|
الحكم بن هشام و أصل التهليل في الاذان عند المغاربة
زهير شمشوب
الحوار المتمدن-العدد: 7565 - 2023 / 3 / 29 - 16:21
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الحكم بن هشام و أصل التهليل في الأذان عند المغاربة على مر تاريخ الإسلام، مثل الفقهاء قوة ضغط ذات تأثير ظاهر على الخلفاء و الأمراء و الولاة، و منهم من جهر بإعلان معارضة الحاكم الجائر رغم تضارب النصوص في هذا الشأن بين الرد و الجواز، لما قامت دولة بني أمية في الأندلس على يد عبد الرحمان الداخل، توالى على الحكم أبناؤه من بعده ليكون الحكم بن هشام الملقب بالربضي، ثالث من حكموا الأندلس. تولى الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل سنة 154-206هـ/771-822 م و له اثنتان و عشرون سنة، كنيته أبو العاص، أمه أم ولد اسمها زخرف، و أم الولد هي الأمة المملوكة تلد من سيدها. عرفت الأندلس في حكم الحكم بن هشام بداية بروز مظاهر الأبهة و عظمة الملك، فقد جند الجنود و ضبط الأمور و عرف الاقتصاد في عهده ازدهارا كبيرا، لكنه مع ذلك كان طاغيا حازما شديدا على أعداءه مسرفا، و له آثار سوء قبيحة. سمي بالربضي لاشتهار فترة حكمه بحادثة قضاءه على أهل الربض، و تفصيلها أن الحكم الربضي، هذا في صدر ولايته انهمك في لذاته و مجونه حتى اشتهر أمره و تعقبه الناس بألسنتهم. و كان الفقهاء يومئذ هم قادة الرأي في البلاد فما ادخروا جهد النصيحة و لا ركنوا للسكوت على المنكر تزلفا، فاجتهدوا السبل لوعظ الأمير. منها أنهم ابدعوا وسيلة ذكية للوعظ لما أحدثوا إنشاد أشعار الزهد و الحض على قيام الليل في صوامع المساجد قبل الأذان، و هو المشهور اليوم عند المغاربة بالتهليل قبل أذان الصبح. فكان المؤذنون على الصوامع يخلطون في أشعارهم شيئا من التعريض بالأمير، مثل أن يقولوا: "يا أيها المسرف المتمادي في طغيانه، المصر على كبره، المتهاون بأمر ربه، أفق من سكرتك، و تنبه من غفلتك... تب إلى الله و ارجع عن خفلتك... يا عبد الله قم و لا تنم هذا وقت الخير قم تغنم " ، و ما نحا هذا النحو. فكان هذا من جملة ما هاج الأمير و أوغر صدره على الفقهاء، و بدل أن يتراجع و يرتدع زاد في غيه و تمادى. فاجتمع من الفقهاء بقرطبة جماعة ممن اشتهر بالفقه و الورع، منهم فقيه الأندلس يحيى بن يحيى المصمودي الليثي، و طالوت بن عبد الجبار المعافري و هما من أصحاب مالك و من رواة الموطأ، فثاروا به يريدون خلعه و إقامة أخيه المنذر بن هشام بدلا عنه. و كان اجتماعهم بالربض الغربي من قرطبة، و الربض ما وقع خارج سور المدينة أو قصر الأمير، فحرضوا العامة ضده و زحفوا إلى قصره و كادوا يأخذوه؛ لكنه تجهز و جهز حرسه. ينقل المراكشي في المعجب عن أبي مروان بن حيان صاحب أخبار الأندلس، أنه لما تسور الثوار القصر على الأمير و أحس بالشر، قال لأخص غلمانه: اذهب إلى فلانة، إحدى كرائمه، و قل لها تعطيك قارورة الغالية {العطر} فأبطأ الغلام و تلكأ. فأعاد ذلك عليه، فقال: يا مولاي، هذا وقت الغالية؟ فقال له: و يلك يا ابن الفاعلة بم يعرف رأسي إذا قطع من رؤوس العامة إن لم يكن مضمخا بالغالية؟ ثم إنه ظهر بعد هذا على من ثاروا عليه. و ذلك أنهم كانوا يقاتلون القصر و عامة الحشم و الجند يشغلونهم، إلى أن دهمتهم الخيل من ورائهم، فانهزموا و قتلوا قتلا قبيحا، و أمر بديارهم و مساجدهم فهدمت و حرقت، و أمر بنفي من بقي منهم عن البلاد فتفرقوا خارج الأندلس. ذهب الحكم و ذهب الفقهاء و ذهبت الأندلس و ذهب الناس، و بقي الوعظ و التذكير بدين الله و الإرشاد إليه، و بقي التهليل من على الصوامع و سيبقى بإذن الله. المراجع: عبد الواحد المراكشي. المعجب في تلخيص أخبار المغرب. محمد بن فتوح الحميدي. جدوة المقتبس في تاريخ بلاد الاندلس.
#زهير_شمشوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلاطين و صلحاء بين الولاء و الجفاء
-
عندما كانت الكعبة قبلة اليهود
-
المهدوية و التصوف و الشرف في مغرب العصر الوسيط
-
ملامح من التصوف الطرقي في المغرب الدعوة و التربية و الخدمة
-
مجموعة لرصاد تراث فني هزم التهميش
المزيد.....
-
بعد إدانته.. ماذا نعلم عن مدير الأمن السابق بالسعودية خالد ا
...
-
بين طلب العفو عنه والتذكير بتصريح محمد بن سلمان.. إدانة خالد
...
-
البحرين تسترد مطلوب بقضايا إرهاب من دولة -شقيقه-
-
الجنرال بوبوف: طائرات F-16 المسلّمة لأوكرانيا لا تستطيع إطلا
...
-
أوكرانيا تتحول إلى ستارة لتغطية ضربات أمريكية تستهدف أراضي ر
...
-
6 نصائح لتخفيف آلام أسفل الظهر!
-
ما الذي قد يكشفه التجشؤ عن صحتنا؟
-
علماء: جليد مارمولادا قد يختفي بحلول عام 2040
-
إيران تريد إغلاق قضية ممر زانجيزور نهائيًا
-
وصفٌ لشريحة كبيرة من الأميركيين.. من هم -لاتينكس-؟
المزيد.....
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
-
آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس
...
/ سجاد حسن عواد
-
معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة
/ حسني البشبيشي
-
علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|