أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - ماء زهر_ محمد كناعنة















المزيد.....

ماء زهر_ محمد كناعنة


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7555 - 2023 / 3 / 19 - 12:29
المحور: الادب والفن
    


ماءُ زَهر - محمد كناعنة
دار فضاءات - عمان- ٢٠٢١
( هامش للزمن- تلك الحياة)
سليم النجار
توطئة
محمد كناعنة، أسير محرّر، اعتقل عدة مرات عديدة، خبرَ السجون والزنازين منذ الطفولة، اعتقل أول مرة وعمره أربعة عشر ربيعا، أمضى في سجون الاحتلال عشرة أعوام ونيف على فترات مختلفة، يقبع حاليا تحت طائل المحاكمة والاقامة الجبرية في إطار الملاحقة السياسية التي يتعرض لها.
- للكاتب العديد من الإصدارات نذكر منها:
١ " عناوين في الميزان" - مجموعة مقالات سياسية إجتماعية كتبها في السجن وكانت تنشر في الصحف والمواقع المحلية.
٢ في وصف الهامش - قراءة في واقع فلسطينيو "٤٨" صدر عام ٢٠١٥ عن دار ابن رشد - القاهرة
٣ "بمشيئة الملاح"، مجموعة قصائد ونصوص كتبت في الأسر ، صدر عن دار فضاءات في عمان.

كيف تحزن بسرعة
الحاجة هنا، يا صديقي، فتّاكةٌ، لا تشبه الفاقة التي في بلداننا. هناك يقضي الإنسان حياتَه يتخّبط بين المتطلبات القُصوى من مأكل ومسكن وزواج ونَسل بلا عَدِّ وفرح نادر ومآتم وأقدار، بل القَدَر المحتوم يحمل حرمانَه إلى يوم موعود في جنّة، تحت أقدام الأمهات، الحاجة هنا، يا صديقي، وأنت تعلم، إنما أذكرك من خلال هذه الكلمات، هي ما يسمّى عندنا الرفاه، هكذا فالبون شاسع. العطلة، الموسيقى، المسرح، الحبّ أيضاً، هو فعلاً رفاهيةٌ، لأن الفقراء لا يجدون له الوقت والإمكان، الحبّ يأتي بعد الحاجة الجنسية وفوقها، مَنْ يتصوّر غير ذلك إنما يتحايل، إن وعَى طبعاً على كتبه، كي لا يُفتضَح أمرُه مع نفسه، فيشعر عندئذ بضعفه. الحاجةُ هنا كتابٌ الزاد الذي بلا نظير٠ فكان ديوان شعرك "ماءُ زَهْر"، الذي ابدعته في معتقلك الإسرائيلي، هو مكانك حيز وجودك كفلسطيني، هو تواجد الشخوص والأشياء، أيضا هو البعد الظاهر/ الخفي في العمل، ثم هو من عناصر التجسيد لجملة الأفكار والرؤى لنصك الشعري:
( زنزانةٌ كَبيرَةٌ
جُدرانها خشنةٌ
بنقيضِ من أغدقتهم بالألم
شاخِصَةٌ
على شوقٍ عَظيمٍ لِوطنٍ صَغيرٍ
بحجمِ قَلبِها ص٢١)٠
إنه إذا البوتقة التي بها وفيها تكمن الأفكار والمشاعر وتبرز من خلاله الأحداث والصراعات بين الإنسان ونفسه، بينه وبين الآخر بل ومع الأشياء من حوله:
( وَطَنٌ
وزنزانَةٌ تبكي حالَها
لا وَطَنٌ يٌستَغاثَ هُنا
لا جُرحٌ إِلاّ هُناك
وليسَ إِلاّكِ أنتِ هُنا ص٣٦).
المكان بذلك هو البعد الظاهر "فرضا" بمعنى المرئي المتاح داخل النص الشعري، حيث ينهض الشاعر -قدر كفاءته - على إعادة خلق الأماكن واستحضارها في ذهن القارئ بأقل الكلمات عكس المسرح الذي هو فن المساحة- أما أدب السجون خاصة فيحيلنا إلى بعض الأماكن دون غيرها التي لها مدلولاتها المميزة:
( هُنا في مُتَنَفِّسِ الرُّوحِ
زِنزانَتي
لا فرقَ بينَ هذا وذاكَ ص٧٧).
لذا فإن الأعمال الشعرية "شعر السجون" بالعموم ثرية بما يْسمى مجازا " المكان / الفكرة" أو " اللفظة/ الفكرة" أو " الحادثة/ الفكرة" بما يعني أن جملة المشاعر المكثفة التي توحي بها تلك الأماكن أو الألفاظ أو الأحداث: (تِلفازٌ
وَيَصيحُ أحَدُهُم
مِن عَلى "بُرشِهِ" المُنَعَّمِ
بِجراحِ من قَضى هاهُنا :
"ما هذا؟"
تُزعِجَهُ صورَةٌ ويُذهَل
لا ينزَعجُ من سيلِ الدّماءِ
جَهلٌ، أو غَباءٌ
هو من ثَمراتِ مرحَلة الجُبَناء
سَجينٌ، أو أكثر ص٤١).
نخلص إذا بأهمية المكان بعامة وفي شعر السجون،(للمكان/ التجربة) موقع الصدارة للتعبير عن تلك الميزة وغيرها:(مفتاحٌ ومسلكٌ للهربِ
للبَقاءِ للمَوتِ والحَياةِ
بِها نكونُ حيثُ نَشاءُ أن نكونَ
أو حيثُ يَجِبُ
لا صَوتَ للٍنّايِ من دونِها
واللّحنُ يَموتُ
وَيسقُطُ ألغَسَقُ والشَّفَقُ
وََكُلُّ الأَسماءِ ص٦٧).
الزنزانة كلفظة لغوية من أكثر المفردات شيوعا في أدب السجون "فهو ذاك الذي يطوي بين جدرانه الأسير سواء للحياة التقليدية اليومية أو هو ذلك المكان المخصص للتأهب رداً لهجوم متوقع من عدو قادم أو استعداداً للبدء في هجوم على ذلك العدو:( هُناكَ حولَ عامودِ النَّارِ
في ساحَةِ الإعدامِ
كَثيرٌ منَ الحُرِّيَّةِ وَالَحياةِ
كَثيفٌ هوَ رَاث البارودُ
دَمٌ هُنا وهُناكَ ص٨١).
إن التعبير عن الماضي وتجاوز الحاضر باستخدام أسلوب الحلم والتذكر سواء للأشخاص أو الأحداث واستشراف واستحضار النقيض لأبراز "وجهة نظر" الشاعر:( مَطَرٌ، قَطَراتُ ماءٍ
أزيرُ ثَورةٍ
وفكروٌ لا تموتُ ص٧٤).
يقول "ارنست همنجواي" في روايته:
ما هذه العصا؟ إنها عصا شاب مات، قتل في موقعه سوم٠ أرسلوا أمتعته إلى ذويه ومن بينها هذه العصا الصغيرة فيبعث بها إلى أمه ص٣٧ وفي موضع آخر "قبلتها بحرارة وضممتها إلى صدري ص٥١" ٠ هذا المقطع الروائي يتطابق مع الحس الفلسطيني في سجون الإحتلال الإسرائيلي، وإن كان هناك فارق أليم، أن الأول مات وأُعلن عن موته، أما الثاني مات حيّاً ولا يُعلن عن موته لا لشيء إلا لكونه طالب بحرية وطنه، وعقابه على هذا "الجرم" السجن ذلك الحيز الضيق المسمى المعتقل يشي للوهلة الأولى بالخوف إلا إنه بكل ما سبق من مونولوج وديالوج وحلم واستخدام التذكر وغيره يحيلنا إلى ديناميكية حقيقية تنزع فوراً صفة الملل عن ذلك اللون من الأدب.
لذا من أهم القضايا التي يناقشها الشاعر كناعنة داخل المعتقل هي قضايا الحياة والموت (الرغبة في الحياة، الجنس، العلاقات الاسرية، الموت بمدلوته المختلفة، الحرية، الخيانة، الحب٠٠٠) :(أرتَشِفُ من شِريانها اللُمتَحِمِ بشِرياني
كَالأَندادِ
بِضعَ أقداحٍ
تَشفي سَقَمَ الأكبادِ ص١١٩).

محمد كناعنة في"ماء زَهْر" يدعو الموتُ متى يشاء، هو لا ولن يستأذن، لذا الحياة أجملُ وأبقى، لكن في فلسطين المحررّة، حيث للحياة مذاق الحرية٠



#سليم_النجار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر قبلة في السجن قتيبة مسلم/أبو حمدي
- مسيرة أبو حمدية شهيد الأسر والكرامة
- رواية خسوف بدر الدين للكاتب باسم خندقي
- رواية الشهيدة للأسير جمال علي جابر
- الكتابة معجزة العاشق_قراءة نقدية في رواية تحيا حين تغنى للأس ...
- بصمات في الصحافة الاعتقالية _تجربة إعلامية خلف قضبان الأسر ل ...
- المجلة العلمية لمركز دراسات الحرية للأسرى_قراءة تحليلية
- رنين القيد للأسير عنان زاهي الشلبي
- المرأة الفلسطينية_ صرخة الحياة في وجه السجان الإسرائيلي
- سلطة الإحتلال الناعمة في محو الذاكرة الوطنية
- رواية الخرزة للأسير منذر مفلح
- عن الشجن وأشياء أخرى_مجموعة شعرية للأسير ناصر أبو سرور
- ترانيم اليمامة_مذكرات أسيرات محررات
- ترانيم_ مذكرات أسيرات محررات
- قصص عين الجبل للأسير الكاتب محمد الطوس ( فيلسوفا وإنسانا)
- رسائل إلى قمر_شظايا سيرة للأسير حسام زهدي شاهين
- رواية حين يعمى القلب للدكتورة وداد البرغوثي
- رواية احترقت لتضيء للأسيرة المحررة نادية الخياط
- رواية الطريق إلى شارع يافا للأسير عمار الزبن
- رواية متاهة الحرية للأسير عبد محمود عبيد


المزيد.....




- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...
- صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - ماء زهر_ محمد كناعنة