هل التقرير التلفزيوني فلم قصير؟ 

أسعد كاظم
كاتب وإعلامي
(Asaad Kadhim)

الحوار المتمدن-العدد: 7613 - 2023 / 5 / 16 - 01:29
المحور: الصحافة والاعلام
    

وجه لي ذات يوم احد الحاضرين في برامجي التدريبية السؤال التالي: هل التقرير التلفزيوني فلم قصير؟
السؤال مهم وينم عن الحاجة لمهارتين مختلفتين من حيث الشكل الفني وطريقة الانتاج، بدءاً من الفكرة إلى تفصيلات المحتوى لتلك الفكرة، إجابتي حول السؤال هي:

لا لكون التقرير التلفزيوني (جنسا صحفيا ً) يختلف عن الفلم ، فالتقرير ليس فلماً قصيراً. التقرير التلفزيوني هو برنامج يتم بثه على التلفزيون ويتميز بتحليل الأحداث و القصص المهمة و التي تهم المشاهدين على شاشة التلفزيون. ويمكن أن يكون التقرير الإخباري قصير أو طويل حسب القصة التي يتم تغطيتها، في حين تبنى فكرة الفلم من مخيلة وابداع الكاتب وهي قائمة على خيال وابداع الكاتب الذي يصوغ الصراع ويخلق الأحداث المتخيلة بهدف التشويق والامتاع لشخصيات افتراضية نسجها ابداع الكاتب.
  تنوه أدبيات BBC المؤسسة الإعلامية العريقة إلى نقطة هامة تخص التقارير بالقول: (إن أسوأ التقارير هو ذلك الذي يحتاج إلى أن تشاهده مرتين لكي تفهمه بشكل كامل. ...)، وفي ذلك إشارة هامة إلى أن لغة الصحافة غير لغة الادب والسينما، فالتقارير تتسم بلغة مفهومة لدى العامة من الناس سواء أكانوا مثقفين ام غير مثقفين ، وإن التركيز في هذا النوع الصحفي ينصب على إيصال المعلومة الغائبة ويبرزها ويحلل مضمومها. يعززها بالحقائق والشهادات الساندة.
لا يدرك الكثير من منتجي التقارير المصورة أهمية ما يعرض من مضمون خبري تدور أحداثه حول قضية سياسية أو مشكلة مجتمعية أو أزمة دولية، فالتصرف بالمعلومة يأتي بنتائج عكسية سلبية على الصحفي ذاته وعلى المؤسسة الإعلامية الناشرة، وخير دليل على تلك الإخفاقات هو سوء انتقاء العينات من المتحدثين، ولا يقتصر الخلل على هذه النقطة بل يتعدى ذلك إلى سلبيات منها إبراز وجهات نظر المتحدثين ممن لم يكونوا ذوي الاختصاص، وهذا الأمر ممكن اذا كان الموضوع في استطلاعات رأي حول موضوع عام من قبيل تقييم الخدمات البلدية أو التحدث عن اسعار المواد الغذائية أو انتقاد قرارات تخص المؤسسة التعليمية، فهذا الأمر يمكن أن تتنوع فيه عينات المستطلعة ارائهم في التقرير.
التقارير التي تلقى تفاعل وتحرك ردود الأفعال الرسمية والشعبية تلك التي صيغت بلغة بسيطة فالسهل الممتنع ميسر في وصوله إلى الجمهور لكنه يعود في أسباب نجاحه إلى الاعداد الجيد ، دراسة جوانب الموضوع مع التركيز على جوهر المشكلة وعدم إعطاء القضايا الجانبية حجما أكبر من السؤال الذي طرحه التقرير.
إن الفهم السليم للموضوع يساعد على تكوين سؤال بصلب الموضوع، كما ان السؤال يجب أن يُعرفْ لمن يوجه؟ فالسؤال لممثلي الجهات الحكومية لا يشبه السؤال الذي يوجه إلى ناشطي المجتمع والمعارضين، كما ان التحاور مع المتخصص لابد أن يكون ضمن مصطلحاته التي لا تخرج عن إطار المامه العلمي أو الوظيفي.
إن الأسئلة الترفيهية تقدم لعينات وفي أماكن اجتماعية موائمة للموضوع مدار النقاش، فالجدية التي في مؤتمرات الجهات الحكومية ليست والحوارات المصورة بكاميرا المراسل الجوال بين فرق الشباب وأماكن التجمعات السكانية العامة.
اختصارا، نضع ملاحظاتنا المهنية التي استقيناها بحكم العمل الميداني والصحافة المكتبية حول موضوع التقارير وما يتصل بها من تغطيات:
- السؤال الصحفي المختصر والمباشر مفتاح الوصول لمعلومة واضحة لا تجعل المتحدث في حيرة من تلك الاسئلة الملغومة والمطولة.
- اختيار الجمهور وحسن الفصل بين فئة وفئة اخرى بما يحقق التناظر في الآراء وتقاطعها مع بعضها.
- تجنب صيغة السؤال الذي يجاب عنه بكلا، أو نعم.
- الأخطاء الشائعة في التقارير المصورة هو اختيار المتحدثين من لون واحد وفكر واحد وفئة عمرية واحدة.
- الاهتمام بالمعادل الصوري الذي يحاكي نص التقرير ويدعم ما فيه من حقائق.
- التقرير التلفزيوني يعتمد على المعلومة وحجم أهميتها وندرتها، لذا لابد من الاجتهاد في استحصال تلك المعلومات التي يبحث عنها الجمهور ويتساءل عنها باستمرار.
- الظهور الإعلامي للصحفي (stand uper) هو ليس من قبيل التباهي بشكل الصحفي أو صوته إنما يمكن أن يمثل إضافة نوعية في تحليل نقطة غامضة أو إشارة لتفسيرات واردة يمكن التذكير بها ولم يجد الاعلامي معادلا صوريا لها إلى ظهوره والتحدث بلا تكلف أمام عدسة الكاميرا.
- إن الظهور في لقطة حوار الكاميرا( stand uper) يضفي جانباً من المصداقية للقناة الإعلامية والصحفي ذاته، وهذا ما شاهدناه في أحداث التغطية الإعلامية الحربية، وحضور أجواء الانتخابات ، أو التواجد بين جمهور مشجعي الفرق الرياضية.
- التقرير التلفزيوني له جسد مكون من مقدمة ومتن يشتمل على التفاصيل وخاتمة توجز الموضوع، وهذا الأمر يحتاج إلى الاهتمام بعدم إضاعة الدقيقة أو الدقيقتين دون استخدام هادف ومنظم في سرد المعلومات ووضعها في سياقها المؤثر.
فيسبوك: مدونة التبادل الثقافي
     ###إنتهى###

#أسعد_كاظم (هاشتاغ)       Asaad_Kadhim#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل