أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - فشل الانفتاح العربي على دمشق














المزيد.....

فشل الانفتاح العربي على دمشق


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7541 - 2023 / 3 / 5 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من النافل القول إن نظام الأسد يحتاج إلى الكثير لأنه بات نظاماً مهلهلاً ومعزولاً، لكن ليس أهم ما ينقصه هو انفتاح العرب عليه، على أهمية ذلك. إن ما ينقصه في الواقع هو انفتاح السوريين عليه، وهو ما لا يمكن تحقيقه. بكلام آخر إن استعادة سورية لسيادتها ودورها كدولة "طبيعية" في المنطقة، لم يعد ممكناً في ظل نظام الأسد. وإذا كان أهل النظام يعتقدون أن الانفتاح العربي يمكن أن يحل معضلتهم المستعصية مع السوريين، فإن الدول العربية تدرك حدود قدرة النظام على النهوض بدور دولة سورية موحدة يريدون استعادتها إلى المحيط العربي، حتى لو كان الدور المراد محصوراً في حدود المنظومة السياسية العربية ذات الحساسية الضعيفة لحقوق الأفراد والجماعات.
لا نظن أن الدول العربية يمكن أن تنفتح على نظام الأسد دون أن يكون لديه الاستعداد هو أيضاً للانفتاح على حقائق لا يزال يصر على إنكارها، فيما لا يمكن للدول العربية ولا غير العربية أن تنكرها. أهم وأبرز هذه الحقائق أن نظام الأسد فشل في أن يحافظ على "كذبة" أنه يمثل كل، أو حتى غالبية، الشعب السوري. سقطت هذه الكذبة منذ بدايات الثورة السورية، وانكشفت حقيقة رفض غالبية الشعب السوري لهيمنة الطغمة الأسدية. ولكن ما جرى مع استمرار الصراع هو أن هذه الحقيقة تمأسست حين خرجت مناطق واسعة عن مجال سيطرة نظام الأسد، وتبلورت فيها سلطات جديدة رافضة ، كل من منطلقها، للطغمة الأسدية، دون أن نجد لدى السوريين الخاضعين لهذه السلطات المستجدة أدنى رغبة في عودة سيطرة نظام الأسد. ما تبلور إذن، وبطريقة لا يمكن لأحد إنكارها، أن هناك أكثر من سوريا، وأن سوريا النظام أضيق بكثير من أن تستوعب هذه السوريات، ولذلك فإن إصرار النظام على بقائه كما هو، يشكل عقبة مهمة، أو لعلها العقبة الأهم، في سبيل وحدة سوريا المتعددة، وهذا يجعل منه قوة التقسيم الأساسية في سورية اليوم.
المفارقة التي يمكن التوقف عندها على هذا المستوى، هي أن نظام الأسد، من حيث أنه يحتفظ رسمياً بالمقعد السوري في الهيئات الدولية، ومن حيث أنه القوة الوحيدة التي من مصلحتها العودة بسوريا موحدة على الشكل الذي كانت عليه قبل الثورة، هو الطرف الوحيد، بين أطراف الصراع السوري الحالي، الذي له "الحق الرسمي"، والذي يسعى إلى توحيد سورية ولكن على صورتها القديمة، وهذا ما يولد المفارقة التي نقصدها، وهي أن النظام في سعيه إلى توحيد سوريا على صورتها القديمة، يجعل من نفسه العقبة الأهم في سبيل توحيدها.
الزيارات العربية التي وجدت في نكبة الزلزال مناسبة، هي، في نظرنا، ليست محاولة لتعويم النظام، كما يصورها معظم المتابعين. لا نعتقد أن الدول العربية من السذاجة بحيث أنها لا تدرك الواقع السوري، أو أنها تحاول إنهاض عاجز. مضمون الزيارة، فيما نرى، هو محاولة ترجمة الواقع الذي وصل إليه الصراع في سورية واستقر على توازن داخلي مسنود بتوازن إقليمي ودولي، ترجمة هذا الواقع المفكك إلى صيغة سياسية جديدة قادرة على جمع البلاد السورية، وإن كان المدخل إلى ذلك هو نظام الأسد. بكلام آخر إن هذه الزيارات هي شكل من "صلحة عرب"، تستعاد فيها حقوق، ولو بحدود دنيا، بطريقة حبّية وليس بطريقة الصراع والضغط.
لا يمكن لهذه الدول، رغم كل شيء، أن تغفل عن حقيقة أن نظام الأسد لم يعد بمقدوره أن يوجد، كما هو، إلا في سورية الحالية المقسمة. وأنه بات، بعد كل ما جرى، عاجزاً عن أن يحكم كل سورية التي بات ينظر إلى أكثر من نصف سكانها على أنهم أعداء، وبات هؤلاء يناصبونه العداء بالمثل. وعليه إذا كانت الدول العربية التي زار مسؤولوها دمشق، تسعى إلى استعادة الدولة السورية، فإنها تدرك أن نظام الأسد لا يمثل ولا يستطيع أن يمثل دولة سورية الموحدة.
الواقع أن المناطق التي خرجت عن سيطرة طغمة الأسد خففت، في خروجها ذاك، عبئاً سياسياً عن النظام حين أخرجت من مجال حكمه قطاعات واسعة من الشعب السوري ترفض النظام ولديها الاستعداد التام لممارسة هذا الرفض بكل الأشكال. وقد قام النظام، كما هو معروف، بإلحاق عشرات أو مئات آلاف من السوريين الرافضين له إلى المناطق المذكورة، في سياق ما سمي المصالحات والتسويات. المناطق التي استعادها نظام الأسد في هذه التسويات، استعادها بعد ترحيل غالبية السكان الرافضين لبقائه على صورته المعروفة. وإلى ذلك يضاف خروج ملايين السوريين من بلادهم إلى شتى أصقاع الأرض. هؤلاء أيضاً خففوا من عبء النظام، فهم في غالبيتهم معارضين، أو أصبحوا معارضين بعد أن كشف النظام مدى عدوانيته ومدى محدودية استيعابه السياسي. النتيجة أن انكماش قدرة النظام السوري على الاستيعاب السياسي، بعد أن خرج عليه السوريون، لا يتيح له الحكم إلا في سورية منكمشة بالقدر نفسه.
استعادة سوريا من بوابة النظام تصطدم بعقبتين أساسيتين متلازمتين، الأولى هي عجزه عن استيعاب سوريا موحدة، وعجزه عما هو أقل من ذلك، مثل كشف مصير مئات آلاف المفقودين والمغيبين قسراً، وضمان عودة المهجرين والنازحين إلى مناطقهم، وإعادة الممتلكات المسروقة "للغائبين"، وسيطرته على شبكات صناعة وتهريب المخدرات، وعجزه عن إخراج إيران وحزب الله، وغيرها من الجوانب التي ذكرها، بحق، العميد أحمد رحال في أحد تسجيلاته على الانترنت. العقبة الثانية هي الوجود الإيراني المتعدد الأشكال والذي يشكل السند الأهم لاستمرار النظام ولعجزه في الوقت نفسه. الأسلوب الإيراني في دعم الدول هو استغلال ضعف الدولة ثم مساندتها بمؤسسات من خارجها، من أجل المزيد من سلب قوتها الذاتية، وقدرتها على الخلاص من الهيمنة.
لم يعد من الممكن لنظام الأسد أن يكون نظاماً لسورية موحدة، ومن غير الممكن إعادة تأهيله، إلا إذا كان ذلك يعني مشاركته، في حل دولي للموضوع السوري، كعنصر بين عناصر، ولعل هذا هو السياق الذي جاءت فيه البادرة العربية، سوى ذلك يبقى هذا الانفتاح محكوماً بالفشل.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسكوبار في -ناركوس-، تاجر مخدرات بعقلية صاحب قضية هل يمكن لل ...
- رفع العقوبات الأمريكية والعقوبات الأسدية
- الزلزال بين السياسة والوجدان
- سيرة طبيعية للانتقال من خارج السجن إلى داخله
- بين سلطتين، الاحتلال والاستبداد
- عن تزايد العمليات الفلسطينية الفردية
- عن ثلاثة حروف منفصلة تتصل بحياتنا
- ملاحظات على الاحتجاجات في فرنسا
- هل يكون الفشل السوري منطلقاً للنجاح؟
- في امتناع وجود معارضة سورية
- عقدة المرحلة الانتقالية في تونس
- الرياضة بوصفها غشاً وسنداً
- احتجاجات السويداء، ليس لدى الأسد سوى الرصاص
- أين هم شيوعيو الأمس؟
- تفكيك الاستبداد في السودان
- عن تماسك معسكر النظام في سورية
- -العاقل-، إله تائه يبحث عبثاً عن الرضا
- مأزق الجيش في السودان
- الأمم المتحدة تتراجع، الجولاني يتقدم
- هذه الجوانب الخطيرة في الانتفاضة الإيرانية


المزيد.....




- بلومبرغ: دول مجموعة السبع تبحث تخصيص 50 مليار دولار لأوكراني ...
- كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟
- مطالبات في لبنان بحجب تطبيق تيك توك إثر استخدامه من عصابة مت ...
- بعد أن ألمح إلى استعداد فرنسا إرسال قوات إلى كييف.. روسيا تع ...
- وول ستريت جورنال: إسرائيل أمهلت حماس أسبوعاً للموافقة على ات ...
- ماكرون وشولتس -ينسقان مواقفهما- بشأن الصين قبل زيارة شي إلى ...
- بوريل: نهاية الحرب واستسلام أوكرانيا -خلال أسبوعين- حال وقف ...
- زاخاروفا تعلق على تصريح بوريل حول وقف إمدادات الأسلحة إلى كي ...
- مصرع 37 شخصا في أسوأ فيضانات يشهدها جنوب البرازيل منذ 80 عام ...
- قناة -12- العبرية نقلا عن مسؤولين إسرائيليين: وفقا للتقديرات ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - فشل الانفتاح العربي على دمشق