أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - هل الغرب نظيف أخلاقياً بما يكفي بشأن العراق














المزيد.....

هل الغرب نظيف أخلاقياً بما يكفي بشأن العراق


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7585 - 2023 / 4 / 18 - 17:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سألني استاذي في الجامعة، عندما كنا معاً في التظاهرة التاريخية غير المسبوقة التي جابت شوارع لندن ضد الحرب قبل أسابيع من احتلال العراق عام 2003 وهي ترفع شعارها الإنساني الرافض للدم مقابل نفط العراق، عما إذا كنت أتوقع بـ “أنهم” سيضربون بلدي العراق. أجبت بالإيجاب المؤلم، وهز رأسه بألم التعاطف مع محنة بلدي قائلاً “أنا كذلك أعتقد ذلك”.
لم نكن أنا وهو من بين الملايين في التظاهرة التي مثلت فاصلة تاريخية في معنى الرفض من دون أن تؤثر على قرار جورج بوش وتوني بلير، لم نكن نسأل لماذا نحن هنا إذاً؟ فيما كان ينتظر العراق آنذاك عملية تهشيم لكل ما يتعلق بمفهوم الوطن.
بعد عشرين عامًا يتساءل جيرارد بيكر كبير كتّاب الأعمدة في صحيفة “وول ستريت جورنال” عن الصعوبة البالغة في الدفاع عن حرب العراق بعد عقدين من الزمن، ويقول لم تعد بغداد تشكل تهديداً كما زعموا، ولكن من الخطأ الادعاء بأن الغزو كان الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الغاية.
يعبّر بيكر أسوة بالخطاب السائد في وسائل الاعلام الغربية منذ أسابيع، عن استغرابه من تبريرات احتلال العراق، من قبل القتلة في إدارة بوش وبلير، بذريعة أن مئات الآلاف الذين ماتوا كانوا سيموتون جراء أي صراع!!
ويقول “مانوع فراغ الضمير الذي يسمح بالربط بين مأساة تاريخية وأخرى افتراضية ويضع لهما وزنًا أخلاقيًا متساويًا؟”.
فراغ الضمير هذا نجده اليوم عندما يتم اعتبار احتلال العراق وتدميره مجرد خطأ يكفي الاعتراف به بعد عقدين ليتحول إلى “فضيلة”! ولا أحد بما فيهم التاريخ يمكن أن يحاسب القتلة الذين ارتكبوا جريمة إنهاء وطن، بذرائع كاذبة، فقد انطلق احتلال العراق من مبدأ اقترحه “كيس الأكاذيب والعروض البصرية الزائفة أمام مجلس الأمن” كولن بأول على بوش “قسّم كي تسيطر” ثم برره رامسفيلد بذريعة “الحرب تجلب الحرية” وبعد الفوضى قال “الحرية ليست منظمة” حتى وصلوا جميعاً الى ما ادعته كوندليزا رايس “الفوضى الخلاقة”.
الاكتفاء بمجرد استذكار الكارثة بذريعة استنباط الدروس منها، لا يعني مراوغة التاريخ، فاحتلال العراق جريمة كبرى وكارثة يتحملها الغرب، كشفت أن ساسته لا يمتلكون ما يكفي من الأخلاقيات عندما تتحول نوازعهم الشخصية وطموحاتهم السياسية الى مجزرة بحق مئات الآلاف من المدنيين. أو كما كتب المؤرخ العسكري والكاتب البريطاني ماكس هيستنغز “الغرور الأخلاقي رذيلة محبطة للثقافة الغربية بمجرد تذكر مزاعم احتلال العراق”.
تلك مفارقة إن تكتفي “الديمقراطية البريطانية” بالتحقيق المجرد مع بلير ويصر على عدم التعبير على ندمه على الأكاذيب والجرائم التي ارتكبها بحق العراقيين وجعل من بريطانيا هامشًا لغطرسة إدارة بوش.
والمفارقة الأخلاقية الأخرى، عندما يترك بوش في مرسمه يتمتع بذاكرة القتل التي ارتكبها قبل عشرين عامًا في بلاد الرافدين في خطيئة العرض الإعلامي الزائف الذي شكل لحظة فضفاضة من الغطرسة الأمريكية. وكأن التاريخ مجرد نزهة في الذاكرة وحشد من التقارير الصحافية والبرامج التلفزيونية.
تحول كل ذلك فيما بعد إلى زلة لسان لبوش خلال كلمة له أمام الجمهور بتكساس في شباط الماضي، عندما وصف احتلال العراق بأنه “قرار رجل واحد بشن غزو غير مبرر ووحشي للعراق” فيما كان يتحدث عن حرب أوكرانيا.
بيد ان الصحف الأمريكية وصفت زلة اللسان تلك بـ “الخطيئة الفرويدية” التي لا تدعو إلى الضحك لأن بوش أدان نفسه علنًا بعد أن قام بعمل وحشي بذرائع كاذبة لاحتلال العراق. حتى بعد أن تراجع وغيّر كلمة العراق إلى أوكرانيا.
لايكفي الاستذكار الغربي لجريمة احتلال العراق، ولا يكفي اعتبار الجريمة مجرد خطأ مر على التاريخ السياسي ارتكبه بعض السياسيين الكذابين. هناك ما يترتب على كل الاوجاع والدموع المسفوحة وأنهار من الدماء المراقة، والمليارات المهدورة من ثروة العراق، والأهم من ذلك إن العراق لم يتحول إلى حال أفضل بعد احتلاله، وهذا وحده يكفي لمحاكمة أصحاب مزاعم “واحة الديمقراطية”.
بل هل يكفي اعتراف صحيفة “واشنطن بوست” بعد عشرين عامًا من انسياقها المتعمد مع أكاذيب احتلال العراق، بأن الاحتلال كان وحشيًا وغير مبرر تمامًا، لتبرير كل الأكاذيب التي جعلت منها مانشيتات لصفحتها الأولى؟
وكل التقارير التي تنشرها اليوم “نيويورك تايمز” عن خطيئة احتلال العراق، لا تغفر لها البضاعة الصحافية الفاسدة التي كانت تبيعها للقراء وهي تسير خلف أكاذيب بوش.
اليوم، هناك حاجة ماسة وقوية لرؤية احتلال العراق باعتباره كارثة تاريخية في الحياة الأمريكية والبريطانية الداخلية، كان تأثير فيتنام أشبه بالحمى، في حين أن تأثير العراق كان أشبه بالهزال أو الانتكاسة. حسب وصف روس دوثات الكاتب من صحيفة “نيويورك تايمز” فقد انتشر تأثير الحرب ليتخلل الأزمات الاجتماعية الأخرى كأفيون بات أكثر وضوحاً وتدميراً بمرور الوقت، لتجعل آثاره المستمرة الجسم السياسي أكثر عرضة للتطرف اليساري والديماغوغية اليمينية، وتجلب مزاجاً تشاؤمياً وخيبة أمل تفاقمت بعد ذلك. بينما على الجانب الآخر مازال العراقيون يبحثون عن وطنهم المخطوف وبعد عشرين عامًا من فقدانه.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إجحاف بحق الأغنية الوطنية العراقية
- كرسي مخزي للسوداني في قمة الديمقراطية
- التبضع من سوق الغبار السياسي في العراق
- الأغاني كلها تخذل كاظم السعدي
- استرضاء من أُرغم على تجرع السم
- عن أيام ابتسام وغادة
- المدونة العمياء عن المحتوى الهابط في العراق
- دروس الكراهية من بن غفير إلى المالكي
- الوقت يقيس جودة حياتنا
- حرب الحمقى على الموتى
- ومتى كان غير حديث التصدع في العراق؟
- قبو شاهق للفساد في بغداد
- من يشعر بوجع زكية جورج؟
- الهادي الجويني في المشرق العربي
- السوداني لا يظهر ذيله إلا خنوعا


المزيد.....




- انجرفت وغرق ركابها أمام الناس.. فيديو مرعب يظهر ما حدث لشاحن ...
- رئيس الوزراء المصري يطلق تحذيرات بشأن الوضع في رفح.. ويدين - ...
- مسؤولون يرسمون المستقبل.. كيف ستبدو غزة بعد الحرب؟
- كائن فضائي أم ماذا.. جسم غامض يظهر في سماء 3 محافظات تركية و ...
- هكذا خدعوهنّ.. إجبار نساء أجنبيات على ممارسة الدعارة في إسطن ...
- رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز يقرر البقاء في منصبه
- هجوم إسرائيلي على مصر بعد فيديو طريقة تدمير دبابة -ميركافا- ...
- -حتى إشعار آخر-.. بوركينا فاسو تعلق عمل وسائل إعلام أجنبية
- أبراج غزة.. دمار يتعمده الجيش الإسرائيلي
- مصر.. تحركات بعد الاستيلاء على أموال وزير كويتي سابق


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - هل الغرب نظيف أخلاقياً بما يكفي بشأن العراق