بعد القطيعة أين سيكون موقع سوريا ... ؟ ( 1 )

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 7609 - 2023 / 5 / 12 - 18:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في ضوء استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية تبرز عدة اسئلة :
هل حقا أن سوريا قد عادت الى حضنها العربي أم إن العرب قد عادوا الى سوريا ...؟
و أين سيكون موقع سوريا في شرق أوسط خاضع حاليا لتجاذبات دولية حادة ...؟
و ما هي النتائج , عربيا و إقليميا , التي ستترتب على استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية ...؟
هل هنالك داعي لمعرفة مَنْ هم الرابحين مِنْ جلوس ممثل دولة سوريا في مقعدها في الجامعة العربية أم يكفي البحث عن مَنْ هم الخاسرين ...؟
لاشك إن أبرز الخاسرين بتطبيع العلاقة بين سوريا كدولة و كنظام مع أشقائها العرب هم اسرائيل و النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط عموما و في المنطقة العربية خصوصا .
إن كانت عودة سوريا الى الجامعة العربية هي الخطوة الأولى لاستعادة الدولة السورية سيطرتها على كامل اراضيها فإن ذلك سيحدث الكثير من المتغيرات و يتطلب ما يلي :
اولا : خروج القوات الأمريكية مِنْ سوريا , و هذا الأمر ليس بالأمر السهل بل يتطلب موقفا عربيا أكثر صرامة و وضوح تجاه تدخل أمريكا في الشأن الداخلي للدول العربية و مثل هذا الموقف لم تتوفر له الإمكانيات بعد .
ثانيا : انسحاب القوات التركية من الأرض السورية , أن مقدمات هذا الانسحاب قد ظهرت على السطح في اجتماعات اللقاء الرباعي تركيا و روسيا و سوريا و إيران .
ثالثا : حل قوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) , هذا التشكيل المسلح الذي أنشأته امريكا كجزء من مخططها لإعادة رسم جغرافية المنطقة بحدود سياسية جديدة لشرق أوسط جديد .
يرتبط حل التشكيل " قسد " بمستقبل النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط و على مدى قدرة السعودية على قيادة مسيرة دول المنطقة نحو الاستقلالية عن هيمنة أي مِنْ الأقطاب الدولية .
رابعا : تفكيك الجيوش الميليشياوية التي نشأت في ظل ظروف العنف الطائفي الذي اجتاح سوريا خلال الخريف العربي منها الجيش السوري الحر بالإضافة الى الميليشيات الموالية لإيران .
اذا تم فعلا أخلاء الساحة السورية من السلاح عدا سلاح الدولة السورية عندها ستكون قائمة الخاسرين طويلة و هي بالتأكيد أكبر من اقتصارها على اثنين اساسيين هم اسرائيل و أمريكا , و مِنْ بين الخاسرين :
اولا : قوى الإسلام السياسي بكل أجنحته المعتدلة و المتطرفة في سوريا و في عموم الدول المحيطة بسوريا و بالأخص في العراق الذي يعاني مِنْ خاصرته الرخوة سوريا و التي نفذ منها الدواعش ليحتلوا مدينة الموصل العراقية و معها ثلث مساحة العراق .
ثانيا : المجموعات الإرهابية و منها بقايا داعش في سوريا و العراق .
ثالثا : المشروع الأمريكي لخلق دولة كوردية في الشرق الأوسط تكون حليفا استراتيجيا لإسرائيل بالاعتماد على الأذرع العسكرية لمشروع إنشاء الدولة الكوردية و هذه الأذرع هي :
** قوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) .
** البيشمركة الكوردية في العراق .
** حزب العمال الكوردستاني التركي و جناحه السياسي حزب الشعوب الديمقراطية الكوردي في تركيا .
** الحركات المسلحة الكوردية في إيران , و منها حزب الحياة الحرة الكردستاني .
إن إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط ليكون فيه كيان كوردي سيكون على حساب جغرافية العراق و سوريا و ت ركيا و إيران , و هذه مسألة في غاية التعقيد و الصعوبة حيث مِنْ المؤكد انها ستكون احد أهم اسباب تراجع نفوذ أمريكا في الشرق الوسط لأنها ستوفر البيئة السياسية لتحالف عربي تركي أيراني مناهض لهذا المشروع الأمريكي الإسرائيلي , و اذا اضفنا كل هذا الى صعود اقطاب دولية فاعلة جديدة تنافس أمريكا و تتناقض مع مخططاتها و منها الصين و روسيا فسيكون امام المحور الذي تقوده امريكا تحدي كبير يؤدي الى انكماش تاريخي في نفوذ الغرب و هيمنته .
من الواضح أن للسعودية الدور الرئيسي في استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية و أن لها دور لا يقتصر على هذه الخطوة الرمزية فقط فالموقف السعودي يدعو الى موقف عربي فاعل يؤدي الى استقرار سوريا و تمكينها من استعادتها لسيداتها على كامل الأرض السورية , إن هذا الموقف السعودي قد فاجئ كل دوائر صنع القرار ليس في أمريكا فحسب و انما في عموم الغرب مثلما فاجئهم تنامي العلاقة الاستراتيجية بين السعودية و الصين الذي سيسهل عملية انضمام السعودية الى منظمة شنغهاي للتعاون و مجموعة بريكس و مثلما فاجئهم ايضا تطبيع العلاقة بين السعودية و ايران بوساطة صينية فاعلة الذي مهد لإيجاد حل سلمي للمسألة اليمنية .
يبدو أن أمريكا كانت تضن أن ما حصل من تقارب بين السعودية و روسيا و تأسيس اوبك بلس هو مسألة ردود فعل مؤقتة على مواقف للإدارة الأمريكية فيها بعض التشدد تجاه السعودية في مسائل محددة لكن اتضح لهم أن الأمر ليس كذلك و أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يقود توجه استراتيجي جديد باتجاه الشرق و خصوصا باتجاه الصين لتحجيم اعتماد السعودية و دول الخليج العربية على الحماية الغربية .

(( يتبع ))

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات