- فِي ديوان - السَّاعَةِ العاشِق ...
- محمد الغزالي.. الداعية الشاعر
- تحقيق المخطوطات العربية.. بين إحجام العالم وإقدام الجاهل
- رواية -نيران وادي عيزر- لمحمد ساري.. سيمفونية النضال تعزفها ...
- فنانة تشكيلية إسرائيلية تنشر تفاصيل حوار خطير عن غزة دار بين ...
- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...
- فنانو أوبرا لبنانيون يغنون أناشيد النصر
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أسرار المدن السينمائية التي تفضلها هوليود
- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودي عبد محسن - ابكوا على الكتاب وأهله