أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أحمد زوبدي - في نقد الخطاب السياسي السائد في المغرب : من سياسة الفرجة إلى الاستلاب السياسي















المزيد.....

في نقد الخطاب السياسي السائد في المغرب : من سياسة الفرجة إلى الاستلاب السياسي


أحمد زوبدي

الحوار المتمدن-العدد: 7641 - 2023 / 6 / 13 - 22:47
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في نقد الخطاب السياسي السائد في المغرب :
من سياسة الفرجة إلى الاستلاب السياسي.


الخطاب السياسي المهيمن في المغرب خطاب فلكلوري وفرجوي، كما يقول الفيلسوف السياسي مارسيل غوشي. هو خطاب يحجب الحقيقة بتوظيف مقولات اللاحقيقة لأن قول الحقيقة يخلق لحاملي الخطاب إياه المشاكل والمتاعب.
الخطاب السياسي السائد يشرعن كل شيء ويشرع لكل شيء. يقوم مدير أو رئيس أو قل مسؤول بتحرير قانون أو منشور أو مذكرة تم يتم تمريره دون اعتراض. يصبح القانون إياه جاري المفعول يتم بموجبه السماح لفئة معينة للاستفادة من ريع أو من تسوية وضعية أصحابها في حين يتم تمرير قانون نقيض يحرم فئة من الموظفين للإستفادة من وضعيتهم الإدارية. قوانين لا تعد ولا تحصى صيغت لتسمح لمروجي الخطاب المسيطر بنهب ثروات البلاد. في اللغة الدارجة الساخرة المغربية يسمى هذا الشكل من التحايل على القانون ب"تتياك" القانون يعني المضاربة. صحيح أن القانون لا يخضع للمنطق لكن القانون يخضع للمساطر القانونية لصياغته ويخضع كذكك للمراقبة ومساءلة من وضعه ومن طبقه.
تتحول الممارسة السياسية من سياسة الفرجة إلى الاستلاب السياسي أي أن السكان لم يصبحوا قادرين على معرفة ما يقع أمامهم في ما يخص تسيير الشأن العام. يصبحون غرباء بعد أن كانوا غرباء في المسلسلات الانتخابية التي لم تنتج إلا المهازل.
الخطاب السياسي الرجعي الأوليغارشي خطاب يسود في مجتمع مليء بالأمية بما فيها الأمية الثقافية وينعدم فيه الوعي أي وعي الناس أن من يضع القانون لأجل مصلحة معينة هو بشر وأن هذا القانون قابل للطعن فيه وقابل كذلك لرفضه لأنه قانون ظالم وقانون فاسد يخدم مصلحة الطبقات السائدة وبالتالي أن قول الحقيقة والنضال من أجل تغييره واجب على كل إنسان حر يسعى إلى بناء دولة الحق والقانون.
ينضم إلى الخطاب هذا أحزاب ونقابات اليسار اليمينى وأغلبية المثقفين اليساريين. المثقف اليساري تحول إلى باحث عن الريوع إن لم نقل أصبح مرتزقا ينتظر الصدقة من أصحاب الحال. المثقف الذي كان يصوب سهمه لنقد الوضع السائد تحول بقدرة قادر إلى لاهت بحثا عن فرص للسفريات أو إنجاز الدراسات أو الخبرات التجارية المبتذلة مقابل الريوع. مثال ذلك المثقفون اليساريون المبتذلون الذين انضموا إلى المركز التابع للمكتب الشريف للفوسفاط سابقا، الكائن بحي الرياض بالرباط، الذي أصبح تابعا لجامعة محمد السادس. وقد سبق أن عثرت على بحوث تجارية قام بها هؤلاء اليساريون المصنفون في هذا المركز مسروقة، وقمت بإخبارهم لكن دون تواصل من قبلهم. نفس الشيء بالنسبة لليساريين الذين يتواجدون في أكاديمية العلوم والتقنيات ومنهم من يحصل على درجة أستاذ كرسي دون ذكر المنافع التي يجنونها من هذه المناصب البئيسة. نفس الأمر يقال عن اليساريين الذين يتواجدون بجامعة الأخوين بإفران، إلخ. الارتزاق أصبح العملة السائدة لدى الكثير من مثقفي اليسار كل حسب طريقته في التعامل مع المخزن.
يقال أن السياسة هي فن تدبير الممكن. فن تدبير الممكن لا يوصل بالضرورة إلى الهدف المنشود بمعنى أن هناك إمكانية تغيير المنحنى بتوظيف طرق تتناقض مع أخلاقيات السياسة يعني سياسة الحقيقة. من خلال فن الممكن يصبح كذلك حزب أو جهة معينة تضم أناس يبحثون عن تحقيق مآربهم على حساب كرامتهم لكن الأخطر على حساب مصالح الناس. في موضع آخر وفي ضوء فن الممكن يقوم حزب ما بالتحالف مع أحزاب أخرى لا تربطهم أية قناعات أو برامج فضلا عن الإيديولوجية وحتى ولو كان ذلك يتنافى مع وثائق مؤتمراته. حزب التقدم والاشتراكية نموذجا والاتحاد الإشتراكي نموذج من طراز آخر. أصحاب هذين الحزبين استعملوا كل أساليب التنوعير والتخريب ليقفز أناس لا علاقة لهم بالنضال إلى الأمام وليسيطروا على الحزب بتواطؤ المخزن ضدا على الشرفاء وضدا على مصلحة ومستقبل الوطن. في الأخير تحول الحزبان الى حزبي الأعيان و وجدا نفسهما مع حزبي الاستقلال عفوا الاستغلال وحزب الحركة الشعبية دون شعبية وحزب القصر أي البام. الجميع متورطون في الفساد، والكل مستعد للقمار وبيع المخدرات. فن الممكن يدفع الحزب ليتحول إلى متجول دون وازع أخلاقي أو مبادئي بحثا عن بلوغ أهداف أعضائه في الدخول إلى البرلمان أو الاستوزار أو الولوج إلى مناصب موازية للمزيد من نهب ثروة البلاد. عن طريق فن الممكن يصبح أي إنسان برلمانيا أو وزيرا أو كاتبا عاما للوزارة أو رئيس مدير عام لمؤسسة وغير ذلك. فن الممكن يسمح اليوم لسياسي الفرجة بالحصول على المكاسب والمناصب بطرق ملتوية وفاسدة ضدا على القانون. فن الممكن أي سياسة الفلكلور تترجم سيطرة زمن الرداءة و الانحطاط والعبث. فن الممكن يدفع بصاحبه ليصبح لصا بامتياز يتاجر بالسياسة والدين لبلوغ هدفه وهذا ما يقوم به كل من دخل المؤسسات المزيفة. بائع الخمر والمخدرات ومتابع قضائيا يصبح منتخبا أو برلمانيا أو وزيرا، إلخ. هذا هو المغرب الحديث والمغرب الصاعد، عفوا المغرب النازل/ المنحط، المغرب الذي تسود فيه الدولة المارقة قي الفساد. الدليل على اللصوصية وسرقة أموال الشعب متوفر في أطنان الأوراق التي يصدرها المجلس الأعلى للحسابات، أعلى هيئة للرقابة، فضلا عن تقارير هيئات حكومية أخرى وغير حكومية. هذه المؤسسات تقر بالحجج والوثائق الدامغة أن فلان ابن فلان وفلانة ابنة فلان متورطون في سرقة كذا وكذا، لكن دون إشعار، يطوى الملف وتبقى دار لقمان على حالها. المؤسسات القائمة بالفعل هي مؤسسات للواجهة فاسدة حتى النخاع وبالتالي تفتقد للشرعية الشعبية، يسوق لها نظام رجعي يدور في فلك الإمبريالية والصهيونية التي تحميه بدورها.
هؤلاء اللصوص استعملوا فن الممكن أي سياسة الفلكلور ليس لخدمة الوطن لكن لسرقة ثرواته وبذلك أصبحوا ساسة لصوص أو قل لصوص وكفى وبالتالي تجب محاكمتهم و إيداعهم في السجن. السياسة وليس فن الممكن تتبرأ من اللصوص الذين يركبونها لبلوغ أهدافهم أي للسرقة. السياسة كما يقول المفكر العربي سمير أمين هي شكل من أشكال تدبير المجتمعات من خلال هذه المجتمعات التي ليس فقط تخول التدبير إياه لنخبة سياسية في المستوى، لكن تراقب هذا التدبير وتحاسب أصحابه. السياسة كتدبير المجتمعات تأخذ بعدا ثقافيا وليس سياسويا كما يحلو للساسة اللصوص ممارسته. السياسة كثقافة تصبح قيمة من قيم المجتمع هدفها النبيل هو تدبير شؤون الناس، كما كتب ذلك أفلاطون في ‏‎"‎المدينة الفاضلة‏‎"‎‏ منذ أكثر من قرنين.
سياسة الفرجة والفلكلور مكنت السياسيين المبتذلين في المغرب من سرقة ومراكمة الثروات على حساب الطبقات الشعبية والفقيرة والطبقة الرثة. سلبت من هذه الأخيرة ثرواثهم لكن الأخطر أن يتم سلب وعيهم أي شعورهم أنهم سلبوا من كل شيء بما فيها هويتهم. الاستلاب السياسي أصبح هو الأداة التي تسمح بتجريد السكان من كل شيء بما فيها انتماءهم إلى الوطن. وظف الحاكم المستبد الاستلاب السياسي ليسيطر على الثروة. الاستلاب السياسي يتم من خلال بناء منظومة مؤسساتية مرتبطة بمصالح الطبقة المسيطرة. الاستلاب السياسي يوفر شروط الاستلاب الاقتصادي. بالمقابل يوظف العامل الاقتصادي للسيطرة سياسيا ويكون بذلك أن الاقتصاد يلعب دور الرحى في البنية الإجتماعية. وهو ما يكرس الارتباط البنيي العضوي في ما بين مكونات المخزن المغربي أي البنية السائدة.
مما يفرض اليوم مد جسور جبهة وطنية شعبية لبناء السلطة المضادة لتفكيك هذه البنية المخزنية التي تحميها الإمبريالية والصهيونية لتغيير ميزان القوى يفتح الباب لوضع دستور نابع من السيادة الشعبية لبناء الدولة الوطنية الديموقراطية المستقلة.



#أحمد_زوبدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظرية في الممارسة السياسية .. المغرب نموذجا
- مساهمة سريعة في نقد النخبة الخائنة.
- قصف المثقفين المزيفين أصبح أكيدا بحكم تنامي هذه الفئة من الم ...
- في الذكرى الواحدة والأربعين لاستشهاد المفكر الإجتماعي الأممي ...
- من يصنع السياسة في المغرب وهل التغيير ممكن في الوقت الراهن ؟
- في الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد غرامشي العرب، المفكر ال ...
- الدولة التي تقوم بإقبار التعليم هي دولة في طريق الإنهيار
- السياسة و الإقتصاد أو المعادلة ذات الهندسة المتغيرة
- كيف تحولت الجامعة إلى تكنة عسكرية والحاجة لفضح الفساد في مجا ...
- في شروط الثورة اليسارية
- لأجل جبهة شعبية جماهيرية لتغيير ميزان القوى ومد جسور إصلاح ج ...
- على هامش إطلاق استمارة المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي ا ...
- في الحاجة للمثقف الرسولي
- في عيد الطبقة العاملة.
- كيف يكرس البنك الدولي التبعية في دول الجنوب ؟
- فيروس كورونا في ضوء -رأس المال- لكارل ماركس
- لأجل يسار في مستوى قلب موازين القوى لإسقاط نمط الحكم السائد ...
- في الذكرى ال12 لحركة 20 فبراير أو الثورة المغدورة
- شذرات تأمل خاطفة من أجل إعادة بناء اليسار
- لأجل إعادة بناء اليسار على مستوى النظرية والممارسة


المزيد.....




- بعد 14 عاما.. حزب العمال البريطاني يتقدم بالانتخابات المحلية ...
- هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟
- السيناتور بيرني ساندرز لـCNN: احتجاجات الجامعات الأمريكية قد ...
- إلى متى سيبقى قتلة الصحفيين الفلسطينيين طلقاء دون عقاب؟!
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 553
- فاتح ماي: الطبقة العاملة تحاكم الاستغلال الطبقي
- مصر.. الحكومة توقف نزيف خسائر البورصة بتأجيل ضريبة الأرباح ا ...
- هل صرخ روبرت دي نيرو على متظاهرين فلسطينيين؟.. فيديو يوضح
- فيديو يظهر الشرطة الأمريكية تطلق الرصاص المطاطي على المتظاهر ...
- رغم تأكيد صحيفتين إسرائيليتين.. دي نيرو ينفي مهاجمة متظاهرين ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أحمد زوبدي - في نقد الخطاب السياسي السائد في المغرب : من سياسة الفرجة إلى الاستلاب السياسي