هل يحتاج العالم علميًا للولي الفقيه (٩)

محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 7517 - 2023 / 2 / 9 - 22:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

العلم الكفائي...

هل من اثبات علمي بنص جلي قاطع للولي الفقيه في مسألة ظهور أول إنسان ومكان وزمان وكيفية ذلك الظهور الأول؟
العالِم يتساءل، ويطرح الاسئلة تلو الأخرى، ويبحث، ويبحث ويتقصى، ولا يكف عن البحث، والعلماء من اعراق وأديان ومعتقدات شتى، ولأن العلماء من مختلف انحاء العالم فليس من دعوة للإيمان توحدهم، ولا يمكن اقناعهم بقول واحد مرجعه الدين والإيمان، ولأن الأمر كذلك يكون من الحتمي في المجال العلمي طرح دليل علمي تخصصي لا يُطعن أو يُضعّف، فهل من طرح علمي تخصصي للولي الفقيه لا يناله الطعن والتشكيك في مسألة مكان وزمان وكيفية ظهور أول انسان؟
لكي نجعل الجواب شافيًا دقيقًا لزم أن نطرح السؤال التالي، وهو سؤال تأسيسي، يؤسس لتقييم منصف يصف الإمكانيات العلمية للولي الفقيه في الإجابة على مسألة مكان وزمان وكيفية ظهور أول إنسان، والسؤال هو:
ما هو الدور العلمي للحوزة الفقهية؟
قبل الإجابة أرى ضرورة طرح السؤال التالي:
ما هو المنهج العلمي للحوزة الفقهية؟
في الأعم الأغلب يتلقى الطالب في الحوزة دروسًا عن الحرام والحلال ليرتقي بعدها لدرجة النظر في احكام الحلال والحرام ولا يخلوا الدرس من تعلّم اللغة العربية والأصول والمنطق القديم وجوانب أخرى لدعم التخصص، ويطغى على التعليم في الحوزة الفقهية احكام الحلال والحرام وما يتعلق بالطهارة والنجاسة، أما التفرغ للمنبر أو تدريس المنطق، أي التفرغ للمجتمع الشعبي أو المجتمع التخصصي فلا يواكب تطورات العلوم الحديثة رغم أن الحوزة تبت في مسائل كثيرة وتُعلِن أحاديث الأئمة التي تتناول الكون وما وراء الكون والدنيا وتأريخ الدنيا والجنس البشري ونظرية ظهوره.
ما هو الدور العلمي للحوزة الفقهية؟
بكل صراحة لا أحبذ العنوان المشهور للحوزة، "الحوزة العلمية"، بل أفضل العنوان التالي، "الحوزة الفقهية"، لأن الحوزة مؤسسة فقهية بالأساس وبالغالب، وكما قال الكاتب الكويتي احمد الصراف: "تسمية رجال الدين بالعلماء تسمية مضللة لأنها تضع من انهى دراسته في معهد ديني على درجة متساوية مع من اكتشف المصل المضاد لكورونا ولقاح الشلل". وأعتقد أن اعتراض الصراف يوضح حقانية نفي الصفة العلمية عن الحوزة الدينية الشيعية ويُغنيني عن تعليل النفي.
أن الدور العلمي للحوزة هو في واقعه دور فقهي وهذا محصور في دروس الفقهاء وحلقاتهم التعليمية، أما دور الحوزة في الوسط الاجتماعي فلا يعدو أن يكون حديث منبر واستحضار طقوس الطائفة ونعي ورثاء واثبات أن آل محمد أحق بالحكم والقضاء والسيادة العلمية الشاملة والإمامة التشريعية والتكوينية وأنهم لا سواهم مصدر العقائد والفقه والحق وكل ما يتعلق بحياة البشر، وهذا ما تبثه منابر الشيعة الأثني عشرية وليس من اتفاق بينها لتنسيق الخطابة وجعلها متسلسلة بنسق يُتفق عليه من خطباء المنابر، فخطباء المنابر ليسوا اساتذة جامعيين ليكون التعليم الصادر منهم متسلسلًا بمنهج مدروس.
في الأساس تشتغل الحوزة الفقهية باستنباط احكام شرعية للبت بالحلال والحرام وهذا ما يغلب عليها في عملها المؤسساتي، وهي كذلك تُخرّج المنبريين الذين يُحيون المناسبات الدينية ومجالس العزاء لنعي الموتى وكذلك هم ينقلون الفتاوى والتراث عبر التلفاز ووسائل التواصل.
لا تُخرّج الحوزات متخصصين بالفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء أو التقنيات ولهذا فهي لا تستطيع علميًا الإتيان بدليل علمي تخصصي قاطع بشأن الإنسان الأول وكيفية وزمن ومكان ظهوره علاوة على اثبات أن إلهًا خلقه..
وفي الجزء التالي وهو العاشر سُنطالب بمباراة علمية بين الولي الفقيه والعلماء المتخصصين في موضوعة متى وأين وكيف ظهر أول إنسان، وننظر هل يتمكن الولي الفقيه وهو الذي خرج من حوزة الشيعة الفقهية أن يُفند أقوال العلوم التخصصية الحديثة ويأتي بدليل علمي تخصصي قاطع يذعن له أهل التخصص.
في مستوىً اكثر حداثة؛ خرج الولي الفقيه، وهو وأن خرج من رحم الحوزة، بعقيدة شيعية جديدة أدّعى فيها صلته بإمام الشيعة الغائب "المهدي" وبتصريح أن دولة الولي الفقيه ممهدة لدولة الإمام الغائب وأنها شكل الانتظار العملي نابذة الانتظار السلبي الذي يجعل من الشيعي كالحشرة التي تغط بسبات طويل ولا تعود للحياة من ذاتها بل بعامل خارجي وهو حلول الصيف، وعلى العكس قام الولي الفقيه بتسخين جو الانتظار ليخلق صيفًا مُصطنعًا وبالتالي خلق متطلبات الظهور ليتحقق الظهور وهذا ما يدعونه بالإنتظار العلمي أو الأيجابي، فالحشرة ما عادت تنتظر في سباتها حلول الصيف بل راحت هي تخلق صيفها في حدود مكانها الذي تشغله، والمكان الذي شغله الولي الفقيه هو دولة ايران الإسلامية إذ جرى تسخينها بعقيدة ولاية الفقيه بعد السيطرة عليها وطرد الشاه وإسقاط نظامه وتم تأسيس أدوات للتسخين كالحرس الثوري وجيش القدس وغيرهما من العسكر والمخابرات وسلطات ولائية وهكذا صُنِعَ مناخ عقائدي لتعجيل ظهور الإمام الغائب والتحق بهذه الصناعة حزب الله ومن بعدهم شيعة العراق واليمن وجيوب أخرى، والمهدي في ادعاء الشيعة الأثني عشرية هو آخر حلقة لمسيرة تكامل الإنسان الشامل وبظهوره سيرى الناس السوبرمان الخارق.
ولكن؛ النتائج تُعرف بمقدماتها، فما هو قول الولي الفقيه في آدم - الإنسان الأول، والولي الفقيه في عقيدة الموالين له الحلقة التكاملية التي تسبق الحلقة الأخيرة من مسيرة التكامل التي بدأت بنبي الله آدم، أي أن الولي الفقيه وبحسب عقيدة الولائيين هو الأعلم بعد الإمام، فهل لدى الأعلم بعد الإمام دليل علمي دامغ يُبين كيفية وزمان ومكان ظهور الإنسان الأول - آدم.
في الحد الأدنى؛ هل انشأ الولي الفقيه مراكز علمية تخصصية تنافس (على أقل تقدير) مراكز العلوم المتقدمة العالمية لطرح أدلة علمية في أمهات الأصول الاعتقادية كمسألة مكان وزمان وكيفية ظهور آدم وهذا ما يجرنا الى سؤال أرى أنه ضروري، وهو: ما هو الحكم الديني شرعًا في عدم العلم اليقيني بمسألة آدم؟
هل العلم اليقيني بكيفية ومكان وزمان ظهور آدم أصل علمي عند الحوزة والولي الفقيه لزم إثباته بالأدلة التي تصلح لكل زمان ومكان أم هو أصل إيماني؟
ما هي أدبيات الولي الفقيه الخاصة بهذه المسألة؟

#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات