أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - زمن التمزق و التشظي














المزيد.....

زمن التمزق و التشظي


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7581 - 2023 / 4 / 14 - 09:15
المحور: الادب والفن
    


البحر أمامي، الأمواج تتكسر عند الصخور الناتئة ، فتتحول إلى موجات صغيرة ،الأفق يعانق زرقة الماء التي تتحول إلى خضرة مشوبة بالبياض وأشعة الشمس المنفلتة من بين الغيوم الرصاصية تعكس ألوانا متداخلة على سطح البحر ، على بعد خطوات مني اعتلى صياد في متوسط العمر صخرة متشحة بالسواد وطرح صنارته في البحر ،علَّ سمكة تعلق بها، كان منشرحا مستمتعا بالأجواء.
تقدمت خطوة إلى الأمام ،أصبحت على مستوى واحد مع الصياد، رش رذاذ الموج وجهي ومناطق أخرى من جسمي، أحسست برعشة نشوة سرت في كل ذاتي، التفت إلى الخلف رأيت زوجتي منشغلة بجمع أصداف البحر وقطع الأحجار المتناثرة بين الصخور وعلى الرمل، تركتها لحالها، وعدت لأحضن بفرح طفولي سحر المنظر المبهج الذي كانت ترسمه الطبيعة أمامي، قلت لنفسي : "أريد هدنة تبدد بعضا من ثقل السنين الماضية، وتُسكّن إلى حين أوجاع الخاطر والبدن، وتسمح لي بمواصلة الرحلة دون توترات طارئة ، فالطوارئ لا تحمل إلا ظلال الكآبة و بؤس اللحظة ، وتزيد شدة التمزق والتشظي."
نادتْ عليَّ زوجتي تدعوني لمغادرة المكان، رفعتُ يدي مطالبا إياها بالتريث لحظة، وافقتْ، ثم عادت لأصدافها وأحجارها، وعدت أنا إلى عالمي أمارس طقوسي بصيغة خاصة بي، سألتني موجة حمقاء وهي تلقي بمائها وزبدها نحوي :"أتبحث عن الزمن الضائع عند البحر؟.."
لم تترك لي فرصة الرد وأجابت عن سؤالها:" لن تجد هنا إلا الضياع دون زمن، ولن ترى إلا الوجع المضمر في سحر المنظر وجمال الصورة".
استفزني الأمر وأيقظ داخلي مرارة لم أفهم سِرّ انبلاجها، هناك طبعا شيء غير طبيعي يقلب مزاجي ويضعني في مواجهة حقائق ووقائع ذات حمولة سلبية تقتل ذلك الإحساس السابق وتصيبني بالخرس ، تراءت لي فجأة بين أحضان الموج المتلاطم جثثا آدمية تطفو على سطح البحر ، تذكرت نصيحة قديمة لوالدي :" احذر يا بني البحر والنار والمخزن".
اهتز وجداني بقوة، تلاشت جمالية المنظر، وقفزت الى الذاكرة جُملة من التساؤلات الغامضة، وفُتِحتِ الأقوس، وتناسلت الجمل الاعتراضية في نسق ناشز لا يقود الى معنى.
للبحر جوع من نوع خاص ، فهو يعشق ابتلاع المغامرين الباحثين عن لقمة عيش افتقدوها في أوطانٍ ضاقت بأحلامهم ودفعتهم قربانا لأمواجه القاسية، حتى إذا صعدت أرواحهم لباريها عاف جثثهم وقذف بها بعنجهية.
أحسست فجأة بِيدٍ تضغط على كتفي، وصوت يوقظني من سهوتي، تبينت أنه لزوجتي التي هتفت بي:
- عُد إلى رشدك يا فيلسوف عصره، فأنا لم أعد قادرة على تحمل لسعات البرد.



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلامي والمسرحي رشيد جبوج: مسار نضالي وإبداعي حافل
- سطوة القبح
- ثورة عاشق
- خفقات دافئة
- زمن التفاصيل
- خط الحياة
- الصمت الأعمى
- الحفرة
- صمت الأسحار
- لوعة الحب
- قراءة في الديوان الزجلي -فعلي يلقاني - للشاعر إدريس الطلبي
- مبرزكة
- الأيام الشاحبة
- روح تائهة
- تساؤلات مشروعة
- حديث الصباح
- قصة قصيرة :لحظة اِمتعاض
- مزبلة الحي
- رنين الذكرى
- مرض الرحيل


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - زمن التمزق و التشظي