أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عثمان محمد حمدان - تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين: البنتاغون يستعد لقتال الجُزُر في المحيط الهادئ















المزيد.....


تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين: البنتاغون يستعد لقتال الجُزُر في المحيط الهادئ


عثمان محمد حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 7541 - 2023 / 3 / 5 - 08:13
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


مقدمة:
يتناول كاتب المقال، مايكل ت. كلير ، الاستعدادات المُكَثَّفَةَ للجيش الأمريكي لقتال الجُزُر في المحيط الهادئ نتيجة استمرار تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين. الصراع الناشب بين الولايات المتحدة والصين يعكس محاولة الولايات المتحدة الحفاظ على هيمنتها العالمية ومنع الصين من تحدي نفوذها ومصالحها الاقتصادية والعسكرية والجيوسياسية. من جانب آخر تنظر الولايات المتحدة إلى قوة الصين العسكرية المتنامية باعتبارها تهديدا للاستقرار العالمي. وعبر البنتاغون عن قلقه إزاء التوسع العسكري الصيني في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخاصة مطالباتها الإقليمية في بحر الصين الجنوبي. وتعتقد الولايات المتحدة أن تصرفات الصين في المنطقة تُهدد حرية الملاحة والاستقرار في المنطقة، وانتقدت الصين لعَسْكَرتها الجُزُر المُتَنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. ويرى الكاتب إن كبار المسؤولين في البنتاغون يعتقدون أن الحرب مع الصين تزداد احتمالية، وأنه في حال اندلاع هذا الحريق سينطوي بلا شك على قتال عنيف للسيطرة على الجُزُر الرئيسية في تلك المنطقة. ويشير المقال إلى أن الجيش الأمريكي يزيد من وجوده في المنطقة، وينشر المزيد من السفن والطائرات البحرية حيث يجري المزيد من المناورات العسكرية المُشتركة مع جيوش الدول الحليفة، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين. ويشير المقال أيضا إلى أن الجيش الأمريكي يُركّز بشكل متزايد على تطوير سلاح مشاة البحرية (المارينز)، والذي يُنظر إليه باعتباره الأكثر مُلائمةً، بشكلٍ خاصٍ، لقتال الجُزُر في المحيط الهادئ. ويذكر المقال إن سلاح مشاة البحرية يستثمر في معدات جديدة ومناورات مُكَثَّفة للاستعداد بشكل أفضل للصراعات المحتملة في المنطقة. بشكل عام، يشير المقال إلى أن التوترات بين الولايات المتحدة والصين في المحيط الهادئ من المرجح أن تستمر في الاحتدام، وأن الجيش الأمريكي يتخذ خطوات للتحضير لصراع مُحتمل في المنطقة.
--------------------------

تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين: البنتاغون يستعد لقتال الجُزُر في المحيط الهادئ.
تقوم الولايات المتحدة بتأمين منشآت قواعد جديدة وإجراء مناورات قتالية واسعة النطاق في غرب المحيط الهادئ.

بينما كانت قوات الدبابات والمشاة الأمريكية المشاركة في الحرب العالمية الثانية تشق طريقها من نورماندي إلى نهر الراين، كانت القوات الأمريكية الأخرى تخوض معارك شرسة بنفس القدر لطرد القوات اليابانية من الفلبين وجزر أخرى في غرب المحيط الهادئ - وهي حملة طويلة ودموية بلغت ذروتها في معركة الاستيلاء على Iwo Jima . منذ ذلك الحين، لم يختف احتمال نشوب حرب برية كبرى في أوروبا أبدا - انظر إلى أوكرانيا اليوم – بالمقابل تلاشت إلى حدٍ كبير فكرة حملة برمائية كبرى أخرى في المحيط الهادئ. تغير هذا الوضع في الآونة الأخيرة حيث بدأ الجيش الأمريكي وسلاح مشاة البحرية الاستعدادات لمثل هذه المواجهة على وجه التحديد، فقد برزت الصين كخصم رئيسي للهيمنة الأمريكية واكتسبت جزر المحيط الهادئ المجاورة أهمية استراتيجية جديدة. ويعتقد على نطاق واسع أن أي صراع أمريكي كبير مع الصين سينطوي إلى حد كبير على عمليات جوية وبحرية في المناطق البحرية الصينية، ولا سيما بحري الصين الشرقي والجنوبي والمياه المحيطة بتايوان. ويفترض الخبراء الاستراتيجيون أن مثل هذا الصدام سيشمل معارك جوية وبحرية مكثفة للسيطرة على هذه المناطق. ولكن، كما حدث في الحرب العالمية الثانية، سيشمل القتال أيضا أي جزر تضم القواعد الجوية والبحرية لأي من الجانبين، مثل المنشآت الصينية في جزر في بحر الصين الجنوبي والقواعد الأمريكية في اليابان وأوكيناوا والفلبين. بصرف النظر عن الهجمات الجوية والصاروخية على المنشآت، قد يسعى أي من الجانبين أو كلاهما إلى احتلال الجُزُر من خلال الهجوم البرمائي، مما يؤدي إلى نوع من القتال الوحشي مثل الذي شُوهِدَ في ذات المناطق خلال الحرب العالمية الثانية.
هذه الجُزُر كلها جزء من (أو تقع في محيط) ما يسميه الاستراتيجيون الصينيون "سلسلة الجُزُر الأولى" - سلسلة طويلة من الأرخبيلات تمتد من اليابان في الشمال إلى ريوكيوس وتايوان في الوسط والفلبين وبورنيو في الجنوب، وتعمل معا كنوع من الحاجز أمام الإسقاط البحري الصيني في المحيط الهادئ الكبير. (يتحدث الاستراتيجيون أيضا عن سلسلة جزر خارجية ثانية، تتكون من جزر ماريانا وجزر كارولين الغربية). حافظت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة على وجود عسكري كبير على الجُزُر صعودا وهبوطا في السلسلة الأولى، لإبراز القوة الأمريكية في المنطقة وللحفاظ على العمليات القتالية الأمريكية في حالة نشوب حرب. التركيز الرئيسي للوجود العسكري الأمريكي يشمل القوات الجوية والبحرية في اليابان، ووحدة مشاة البحرية الكبيرة في أوكيناوا والمرافق الأساسية في الفلبين. ستكون هذه القواعد، إلى جانب أي سفن أمريكية في المنطقة، من بين الأهداف الرئيسية للهجمات الجوية والصاروخية الصينية في بداية الصراع بين الولايات المتحدة والصين، تليها، على الأرجح، هجمات برمائية تهدف إلى احتلالها أو هدمها - والتي ستثير بلا شك ردا أمريكيا عدوانيا. تقع بين الساحل الصيني وسلسلة الجُزُر الأولى العديد من مجموعات الجُزُر المتنازع عليها - جزر سبراتلي في بحر الصين الجنوبي وجزر سينكاكو في بحر الصين الشرقي - والتي يمكن أن تصبح أيضا مواقع للقتال الأمريكي الصيني في حالة نشوب صراع في المستقبل. تطالب الصين بسيادة كاملة على جزر سبراتلي، وتطالب كل من بروناي وماليزيا والفلبين وفيتنام باجزاء منها. وتشترك الصين واليابان في المطالبة بجزر سينكاكو.
في السنوات الأخيرة شهدت كلتا المجموعتين اشتباكات بين السفن الصينية وسفن الدول الآخرى التي تنازعها السيادة، وتعهدت الولايات المتحدة بمساعدة حلفائها في الدفاع عن مقاصدهم السيادية الإقليمية ضد المضايقات الصينية في المستقبل. إذا حاولت الصين اختبار هذا التعهد بشكل جدي - على سبيل المثال من خلال الاستيلاء على الجُزُر التي يحتلها الآن أفراد فلبينيون - فقد تشارك القوات الأمريكية في عملية برمائية لصد مثل هذا الهجوم. ويمكن أن تؤدي أي محاولة صينية لاحتلال جزر سينكاكو - التي تديرها اليابان الآن - إلى نتيجة مماثلة، خاصة بالنظر إلى تأكيد الرئيس بايدن مؤخرا على أن معاهدة الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة واليابان تمتد إلى جزر سينكاكو.
ولزيادة تعقِيَّد الصورة، اقامت الصين منشآت عسكرية على بعض الجُزُر المرجانية وغيرها من الجُزُر التي تطالب بها في بحر الصين الجنوبي، وفي بعض الحالات استخدمت الرمال المجروفة من قاع البحر لتوسيع حجمها للسماح ببناء مهابط للطائرات. تشكل هذه المنشآت، المجهزة بمجموعة من الصواريخ المضادة للطائرات والمضادة للسفن، تهديدا محتملا للسفن الحربية الأمريكية والحلفاء العاملة في المنطقة، وبالتالي ستشكل هدفا رئيسيا للهجوم البرمائي في حالة نشوب صراع كبير بين الولايات المتحدة والصين.
إعادة هَيْكَلةِ القُوَّةِ
مع تصنيف الصين الآن من قبل وزارة الدفاع الأمريكية على أنها التهديد الأكثر خطورة أو "الأسرع والأقرب" للأمن القومي الأمريكي، فقد صدرت تعليمات لجميع الخدمات العسكرية بالاستعداد لصراع بين الولايات المتحدة والصين. وبناء على ذلك، يقوم كل من الجيش الأمريكي وسلاح مشاة البحرية بإعادة هيكلة قواتهما ذات التوجه الآسيوي - تلك الملتزمة بقيادة البنتاغون في المحيطين الهندي والهادئ Pentagon’s Indo-Pacific Command اختصارا INDOPACOM- لتكون قادرة على القيام بعملياتٍ هجوميةٍ ودفاعيةٍ مُتَعَدِّدَةٍ في جميع أنحاء غرب المحيط الهادئ. وقد استلزم ذلك عموما تَخفيف وتَخفيض حُمُولة أسلحتها ومعداتها للسماح بسهولة الانتشار والحصول على المزيد من قواعد العمليات الأمامية في المنطقة. يسعى كلاهما (أي الجيش الأمريكي وسلاح مشاة البحرية) أيضا إلى التزُود بأنظمة صواريخ متنقلة جديدة (غالبا ما تسمى "الأسلحة الدقيقة") للهجمات على سفن العدو والمنشآت البرية.
على سبيل المثال، يتخلى سلاح مشاة البحرية عن تركيزه بعد الحرب الباردة على العمليات البرية التقليدية ويعود إلى وضعه السابق كقوةٍ برمائيةٍ خفيفة التسليح، مُلائمة لعمليات التنقل بين الجُزُر في المحيط الهادئ. قال قائد سلاح مشاة البحرية الجنرال ديفيد بيرغر في عام 2020: "نحن بحاجة إلى التقليل من الإكثار من النَّوع الثاني من القوات البرية وفي نفس الوقت نحتاج إلى المزيدِ من القدراتِ الفريدةِ التي تتطلَّبُها قُوةُ الاستجابة للأزمات البرمائية والبحرية والاستكشافية".
تم توضيح رؤية بيرغر لسلاح مشاة البحرية في مخطط تفصيلي blue-print- استراتيجي كُلِف به في عام 2020: "مع التحول في تركيزنا الأساسي إلى منافسة القوى العظمى والتركيز المتجدد على منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، يؤكد المخطط أن مشاة البحرية لديهم "متطلبات لسفن برمائية أقل قابلية للكشف [بواسطة الرادار وأجهزة الاستشعار] وبأسعار معقولة و ... منصات [قتالية] ميسورة التكلفة وقابلة للتوزيع".
مع احتفاظ الجيش الأمريكي بتركيزه التقليدي على القتال البري في أوروبا وشبه الجزيرة الكورية، زاد أيضا من تخطيطه لمعارك الجُزُر في المحيط الهادئ. بموجب خطة عام 2021 بتكليف من رئيس أركان الجيش الجنرال جيمس سي ماكونفيل، والتي تُسمى "التحول لجيش متعدد المجالات" Army Multi-Domain Transformation، سَتُعَادُ هيكلة القوات الموجَّهة نحو المحيط الهادئ للسماح باستجابة سريعة للتوسع الصيني المستقبلي في المحيطين الهندي والهادئ، سًوَاء من خلال القوات "الداخلية" الموجودة في الجُزُر في المنطقة أو القوات "الخارجية" التي يُمكن الدفعُ بها إلى هناك بالإستفادة من القدراتِ اللوجستيةِ المُعزَّزةِ.
يشير المخطط التفصيلي للجيش إلى أن "قدرات وطاقات الخصم المتقدمة سوف تتطلب اعدادا كبيرة من "القوات الداخلية" المميتة الموزَّعة والتي تناور بسرعة وتتجمع وتنتشر حسب الحاجة، ولا يمكن كَشفُها بواسطة أجهزة الرادار". في تكرارٍ لرؤية بيرغر لقوات مشاة البحرية، يشيرُ المخططُ التفصيليُ إلى أنه في معارك المحيط الهادئ المستقبلية، "ستكون الإزاحة والحركة المتنقلة والمستمرة هي القاعدة: تنحو الوحدات إلى أن تكون لها جبهات واسعة، ونادرًا ما تتوفر لها أجنحة آمنة، وسوف تشارك في معارك مجزأةٍ، ولن يكون لها تفوقٌ جويٌ او بحريٍ".
التدريب على حروب جزر المحيط الهادئ
لوضع كل هذه الخطط موضع التنفيذ، قام كلا الفرعين العسكريين بإجراء مناوراتٍ قتاليةٍ واسعة النطاقِ في غرب المحيط الهادئ وتأمين منشآت قواعد جديدة هناك.
من المؤشرات بشكل خاص على التفكير الجديد لمشاة البحرية الشروع في سلسلة من المناورات تُسمَّى "التِّنِّينَ الحَازِم" Resolute Dragon، والتي أُجريت بالاشتراك مع قوات الدفاع الذاتي اليابانية (JSDF Japan Self-Defense Forces) على مدّى العامين الماضيين. على الرغم من أنها تركَّز ظاهريًا على الدفاع عن جُزُرِ اليابان الرئيسية، إلا أنها تبدو وكأنها تجسد اكتساحًا استراتيجيًا أكبر، يتضمن عمليات برمائية مشتركة في جميع أنحاء المنطقة.
خلال مناورات "التِّنِّينَ الحَازِم" عام 2021، التي تمت في الفترة من 4 إلى 17 ديسمبر من ذلك العام، شارك حوالي 2650 من مشاة البحرية و1400 جندي من JSDF في اختبار عمليات الهجوم البحرية. كان الهدف الرئيسي من تمرين 2021 هو اختبار تَصَوُّرِ مشاة البحرية لعمليات القاعدة المتقدمة الاستكشافية Expeditionary Advanced Basing Operations (EABOs)، أو تركيب مرافق الحد الأدنى bare-bone facilities على أراضي الجُزُر المتنازع عليها. خلال المناورات، تمكنت القوة المشتركة من تركيب 12 منشأة على امتداد اليابان، مما يدل على صلاحيةِ التَصَوُّرِ. سيتم استخدام هذه التجربة لَتْكِرِيبْ التخطيط البحري في جميع أنحاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما أشار الكولونيل ماثيو تريسي، الضابط القائد للفوج البحري الرابع، إحدى الوحدات المشاركة في تصريح لموقع Beraking Defence "سيحاولون تطبيق ما نقوم به على المستوى اَلتَّكْتِيكِيِّ ، على مستوى المحيط الهادئ."
احتفظت مناورات "التِّنِّينَ الحَازِم" عام 2022، التي تمت في أكتوبر الماضي، بالعديدِ من مِيزاتِ سابقتها عام 2021، ولكنها تضمَّنت تطورًا إضافيًا: بينما كان 1600 من مشاة البحرية الأمريكية يتدربون جنبًا إلى جنبٍ مع جنود JSDF في اليابان، تمت مشاركة 1900 آخرين من أفراد مشاة البحرية الفلبينية في مناورات موازيةٍ أُطلق عليها "تعاون مُحاربي البَحْرِ" Cooperation of the Warriors of the Sea وتُسمَّي اختصارا KAMANDG 6 ، للتدريب على عمليات هجوم برمائية على طول السواحل الشرقية والشمالية للوزون Luzon.
بشكل ملحوظ، تضمَّنت KAMANDAG 6 أيضًا مشاركة لواء الانتشار السريع البرمائي JSDF ومارينز جمهورية كوريا، مما يشير إلى تعدد الجنسيات والمنطقة والطبيعة المُتَشَعِّبَةِ للتخطيط الأمريكي للعمليات البرمائية المستقبلية.
على غرارِ سلاح مشاة البحرية، بدأ الجيش الأمريكي أيضًا في تدريب قواته للانتشار السريع في مواقع القتال المُحْتَملة في الجُزُر في جميع أنحاء منطقة إندوباكوم. تم إجراء العديدِ من مناوراتها في جزيرة غوام Guam، وهي منطقة غير مُدمجةٍ unincorporated territory تابعة للولايات المتحدة وتقع في الطرف الجنوبي لجزر ماريانا، على بعد حوالي 5800 ميل من سان فرانسيسكو، ولكنها تبعد فقط 1900 ميل من شنغهاي. تَضُمَّ غوام قاعدة أندرسن الجوية، وهي واحدة من أهم قواعد القاذفات الأمريكية والمرافق اللوجستية في غرب المحيط الهادئ.
في يونيو 2020، على سبيل المثال، هبط حوالي 400 مظلّيّ من فريق قتال لواء المشاة الرابع التابع لفرقة المشاة 25، ومقره في القاعدة المشتركة إلمندورف ريتشاردسون، ألاسكا، Elmendorf-Richardson Alaska بالمظلات في غوام كجزءٍ من تمرين الاستعداد للانتشار في حالات الطوارئ. في ما يبدو أنه هجوم وهمي على جزيرة تحتلُّها الصين، مثل تلك الجُزُر المرجانية الُموسَّعة بشكلٍ مُصطنع في بحر الصين الجنوبي، قام المظليون أولا بتأمين قاعدة أندرسن الجوية ثم استولوا على أهداف أخرى في المنطقة. "اِخْتَبَرَ هذا السيناريو قدرتنا على تنفيذ مهام في العالم الحقيقي وأظهر أننا قادرون على الانتشار في أي مكان في منطقة القيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ في أي لحظة"، قال الكولونيل كريستوفر لاندرز، قائد الفريق القتالي المحمول جَوَّا.
كانت غوام مرة أخرى موقعا لهجوم وهمي محمول جوا بعد عام واحد، كجزء من مناورات "الجيش الكاسح" عام 2021 Army’s Exercise Forager . في هذه المناسبة، انضم جنود من الفرقة 82 المحمولة جَوَّا ومجموعة القوات الخاصة، ومقرها في فورت براج بولاية نورث كارولينا، إلى مظليين يابانيين في الغزو الوهمي. في اختبار لقدرة الجيش على إبراز قوته في المنطقة مباشرة من الولايات المتحدة ، تم نقل المظليين الأمريكيين المشاركين على بعد 8000 ميل من القاعدة المشتركة تشارلستون، ساوث كارولينا، إلى موقع إسقاط غوام. إن مشاركة جنود JSDF أيضا في المناورات تظهر مرة أخرى التزام البنتاغون بالعمليات المشتركة في جميع أنحاء غرب المحيط الهادئ. وقال أحد ضباط القوات الخاصة المشاركين في مناورات "الجيش الكاسح" 2021، إن الهجوم الوهمي "يستعرض القدرة على إبراز القوة الثنائية في جميع أنحاء سلسلة الجُزُر الأولى والثانية ومنطقة INDOPACOM بأكملها".
الحصول على قواعد التشغيل الأمامية
بالإضافة إلى جهود التدريب وإعادة الهيكلة هذه، يستعد الجيش وسلاح مشاة البحرية لمعارك الجُزُر المحتملة في غرب المحيط الهادئ من خلال الحصول على قواعد إضافية في المنطقة، وعادة ما تكون منشآت حد أدنى أساسية bare-bones facilities لا تضم حامية عسكرية أمريكية دائمة ولكنها مجهزة لدعم العمليات الاستكشافية، أو الهجمات على مواقع العدو البعيدة.
أول منشأة من هذا النوع يتم إنشاؤها هي قوة التناوب البحرية (MRF Marine Rotational Force -) في داروين، أستراليا. تقع منشأة MRF على بحر تيمور في الإقليم الشمالي بأستراليا، وهي أقرب إلى جنوب الفلبين وبحر الصين الجنوبي من سيدني أو ملبورن على سبيل المثال. نتيجة للاتفاقية التي وقعها الرئيس أوباما خلال زيارة إلى أستراليا في عام 2011، نما الوجود الأمريكي من 200 جندي من مشاة البحرية في الدورة الأولى إلى ما يقرب من 2500 اليوم. أثناء وجودها في أستراليا، تشارك هذه القوات لفترة ستة أشهر من التدريبات والمناورات، عادة بالاشتراك مع أفراد الجيش الأسترالي. في حالة نشوب حرب مع الصين، يمكن أيضًا استخدام منشأة داروين لدعم العمليات القتالية في جميع أنحاء منطقة بحر الصين الجنوبي.
في الآونة الأخيرة، في 2 فبراير، وقع وزير الدفاع لويد أوستن اتفاقية مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور تسمح للجيش الأمريكي بالوصول إلى أربع قواعد أخرى في بلاده، بالإضافة إلى أربع منشآت أخرى سُمح للبنتاجون باستخدامها بموجب الاتفاق السابق. المنشآت الجديدة، مثل المنشآت الأربعة المشمولة باتفاقية 2014، لا تنطوي على وجود عسكري أمريكي دائم، ولكنها تسمح باستخدام المدارج والمرافق اللوجستية. إذا تعرضت الفلبين لهجوم من الصين، فيمكن استخدامها لإيواء ودعم أي قوات أمريكية ملتزمة بالدفاع عن الفلبين بموجب اتفاقية الأمن المتبادل بين الولايات المتحدة والفلبين.
إن الحصول على هذه القواعد، إلى جانب جميع التطَوّرات الأخرى المذكورة أعلاه، يوضح مدى تقدم الجيش ومشاة البحرية في جهودهم للتحضير لعمليات قتالية رئيسية في غرب المحيط الهادئ. من الواضح أن كبار المسؤولين في البنتاغون يعتقدون أن الحرب مع الصين تزداد احتمالية، وأنه إذا أندلع أو عندما يندلع مثل هذا الحريق، فإنه سينطوي على قتال عنيف على الجُزُر الرئيسية في تلك المنطقة.
يزعم كبار القادة في كلا البلدين أن الحرب ليست حتمية وأنهم مصممون على إقامة "حواجز حماية" ضد تصاعد الحوادث الصغيرة، مثل الاصطدام غير المقصود بالطائرة أو السفن في بحر الصين الجنوبي. في الواقع، وافق كل من الرئيس بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ على تسريع هذه الجهود في اجتماعهما في بالي في 14 نوفمبر. ولكن منذ ذلك الحين، انخرط الجانبان في أعمال استفزازية - مثل اقتحام منطاد التجسس الصيني وزيادة المساعدات العسكرية الأمريكية إلى تايوان - التي أعاقت التقدم في هذا المجال.
مع إحراز تقدم ضئيل في الدبلوماسية لحل التوترات بين الولايات المتحدة والصين، يواصل الجانبان تسليح وتدريب قواتهما للقتال على قواعد الجُزُر المهمة في غرب المحيط الهادئ. وعلى الرغم من أن هذه المسابقات قد لا تشبه تلك التي كانت في الحرب العالمية الثانية من جميع النواحي، إلا أن المعارك الوهمية التي يتم إجراؤها في مناورات مثل "التِّنِّينَ الحَازِم" و "الجيش الكاسح" تشير إلى أنها ستكون شرسة ودموية بنفس القدر.



#عثمان_محمد_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنْصريَّة والْفاشيَّة
- الانْتفاضة العالميَّة ضِدَّ النِّيوليبراليَّة وسياساتهَا الت ...
- ذُبُولٌ مُتَنَبَّأٍ بِهِ
- تصاعد تنظيم النقابات الامريكية في عام 2022: لندفع باتجاه حرك ...
- اِنْهض فِي غضب وَأمَل: كَيْف يُمْكِن لِلاحْتجاجات البركانية ...


المزيد.....




- الأرض أم المريخ؟ شاهد سماء هذه المدينة الأمريكية وهي تتحول ل ...
- وصف طلوع محمد بن سلمان -بشيء إلهي-.. تداول نبأ وفاة الأمير ا ...
- استطلاع رأي: غالبية الإسرائيليين يفضلون صفقة رهائن على اجتيا ...
- وصول إسرائيل في الوقت الحالي إلى أماكن اختباء الضيف والسنوار ...
- شاهد: شوارع إندونيسيا تتحوّل إلى أنهار.. فيضانات وانهيارات أ ...
- محتجون يفترشون الأرض لمنع حافلة تقل مهاجرين من العبور في لند ...
- وفاة أحد أهم شعراء السعودية (صورة)
- -من الأزمة إلى الازدهار-.. الكشف عن رؤية نتنياهو لغزة 2035
- نواب ديمقراطيون يحضون بايدن على تشديد الضغط على إسرائيل بشأن ...
- فولودين: يجب استدعاء بايدن وزيلينسكي للخدمة في الجيش الأوكرا ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عثمان محمد حمدان - تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين: البنتاغون يستعد لقتال الجُزُر في المحيط الهادئ