أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أليست الجمهورية الإيرانية -إسلامية-؟














المزيد.....

أليست الجمهورية الإيرانية -إسلامية-؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7602 - 2023 / 5 / 5 - 20:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ليس بمعنى أن دين غالبية سكانها الإسلام كسائر بلاد المسلمين، بل أن هذه الدولة تحتكم في أمور دنياها إلى دين الإسلام، بما أنزله الله في كتابه العزيز؟
- لا شك أن إيران دولة من طبيعة خاصة، موزاييك معقد من ترسبات تاريخية وجيوسياسية وديموغرافية بالغة القدم جعلتها تقف على مسافة ملحوظة من كل بلاد المسلمين. هذا لا يعنينا الآن وكلامنا منصب على النسيج السياسي الإيراني المعقد مثل خيوط سجادة عجمية (إيرانية) يخطف جمالها وفن صنعتها أبصار الناظرين في دهشة وإعجاب، رغم ما تخفيه من تفاصيل وتعقيدات تتوه وتدوخ حتى أحذق العقول وأطولها بالاً وسعةً. لكن لا تخاف، دعنا نحاول.

إذا تأملنا النظام السياسي الحاكم في إيران اليوم، سنجده في الأسس مماثل لكل النظم المعمول بها في سائر بلدان العالم الديمقراطية وغير الديمقراطية على حد سواء، رغم ميله الظاهر نحو النظم المتبعة في الدول الديمقراطية، حيث تجري الانتخابات النزيهة والمنتظمة ويتداول الموظفون العموم على مناصب الحكم وتسيير شؤون الدولة سلمياً عبر صناديق الاقتراع. هكذا يجري انتخاب الرئيس الإيراني، بجانب مناصب عامة كثيرة مسؤولة عن إدارة أجهزة الدولة وتصريف شؤون مواطنيها في الداخل والخارج. كلنا نتابع ونراقب ذلك، ولو من بعيد عبر شاشات التلفزيون. لكن إذا دققنا النظر أكثر، سنجد شيئاً- ربما إضافة جمالية تنفرد بها الدولة الإيرانية وحدها من بين كل دول العالم- ليس له مثيل في أي من النظم السياسية، الديمقراطية وغير الديمقراطية، في كل الدنيا- "المرشد الأعلى". بالطبع سوف تندهش حين تعرف أن هذا المسمى الوظيفي الفريد من نوعه يشغل منصباً رفيعاً في الجسد السياسي للدولة الإيرانية ويمارس صلاحيات ضخمة. وقد تبلغ الدهشة مداها وتتحول إلى وجوم وحيرة وتعجب حين تعرف أنه، مع ذلك، منصب مُعين وغير مُنتخب.

* لكن وما العيب أو وجه الدهشة والعجب في أن يكون هناك منصب غير منتخب في الديمقراطية الإيرانية؟ جميعنا نعرف أن القضاة لا يأتون عبر انتخابات شعبية في الديمقراطيات، رغم أن صلاحياتهم في نظام الحكم لا تقل وزناً عن نظرائهم في السلطتين التشريعية والتنفيذية.

كلامك صحيح تماماً. لكن في الديمقراطيات، القضاة لا يتولون مناصب تشريعية أو تنفيذية، بمعنى أنهم سلطة مستقلة ومحايدة تماماً عن الاثنتين. أما في إيران، المرشد الأعلى يشغل بالتزامن وفي وقت واحد أعلى منصبين على الإطلاق في هرمي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، حيث هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفي الوقت نفسه من "يرسم السياسات العامة للنظام بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام"، وفقاً للمادة 110 من الدستور الإيراني.

بالمقاييس الديمقراطية، هذا وضع متناقض ومحير بشدة. لكن انتظر، إليك التناقض والمفاجأة الأعظم: هذا رجل دين، ومع ذلك يعتلي قمة الهرم السياسي كله إلى حد الانفراد وتفريغ بقية المعمار الديمقراطي تحته من أي قيمة حقيقية، وبالتالي يتحول إلى مجرد حاكم مستبد آخر من نفس الطينة والعجينة مثل هؤلاء الذين يعج بهم الإقليم المحيط، لكن مع فارق وحيد: عمامة ضخمة تزين رأسه.

* ممتاز! ومن قال لك أننا نريد الديمقراطية الغربية أصلاً. نحن دولة إسلامية ونريد تطبيق شرع الله. إذا كان، كما تقول، رجل دين مسلم نجح في أن يتربع فوق قمة الهرم السياسي في بلده، هل هذا يعني أن مثل هذا النظام "يحكم بما أنزل الله"، أو نجح بطريقة ما في أن يبتكر لنا "ديمقراطية إسلامية" مطابقة لأحكام الشريعة حتى لو كانت مخالفة لمقاييس الديمقراطية الغربية؟

- حسناً! تذكر أنني نبهتك إلى أننا نتأمل في سجادة أعجمية بالغة التعقيد والتفرد. أعرف ما يدور بخلدك الآن. لكنه بعيد عن الصواب. المرشد الأعلى الإيراني ليس من مقام الأنبياء والرسل، المتصلين بالله صلةً غير مباشرة عبر الوحي أو خلافه، لكي يكون في موقع يسمح له بالرجوع إلى ربه ومشاورته فيما يستعصي عليه، تماماً كما كان يفعل الأنبياء والرسل من قبل وكما نعرف عن نبينا محمد رضي الله عنه. المدهش لا يزال، أنه يتولى منصبه هذا عبر التعيين بمعرفة "مجلس خبراء القيادة"، الذي يُنتخب بدوره لهذه الغاية من قبل عامة الشعب، ولا يصطفيه الله عبر المشيئة الإلهية الخالصة كما يفعل مع سائر أنبيائه ورسله. ومن ثم، في النهاية، يمكن وصف المرشد الأعلى الإيراني كممثل لإرادة جمهور الناس الذين انتخبوا مجلس الخبراء الذي عينه في- والمؤهل لعزله من- هذا الموقع الشاهق على سدة الهرم السياسي، لا ممثلاً لله الذي لم يكن له أي مشيئة أو تدخل في اختياره لهذا المنصب الذي لا يمكنك أن تعرف إذا كان دينياً أم سياسياً أم ماذا.

واعلم أنك لا تزال عالق في متاهة بلا نهاية في الأفق إذا ما استعجلت الخروج بإجابة مباشرة ومستقيمة على تساؤلاتك المشروعة. فهناك أيضاً، داخل الفسيفساء السياسية الإيرانية، بجانب المرشد الأعلى ومجلس الخبراء الذي يعينه، مجلس تشخيص مصلحة النظام، الرئيس الإيراني، الجيش والحرس الثوري الإيرانيين، البرلمان، الدستور، مجلس صيانة الدستور، من جملة هيئات ومؤسسات دستورية متشعبة ومتداخلة فيما بينها كخيوط الحرير. وهي ليست مجرد حلى للزينة في نسيج السجادة السياسية العتيقة، بل تتمتع بصلاحيات واسعة وتؤدي أدواراً حيوية في شد الخيوط معاً وربطها في عُقدٍ مُحكمة لكي يخرج المنتج النهائي في خامة وملمس لا مثيل لهما في العالم. وفي النهاية، إذا كُتبت لك السلامة واهتديت بأعجوبة إلى المخرج الصحيح، بعدما نال منك الغضب والإرهاق، قد تستجمع ما تبقى فيك من أنفاس وتصرخ: "ولماذا كل هذا التيه والتمويه وتعب القلب، طالما هو نفس القَرَف الذي نحن موحلون فيه؟!!" تستاهل! حد قالك تشغل دماغك ببلاد العُجْم وتحاول تقلدهم!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا لو حكم الإخوان المسلمون؟
- في الإسلام، الديمقراطية حلال أم حرام؟
- نظرة على مستقبل الجيوش في الجمهوريات العربية
- ميلشياوية من أزمة شرعية
- كيف حُشِّرت مصرَ في العُنُق
- الاستعمار بين المثالية والواقعية
- حتى لا نخون الوطن بسبب طاغية: صدام نموذجاً
- كيف نتطور؟
- غزوة الصناديق الإسرائيلية
- لماذا نعيش؟
- هل كان غزو العراق كارثة أمريكية أسوأ من فيتنام؟
- حلفاء روسيا هم قلة من الأمم المتنافرة والمتناقصة 2
- حلفاء روسيا هم قلة من الأمم المتنافرة والمتناقصة
- روافد السلوك السوفيتي .
- إصلاح ما لا يمكن إصلاحه- الإسلام
- روافد السلوك السوفيتي
- ألا تكفي الحياة غاية نفسها؟
- كذبة احترام العلمانية للأديان
- مقاربة معرفية بين العلمانية والدين
- عن حتمية المواجهة بين العلمانية والإسلام


المزيد.....




- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أليست الجمهورية الإيرانية -إسلامية-؟