أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجي الغزي - النزعة القبلية وسلطة الدولة














المزيد.....

النزعة القبلية وسلطة الدولة


ناجي الغزي

الحوار المتمدن-العدد: 7582 - 2023 / 4 / 15 - 00:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القبيلة هي ظاهرة اجتماعية تكونت قبل نشوء الدولة المدنية الحديثة تقوم على أساس العصبية والانحياز ويرتبط أعضاءها بثقافة القوة وتقاليد البيئة الاجتماعية وعاداتها المتوارثة اجتماعيا وسيكولوجيا, باعتبارها إطاراً اجتماعياً لحماية الفرد وحل النزاعات والمشاكل في الخصومات وتحدد الصراع والقتال على أسس عصبية تخضع الى سلطة وقرارات القبيلة وزعيمها.

ويتمدد نفوذها عكسيا مع سلطة الدولة وقوتها، فكلما ضعفت الدولة زاد نفوذها في المجتمع والعكس صحيح. والمجتمع العراقي مبني أساسا على التعصب القبلي قبل نشوء الدولة العراقية الحديثة عام 1921. ويقول عالم الاجتماع العراقي علي الوردي ( يسير المثقف والعقال في جيبه) وهذا دليل على تأثير العصبية القبلية على دعاة الثقافة, وهذه إشكالية اجتماعية ثقافية تعيق القانون من فرض سلطة الدولة في المجتمع.

وعلى الرغم ان الدين الإسلامي شذب الكثير من سلوكيات القبيلة الاجتماعية الا ان قوانين القبيلة تسود الى يومنا هذا. مثل (الثأر والقتل العشوائي والنعرات وهدر الدم والنهوة على بنت العم واحتقار المرأة والتفاوت الطبقي بين القبائل وافرادها) وربما نتفق مع وجهة نظر ابن خلدون بان القبيلة انتجت دولاَ وحضارات, ولكنها في بعض الأحيان كان لها مفعول عكسي على مسار التاريخ فألغت دولا وحضارات, لكون التعصب لا يرى وجوده الا بالقضاء على الاخر باعتباره يقوم على نصرة الاقرباء من أبناء القبيلة سوى كانوا ظالمين او مظلومين.

وهذه البنية الاجتماعية المتعصبة التي تكونت على شكل تنظيمات متماسكة في الحركة صنعتها قساوة البيئة الصحراوية التي لا تتسع الى الاخر المختلف معها من تنظيمات اجتماعية أخرى. وتعاظم نفوذها وأبرز دورها السياسي في ظل الحكومات الناشئة والرخوة باعتبارها كيان فاعل في المنعطفات التاريخية عامة وفي الانتخابات السياسية خاصة, فأخذت الأحزاب والحكومات باستقطاب شيوخ القبائل وفتحت الباب امامهم في الحضور الاجتماعي والسياسي والوساطات والتفاوض والمساعي للسيطرة على امن المجتمع وزجهم في الصراع السياسي كجزء من مكونات المجتمع.

ورغم وجود الدولة ومؤسساتها السياسية والإدارية والقضائية، الا ان القبيلة أصبحت بنية اجتماعية وقوة سياسية فاعلة تستظل بظلال بالشرعية السياسية. وذلك من خلال فرض رموزها وخطابها الثقافي في المجتمع.
فهناك صراع دائم وتمرد قائم بين سلطة القبيلة وسلطة الدولة هذا الصراع يضمن ضعف الدولة وخطابها السياسي وتأثيرها الثقافي والاجتماعي على المجتمع. فبروز القبيلة وعسكرتها كقوة قاهرة داخل المجتمع بما تملكه من سلاح وسطوة جغرافية يسمح لها بتصفية حساباتها مع الاخر خارج اطار سلطة الدولة ظاهرة خطيرة جدا لا يكفي استنكارها وشجبها, بل تحتاج الى موقف جاد من المجتمع المدني ومنظماته الفاعلة والمؤثرة وانهاء مظاهر الشعبوية التي تهدد كيان المجتمع المدني. وهذا يعني خللاَ أو ضعفا أصاب الدولة ومؤسساتها القضائية والأمنية وعطل مسيرتها السياسية. وهذا يتطلب الى إعادة النظر في طبيعة العلاقة بشكل تكاملي وليس تناقضي.

باعتبار الدولة كيان قانوني تتمتع بسلطات كاملة وشاملة يخضع لها جميع الاشخاص والجماعات وهي الوحيدة التي يحق لها ان تحتكر السلطة الشرعية بامتلاك أدوات العنف والتهديد والعقاب ولا تسمح لاي كيان آخر للمشاركة بهذه السلطة والصلاحيات. ولابد ان تحظى الدولة وسلطاتها بمقبولية المجتمع وافراده بتفويض قانوني ودستوري دون أي انحياز سياسي او اجتماعي لطرف معين.

وبغض النظر عن كل التبريرات التي تقال حول دور القبيلة وعلاقتها في المجتمع وخضوع الافراد لها باعتبارها احد النواظم التاريخية للقيم والعادات والتقاليد، الا ان سلطة الدولة تبقى هي الأعلى والاهم، ولا يمكن ترجيح خطاب القبيلة على حساب خطاب الدولة ولا هوية القبيلة على هوية الدولة باعتبار الدولة هي الطرف الأقوى في هذه المعادلة وتريد بسط سيطرتها وسلطتها وان تخضع لها جميع القبائل وافرادهم لكي لا يتحول المجتمع الى شريعة غاب.



#ناجي_الغزي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عملة جديدة تحد من هيمنة الدولار الأمريكي
- المصداقية السياسية
- الاستراتيجية التنظيمية للأحزاب
- التخلف السياسي في المشهد السياسي العراقي
- الشعبوية السياسية وتداعياتها الاجتماعية
- لماذا تنتظر السعودية النجف في التطبيع مع اسرائيل؟
- الهوية الصناعية الإماراتية .. والهوية الصناعية العراقية
- فشل الادارة وتراكم الاخطاء
- الناصرية فوضى متصاعدة وغياب الامن
- رسالة الى حكومة ذي قار الجديدة
- البعد الاصلاحي في فكر الشهيد الصدر الثاني (رض)
- ضعف المنظومة الأمنية ... وغياب الرؤية الاستراتيجية
- المالكي والنجيفي والمطلك تحالفات الاضداد
- زيارة اوغلو الى كركوك تكشف عن هشاشة السلطة وغياب الدولة
- السياسة بين الفضيلة والرذيلة
- تعقيدات المشهد السياسي العراقي
- الاسرة وحدة إجتماعية مهمة في البناء الحضاري للمجتمع
- طيور الجنة تنتحر في جامع أم القرى
- الاستجواب البرلماني وسيلة رقابية أم حسابات سياسية
- مفاوضات ومحاولات للخروج من الأزمة السياسية


المزيد.....




- غموض كبير يلفّ زواج جيف بيزوس ولورين سانشيز.. فهل انكشف أخير ...
- مخزونات اليورانيوم المخصب.. إيران تعلن انفتاحها على نقله لكن ...
- كان يُعتقد أنه قُتل.. ظهور قائد إيراني رفيع بمراسم التشييع ف ...
- هل يمكن أن تعالج العقول الاصطناعي العقول البشرية؟
- نقص حليب الأطفال يهدد حياة أطفال رضع في غزة
- ترامب ينفي تقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي
- ترامب يدفع لهدنة في غزة.. ما الشروط الجديدة لوقف إطلاق النار ...
- إنجلترا تحت لهيب الصيف: موجة حر جديدة قد تحطم الأرقام القياس ...
- تشييع قادة وعلماء بطهران وترامب ينفي دعم نووي إيراني سلمي
- ناجون من جحيم غزة، باحثون فلسطينيون يحاولون إعادة بناء حياته ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجي الغزي - النزعة القبلية وسلطة الدولة