أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض ممدوح جمال - مسرحية تناقض والتقاء















المزيد.....

مسرحية تناقض والتقاء


رياض ممدوح جمال

الحوار المتمدن-العدد: 7651 - 2023 / 6 / 23 - 14:17
المحور: الادب والفن
    


مسرحية من فصل واحد
تأليف : رياض ممدوح جمال

المكان : صالة جلوس في دار الزوجين.
الزمان : عصر احد الايام.

الشخصيات :
الزوجة ، الصديقة ، الزوج.

المنظر : (صالة جلوس في دار الزوجين. تجلس الزوجة وصديقتها
على اريكتين متقابلتان).

الصديقة : لقـــــد أقلقتني. لماذا طلبتي مجيئي بإلحاح وبسرعة؟ وهذا هو
اوان عودة زوجك من عمله، ولا يصح أن أكون هنا؟
الزوجة : لقد طفح الكيل مع زوجـــي، يا صديقتي. لم اعد احتمل. حتى
اني طلبتك للذهاب الى صديقتك المحامية للتشاور معها على موضوع طلبي
للطلاق منه.
الصديقة : وما الجديد في الامر، الذي جعل الكيل يطفح هكذا؟
الزوجة : انه يريد بيع الدار الثانية التي نملكها، ومستفيدين من ايجارها.
انه مبذر للمال، وسيدمرنا بتبذيره هذا. وانا كنت افكر ان احافظ على تلك
الدار كضمانة لمستقبل الاولاد.
الصديقة : ربما لديه مبرر لذلك. لأنه رجل متزن ويحبكم. وملتزم بعمله ليضمن
دخلا شهريا لكم.
الزوجة : مبرر لا يقبله العقل. ان ما يردنا من راتبه وايجار تلك الدار بالكاد
يكفينا الان، ولكننا نكون قد ضمنا شيئا لمستقبل الاولاد. ولكنه هو يريد ان نعيش
في بحبوحة الان من بيع تلك الدار ولا يهمه المستقبل.
الصديقة : لكنه يحب عائلته ويهمه مستقبلها، وهو رجل ملتزم ومستقيم ،
وحسب علمي منك، انه ليس انانيا ويحبك انت كثيرا. فلا تنكري كل إيجابياته هذه.
الزوجة : وما الفائدة أن كنت لا اضمن المستقبل ولن ادخر لعازة الزمن شيئا.
وربما سأعيش انا وأولادي في عوز وفاقة في المستقبل. فهو يريد أن يعيش اليوم
ولا يفكر في الغد ابدا. فهو يقودنا نحو الهاوية. وهذا ما لا ارضاه لي ولا لأولادي
مطلقا. وانا افكر حتى في الطلاق منه لإنقاذ مستقبل اولادي المادية.
الصديقة : (تمزح مبتسمة) ليس في الخبز وحده يحيا الإنسان.
الزوجة : لو كنت متزوجة ولديك اطفال، لما امنت بمثل هذه الاقوال.
الصديقة : (بمرح ايضا) اذن انت تعيرينني بانني عزباء!
الزوجة : (بخجل) انا اسفة ولم اقصد ذلك، واعتذر لك. انت تعلمين مكانتك
عندي والا لم ارسل في طلبك.
الصديقة : انا لا ارى هناك ما يستدعي طلبي. ولا داعي لان تضخمي الامور.
وانا سأعتبر نفسي لم اسمع منك كلمة الطلاق ابدا. ومثل هذا الموضوع يجب حله
بينكما، ولا داعي لوجودي انا.

(يدخل الزوج قبل أن تلفظ جملتها الاخيرة)

الزوج : بل إن وجودك ضروري جدا، يا عزيزتي. مادامت هي ارادت ذلك.
فلتكوني بالصورة. وانت اقرب شخص لديها. بل أنت أقرب المقربين لها. ومادامت
قد نصبتك حكما بيننا فانا اوافقها على ذلك، واقبل بك ان تكوني حكما بيننا. فأنا أثق
بنزاهة. فاتخذي مكانك كحكم بيننا.
الصديقة : انه هذا هو أصعب موقف لي في حياتي. وان كان بالإمكان إعفائي
من هذه المهمة.
الزوج : لا يمكن ذلك ابدا، حتى لو قبلت هي، فانا ارفض. وسأكون متعاونا مع
الحاكم واسهل المهمة عليه، فانا اعرف تهمتي، يا سيادة القاضي. تهمتي هي اني
ابذر اموالي، ولا احرص على مستقبلهم، المادي. اليس كذلك، يا سيادة القاضي؟
الصديقة : انك تحرجني بهذه الطريقة.
الزوج : على القاضي ان يكون جريئا. وسأتقدم انا اولا بأدلاء شهادتي، لأسهل
المهمة على المحكمة. وانا المحامي لا كبر دائرة في البلد، ولا اجيد الدفاع عن نفسي.
الصديقة : (بأسلوب مسرحي هازل) اذن فلنكمل اللعبة إلى النهاية. تقدم ايها
المتهم ودافع عن نفسك من التهمة المنسوبة اليك.
الزوج : أيتها المحكمة الوقرة. كنت طفلا وانا أكبرا خوتي ومات ابي واصبحت
انا الاب لهم، وعملت بمختلف الاعمال، لأعيلهم، وتخرجوا من الجامعات وعملوا
في أفضل الدوائر الحكومية، وتزوجوا وأنشأوا عوائل، ونسوني. لم يسألوا عني.
ولم يعترفوا اني انا من كونهم وبنى مستقبلهم. حتى اني تزوجت بعدهم، واولادي
الان اصغر من اولادهم.
الصديقة : وما علاقة ذلك بالتهمة الموجهة اليك، ايها المتهم؟
الزوج : كنت اعتقد اني اضع الاسس لبنائي، ولست ادري اني كنت اضع
نفسي حجرا في اسس بنائهم. واني كنت الشمعة التي تنير غرفة الأعمى. وضاع
النصف الاول من عمري.
الصديقة : لا تبتعد عن موضوع قضية التهمة الموجهة اليك، ايها المتهم.
الزوج : الموضوع هو اني لا اريد ان يضيع النصف الاخر من عمري.
الزوجة : عليك اذن ان تبني مستقبل اولادك لتضمن النصف الآخر من حياتك.
الزوج : اي منطق هذا! ان اضيع النصف الاول من اجل اخوتي، واضيع
النصف الآخر من أجل اولادي. فليس هناك نصف ثالث لنفسي. لا يمكن ان اكون
قد خلقت من أجل الغير فقط.
الصديقة : منطقك أيها المتهم، غير سليم أيضا. فأنت مسؤول عن اخوتك ومن
ثم مسؤول عن اولادك اكثر.
الزوج : انا لن اتخلى عن مسؤوليتي اطلاقا. ولكني اريد ان اقتسم النصف
الثاني مع اولادي.
الصديقة : لا اعتقد ان في ذلك خطا، ان كان الاولاد يكفيهم الربع.
الزوجة : (تنتفض) انا بدأت لا افهم شيئا منكما، رغم تمكني من الرياضيات.
الصديقة : هذا يعني انه يوازن ما بين متطلبات الاولاد ومتطلبات
تصوره عن الحياة التي يريد أن يحياها مع الاولاد.
الزوجة : انا افهم تصوره ذلك. انه يريد من الاولاد ان يدفعوا ثمن
خطئه مع اخوته.
الزوج : لم أكن مخطئا مع اخوتي، ولو عاد بي الزمن لفعلت الشيء
نفسه معهم، ولا يعنيني خطأهم.
الصديقة : اذن أوضح لنا أيها المتهم أكثر.
الزوج : انا اريد ان اعلم اولادي صيد السمك لا أن اطعمهم السمك. سأجعلهم
في افضل الجامعات وأرقى المناصب، وتنتهي مهمتي المادية معهم. وعليهم هم أن
يبنوا عمارات اذا شاءوا، لا ان اهيئ لهم منازل منذ الان.
الصديقة : وما وجه الاختلاف بينكما في ذلك؟
الزوجة : الاختلاف هو انه يريد بيع الدار الثانية التي نملكها. لا لشيء، إلا
للتمتع بمتعة زائلة. كأن نسافر دائما، او ان نخرج الى مطاعم راقية، وان يزور
مناطق وحتى دول لم يزورها من قبل. وغيرها الكثير، وكل ذلك على حساب
ضمانة مستقبل الاولاد، والتي هي الدار الثانية.
الصديقة : ان لوجهة نظرها الكثير من الحق. وتبدو انها اكثر حرصا منك على
مستقبل الاولاد. وان الأمور المادية هي اضمن للعائلة من الامور الروحية ومتع
الحياة الزائلة.
الزوج : بالعكس، فان الحياة هي الزائلة، ومتعها هي الباقية ما دمنا على قيد
الحياة. انا افـضل ان اعـــيش كفراشة ولو لساعات، على ان اعيش الف سنة وانا
كمومياء متحركة. لا اريد ان اقضي العمر في بناء اهرامات، اريد ان اتمرغ واقفز
واركض واطير فوق رمال الصحراء التي بنيت عليها الاهرامات. لا اريد ان يكون
لي تمثال يقدسه ابنائي، وإنما اريد ان احلق في السماء كأي عصفور نكرة. لا اريد
ان اكون عصفورا في قفص، ولا سمكة مدللة في صندوق زجاجي. اريد ان اكون
بالون تحركه رياح الرغبة حيثما اشاء.
الصديقة : وما الذي يمنعك من ذلك؟
الزوج : ان اقل وخزة دبوس كافية لتفجير اكبر بالون. ان زوجتي، ونحن في
عز متعتنا بوجودنا في مطعم، هي تلهو بحساب المبلغ الذي سندفعه، وكم انه يكفينا
لأسبوع طعاما في منزلنا. ولو ذهبنا إلى متنزه قريب، تقضي الوقت كله في إعطاء
التوجيهات الأمنية والصحية والتنظيمية وتنشغل بترتيب المكان ومراقبة كل حركة
من لعب الاولاد. دون أن تتمتع هي بالمكان نفسه، ولا تحس بالفرق ان كنا هنا في
المتنزه ام كنا في المنزل، الأمـــــر ســيان لديها، لا بل تفضل أن نكون في المنزل
ونوفر تكاليف النزهة. وحتى لو جلسنا جميعا في حـــــديقة منزلنا، لا تعرف كيف
تتمتع بأشجار وحشائش وازهار الحديقة، بل تفكر بما ستطبخ غدا، وجدول اعمالها
ليوم غد. وكأنها لم تكن بيننا بل هي تعيش في الغد. ان مثل هذه، تفجرني انا كبالون
في السماء.
الصديقة : ما قولك بكل هذا الكلام ايتها الزوجة؟
الزوجة : اقول انه ما دمنا قد بدانا بتحمل مسؤولية الاولاد فعلينا ان نكملها على
اتم وجه. وان تطلب ذلك حتى ان لا نعيش لأنفسنا اطلاقا. الشجرة بعد ان تنضج، ما
عليها الا طرح الثمار، لا ان تبقى تتطاول لتناطح السماء، فلها طول محدد تقف
عنده.
الزوج : اغفاءة البستاني لا تعيق الشجرة عن طرحها للثمار. وللبستاني الحق
في الحياة ايضا، لا ان يموت تحت جذورها.
الصديقة : بدأت انا لا افهمكما، ولا استطيع مجاراتكما. وبما انه يتوجب علي
المغادرة، تقرر المحكمة برفع الجلسة للتداول بين الطرفين المتنازعين لحين
الوصول الى توافق وقناعة بتقبل الاخر كما هو. لتقللا الفجوة بينكما. والحق دائما
موزع بين النقيضين.

(يبتسم الجميع، تنهض الصديقة، ثم ينهض الزوجين، تمد الصديقة يدها
لتوديع الزوج)

الصديقة : اتمنى لكما كل خير وسعادة. مع السلامة.

(تتجه الصديقة نحو باب الخروج تتبعها الزوجة، ويغادر
الزوج المسرح، عند الباب تستدير الصديقة نحو الزوجة
مبتسمة وتمزح)

ان كنت لا تزالين تفكرين بالطلاق من زوجك، فأرجو اعلامي بذلك.
الزوجة : لماذا؟
الصديقة : لقد اعجبني، وأريد الزواج منه.
الزوجة : (تضحكان) لن يحصل ذلك ابدا، سأسارع ببيع الدار الأخرى
ونعيش كما يريد هو، هيا اخرجي واياك ان تعودي الى هنا ثانية.

(ترفع الزوجة يدها لتضرب الصديقة مزاحا، فتخرج الصديقة
راكضة، وتلحق بها الزوجة)

ستــــــــــــــار



#رياض_ممدوح_جمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدالة تحت المشنقة
- بقايا في الصحراء
- -حطام- مسرحية من فصل واحد
- العجوز العاشق
- مسرحية -لسانها-
- مسرحية -حب عند قفص قرد-
- أربع مسرحيات مترجمة
- مسرحية صفعتان على الوجه
- ثلاث مسرحيات قصيرة جداَ
- مسرحية سيد المنزل
- الأسقف والشمعدانات
- المسرحية -شؤون الأزواج-
- مسرحية -هو قال وهي قالت-
- مسرحية -أمس-
- مسرحية الباب المفتوح
- مسرحية قائد الطائرات الورقية
- مسرحية -الباب المفتوح-
- مسرحية الموجة المهدورة
- مسرحية -شباب دائم-
- مسرحية الحــــــصان الطــــــائــــــــر


المزيد.....




- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...
- أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب ...
- ابنة رئيس جمهورية الشيشان توجه رسالة -بالليزر- إلى المجتمع ا ...
- موسيقى الراب في إيران: -قد تتحول إلى هدف في اللحظة التي تتجا ...
- فتاة بيلاروسية تتعرض للضرب في وارسو لتحدثها باللغة الروسية ( ...
- الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق  وقناة الفج ...
- يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض ممدوح جمال - مسرحية تناقض والتقاء