أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - بصمات في الصحافة الاعتقالية _تجربة إعلامية خلف قضبان الأسر للأسير المحرر عبد العزيز أبو وردة















المزيد.....

بصمات في الصحافة الاعتقالية _تجربة إعلامية خلف قضبان الأسر للأسير المحرر عبد العزيز أبو وردة


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7549 - 2023 / 3 / 13 - 12:26
المحور: الادب والفن
    


"بصمات في الصحافة الاعتقالية... تجربة إعلامية خلف قضبان الأسر"
للأسير المحرَّر عبد العزيز أبو وردة
(مقاومة النسيان)
سليم النجار
توطئة
أمين عبد العزيز أبو وردة، مواليد مخيم بلاطة عام ١٩٦٦، تعود أصول عائلته إلى بلدة المويلح قضاء يافا،
حاصل على الماجستير في التنمية والتخطيط السياسي من كلية الدراسات العليا- جامعة النجاح الوطنية ٢٠٨٨ برسالة عنوانها "أثر المواقع الإلكترونية الإخبارية الفلسطينية على التوجُّه والانتماء السياسي- طلبة جامعة النجاح نموذجاً (٢٠٠٠ ٢٠٠٨)".
تعرَّض للاعتقال مرَّتين، الأولى عام ١٩٨٨ وقضى فيها ستة أشهر، والثانية عام ٢٠١٣ وقضى فيها عشرة أشهر اعتقالا إدارياً.
صدر له عِدَّة مؤلفات منها:
-العامل الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.
-سلسلة أولست انسا- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات- بيروت- ٢٠١١.
لكل كاتب تقاليده الخاصَّة عندما يراود الكلمات وينطوي في لجَّتِها ذاهلاً ماخوذاً ، فإذا العالم عالمه، دنيا خَلق وفتون.
السؤال هنا: كيف كتب الصحافي الأسير أمين أبو وردة كتابه "بصمات في الصحافة الاعتقالية- تجربة إعلامية خلف قضبان الأسر" الصادر عن المكتبة الشعبية- ناشرون- نابلس- ٢٠١٣؟ تُرى أكتب وهو يتمشَّى في الزنزانة جيئةً وذهاباً، أم وهو يدخِّن سيجارة، مبتسماً ربَّما؛ أم ظلَّ يكتب وهو يتمشَّى ويدخِّن ويبتسم! رُبَّما أيضاً.
إنَّ الإجابة على السؤال السابق مُجرَّد تخييل، تتجاوز فنَّ تركيب الكلمات نحو تركيب العرض الفرجوي، ليصبح نصَّ السؤال المنطوق عنصراً منسجماً مع ما يقوله أمين أبو وردة: (مَرَّت إجراءات النقل بسرعة، حيث تسلَّمتُ ملابس التوقُّف وارتديتها، ثم صعدت إلى مركبةٍ من نوع فورد ، مُخصَّصة لنقل المعتقلين، وهي تابعة لشركة إسرائيلية خاصَّة بالشرطة، ويُطلقُ عليها اسم "نخشون" ، وركبت بداخلها مكبَّل اليدين والرجلين، لكن بدون عصب العينين ص٦٠).
يمكن القول بأنَّ أهم مستوى يمكن التركيز عليه هو البحث عن مقاصد هذا المشهد الدراميِّ بسؤال ما هو المصير؟ قد تبدو تركيبَ كلماتٍ لتشكيلِ نصٍ للتعليق على هذا المشهد يدعو للبلاهة، فأيُّ مصيرٍ ينتظرُ مُعتَقلاً من قِبل المحتَّل الإسرائيلي بالتأكيد مصيرٌ سوداويٌّ يحمِلُ كلَ التوقعات، لكن رغمَ بلاهةِ السؤال، إلَّا أنَّه يبقى حاضراً في الوعي المُضمر للمتلقِّي لا لشيءٍ إلَّا من باب الفضول، الذي يدفع إلى رؤية الموضوع- أي موضوع الاعتقال- بأنَّه أمرٌ عاديٌّ في ظلِّ وجود احتلال. لكنَّ قُدرة الكاتب تجعل الأمر غير عادي، فأمين أبو وردة رسم فضاء الزنزانة على الشكل الآتي: (إنَّ الناظرَ لطبيعةِ البناء الهندسيِّ لأقسامِ السجون الإسرائيلية، يُدركُ أنَّ هذا الشكل ليس عفويَّاً، وإنَّما مقصوداً، حيث يقصدُ منه قتل نفسيَّة ومعنويَّات الأسير الفلسطيني، أكثر من كونها شكلاً أمنيَّاً مصمَّماً لمنع هروبه ص١١٨).
من هنا أراد الكاتب الكشف عن طبيعة المعتقلات الإسرائيلية من خلال صراعها مع كلِّ ما هو إنسانيٌّ معارضٌ لعنفعهم وتجبُّرهم، والمتناقض مع تعبيرهم وأساليب تعاملهم مع الإنسان الفلسطيني، لذا اكتسب الأسرى الفلسطنيون مساحاتٍ من الحريَّة وفرضوا كيانهم وحضورهم في كثير من الأحيان على السجَّان الإسرائيلي، لكن إلى أيِّ حدٍّ يمكن لهذه الفضاءات من الحريَّة التي صنعها الأسير الفلسطيني من رحم المعتقل الإسرائيلي؟ أبو وردة يشتقُّ من هذه المعطيات مساراً مغايراً يحمل في ثناياه إجابة، أنَّ للحريَّة ثمنها، ليدلِّل على فداحةِ هذه التضحيات ويصوِّر لنا هذا المشهد الدراميِّ: (يُخيَّل للأسير القابع في سجن مجدُّو شمال فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨ أنَّ حارات وعوائل مخيم بلاطة قد انتقلت الى أقسامه العشرة، فأينما انتقلت في جنباته تشعر كأنَّك تعيش فيه، بكل مكنوناته وخلجاته اليومية. مزحاتهم وألقابهم ورائحة طبيخهم في زوايا غرفهم وخيامهم، تشعرك كأنَّك تعيش أجواءه النكبويَّة واللجوئيَّة..ص١٣).
إنَّ نسمات الحريَّة في سماء فلسطين هي حتميَّة ومصيريَّة من أجل ترسيم فكرة تاريخيَّة خالدة، وليست عابرة في أوراق الكتب، أنَّ فلسطين عربيَّة، وليست حادثة تاريخيَّة يُعلِّق عليها المؤرِّخين، غير أنَّ هذه الفضاءات لا بُدَّ من أن تكون لها أساس، كما سرد أبو وردة: (لم تعد حكاية الأشقاء الأسرى الثلاثة من عائلة بني جابر- التي تقطن بلدة عقربا شرقي نابلس والقابعين في سجن مجدُّو- غريبة على جموع الأسرى لأنَّها أضحت السِمة البارزة لكل أحداث البلدة في صراعها مع المستوطنين، خاصَّةً عندما يتم تناولها عبر شاشة التلفزيون الذي يُسمَح بمشاهدته داخل السجن. البساطة تظهر في أحاديث هؤلاء الشبَّان كونهم جميعاً يعملون في مجال رعي المواشي وبعيدين عن الأمور السياسيَّة، لكنَّ قَدَرَهم جعلهم يعيشون محنة الأسر ص١٥٦).
وبما أنَّ السجن الإسرائيلي أصبح مدرسةً ثقافيَّةً ومعرفيَّةً على يدِ الأسير الفلسطيني، وتراثاً نضالياً، فقد وصف أبو وردة هذه المدرسة على الشكل الآتي: (أينما التفتَّ في أقسامِ سجونِ الاحتلال الإسرائيلي، لا بُدَّ أن تلتقي بالعشرات من الطلبة الجامعيين الأسرى، مِّما يُظهِر استهداف الاحتلال لهذه الفئة في العقدين الآخرين، وفي سجن عوفر وكغيره من السجون، تَبرُزُ تلك المشاهدات لتعطي انطباعاً بأنَّها فروعٌ لبعضِ الجامعات، من كثرة الطلبة الجامعيين القابعين في الأسر ص١٨٢).يُصوِّر لنا أبو وردة هذا المشهد كفنانٍ تشكيليٍّ يرسمُ صورته بلونٍ أصفر، إذا جاز لي التعبير عن هذا التوظيف- فهذا اللون هو لونٌ مستفزٌّ لكل الحواسِّ البصرية- فأبدع أبو وردة بتوظيفِ هذا اللون بقوله: (أمَّا المكوث داخل السجن والمعتقل، فهو وإن اختلف في بعض الأشكال السابقة، فإنَّه يتَّسم بالتحكُّم في حياة الأسير، عبر أشكال العدِّ والفحص اليوميَّة داخل الغرف وتحديد ساعات الفورة وضبط توقيتها، مِّما يجعل الأسير محكوما بالوقت الممنوح له رؤية الشمس بالتحرُّر من قيد جدران الغرفة ص١٩). تمكَّنَ أبو وردة في هذا الوصف من توظيف تقنيات التذكُّر للخروج من حدودِ القيد إلى فضاءِ الحريَّة، ولا شكَّ أنَّ عمليَّة التحويل تتطلَّب تدريباتٍ نفسيَّةٍ شاقَّة، قد تؤدِّي إلى تلاشي الوجعِ الإنسانيِّ والدخول في مرحلة التحرُّر الذي يجعله حَبساً مرئيَّاً، أي الجسد الذي يتفجَّر لذكرياتٍ وأحلامٍ وأحداثٍ يوميَّة، ليُعِيدَ اكتشاف العالم عبر سرد تجربته الاعتقاليَّة التي سطَّرها بمشهدٍ استذكاري: (فعلى مدارِ زهاء عشرة أشهر من الاعتقال كانت الذاكرة تختزل كل الوقائع، والقلم يسجِّل الملاحظات ويكتب أولاً بأوَّل حتَّى تمَّ إخراج جميع ما كتب إلى خارج أسوار السجن بعناءٍ ومخاطرةٍ كبيرين، ليبدأ مشروع الكتاب المطبوع والجامع للتجربة قد اكتمل داخل أسوار السجن ص٥٨).
ويبقى السؤال الحاضر : هل سيأتي اليوم الذي تكون هذه التجارب الإبداعية للأسرى الفلسطنيين، التي كُتبت وأُبدعت داخل المعتقلات الإسرائيلية، جزءً من الثقافة العربيَّة؟ هذا الأمر متروكٌ للتاريخ.



#سليم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلة العلمية لمركز دراسات الحرية للأسرى_قراءة تحليلية
- رنين القيد للأسير عنان زاهي الشلبي
- المرأة الفلسطينية_ صرخة الحياة في وجه السجان الإسرائيلي
- سلطة الإحتلال الناعمة في محو الذاكرة الوطنية
- رواية الخرزة للأسير منذر مفلح
- عن الشجن وأشياء أخرى_مجموعة شعرية للأسير ناصر أبو سرور
- ترانيم اليمامة_مذكرات أسيرات محررات
- ترانيم_ مذكرات أسيرات محررات
- قصص عين الجبل للأسير الكاتب محمد الطوس ( فيلسوفا وإنسانا)
- رسائل إلى قمر_شظايا سيرة للأسير حسام زهدي شاهين
- رواية حين يعمى القلب للدكتورة وداد البرغوثي
- رواية احترقت لتضيء للأسيرة المحررة نادية الخياط
- رواية الطريق إلى شارع يافا للأسير عمار الزبن
- رواية متاهة الحرية للأسير عبد محمود عبيد
- قراءة نقدية في رواية العاصي للكاتب الأسير سائد سلامة
- ذاكرة القضبان للأسيرة د/سعاد غنيم
- مرايا الأسر قصص وحكايا من الزمن الحبيس للأسير المحرر حسام كن ...
- منارات في الظلام للأسير حسن نعمان الفطافطة
- المشروع الوطني الأردني الفلسطيني / بين الواقع والطموح
- جغرافيا كافرة وتيه فلسطيني جديد


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - بصمات في الصحافة الاعتقالية _تجربة إعلامية خلف قضبان الأسر للأسير المحرر عبد العزيز أبو وردة