أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان الفرج الله - يوسف الصائغ … (الباحث عن كلمة حبّ وقبلة)














المزيد.....

يوسف الصائغ … (الباحث عن كلمة حبّ وقبلة)


قحطان الفرج الله

الحوار المتمدن-العدد: 7614 - 2023 / 5 / 17 - 16:21
المحور: الادب والفن
    


أجبتُ الهوى لمّا دعاني بزفرةٍ
تقنَّعتُ منها أن أُلامَ ردائيا
كان من بين مبرراتي الكثيرة لشراء مجلة (ألف باء) أيام دراستي في كلية الآداب أن أقرأ ما يكتب على غلاف الصفحة الأخيرة عمود يوسف الصائغ (على نار هادئة) الصائغ الذي هام (بمالك بن الريب) الشاعر الذي حاول اخفاء لوعته ودموعه بكم ردائه فانسابت بهدوء وحرارة ما زال لهيبها يلفح الوجوه، فتمطر الحزن على صورة ابتسامة كما يقول الجواهري مقتنصًا ببراعة تلك الحالة الانفعالية الغزيرة:
-حببتُكَ باسِماً والهمُّ يَمشي
على قَسَماتِ وجهِك باتِّزان تُغالِبُه وتَغْلِبُه إباءً
كأنّكَ والهمومَ على رِهان
يُزَمُّ فمُ فما تُفْضِي شِفاءٌ
ويخفى السر لولا المُقلتان
على مُوقَيهِما مَرَحٌ ولُطْفٌ وإنساناهما بك متعبان
تفيضُ طَلاقةٌ وتذوبُ رِفقاً
ووحْدَكَ أنتَ تدري ما تُعاني
وما أغلى الرجولة في شفاه
مُغَلَّفة على ألمٍ مُصان
عندما يعود الماضي بثوب الحاضر خالعًا قيد الزمن ليسمعنا "صوتا كنا قد سمعناه من قبل، وحين ننشق رائحة كنا قد نشقناها من قبل، فعندئذ، -بالذكرى- نكون قد سمعنا ذلك الصوت ونشقنا تلك الرائحة في الماضي وفي الحاضر معًا، وحينئذ فقط يزول حاجز الزمن، وتبرز إلى الوجود المتصل المستمر حقائق الأشياء في جوهرها الخفي، وتستيقظ ذواتنا الأصيلة التي كان قد خيل إلينا أنها ماتت واندثرت آثارها… إن لحظة واحدة نعيشها اليوم مع من عاشوها في الماضي، كفيلة وحدها أن تفك عنا قيود الزمن التي فصلت حاضرنا عن الماضي" كما يقول بروست في (البحث عن الزمن المفقود) واحسبني اعيش الآن تلك اللحظات بعد صدور يوميات الأديب الراحل (يوسف الصائغ) "رحمه الله" عن دار سطور وبتحقيق الدكتور قيس الجنابي (يوميات/ يوسف الصائغ، أبدًا ليس بالحبّ وحده نحيا)…
إن كتابة اليوميات فن يحاول التقاط الواقع المعاش بدقة متجنبًا الفاصل الزمني الذي يحول الأحداث اليومية إلى ذكريات قد تخبو جذوة حرارتها إذا دونت في غير وقتها.
وانا ارى ان هناك فرق كبير جدًا بين انفعال الكاتب المتوقد في اليوميات، وبين السيرة التي تحاول استرجاع انفعال ربما قد انطفاء في الداخل بعامل الزمن والاحداث المتلاحقة ومن هنا تكمن اهمية هذا النص الأدبي الرفيع…
في النموذج الأول يكون النص ممسكًا بحرارة الرغبات الإنسانية فيصيب بدقة ما هو محبب له وما هو كريه، مرتبطًا بالحدث وظرفه الواقعي والتاريخي، وبين الحقائق التي تكتب في السيرة التي تمثل الانطباعات عن تلك الحقائق بعد أن غادر الكاتب الانفعال المطلوب لها….
تُعد كتابة اليوميات من أكثر الأجناس الأدبية حضورًا في العالم الغربي، ولكنها أقل في مجتمعاتنا العربية، وإن حضرت في بعض الأحيان فهي خجولة ومواربة، لا تعتني بالمكاشفة والاعتراف لكي تُغني التجربة وتميط اللثام عن مواقف غامضة، الكتابة اليومية عن الذات ترتبط بكينونة الفرد واستنطاق ذاته دون تمثيل أو خداع، سيرة كلّ شخص تمثل مقدار وعيه بالزمن ومتغيرات الحياة والمواقف، والقدرة على المواجهة.
إن يوميات يوسف الصائغ كأديب عراقي مرموق تمثل وثيقة أدبية رفيعة تحمل في ثناياه مهارة بلاغية وابداعية مدهشة، وكذلك هي تكشف الان هيمنة الصراع الثقافي الرافض لقبول الأدب كعنصر مشكل للمشهد الثقافي العراقي خارج الايديولوجية الضيقة …
إن كلّ مثقف له ظروفه الاجتماعية التي تشكل علاقتــه
بالمجتمع، والمجتمع إنما يوفر المادة الأولية التي ينطلق منها الأديب في صياغة عالمه الفني، فلا يمكن الحكم على عمل فني بالسجن المؤبد لان صاحب النص صاحب ميل فكري معين …فالمجتمع وعلاقته بالمثقف في صراع وصدام، دائم و"الصراع بين الفرد والمجتمع طرفان في المعادلة لا يستويان"، أو كما يقول ممدوح عدوان : إن الفنان إذ يكتشف صفاءه، يكتشف عكر العالم، وتصطدم صلابة صفائه بصلابة العالم وهذا الاصطدام يولد الشرارة الأولى المضيئة للعالم، إن الفن ينبع دائماً من هذا الصدام، من الرغبة أن يفقد الإنسان صفاءه، ويصبح هذا الهم الذاتي جذرًا لهموم الناس جميعا ".
ومن بين هذا الصراع يولد النص الفني غريباً متمردًا كنتاج لهذا الصراع الذي يراه الأديب صفاءً يضيء مجتمعه وعالمه، ويصوغ هذا النتاج في أعماله الأدبية بصورة إبداعية مرتبطة بالمجتمع الذي تصارع معه، تقول نازك الملائكة: " إن الصورة الفنية كالبناء والهيكل والصور والانفعال والموسيقى والفكرة والمعاني الظاهرة والخفية هي في الحقيقة مرتبطة بالمجتمع كموضوع يشغل الأديب…
إن ما كتبه الصائغ مهم ومهم جدًا لابد من الاعتناء به ودراسته بدقة وعناية لما يمثله من كنز نثري مهم من حيث المضمون والصياغة، فحالة الغربة والتوتر التي عاشها الصائغ هي حالة المجتمع العراقي ككل، ولكن لكل شخص موقف من الحياة بين خانع ليس لديه القدرة على المواجهة، أو رافض للمجتمع وما فيه من تناقضات، وكل هذا يبرز كسمات تشكل هيكل الإنتاج الفني للأديب، فلا يوصف بالعزلة أو الهروب من الواقع، والدليل على ذلك أن المتمرد الرافض المجتمع يتمسك بحق أصيل، وهو كشف سلبيات المجتمع التي فرضت عليه بطريقة ما ، ومحاولة منه لوضع حد لهذه السلبيات،ولئن كان الإبداع رفضاً للعالم فإنما يتم ذلك سعياً وراء العالم الفني "الذي يكتبه المبدع، ويكون رفض الفنان للواقع نتيجة إحساسه بما يكتنف هذا الواقع من نقص ، وقد يرى الفنان أن مساحة النقص تلك تتزايد في الواقع الاجتماعي ولكنها تكتمل في العمل الفني.



#قحطان_الفرج_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان علاء بشير… والدهشة خارج الألوان
- الهوية الغاطسة ... (المثقف) العراقي...
- الغرفة رقم (2)
- علم اجتماع الأدب صراع المنهج والأدوات
- علم كلام جديد، أم علم كلام سائل ؟… في فكر عبد الجبار الرفاعي
- جسد مُحتضر، وروح متوقدة ...
- سليمان العطار كتابٌ عظيم لم يُقرأ بعد
- (نهدان وقميص بلا أزرار)
- المشروع الثقافي...
- خطة لإنقاذ العالم
- ما بعد العزلة
- (علي المرهج) و(تشارلس بيرس) وفردوس البراجماتية المفقود
- البحراوي وكينونة الوعي ...
- ((اشعر بالعار لأنك من الناصرية))
- اشعر بالعار لأنك من الناصرية
- آدم الأخير المحو والإثبات
- ثورة الوعي الوطني ....شعلة لمستقبل مختلف
- هيا لنخون الوطن ...
- فواكه ماجد السفاح
- عارف الساعدي وتشكيل المتخيل الشعري...


المزيد.....




- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...
- تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...
- ”أحـــداث شيقـــة وممتعـــة” متـــابعـــة مسلسل المؤسس عثمان ...
- الشمبانزي يطور مثل البشر ثقافة تراكمية تنتقل عبر الأجيال
- -رقصة الغرانيق البيضاء- تفتتح مهرجان السينما الروسية في باري ...
- فنانون يتخطون الحدود في معرض ساتلايت في ميامي
- الحكم بسجن المخرج المصري عمر زهران عامين بتهمة سرقة مجوهرات ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان الفرج الله - يوسف الصائغ … (الباحث عن كلمة حبّ وقبلة)