أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عثمان محمد حمدان - العنْصريَّة والْفاشيَّة















المزيد.....

العنْصريَّة والْفاشيَّة


عثمان محمد حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 7527 - 2023 / 2 / 19 - 10:17
المحور: الادب والفن
    


مقدمة:
في عام 1995 كَتبَت الرِّوائيَّة الأمْريكيَّة المشهورة توني موريسون ‏Toni Morrison الحائزة على جائزة نوبل في الأدب عام 1993 وجائزة بوليتزر عن روايتها Beloved، المقَال التَّالي ترْجمَته. يُركِّز المقَال على الطُّرق اَلتِي تَتَقاطَع بِهَا، وتؤثِّران على بَعضهِما البعْض، ظاهرَتيْ العنْصريَّة والْفاشيَّة، وَعن صعُود الفاشيَّة فِي أُورُوبا والْولايات المتَّحدة فِي القرْن العشْرين. ترى مُوريسون أنَّ الفاشيَّة مُرتبطَة اِرْتباطًا وثيقًا بِالْعنْصريَّة، وأنَّ الفاشيَّة "لَا يُمْكِن أن تَزدَهِر إِلَّا فِي مُنَاخٍ مِن الخوْف والتَّعصُّب، والْعنْصريَّة تُوفِّر هذَا اَلمُناخ بِالضَّبْط." تَنَاولَت مُوريسون، مِن وَاقِع تجْربتهَا كأمْريكيَّة سَوْداء، بِشَكل مُتَكرر موْضوعات الفاشيَّة والْعنْصريَّة فِي رِواياتهَا ، بِمَا فِي ذَلِك فِي رِوايتهَا آنفة الذِّكْر Beloved، اَلتِي تَستكْشِف إِرْث العبوديَّة وتأْثيرهَا على اَلهوِية والْوَعْي لَدى الأمْريكان مِن أُصُول أفْريقيَّة. ترى مُوريسون فِي مَوضِع آخر غَيْر هذَا المقَال أنَّ "وَظِيفَة العنْصريَّة ، الوظيفة الأكثر خُطُورَة لِلْعنْصريَّة، هي الإلهاء. فهي تَرمِي لمنعك من القيام بعملك. تسْتغْرقك في تبيان سبب وجودك، مِرارًا وتكرارا." وتشير إِلى الاسْتخْفاف بِثقافات وَتارِيخ الأقلِّيَّات والْمجْموعات الممثِّلة تمْثيلا ناقصًا بِقوْلِهَا "يَقُول أَحدُهم أَنَّه لَيْس لَديْك لُغَة، لِذَا تَقضِي عِشْرين عامًا فِي بُرْهان ذَلِك. يَقُول شَخْص مَا أنَّ عَقلَك لَم يَتَشكَّل بِشَكل صحيح، لِذَا لَديْك عُلَماء يعْملون على دَحْض ذَلِك. يَقُول أَحدُهم أَنَّه لَيْس لَديْك فنٌّ، لِذَا تُظْهِره. يَقُول شَخْص مَا أَنَّه لَيْس لَديْك مَمالِك، لِذَا تَنبُشها. لَا شَيْء مِن هذَا ضَرورِي. سَيكُون دوْمًا هُنَاك شَيْء آخر."
-----------------------

دَعُونَا نَتَذكَّر أَنَّه قبل أن يكون هناك حلٌّ نِهائيٌّ - إِشارة لِشعار النَّازيَّة "اَلحَل النِّهائيُّ لِلْقضِيَّة اليهوديَّة" المترْجم -، يجب أن يكون هناك حلُّ أَوَّل، وَآخَر ثانٍ، وَحتَّى ثَالِث. إِنَّ التَّحَرُّك نحو حل نهائي ليس قَفزَة. يستغرق خطوة واحدة، ثم أخرى، ثم أخرى. شَيْء، رُبمَا، مَثَّل هذَا: 1. أَخلُق عَدُوا دَاخلِيا، كَنُقطَة تَركِيز وصرْف لِلانْتباه 2. أَعزَل وَشِيطَن هذَا العدوِّ بِإطْلَاق العنَان والسَّماح لِلْإساءة اللَّفْظيَّة الصَّريحة والْمشفَّرة. وَظَّف وشرعْن اَلهُجوم والاتِّهامات الشَّخْصيَّة ضِدَّ هذَا العدوِّ. 3. قُم بِتجْنِيد مُرَوجِي المعْلومات الرَّاغبين فِي تَعزِيز عَمَليَّة الشِّيطنة لِأنَّهَا مُرْبِحة، لِأنَّهَا تَمنَح السُّلْطة ولأنَّهَا تَعمَل. 4. أَحجُر جميع أَشكَال اَلفَن. رَاقَب أو شَوَّه سُمعَة أو أَطرُد أُولئك الَّذين يَتَحَدَّوْنَ أو يُزعْزعون الثابت والمسْتقرُّ مِن عمليَّات الشِّيطنة والتَّأْليه. 5. خَرَّب وَشوَّه جميع مُمَثلِي هذَا العدوِّ المصْطنع والْمتعاطفين معه. 6. أَحشُد، مِن بَيْن العدوّ، المتعاونين الَّذين يتَّفقون مع عَمَليَّة الحرْمان هَذِه ويمْكنهم غَسلُها وتطْهيرهَا وإزالة الرَّوائح الكريهة مِنهَا. 7. أَدمَغ وَأضفِي الطَّابع المرَضيَّ على العدوِّ فِي الوسائط العلْميَّة والشَّعْبيَّة؛ بِإعادة تَدوِير، على سبيل المثَال، العنْصريَّة العلْميَّة وأساطير التَّفَوُّق اَلعرْقِي مِن أَجْل تَطبِيع وَصمَة المرض 8. جَّرم العدوِّ. حَضَّر وَوفَّر وَرَشَّد بِنَاء ساحات لِلْعدوِّ - وَخَاصَّة ذُكوره وأطْفاله على إطلاقهم. 9. كَافِئ وَأثِب الغفْلة واللَّامبالاة بِوسائل التَّرْفيه الضَّخْمة وَبقلِيل مِن الملذَّات، الإغْراءات الصَّغيرة: بِضْع دَقائِق على التِّلفزْيون، وَبِضعَة أَسطُر فِي الصِّحافة؛ اَلقلِيل مِن النَّجَاح الزَّائف؛ وَهُم اَلقُوة والنُّفوذ؛ اَلقلِيل مِن المرح، اَلقلِيل مِن رَشاقَة الأسْلوب، اَلقلِيل مِن العواقب. 10. حَافَظ على الصَّمْتِ وأعمل على وإدامته بِأيَّ ثمن.
فِي عام 1995، قد تَرتَدِي العنْصريَّة ثوْبًا جديدًا، قد تَشتَرِي زوْجًا جديدًا مِن الأحْذية، وَلكِن لَا هِي ولَا توْأمهَا الشَّيْطانيُّ، الفاشيَّة، جَدِيدَة أو يُمْكنهَا صُنْع أيِّ شَيْء جديد. يُمْكنهَا فقط إِعادة إِنتَاج البيئة اَلتِي تَدعَم صِحَّتهَا: مُنَاخُ الخوْفِ والْإنْكارِ اَلذِي يَفقِدُ فِيه ضحاياهَا إِرادة القتَال.
القوى المولعة بالحلول الفاشيَّة للمشاكل الوطنيَّة لا يمكن العثور عليها في حزب سياسي معين أو آخر، أو في جناح أو آخر من أي حزب سياسي واحد. لَيْس لِلدِّيمقْراطيِّين تَارِيخ مِن المناداة بِالْمساواة نَقِي وخَالِص غيْر مُلوَّث. كما أن الليبراليين ليسوا متحررين من اجندة الهيمنة. الجمْهوريُّون رُبمَا ضمُّوا فِي آن معًا المعادين لِلرِّقِّ والْعنْصريِّين البيْض. محافظ، معتدل، ليبرالي؛ اليمين، اليسار، أقصى اليسار، أقصى اليمين؛ أن نَكُون مُتديِّنين وعلْمانيِّين واشْتراكيِّين - لا تُصَاب بالعمى من تسْميَات بيبسي كولا و كوكا كولا - لأن عبقرية الفاشيَّة هي أنَّ أي هيكل سِياسيٍّ يُمْكِن أن يُصْبِح منْزلا مُناسِبًا. الفاشيَّة تتحدث عن الأيديولوجية، لكنها هي في الحقيقة مُجرَّد تَسوِيق - تَسوِيق لِلسُّلْطة.
وَيمكِن التَّعَرُّف على الفاشيَّة من خِلَال حَاجتِها إِلى الاسْتبْعاد، وَمِن خِلَال الاسْتراتيجيَّات اَلتِي تسْتخْدمهَا لِلاسْتبْعاد، وَمِن خِلَال خوْفهَا ورْهابْهَا مِن الأجنْدات الدِّيمقْراطيَّة الحقيقيَّة. وَيمكِن التَّعَرُّف عليْهَا كذلك مِن خِلَال تصْميمهَا على خصخصة جميع الخدْمات العامَّة وَوضعِها تَحْت سَيطرَة الأعْمال الخاصَّة، وَعلَى تَحوِيل جميع المنظَّمات غَيْر الرِّبْحيَّة إِلى مُنظمَات رِبْحيَّة – حَتَّى تَختَفِي اَلهُوة الضَّيِّقة وَلكِن الوقائيَّة بَيْن الحوْكمة وإدارة الأعْمال. إِنَّها تَحوُّل المواطنين إِلى دَافعِي ضَرائِب - لِذَلك يُصْبِح الأفْراد غَاضبِين حَتَّى مِن فِكْرَة الصَّالح اَلْعام. إِنَّها تَحوُّل الجيران إِلى مُسْتهْلكين - لِذَا فَإِن مِقيَاس قِيمتِنَا كَبشَر لَيْس إِنْسانيَّتنَا أو تعاطفنَا أو كَرمْنَا وَلكِن مَا نمْلكه.
إِنَّها تَغيَّر اَلأُبوة والْأمومة إِلى جزعٍ وَذُعرٍ - حَتَّى نُصوِّت ضِدُّ مَصالِح أطْفالنَا. ضِدَّ رِعايتهم الصِّحِّيَّة وتعْليمهم وسلامتهم مِن الأسْلحة. وبإحْداث هَذِه التَّغْييرات، فَإِنهَا تَنتِج الرَّأْسماليَّ المثاليَّ، الشَّخْص اَلذِي يَرغَب فِي قَتْل إِنسَان مِن أَجْل مُنْتِج (زَوْج مِن الأحْذية الرِّياضيَّة، سُترَة، سَيَّارة) أو قَتْل الأجْيال لِلسَّيْطرة على المنْتجات (النِّفْط، المخدِّرات، الفاكهة، الذَّهب).
عندما يَتِمُّ نشر مُسَلْسَلِ مَخَاوِفِنَا جميعاُ، وَسنَسْرَة إبداعُنَا، و" تَسْوِيقُ " أفكارنا، وبيع حُقُوقِنَا، وإختزال ذَكَائِنَا فِي شِعَارَاتٍ، وَتقليص قُوَّتِنَا، وَبَيْعَ خُصُوصِيَّتِنَا في الْمَزَادِ اَلْعَلَنِيِّ؛ عِنْدَمَا يكتملُ اَلتَّكَلُّفُ وَالِاصْطِنَاعُ وَالْقِيمَةُ اَلتَّرْفِيهِيَّةُ وَتَسْوِيقُ اَلْحَيَاةِ، سَنَجِدُ أَنْفُسَنَا نَعِيشُ لَيْسَ فِي أُمَّةٍ وَلَكِنْ فِي اِتِّحَادِ مِنْ اَلصِّنَاعَاتِ، وَغير مُدْرِكِينَ تَمَامًا لإنفُسنا بِاستثناء مَا نَرَاهُ مِنْ خلالِ شَاشَةٍ مُظْلِمَةٍ.



#عثمان_محمد_حمدان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانْتفاضة العالميَّة ضِدَّ النِّيوليبراليَّة وسياساتهَا الت ...
- ذُبُولٌ مُتَنَبَّأٍ بِهِ
- تصاعد تنظيم النقابات الامريكية في عام 2022: لندفع باتجاه حرك ...
- اِنْهض فِي غضب وَأمَل: كَيْف يُمْكِن لِلاحْتجاجات البركانية ...


المزيد.....




- Sigg Art in Monte Carlo: A hybrid vision of what it means to ...
- -سيغ آرت- في مونتي كارلو: رؤية هجينة لما يعنيه أن نكون بشراً ...
- -النجم لا ينطفئ-، ظهور نادر للفنان عادل إمام يطلق تفاعلاً وا ...
- ماريانا ماسا: كيف حررت الترجمة اللغة العربية من كهوف الماضي ...
- حاتم البطيوي: سنواصل فعاليات أصيلة على نهج محمد بن عيسى
- رسومات وقراءات أدبية في -أصيلة 46- الصيفي استحضارا لإرث محمد ...
- أنجيليك كيدجو أول فنانة أفريقية تكرم في ممشى المشاهير بهوليو ...
- -حين قررت النجاة-.. زلزال روائي يضرب الذاكرة والروح
- لا خسائر رغم القصف.. حماية التراث الثقافي وسط الحرب في طهران ...
- “فعال” رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 دور اول ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عثمان محمد حمدان - العنْصريَّة والْفاشيَّة