أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - أزمة الحريري وأزمة لبنان















المزيد.....

أزمة الحريري وأزمة لبنان


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 7526 - 2023 / 2 / 18 - 11:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بشكل من الأشكال، مرت مسألة «اعتكاف» رئيس الوزراء الأسبق، سعد الحريري، وكأنها حدث «عادي» أو «طبيعي». هذا الحدث «العادي» أملى أن يعتزل رئيس تيار «المستقبل» العمل السياسي بشكل شبه كامل. أملى عليه، أن ينسحب وتياره من المشاركة في الانتخابات النيابية التي أجريت في الربيع الماضي. أملى كذلك، أن يُمنع من الإقامة في بلده وفي منزله، وأن يوضع في شبه إقامة جبرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحت رقابة غير مباشرة من قبل ولي العهد السعودي بواسطة حليفه الإماراتي محمد بن زايد.

لم يتساءل الرأي العام السياسي اللبناني التقليدي، لماذا حصل ذلك وكيف له أن يحصل؟! انصبَّ الاهتمام فقط على ماذا سيحصل بعد، وهل ستعود المياه إلى مجاريها بين ولي العهد السعودي وسعد الحريري؟! سعد نفسه، وبالعمق، لم يتساءل عن مسؤولية والده عن نسج علاقة مع قيادة المملكة، على هذا النحو من «المونة» والالتحاق.
حصل ذلك، ويستمر، على رغم الخطوات والتدابير الحادة والصاخبة التي رافقت انفجار النقمة السعودية على وارث رفيق الحريري، الذي كان أقرب إلى الأسرة المالكة السعودية من حبل الوريد! الواقع أن ولي العهد السعودي، في نوبة غضب وعجز متصاعد و خسائر فادحة في الأرواح والمعنويات والأموال، منذ غزوه اليمن عام 2016، قد قرر تجاهل صمود «أنصار الله» (الحوثيين) وتوجيه نقمته إلى طرف خارجي هو إيران ومعها «حزب الله» اللبناني. كان على سعد الحريري أن يتولى مواجهة «حزب الله» في لبنان لإشغاله عن دوره اليمني الذي يعتقد ابن سلمان أنه كبير وأنه يجب أن يتوقف وأن يدفع «حزب الله» الثمن في لبنان وليس في أي مكان آخر. كان لسعد الحريري رأي آخر: واضح وحاسم أبلغه للملك السعودي، كما ذُكر قبل فترة وجيزة من احتجازه: «حزب الله» قضية إقليمية، ولا قدرة لي ولا للبنان على معالجتها»! وهكذا جاء الرد سريعاً من وليد العهد: الاحتجاز والإكراه والإهانة. كان سعد رئيساً للحكومة اللبنانية. رغم ذلك، لم يتردد ولي العهد في استدراجه واختطافه. استدعى ذلك ردّ فعل دولياً إزاء تصرف غير معتاد في تقاليد العلاقات بين الدول! اضطر ابن سلمان للإفراج عن الحريري من دون أن يتراجع عن مطالبه وخطته: إمّا أن يعمل سعد وفق ما تمليه السعودية أو أن لا يعمل إطلاقاً! هكذا جاء الاعتكاف المزعوم «طوعياً» فيما هو ثمرة عملية ضغط وإكراه ومنع من العمل السياسي بالكامل. جاء ذلك في امتداد محاولات لاستبداله بأخيه بهاء، وبعد دفعه إلى الإفلاس والإقفال خصوصاً «مملكة سعودي أوجيه». لقد أفلس سعد وأُذل وقُمع ومُنع، فيما كان «سياديون» منافقون يحجون إلى السعودية للتحريض عليه ولنيل «بركات» المملكة وولي عهدها!


يحدث للمرة الأولى، ربما، في تاريخ العلاقات بين الدول، أن يفرض على رئيس حكومة أن يستقيل من قبل سلطة خارجية، ثم يفرض عليه، عندما لم يستجب لأوامر تلك السلطة بإدارة فتنة أهلية في بلده، أن يصبح مطارداً سياسياً واقتصادياً وشخصياً، ثم يُمنع من ممارسة العمل السياسي في بلده تحت التهديد والوعيد!

الواقع أن هذا التهاون بالاعتداء على سيادة لبنان، هو امتداد لما طبع نهج ومواقف مجمل فريق السلطة مع الأزمة الطاحنة التي عصفت بلبنان وباللبنانيين

مرّ حادث اختطاف الحريري، في لبنان، بأقل قدر من الاهتمام الجدي. تركز المطلب اللبناني، كما أشرنا، على إنهاء العملية، لا على البحث في أسبابها. ويخوض معظم الإعلام في بيروت، ويخوض العديد من القوى الحزبية ذات الاتجاه اليميني، معركة ضارية لمصلحة السعودية وسلطاتها على رغم مسؤولية ولي العهد عن اغتيال الصحافي جمال الخاشقجي بأوقح وأبشع الوسائل في القنصلية السعودية في إسطنبول بعد أقل من سنة على احتجاز الحريري. يندرج ذلك ضمن دعم خطة ولي العهد السعودي لتحويل المملكة باتجاه الاستهلاك و«الترفيه»، وللانتقال من الاعتماد على التيار الديني ومؤسساته القمعية قاعدة للنظام الملكي المطلق، إلى الاعتماد على الطبقة التجارية الكبرى والطبقة الوسطى. تستقطب المملكة الآن، وفرة وفيرة من الفنانين والفنانات، من لبنان خصوصاً، فضلاً عن الكثير من الإعلاميين من صنف المرتزقة ممن لا يزالون يتكاثرون يوماً بعد يوم. أمّا على المستوى الشعبي، فقد كان الوجوم سيد الموقف بالنسبة للتيار «الأزرق» الذي لم يحرك ساكناً تحت وطأة التهيب والمفاجأة. أمّا سبب ذلك التعامل البارد، نسبياً، فيجب البحث عنه في خلل العلاقات بين قوى الداخل (كمنظومة وكأطراف) وبين الخارج. لقد تكرست، منذ نشوء الكيان اللبناني، علاقة مرضية مع الخارج الاستعماري والإمبريالي تقوم على التبعية والالتحاق سياسياً واقتصادياً، بهدف الحماية من جهة، أو بهدف تغيير التوازنات عندما يكون الاستقواء بالخارج ضرورياً. ولقد توسعت وترسخت هذه العلاقة بأبعاد اقتصادية وسياسية وطائفية ومذهبية حتى تحولت «ثقافة» قائمة بذاتها «يعتز» بها لبنان وبسواها «يهتز» كما لخّص أحد منظري «الصيغة اللبنانية الفريدة»! إذاً، لقد اندفع أرباب منظومة التحاصص في طلب الولاء والتبعية للخارج والاستقواء به، ما جعل الأمر يقع خارج كل تعارض مع السيادة التي امتهن فريق من اللبنانيين أن ينادي ويباهي بها، حتى وهو يُدير علاقات تنسيق وتعاون مع أعداء لبنان بمن فيهم العدو الصهيوني!


الواقع أن هذا التهاون بالاعتداء على سيادة لبنان، هو امتداد لما طبع نهج ومواقف مجمل فريق السلطة مع الأزمة الطاحنة التي عصفت بلبنان وباللبنانيين فحوّلت أكثريتهم الساحقة فقراء بفعل النهب واللصوصية والفساد. على رغم كل ما تكشّف من فشل النظام وعجزه وإفلاسه، فقد دأب أقطاب سلطة المحاصصة على التمسك به، بشكل كامل. وهم بعد أن أضعفوا البدائل التغييرية التي رفعت شعارات إلغاء الطائفية السياسية والمواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية وبناء دولة قانون ومؤسسات، نجحوا كذلك في تجويف تغييريي 17 تشرين بحيث اقتصرت مطالبهم على نقد الحكام من دون النظام الذي هو سبب الانهيار والتوترات وعدم الاستقرار، والتبعية هي بمثابة القلب من الجسد. في كل تعاملهم مع الأزمة، دأب أقطاب المحاصصة الذين يدّعون الدفاع عن مصالح هذه الطائفة أو ذلك المذهب، على الدفاع عن مصالحهم، أي عن مصالح البرجوازية الكبرى في حقيقة الأمر، وبالتالي، وبالتأكيد، عن نظامها التبعي الحالي الذي يتحمل المسؤولية الأساسية عن انهيار لبنان وتدمير مؤسّساته وتجويع شعبه وتعريضه للتشريد والهجرة والإفلاس والضياع.
سعد الحريري تمرَّد، جزئياً، على مرجعيته السياسية الطائفية، فكان ضحية، وينبغي أن يصبح عبرة! هو تراجع و«انكفأ» من دون أهوال وتهديدات كبيرة كانت وما زالت تستهدفه. لكن في مرحلة ما، تصرف بمسؤولية، تمرَّد، رفض الفتنة... وانطلق في ذلك من مصلحة لبنان واللبنانيين ودفع الثمن!


لا بدَّ لأي مشروع تحرري لبناني من أن يبدأ من الأزمة الحقيقية لا من قشورها فقط.



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفي الليلة الظلماء...
- أين المعارضة وأيّ معارضة!
- الدولة الطائفية الهشّة
- المعارضة الوطنيّة: إعادة تأسيس
- الإمعان في تشويه «الطائف»
- معارك ما بعد الترسيم
- رؤساء لبنان
- تحوّلات جوهريّة
- مقاومة «جمول» وشيءٌ من الصراحة!
- ألم يحن الوقت بعد؟!
- الانفعالات والأزمات
- الإصلاح السياسي مدخل كل إصلاح حقيقي
- انتهت الانتخابات: الأزمة مستمرة
- انتهت الانتخابات: الأزمة أكثر تعقيداً
- لا يعوّل على إصلاح سواه!
- من يصرخ أوّلاً؟!
- من عطّل «الطائف»؟!
- فتّش عن واشنطن!
- الحزب الشيوعي اللبناني إلى أين؟
- السعودية و«الدولة المدنيّة»!


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - أزمة الحريري وأزمة لبنان