أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - رسائل في التجربة الاعتقالية وائل الجاغوب















المزيد.....

رسائل في التجربة الاعتقالية وائل الجاغوب


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7557 - 2023 / 3 / 21 - 09:38
المحور: الادب والفن
    


توطئة
إن كل عمل كتابي يتم اعداده داخل الأسر ونتمكن من إخراجه يحمل حكايته الفردية المتمايزة، حكاية أبطالها عدة دونهم لا يرى العمل النور، دورهم يتعدى المؤلف للعمل، وهذا نابع من وجودنا في ساحة استثنائية "ساحة الأسر" حيث ما يتم خارجها بسهولة أو يُعتبر بديهي سهل وتفصيلي هنا في ساحة يُعتبر مُعقد وصعب يتطلب إبداع ويتطلب صبر ومثابرة، وهذا ما يجعل كلُ عملٍ نعمل من أجل أن نُخرجه يٌمثِلُ حالة انتصارٍ أُخرى على السجان، فسياسة الحصار والعزل وسياسة الملاحقة اليومية وكل ورقةٍ بيضاء خُطت على سطحها كلمات، فالكلمات تُخيفُ السجان الغاصب فيُلاحقها، ونحنُ من هنا نحاول أن نكُتبَ المُلاحقة، نحن لا نعلم هل سننجح في إخراجها او لا، فأنت تحت الرقابة في دائرة المُلاحقة تحت الحِصار في واقع مُحدد جغرافيا.
ومن هذه الأعمال التي خرجت من الأسر "رسائل في التجربة الاعتقالية" لوائل الجاغوب والتي صدرت عن دار الرعاة - رام الله- جسور- عمان- ٢٠١٩.

ولد الأسير وائل نعيم أحمد الجاغوب في قرية بيتا - نابلس - ٥/٢٣/ ١٩٧٦
درس المرحلة الابتدائية والإعدادية في مدارس نابلس، اعتقل للمرة بتاريخ ١٩٩٢/٥/١٦ وحكم بالسجن لمدة ست سنوات، وانهى خلالها الثانوية العامة،
تحرر من سجون الاحتلال عام ١٩٩٨ ليبدأ مباشرة بدراسته الجامعية بجامعة القدس المفتوحة بتخصص تسويق ، اعتقل للمرة الثانية في مطلع انتفاضة الاقصى بتاريخ ٥/١/ ٢٠٠١ وحكم عليه بالسجن المؤبد.
من أهم القضايا التي شغلت المفكرين في كل زمان ومكان المسائل المتعلقة بالأخلاق، فالحياة الانسانية حياة خُلقية بالضرورة، تَدخل في نسيجها القيم والأحكام والاختيارات والمفاضلات.

مازالت حائرا مما ذكرته قبل قليل، ويتقلب في رأسي وساس القلق، وجحيم العقل، الذي يدفعني بالسؤال: كيف يكتب أسير فلسطيني محكوم بالمؤبد في سجون الأحتلال الأسرائيلي؟
حلّت ساعة اليقين إذن، واهتز عندي كل يقين، أو أعتقدته يقينا في الكلمة والرؤى والحياة.

وبحثت عن إجابة عن سؤالي، بدفع سؤال آخر: هل ورثنا المقاومة لهذا السجان الاسرائيلي من حضارتنا العربية؟
عكفت لفترة من الوقت للبحث عن إجابة ما عن هذا السؤال، فالفلسطيني في طرائق عيش معينة "المعتقل الأسرائيلي" ، في مبادئ خُلقية نضالية، في قيم مقاومة، في أذواق فنية تفضح هذا العدو، في علاقات اجتماعية بين الأسير وسجنه، (لم نرضخ كنا متماسكين، صدر الحكم بحقي وصدر حكم المؤبد بحق المناضل سمير الطوباسي هذا الشاب كان من أشد المتحمسين لمقاطعة المحاكم العسكرية، اتهم بأنه كان متوجهاً لداخل فلسطين المحتلة لتنفيد عملية استسهادية ، وضبط بحوزته حزاماً ناسفاً ولم تسطع إدارات الاحتلال أن تنال منه وهذا ما انطبق على محمد اليدك الذي صدر بحقه الحكم المؤبد، وكذلك أحمد أبوخضرة لعدة مؤبدات وجهاد الباشا حكم لسنوات، وآخرون ممن حالوا الحفر في الصخر لإحداث مجرى مقاوم لإجراءات الاحتلال ص٧٠٧١ ).

حضارتنا التي ورثناها، يمكن تلخيصها بعبارة واحدة، إذ نقول إنها حضارة أخلاقية. كما يمكن تلخيص حضارة الفلسطيني هذه الأيام وهذا العصر بقولنا إنها حضارة علمية تُكتب في معتقلات الاسرائيلي.

لكن ماذا نعني بقولنا أن حضارتنا حضارة أخلاق؟ نعني، أول ما نعني، أن أداتها كانت ومازالت الكلمة، كما فعل الجاغوب، في البناءات الخطابية، التي ستكون الحركات والمواد هنا قبل تكون شيئا ما، وستبقى صلبة كما استشهد بها الجاغوب، (الرسالة الخامسة " الحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات، فالمرء إما أن يكون حراً أو لا يكون" نيلسون مانديلا" ص٩٣).
ولكي اصف الفرق بين حضارة العربي الفلسطيني وهمجية العدو الأسرائيلي على نحو أشد وضوحاً، سأتعين بذكر الرسالة التاسعة للجاغوب، ("من يريد بقوة يستطيع معرفة العناصر الضرورية لتحقيق ارادته - غرامشي" ص١٤٤).

وكما سأستعين بنوع من الرؤية العلمية عند إحدى مدارس علم النفس الحديث الذي تجد فيه تيارات ومدارس مختلفة، ولئن اتفقت كل المدارس النفسية على أن مهمتها هي استخراج قوانين السلوك البشري أو قوانين الأنماط السلوكية، فإنها تختلف في تحليل تلك الأنماط: ما دوافعها؟ كيف تتكون؟ كيف تتغير؟
ومن أوضح النظريات في هذا المجال ما قاله العالم النفسي الأمريكي وليم ماكدوغال في تقسيم الحياة النفسية إلى ثلاث مراحل هي الادراك والوجدان والنزوع، وهذه المراحل الثلاث هي دائما متكاملة، ويستحيل على أي منها ان توجد على حدة، بل لا بد لكل منها أن تجر الاثنتين الاخرين معها.

وبعيداً عن التأويلات التي قد يفعلها لقارئ "رسائل - في التجربة الاعتقالية"، لا بد من القول أن الجاغوب استطاع توظيف بعض مفاهيم علم النفس في الكشف عن ذوات المحقق الأسرائيلي، ("من أجل الدخول والسيطرة على مخيم لاجئين، يتعين علينا أن نبحث وندرس نظرية الحرب لدى الألمان، عندما أقدموا على احتلال وتصفية غيتو وارسو " ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي" ننتصر على هتلر، أبرهام بورغ، ترجمة بلال ظاهر، وسيم سلامة ص٤٨).

ومن أهم الحالات النفسية التي وظفها الجاغوب الإدراك، بمعنى أن الأنسان يبدأ ليعرف شيئاً بأن يدرك شيئا ما، بأن تكون له دراية بما حوله، بل دراية أيضاً بحالته هو نفسه، (عادوا وسألوا لماذا ألقي الطعام، فرددت ببساطة لأني مضرب، وأنني متوقف منذ اللحظة عن الفحص الطبي اليومي، وكان الرد ملائماً للحدث، حيث حضرت بعد أن أدركت أنها لن تستفيد شيئا من خطوات صبيانية ص ١٢٧ ١٢٨).

أما الوظيفة الثانية التي وظفها الجاغوب "الوجدان" الذي يذهب إلى الطاحونة الداخلية، طاحونة العقل، طاحونة الفكر، لكي تنصج وتصبح إدراكاً ما أو فكرة ما،(وتخلص المشروع بالعمل من أجل إثارة ملف الأسرى المرضي على كافة المستويات، ووضع برنامج نضالي متصاعد، مطلبه إطلاق سراح الأسرى المرضى ص١٤٠).

كما انه لا بد اللجوء لفكرة النزوع كما فعل الجاغوب، وهذا النزوع لا يأتي من فراغ، إنما لا بد له أن يستتبع حالة معينة داخل الانسان، هذه الحالة قوامها العاطفة، الانفعال، العقيدة الراسخة في الكيان العضوي نفسهنفسه وما بريحه من حالة تنفس، (إن العقل الذي يقف وراء مؤسسة إدارة السجون يرى بأن هناك أهمية في ابقاء مطالب الاسرى قائمة دوما ص١٤٣).

فكما قلنا، كلنا نتفق على ماهية القيم الخُلقية٠ غاية ما هناك الاختلافُ في الأولويات وفي المضامين الواقعية العينية التي تملأ الإطار للمعتقل الإسرائيلي، وهذا ما قام به وائل الجاغوب في" رسائل - في التجربة الاعتقالية".



#سليم_النجار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية الجهة السابعة كمال أبو حنيش
- ماء زهر_ محمد كناعنة
- آخر قبلة في السجن قتيبة مسلم/أبو حمدي
- مسيرة أبو حمدية شهيد الأسر والكرامة
- رواية خسوف بدر الدين للكاتب باسم خندقي
- رواية الشهيدة للأسير جمال علي جابر
- الكتابة معجزة العاشق_قراءة نقدية في رواية تحيا حين تغنى للأس ...
- بصمات في الصحافة الاعتقالية _تجربة إعلامية خلف قضبان الأسر ل ...
- المجلة العلمية لمركز دراسات الحرية للأسرى_قراءة تحليلية
- رنين القيد للأسير عنان زاهي الشلبي
- المرأة الفلسطينية_ صرخة الحياة في وجه السجان الإسرائيلي
- سلطة الإحتلال الناعمة في محو الذاكرة الوطنية
- رواية الخرزة للأسير منذر مفلح
- عن الشجن وأشياء أخرى_مجموعة شعرية للأسير ناصر أبو سرور
- ترانيم اليمامة_مذكرات أسيرات محررات
- ترانيم_ مذكرات أسيرات محررات
- قصص عين الجبل للأسير الكاتب محمد الطوس ( فيلسوفا وإنسانا)
- رسائل إلى قمر_شظايا سيرة للأسير حسام زهدي شاهين
- رواية حين يعمى القلب للدكتورة وداد البرغوثي
- رواية احترقت لتضيء للأسيرة المحررة نادية الخياط


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - رسائل في التجربة الاعتقالية وائل الجاغوب