أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - بين سيئ وأسوأ















المزيد.....

بين سيئ وأسوأ


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 7638 - 2023 / 6 / 10 - 12:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



معركة الرئاسة الأولى هي محطة جديدة في الصراع المستمر في لبنان وعليه. هكذا كان الأمر أيضاً في معركة الانتخابات النيابية، وما أعقبها من صراع متناسل على تشكيل حكومة جديدة... وهو صراع، كما هو معروف، متعدّد الأبعاد واللاعبين والعناوين: محلياً وإقليمياً ودولياً. لذلك، ولو بدرجات متفاوتة، ورغم المتغيرات الأخيرة والأولويات الجديدة المنبثقة من انعطافات وحروب في الإقليم والعالم، فالأهداف في لبنان، تبقى تقريباً، هي نفسها!

يمكن تلخيص هذه الأهداف على النحو الآتي: أولاً، طمس المسؤوليات عن الأزمة الطاحنة التي ضربت لبنان وشعبه. ذلك استدعى تفتيت وتشتيت حركة الاعتراض التي رغم حداثة نشوئها والتباساتها، جذبت مئات آلاف اللبنانيين واللبنانيات للنزول إلى الشارع على مدى أشهر. لكنها لم تتمكن من تحقيق أي هدف من أهدافها الرئيسية المفترضة. أبرز هذه الأهداف، محاسبة المسؤولين عن النهب واللصوصية والخراب وجعلهم يدفعون ثمن ما ارتكبوا عبر الإزاحة والمحاكمة ونيل العقاب المستحق. الثاني، هو وقف التدهور المروِّع الحاصل والمفتوح على أسوأ المخاطر، عبر إقامة سلطة جديدة تتبنّى مساراً سياسياً واقتصادياً مغايراً للنظام السائد الذي أسس للخلل والانقسام والنهب والتبعية والارتكابات والتهجير والإفقار وانتهاك السيادة.


لقد قرن سدنة «الصيغة اللبنانية الفريدة» سلطة لبنان ونظامه السياسي بكيانه، وحتى بوجوده نفسه. وهم نجحوا بالعصبيات، والخداع، وتسخير السلطة وتحاصصها، والاستقواء بالخارج، في إيهام قسم كبير من اللبنانيين بأن الكيان ونظام وسلطة تحالف بقايا الإقطاع السياسي وطغمة المال والاحتكارات والمصارف وتجار الطوائف والمذاهب، هم تركيبة لا تنفصم عراها، فإذا زالت السلطة وأُصلح النظام السياسي، تصدّع وزال الكيان من أساسه!
في سياق ممتد من تراكم عوامل الأزمة ومن ثم الانهيار الكوارثيّ، كان الدور الأميركي حاضراً ومتحفّزاً ومثابراً: من أجل تعظيم وتعجيل الانهيار، ومن ثمَّ، من أجل استغلاله وتوظيفه في خدمة مصالحه الإمبراطورية في المنطقة وفي العالم. ولطالما حظي المشروع الإحلالي العدواني الصهيوني بمكانة مميزة في المخطط الاستعماري بدءاً من المؤسس الإنكليزي، إلى الوريث الأميركي بعد الحرب العالمية الثانية. لقد قرَّر ممثلو الإدارة الأميركية أن الوقت قد حان في لبنان لتحقيق هدف إسرائيلي صهيوني بنزع الشرعية الرسمية عن المقاومة في لبنان تمهيداً للانقضاض عليها في ظروف ملائمة تسمح بتحقيق ما تعذّر تحقيقه في السابق وخصوصاً في عدوان تموز عام 2006.
خَلَطَ التدخل الأميركي الأوراق على مستوى الموالاة والمعارضة، كما على المستوى الشعبي أيضاً (من خلال منظمات مدنية قائمة أو مستحدثة). وهكذا تمَّ التركيز على استهداف سلاح المقاومة الموجَّه ضد العدو الصهيوني بوصفه سبب الأزمة والنهب والفقر والمآسي في لبنان. بذلك، وعن سابق تصور وتصميم، وبضخ إعلامي مأجور خصيصاً، بات المسؤولون عن الكارثة غير مسؤولين عن حدوثها. ساهم ذلك وسواه في تجديد شرعية المنظومة الحاكمة التي طالما أتقنت أساليب التزوير والتضليل وتطويع وتسخير مؤسسات السلطة ونهب مواردها، فضلاً عن العصبيات من كل نوع... وعن قوانين انتخابية مانعة لصحة التمثيل ومكرَّسة لخدمة ذوي السلطة والمال والنفوذ والتبعية والعصبيات.


إنّ تكرار ما تقدَّم، هو لمواجهة استمرار ذر الرماد في العيون بشأن الأسباب والمسؤوليات الداخلية والخارجية. وهو، أيضاً، لكشف وفضح زيف الادعاءات بأن انتخاب رئيس سيؤدي، بمعجزة وخوارق، إلى معالجة الأزمة وإعادة دورة الحياة الطبيعية إلى اللبنانيين، مشفوعة بالاستقرار والازدهار وتدفّق الدولار!

إنّ حماية سلاح المقاومة ودورها هي أولوية مهمة. غير أن اعتمادها لا ينبغي أن يكون بثمن التمديد للأزمة ولـ«أبطالها» من أقطاب المحاصصة والنهب

إنّ أطراف السلطة والأزمة، في الداخل والخارج، هم من يتصدّرون الآن، المشهد، ويحتكرون القرار. حركة الاحتجاج الشعبي تبدّدت تحت تأثير التآمر عليها من داخل وخارج، وعجْز القيّمين عليها عن بلورة تيار شعبي يضم كل المتضررين: تيّار مستقل ومنظّم وفاعل وذو برنامج وخطة وقيادة وأولويات. يتصل بذلك، بشكل وثيق، أن قوى التغيير القديمة قد عجزت، بدورها، عن الارتقاء: بالتوحُّد والمشروع والأولويات والمبادرة، إلى مستوى ما أتاحته الأزمة من فرص وما طرحته من مسؤوليات وتحديات. من أبرز الفاعلين في المعركة الرئاسية الراهنة التي تشهد، بالمناسبة، تدخلاً خارجياً غير مسبوق، الطرف الذي عموده الفقري «حزب الله» وحليفه رئيس المجلس (الثنائي). يعمل هذا الفريق على محاولة إيصال زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية إلى سدّة الرئاسة منعاً لوصول رئيس يوظِّف الموقع لتحقيق الأولوية الأميركية باستهداف المقاومة وسلاحها. لكن نجاح مرشحه سيؤدي، فعلياً، إلى تغييب المحاسبة وسدّ أبواب التغيير والإصلاح، وإلى مفاقمة الأخطار على لبنان والمعاناة على اللبنانيين (خصوصاً إذا لم يقترن ذلك، أقله، بتبنّي سياسات متحررة من التبعية لواشنطن ومنفتحة جدياً على خيارات مغايرة إقليمياً ودولياً). أمّا الفريق الثاني الموالي لواشنطن، فقد اضطر إلى التخلي عن «الرئيس المواجه». وهو بـ«التقاطع» مع خصوم (دأب على محاولة عزلهم وإضعافهم)، يحاول، بالمناورة، دعم مرشح مُسقط على المشهد السياسي، أملاً باستبعاد فرنجية أولاً، ثم بتمرير مرشح أكثر انسجاماً مع الخطة الأميركية، إذا تمكّن لاحقاً! هؤلاء، من خلال هذا الخيار، يجازفون حكماً بدفع الأزمة إلى الأخطر والأكثر سوءاً: تأجيج التناقضات الداخلية وزجّ المستوى الأمني (بالفتن خصوصاً) عاملاً أساسياً بعد أن لم يكن كذلك حتى الآن. والثاني قطع الطريق أيضاً، على أي محاسبة طالما أن الأولوية ستكون مسألة السلاح، لا مسائل النهب واللصوصية والفساد في النظام الذي ينبغي معالجة الخلل فيه منطلقاً لأي إنقاذ منشود.


إنّ حماية سلاح المقاومة ودورها هي أولوية مهمة. غير أن اعتمادها لا ينبغي أن يكون بثمن التمديد للأزمة ولـ«أبطالها» من أقطاب المحاصصة والنهب والاحتكار واللصوصية... وخصوصاً من دون فتح صفحة جديدة وجدية حقاً: في علاقات اللبنانيين الداخلية وعلاقاتهم مع الخارج. إلّا أنّ حماية المقاومة، ليست، بالتأكيد، الأولوية الوحيدة. فالأزمة، في أضرارها والخسائر، قد طاولت أكثر من 90% من اللبنانيين. وهي مرشحة في حال استمرارها لإحداث المزيد من المآسي والضحايا والاستغلال المشبوه... وصولاً إلى نشر الفتن والاحتراب والفوضى.
إنّ الواجب والمصلحة الوطنيَّين، يقتضيان، بشكل حازم ومتزامن، أولاً، منع القوى المعادية للبنان وشعبه من النيل من تجربته الفذّة في المقاومة ضد العدو الصهيوني، خصوصاً أن عدوانه وخطره ما زالا ماثلين. ثانياً، يحتاج اللبنانيون إلى خطة عاجلة ومسؤولة وإنقاذية، من أجل وضع لبنان على سكة التعافي عبر مشروع وخطة تغيير وإصلاح كبيرين، تكون المحاسبة مدخلهما لوقف الانهيار ولاحتواء الأزمة.



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسباب وآفاق التحولات السعودية
- فتى الكتائب... مغامراً!
- عشرينية الاحتلال الأميركي: تغيير الوسائل وثبات الأهداف
- واشنطن... لمحات من مسار الهيمنة!
- أزمة الحريري وأزمة لبنان
- وفي الليلة الظلماء...
- أين المعارضة وأيّ معارضة!
- الدولة الطائفية الهشّة
- المعارضة الوطنيّة: إعادة تأسيس
- الإمعان في تشويه «الطائف»
- معارك ما بعد الترسيم
- رؤساء لبنان
- تحوّلات جوهريّة
- مقاومة «جمول» وشيءٌ من الصراحة!
- ألم يحن الوقت بعد؟!
- الانفعالات والأزمات
- الإصلاح السياسي مدخل كل إصلاح حقيقي
- انتهت الانتخابات: الأزمة مستمرة
- انتهت الانتخابات: الأزمة أكثر تعقيداً
- لا يعوّل على إصلاح سواه!


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - بين سيئ وأسوأ