-بغداد- لاتحيا ولاتموت ونهاية الموت الجسدي؟

عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 7552 - 2023 / 3 / 16 - 15:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تقوم "المدينه" ابتداء بسمات ومواصفات حجرية، ضمن اشتراطات الفنائية والانهيار الشامل، بعد نزوع جبار الى الاعلى، زخمه ذاهب قسرا الى مابعد ارضوية، هذه الناحية للاسف لن يعرفها العقل البشري لقصوريته البنيوية، فتتيه عنه الانواع والتفاصيل التكوينيه للمدينه بظاهرها الحجري المؤهل للسطو على العقل القاصر ابتداء، وتجدر لابل من الواجب الاشاره الى اننا نقتصد هنا علما جديدا في النظر للموجودات، واليات ظهورها ومساراتها، فالكائن البشري حين يوجد، وبالاخص مجتمعيا فانه يدخل من وقته بالاحرى رحله التصيّير الى مابعد جسدية، كذلك الاشياء المواكبة، والتي هي ضرورة، مثل ادوات السكن، والتجمع، فالمدينه التي هي الى زوال، توجد بالاحرى كمحطة اولى، تعقبها ثانية، لايسري عليها الزوال على الطريقة السومرية البابلية، فبغداد التي بنيت هربا من الكوفة في الاعلى خارج ارض السواد، حكم عليها من دون علم من " ابو جعفر المنصور" الذي لايدرك فعل قانون الدورات والانقطاعات الساري على ارض الرافدين، بانه قد جازف بصناعة المدينه الامبراطورية التي لاتحيا ولاتموت على انقاض بابل التي تموت بعد انتفاضتين لها بوجه الفرس، فانهيارها يخلق بالاحرى لها وظيفة اخرى انهيارية، والسلطنات واشباه الامبراطوريات المتعاقبة، تعلى حكمها الاسمي كرمز براني، وهمها الاحتفاظ بها كما هي كموضع يملأ عقول المحتلين قبل غيرهم بوهم الجبروت المنقضي، بينما المدينه بذاتها تمر بلحظة عبورية انتقالية بعد الطور الاول الفنائي البابلي السومري.
على هذا المنوال يصير جائزا بناء " بابداد" بالتوازي مع الانتقال البشري الى اللاجسدية، والى الانتاج العقلي مابعد اليدوي، وهذا بالطبع ليس من المقبولات ارضويا، وهو يمكن ان يكون مبعثا للكثير من السخرية الحجرية. مع هذا فانني لن اتوانى عن عرض سردية ليوميات المدينه التي لاتحيا ولاتموت، على امل العبور الى الهندسة المدينيه فوق الارضوية، وساخذ بهذه المناسبة من كل قرن من قرون التاريخ بعد دخول هولاكو، اي منذ القرن الرابع عشر، حزمه من الوقائع السنوية والشهرية، على امل توفر المادة الضرورية للمقارنه، بين موضوعنا، وبين اية مدينه اخرى وجدت على ظهر الكوكب الارضي، علنا تفلح في تبيان مستوى التفارقية النوعية، ومعها المالات المتباينه. ولنبدا بالقرن الرابع عشر التالي على احتلال هولاكو:
ـ 705 هـ/ 1306م
• حدوث حريق في الجانب الغربي من بغداد، جاء على بعض الدور والمتاجر والاسواق وسبب اضرارا كبيرة في "اواخر شهر رجب"
ـ 708 هـ/ 1309:
* فيضان نهر دجلة فيضانا هائلا تسبب في غرق محلات كثيرة في الجانب الشرقي من بغداد في نهاية " شهر نيسان".
ـ 709 هـ/ 1310 م :
* وصول اسراب كثيرة من الجراد، اكل ماصادفه من مزروعات وغلات، وعاث في الارض فسادا.
ـ 712 هـ/1313م:
• ظهور وباء الطاعون في بغداد قادما من الشرق، ولم تسلم عائلة من العوائل البغدادية منه فان لم يات على جميع افرادها، فتك ببعضهم.
ـ 713 هـ/ 1314 م:
• هطول امطار غزيرة جدا، سببت هدم بعض الدور القديمه على من فيها، حيث استمر هطول المطر ثلاثة ايام بلياليها/ في العشرة الاخيرة من شباط.
ـ 715 هـ / 1316 م:
• إ نحفاض درجة الحرارة انخفاضا شديدا، حيث تجمدت المياه في السواقي والبرك ودامت عدة ايام قبل ان تذوب/ شهر كانون الثاني
ـ 717 هـ/ 1318م:
• ارتفاع مناسيب المياه عن مقاييسها الاعتيادية فحدثت بعض البثوق، وغرق الجانب الشرقي من بغداد ماتسبب باضرار كبيرة في المزروعات كما هدمت دور كثيرة.
ـ 718 هـ/1319 م:
• حدوث غلاء في بغداد اضطر معه الناس الى اكل الجيف وباع الفقراء اولادهم ليسدوا رمقهم باثمانهم.
ـ 724 هـ/ 1325 م:
• انخفاض درجة الحرارة في بغداد انخفاضا شديدا ادى الى تلف المحاصيل الزراعية وغلاء المواد الغذائية.
ـ 725 ÷ـ/ 1326 م:
• غرق بغداد الشرقية والغربيه بسبب فيضان نهر دجلة وغرق مقبرة احمد بن حنبل في الكرخ وكثير من محلاتها، حيث تهدم اكثر من 5 الاف بيت.
ـ 727 هـ/ 1328م:
• زيارة " ابن بطوطه" محمد عبدالله اللواتي. الرحالة العربي الشهير لبغداد واداؤه فريضة الصلاة في المدرسة النظاميه حيث كانت لاتزال قائمه الى ذلك التاريخ، وزيارته للمدرسة المستنصرية فوصفها وامتدح طريقة التدريس فيها.
ـ 730 هـ/ 1331م:
• فيضان نهر دجلة فيضانا هائلا. اغرق الجانب الشرقي واحدث اضرارا كبيرة في المزارع والابنيه.
ـ 7731 هـ/ 1331م:
• حدوث حريق في بعض الدور والحوانيت، استمر اكثر من يوم وليله سبب خسائر كبيرة في الارواح والاموال.
ـ 737هـ/1337 :
• استمرار " موسى خان" في الحكم في بغداد، ويعتبر اخر السلاطين الايلخانيين وبقتله انتهت الدولة الايلخانيه والتي كانت استمرت حوالي " 82 سنه".
ـ 738هـ/ 1338 م:
• تاسيس الدولة الجلائرية بقيادة الشيخ حسن الكبير الجلائري، احد امراء التتر، والذي استقر بعد ذلك في بغداد واصلح الحكم.
ـ 740هـ/1340م:
• هطول امطار غزيرة استمرت طوال موسم الشتاء فكان موسم خير وبركه ادى الى هبوط اسعار المواد الغذائية.
ـ 742 هـ/ 1342م:
• وصول اسراب هائلة من الجراد، اكلت الزرع واتلفت المحاصيل اواخر مايس.
• حدوث غبار كثيف ورياح شديده اضرت بالناس والحيوان والنبات" غرة شهر رجب"
ـ 743هـ/ 1343م:
• ارتفاع الاسعار بسبب قلة المواد الغذائية من جراء تلف المحاصيل بسبب الجراد.
• انحباس الامطار في اول موسم الشتاء، ثم هطلت بغزارة في شهر شباط وقد اعادت الامال والطمانينه الى نفوس الناس.
ـ 744 هـ/1344 م:
• حدوث رياح عاصفة مصحوبة بغبار كثيف حجب نور الشس وتسبب بوفاة كثير من الناس المرضى وكبار السن، في شهر حزيران.
ـ 745 هـ / 1345 م:
• هبوط درجات الحراره في شهر " كانون الثاني" فجمدت المياه في الاواني واتلفت المزروعات وبالاخص الحمضيات.
• هطول الامطار مبكرامن العام ادى الى ظهور العشب وانتعاش المزروعات.
ـ 746 هـ/ 1346م:
• وباء الطاعون العام الذي لم يسمع بمثله، وقد عم سائر الدنيا حتى قيل انه تسبب بموت نصف سكان العالم حتى الطيور والوحوش والكلاب لم تسلم منه، ووقع في " شهررمضان".
ـ 747 هـ / 1347م:
• وصول اسراب الجراد الذي اكل المزروعات والغلات وسبب القحط والغلاء/ مايس.
• * هطول امطار معتدله في وقت مبكر من الموسم، ادى الى ظهور العشب وانتعاش الزرع.
ـ 751 هـ/1350م:
• فيضان دجله وغرق الضفة الشرقية من بغداد، وقد تهدمت بيوت كثيرة واتلفت مزارع كبيرة/ منتصف شهر اذار.
• ارتفاع درجات الحرارة في شهر تموز ادى الى جفابف بعض الانهار والسواقي والبرك والتجاء الناس الى السراديب الموجوده في بيوتهم.
ـ 752 هـ/1351م:
• هطول امطار غزيره مصحوبة بعواصف باردة حاملة الثلج " الوفر" الذي اتلف المزروعات وقتل الحيوانات/ العشرة الاخيرة من نيسان.
ذلك نصف قرن من ايام المدينة التي لاتحيا ولاتموت، لعله يوحي لمن يقراه بشيء عن نوع المدينه التي نريد مقاربة صنفها، قل مابعدها، وماتنبيء به، بعيدا عن الجاهزيات المتوطنه في العقل والخيال الاحادي الارضوي، الشحيح، الهامد.
ـ يتبع ـ

#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات