أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - الأغاني كلها تخذل كاظم السعدي














المزيد.....

الأغاني كلها تخذل كاظم السعدي


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7565 - 2023 / 3 / 29 - 04:50
المحور: الادب والفن
    


قبل عقود، بينما بدأ الوهن يدب في تعبيرية الأغنية العراقية، أدخلت صديقي الشاعر كاظم السعدي، بوصفه من بين أبرع صاغة قلادة الأغنية، في شراك “لعبتي الصحافية” وسألته: كم تتحملون أنتم الشعراء من وزر شيوع الرداءة الغنائية؟
كان ذلك في وقت لم تصل فيه بعد الأغنية العراقية إلى تلك الرثاثة التي لا تمت بصلة إلى علوم الغناء.
أجاب السعدي بثقة: لا نتحمل أي وزر شعري في ذلك، بل لأن التغيير هو طبيعة الحياة، والغناء جزء منه.
كان لديه ما يدافع به عن هذا الكلام، فقد كانت آنذاك أغنيته الرائعة “ياعين وتقولين خل نسامحه” التي لحنها الموسيقار سرور ماجد لصوت قاسم إسماعيل، لم يمض عليها وقت طويل. قال: أجبني لماذا لم تحظ تلك الأغنية بما يليق بعمقها التعبيري كما كان يحصل مع أغاني عقدي الستينات والسبعينات؟
أستعيد تلك المحاورة بينما السعدي يرقد اليوم حائراً في مدينة أربيل بانتظار من يمد إليه يد الرجاء، فقد وهن العمر وكسره الحزن وخيبة السنين وأصيبت القصائد بالنحول وأهلكه المرض. مثل حسين مردان عندما خذله قلبه كان يخاطبه “آه يا قلبي المسكين، في مثل هذا العمر تخذلني؟”.
الجمهور العربي يعرف كاظم السعدي من عشرات الأغاني التي كتبها لكاظم الساهر وهاني شاكر ووليد توفيق وأصالة نصري وعاصي الحلاني وحسين الجسمي وراشد الماجد وأصيل هميم وديانا حداد…، لكن ليس كل هذا الجمهور يعرف أن السعدي الذي كتب عشرات الأغاني بما فيها الأناشيد الوطنية إبان الحرب العراقية الإيرانية، لو أكتفي من تاريخه بخمس أغاني، فإنه لن يغادر مكانته بين كبار صاغة قلادة الغناء الفضية.
قبل أغنية “ياعين” توج الموسيقار الراحل محمد جواد أموري صوت أنوار عبدالوهاب بقصيدتين للسعدي تحملان من التساؤل الملتاع ما يجعلهما عصيتين على الموت، لكن من قال إن الأغاني تموت؟
السيد العظيم يوتيوب يوفر لنا أغنية “ياهلا” وفي تصوريها العتيق بالأبيض والأسود، فقد حملت أنوار عبدالوهاب فانوس البحث عن حبيبها كعاشقة في الأهوار وحولها يدور الصيادون في زوارقهم. ومن يعود إلى تلك الأغنية يشعر ما معنى أن يكون الشاعر غنائياً، وكيف للملحن أن يستل بالكمانات الهائمة أرواح المفردات؟
عاد بعدها أموري واختار قصيدة أخرى للسعدي ولصوت أنوار أيضاً “مرات أفرح من صحيح/ ومرات أحزن من صحيح/ ومرات أدق روحي على بابك/ ومرات أسليها بغيابك”، تلك الأغنية المثقلة بتاريخ من التساؤل الموجع بقيت فاصلة في تاريخ الغناء، وكلما تسنى لفنان أن يغنيها تردد هائماً بلحنها، فأعاد غناءها لاحقاً قحطان العطار ثم سعدون جابر.
من ينسى تساؤل السعدي “نحب لو ما نحب” عندما جمع الموسيقار جعفر الخفاف صوتي سعدون جابر وسيتا هوكبيان، في ثنائي بقي شاهداً على ألمعية الأغنية العراقية.
أما الأغنية الخامسة فقد ولدت في بداية انكسار الأغنية العراقية في عام 1990، لتعيد مجدها التعبيري. فطالما شكل السعدي مع الموسيقار كريم هميم ثنائياً لا يمكن لأي عاشق إلا أن يمر عليهما. لحّن كريم لصوت مضر محمد “أنا من ظلمك أغني/ من عذابات السنين/ أشكرك ما خاب ظني/ صار كل شكي يقين”، ولدت هذه الأغنية لتعيد الأمل إلى الذائقة السمعية بعد أن أوشكت على فقدانه.
ذلك هو السعدي الذي يتأمل اليوم وحيداً كفيه المرتجفتين بعد أن غادر الأهل بعيداً إلى الولايات المتحدة، ولم تعد القصيدة بعكازها ليتكئ عليها. يترقب الأصحاب المتباعدين والمطربين وهم يرفلون بترفهم، بينما هو من ساهم في صناعة مجدهم. ويسألني في آخر رسائله “أبحث عمن ينقلني إلى المستشفى، يا كرم، وقد دب الوهن في جسدي وفقدت صوتي”.
تبا للأغاني والقصائد والحياة معهما!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استرضاء من أُرغم على تجرع السم
- عن أيام ابتسام وغادة
- المدونة العمياء عن المحتوى الهابط في العراق
- دروس الكراهية من بن غفير إلى المالكي
- الوقت يقيس جودة حياتنا
- حرب الحمقى على الموتى
- ومتى كان غير حديث التصدع في العراق؟
- قبو شاهق للفساد في بغداد
- من يشعر بوجع زكية جورج؟
- الهادي الجويني في المشرق العربي
- السوداني لا يظهر ذيله إلا خنوعا


المزيد.....




- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...
- تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...
- ”أحـــداث شيقـــة وممتعـــة” متـــابعـــة مسلسل المؤسس عثمان ...
- الشمبانزي يطور مثل البشر ثقافة تراكمية تنتقل عبر الأجيال
- -رقصة الغرانيق البيضاء- تفتتح مهرجان السينما الروسية في باري ...
- فنانون يتخطون الحدود في معرض ساتلايت في ميامي


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - الأغاني كلها تخذل كاظم السعدي