هل يحتاج العالم علميًا للولي الفقيه (١٢)

محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 7535 - 2023 / 2 / 27 - 15:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

هل يقول الولي الفقيه-علي خامنئي- بالإسترقاق والغنائم البشرية؟
قبل الإجابة أود البوح بتصور لطالما جرح ضميري وأصابني بحالة من التعاطف الإنفعالي:
لنتصور قرية أو مدينة تتكون من ألف أسرة، وأنك عزيزي القارئ كنت قد وفدت لهذه القرية أو المدينة من فترة وجيزة، وفي صباح يومٍ بارد اجتاح جيش المسلمين هذا التجمع السكاني، ولما اِسْتَتَبَّ الحال للغزاة انقضوا على الأسْر يُجرجرونها من المنازل وينضموها مجموعات ثم تُساق بقوة العسكر، وفي مدينة للمسلمين أوقِف المسبيين في سوق للنخاسة، ففُرِّقَ الطفل عن أمه، والزوج عن زوجته، والأب عن الأسرة، والأخوة عن بعضهم، وتصور عزيزي القارئ إنك أدرجت كعبد مملوك وكنت شاهد عيان لما أصابهم وأصابك، فم هو قولك وقول ضميرك في هذه الواقعة؟
بعد أن تتصور الواقعة المفترضة وهي تطابق وقائع تاريخية اسلامية واحكام فقهية يعتقد بها المسلمون دع لصوت ضميرك الحكم الأخلاقي وأرجو منك أن تكون منصفًا كإنسان وعاقل وصاحب ضمير.

لنرجع ونبحث عن جواب لسؤال المُستهل.

فاجأني أن كتاب الفتاوى الماثل بين يدّي لا يحتوي على احكام السبي والعبيد وملك اليمين، وهو كتاب الفتاوى طبق آراء السيد الخامنئي ويتضمن آراء السيد الخميني، ولهذا رحت ابحث هنا وهناك علنّي أجد رأيًا للولي الفقيه يتناول هذا الشأن.
التفاتة: في مقطع يوتيوب يمتد لثمانية عشر دقيقة يُبين السيد كمال الحيدري رأي السيد محمد باقر الصدر "الشهيد الأول" في علاقة الفرائض بالمصالح الواقعية (1) ويخلص الى أن لا ملازمة مؤكدة بين الفرائض "من صوم وصلاة......" والمصالح الواقعية للإنسان، فلا مصلحة مؤكدة تنعكس على واقع المرء إن أتى بالصلاة. أما لماذا يؤمر المسلم بالصلاة فالعلة المؤكدة عند الفقهاء أنه أمرٌ ليخضع المسلم لله طاعة، أي أن الصلاة كفريضة يؤديها المسلم وهدف السماء الذي فهمه الفقيه هو الطاعة ولكن مضمون وآلية أدائها لم يتم التأكد من تحقيق مصالح واقعية في حياة الإنسان، فالفقيه لا يعلم أي مصلحة طبية لحركات الصلاة على جسم الإنسان، ولا يعلم الفائدة من اختيار شهرٍ من السنة للصوم ولِمَ لا تكون اربعون يومًا أو خمسون أو عشرون، وتظل الفرائض والأحكام قائمة بذاتها غير مرتبطة بواقع حياة المسلم ومصالحه الطبية والمعاشية والسياسية والعلمية الخ.. وإلا ما المصلحة الواقعية من سبي إنسان وتحويله لعبد مملوك هو وزوجته وحين يرغب المالك-السيد بمضاجعة زوجة العبد جاز له ذلك وفق الشريعة! (2)
حينما تطور العالم وصار الأسير يتمتع بحماية وحقوق ولم يعد حاله كحال السبايا الأسارى في زمن فتوحات الإسلام؛ هل تطور الفقه الإسلامي وشطب احكام المملوك والعبيد والأمَة؟
للإجابة عن السؤال ينبغي أن تعلم أن الشيعة لم يشطبوا ولائهم لأئمتهم وما زال الإمام المعصوم مفترض الطاعة وله نواب في زمن غيبته لهم الأمر والنهي ينظر لهم جُل الشيعة كامتداد للمعصوم وهذا الإمام كان يدعوا الله أن ينصر جيش الفتوحات الإسلامية ويُنزل غضبه واللعنات على البلاد غير الإسلامية ولكَ أن تقرأ "دعاء لأهل الثغور" للإمام علي بن الحسين السجاد، وهذا الذي يؤيد النزعة العسكرية الهجومية الإسلامية ويتمنى للبلاد والشعوب الأخرى الهلاك يُسمى عند الشيعة "زين العابدين"(3)
تُنسب لهذا الإمام رسالة في الحقوق!
بعد اعادة المراجعة لم أجد باباً لمسائل الرق والعبيد في كتاب "الأجوبة والاستفتاءات" للسيد الخامنئي، حتى أن الفهرس لم يضم هذا العنوان. رجعت للمقدمة فوجدت التالي:
"وما زالت الاسئلة تتراكم وتزداد حتى تجاوزت عشرات الآلاف، وقد تفضل سماحته بالإجابة عليها طبقًا لرأيه الشريف، وعلى بعضٍ منها طبقًا لرأي فقيه عصره، ووحيد دهره، مؤسس الجمهورية الإسلامية، الإمام روح الله الموسوي الخميني."
مما حدى بي للرجوع لكتاب "تحرير الوسيلة" للسيد الخميني فوجدت الولي الفقيه الأول وصاحب الثورة قد تطرق للمسألة ولو بشكل مختصر إذ أقر الرق وأدلى برأيه الفقهي دون تفصيلات وإكثار وتفرّع، بل أن المسألة لم تأخذ مساحة سطر كامل، ففي مسائل موانع الأرث، وفي الصفحة 336 من الجزء الثاني ورد: "الثالث من الموانع: الرق على ما فصل في المفصلات" ولم يزد.
لا شك بأن علي الخامنئي يتقيد بمذهب العنصرية، ولكنه خفف من استذكارها في أدبياته المطروحة، وقبله فعلها الخميني، وهذا التخفف مؤقت، والشيعة يعملون بالتقية عند الضرورات، ولأن المروّج لولاية الفقيه دفعها للأقليمية ويعمل على نفخها لتكون عالمية؛ حجب أحد أهم حقول الفقه لئلا تكون للناس على الولي الفقيه حجة، لاسيما وأن عصرنا الراهن أنجزت فيه مجموعة من المجتمعات طفرات في مجال حقوق الإنسان والمساواة، فهل يجرؤ الولي الفقيه فيُعلن في اطروحته الفقهية المنشورة رأيه في أحكام العبيد وكيفية التصرف بالرق في اسواق المسلمين؟؟..
ومع ذلك، فالولي الفقيه في كتاب " تحرير الوسيلة " لم يخفي موافقته لأحكام وتشريعات الرق.
----------------------------

(1)

https://youtu.be/B1Ini-utj1k
...........................
(2)

https://youtu.be/2SiNh87igXw

ملاحظة من كاتب المقال: أعتذر لما في هذا المقطع من بذاءة وتفحّش فاضح وانحطاط لفظي وفقهي وعقائدي.
......................
(3)

في الدعاء السجادي توسل لله من الإمام المعصوم لجيش المسلمين بالنصر، ننتخب منه:
"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَحَصِّنْ ثُغُورَ الْمُسْلِمِينَ بِعِزَّتِكَ، وَأَيِّدْ حُمَاتَهَا بِقُوَّتِكَ، وَأَسْبغَ عَطَايَاهُمْ مِنْ جِدَتِكَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَكَثِّرْ عِدَّتَهُمْ، وَاشْحَذْ أَسْلِحَتَهُمْ، وَاحْرُسْ حَوْزَتَهُمْ، وَامْنَعْ حَوْمَتَهُمْ، وَأَلِّفْ جَمْعَهُمْ، وَدَبِّرْ أَمْرَهُمْ، وَوَاتِرْ بَيْنَ مِيَرِهِمْ، وَتَوَحَّدْ بِكِفَايَةِ مَؤَنِهِمْ، وَاعْضُدْهُمْ بِالنَّصْرِ، وَأَعْنِهُمْ بِالصَّبْرِ، وَالْطُفْ لَهُمْ فِي الْمَكْرِ".
وفي دعاءه لعنًا على بلاد وشعوب غير المسلمين:
"اللَّهُمَّ عَقِّمْ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ، وَيَبِّسْ أَصْلاَبَ رِجَالِهِمْ، وَاقْطَعْ نَسْلَ دَوَابِّهِمْ وَأَنْعَامِهِمْ، لاَ تَأذَنْ لِسَمَائِهِمْ فِي قَطْر وَلاَ لارْضِهِمْ فِي نَبَات".
وهو يرفع أكف الدعاء لنصرة الغزو الإسلامي:
"اللَّهُمَّ اغزُ بِكُلِّ نَـاحِيَـة مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْ بِـإزَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَمْدِدْهُمْ بِمَلائِكَة مِنْ عِنْدِكَ مُرْدِفِينَ حَتَّى يَكْشِفُـوهُمْ إلَى مُنْقَطَعِ التُّـرابِ قَتْـلاً فِي أَرْضِكَ وَأَسْراً أَوْ يُقِرُّوا بِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ الَّذِي لاَ إلهَ إلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ"
ويدعو باللعن على بلاد وشعوب وأعراق، وعلى كل أهل الدنيا:
"اللَّهُمَّ وَاعْمُمْ بِذَلِكَ أَعْدَاءَكَ فِي أَقْطَارِ الْبِلاَدِ مِنَ الْهِنْدِ وَالرُّومِ وَالتُّـرْكِ وَالْخَزَرِ وَالْحَبَشِ وَالنُّـوبَةِ وَالـزِّنْج والسَّقَالِبَةِ وَالدَّيَالِمَةِ وَسَائِرِ أُمَمِ الشِّرْكِ الَّذِي تَخْفَى أَسْمَاؤُهُمْ وَصِفاتُهُمْ، وَقَدْ أَحْصَيْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ، وَأَشْرَفْتَ عَلَيْهِمْ بِقُدْرَتِكَ"

#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات