أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - قراءة نقدية في رواية العاصي للكاتب الأسير سائد سلامة














المزيد.....

قراءة نقدية في رواية العاصي للكاتب الأسير سائد سلامة


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7534 - 2023 / 2 / 26 - 10:21
المحور: الادب والفن
    


رواية العاصي- للكاتب الأسير سائد سلامة
(من يومٍ إلى آخر)
توطئة
ولد الأسير سائد سلامة في بلدة جبل المُكَبِّر- القدس المحتلة عام ١٩٧٦،
اعتقل بتاريخ ٣٠ آذار/ مارس ٢٠١١، أدانته محكمة الاحتلال الصهيونية بمقاومتها وحُكِمَ ٢٤ عاماً، وقد تنقَّل في سجون عِدَّة، وهو الآن في سجن "نفحة".
ثمَّةَ صوتٌ دفينٌ يرفضُ قبولَ الحقيقة... شيءٌ أقوى من المنطق والعقل يتحكَّمُ في ردود أفعالنا ويأبى قبول الواقع الجديد... ظننَّا أنَّ جائحة القلق سَتُغَيِّرُ كلَّ شيء، ولكن هذا لم يحدث، هذا ما ذهبت إليه رواية "العاصي" للكاتب الأسير سلامة سائد، الصادرة عن دار الفارابي- بيروت- الطبعة الأولى ٢٠٢٢.
أوَّل ما يُوقِف القارئ هو العنوان "العاصي" لأنَّ الكلام يَزعُم الفاعليَّة، لكنَّه ينضوي إلى الحالة، فالفصل الافتتاحي لا يُحَقِّق له التعدية التي يتحقّق بها، وهناك التعمية على المكتوب، فماذا كتب الروائي؟
:(دقَّت الساعة الثانية عشرة ظهراً، ومازال ساري نائماً يغطُّ في سباتٍ عميق، ثلاث مُهاتفاتٍ وردت إليه من ربِّ العمل، غير أنَّه بالكاد كان يردُّ، فيعتذر آسفاً على تأخُّره، ثم يعاود استئناف النوم من جديد ص١٣).
يَتَحقَّقُ الإرجاء في موضع العنونة الإعلامي ليكون من نصيب التَلقِّي ضمن أفق انتظار القارئ، ويَظفَرُ هذا الأخير بحالة أوليَّة هي بمثابة نقطة الرُسُوِّ على مدارها، وانغماس المُتَكلِّم في يوميَّاته انغماساً تلفُّه الكتابة وتحجبه بطريقة تطوِّق عمّا به ضمن ما يمكن وصفه بعزلة الكاتب:(إنَّها قِمَّة العجز أنْ تَصِل إلى حدٍّ تُدِينُ فيه نفسك فتنبذها على المصير الذي صِرتَ إليه، هذا العجز الفاحش كأنَّما يقتل فيك شيئاً من إنسانيتك ص٦١ ٦٢). وعِماد العزلة ليس شيئاً آخر غير الفعل الكتابي، أليست هذه مراهنة في محيط النص على كينونة معيَّنة تَتَأسَّسُ على الكلمات والأشياء قبل كلّ شيء؟
ثم هل يمكن التسليم في هذا المثال بالمعنى المعجمي ل"يكتب" لمجرَّد أنَّه جاء ثَني الصيغة التقريريَّة ولأنَّ الراوي يهدي روايته إلى حبيبته المفترضة؟ لا شكَّ في أنَّ الإحالة مُربِكة ههنا كما في كلِّ كتابة:("أنا التي رأت في عينيكَ ميلاد فرح قادم." ص١١).
ولكنَّ النصََ الروائي لا ينغلق بها، وإنّما يمتدُّ من ذلك المنطلق في اتِّجاه عوالمه الداخليَّة الحميمة على محور التخيِّيل الروائي ضمن دائرة يشترك فيها الروائي والقارئ، حيث تصبح تلك العوالم مفتوحة تماماً على ذواتٍ بعددِ القرُّاء بالاستناد إلى سياقاتها الداخليَّة الخاصة:(أريد أن أقصد مدينة نابلس للبحث عن شخصيَّتين لا أدري كيف الوصول إليهما، شخصين لا أعرف عنهما سوى شخصيتانِ في رواية، ولا أعلم إنْ كانتا موجودتين في الواقع أم لا. فمنذ أن قرأت الأوراق المنشورة على شبكة الإنترنت وأنا أعيش حالةَ صراعٍ مُحتدمة، وأقاسي نوعاً من الشعور الملتبس بين الفراغ والفقدان، كنت أعتقد بيني وبين نفسي بأنَّ هناك أشياءٌ ناقصة وأشياءٌ يجب أنْ تُكتب بطريقةٍ أخرى من أجل أن يستقيم الأمر ويُصوَّبَ المسار ص٣٢٠).
تهيمن الصيغة الفعليَّة، ويبدو المتكلّم هنا فاعلاً يحاول أن يسعى إلى استرجاع الغائب، واسترجاع جسده من خلاله بنفي الفراغ عنه وملئه، ملء العينين بالملامح وملء الصدر بالرائحة، فيتأسَّسُ- بفعلٍ من هذا- معنى الشكوى من غياب الآخر الحميم بوصفه مكيناً لإشعال الغربة وتحويل الجسد إلى متاهة معتمة ومقفرة:(لَبِثَ سائراً الشوارع حتى خارت قواه وبات يشعر بالوهن يخرُّ في سياقه وكان في أثناء ذلك يحاول العثور على مكان ملائم يأوى إليه لكي يرتاح، ولمَّا عِيلَ صبره واستَغْلقَت عليه الخيارات أخذ يُعوِّل على المصادفة علَّها تمنحهُ خياراً معقولا ص٢٠٠). يظهر الروائيُّ طالباً لشيءٍ غائب، وهو ما يفسر تكرار تصوير حكاية البحث عن مكان آمن. ولهذا فإنَّ توالي الصيغ التقريريَّة في نص الرواية في الظاهر ما هو في حقيقة الأمر سوى مخاتلة، لأنَّ العمل القوليَّ التداوليَّ إنَّما هو الطلب، وثَمَّةَ قيمةٍ طلبيَّةٍ يوطِّنُها القولُ الروائيُّ على محورِ المتكلّم والمُخاطب الضمنيِّ الغائب، وتتّسع المكابدة بين القطبين جيءً وذهاباً.
لقد اعتمد معجم الجسد، وهو اختيارٌ أسلوبيٌّ أخذ به الروائي بالتوغل في كينونة داخليّة متوتّرة توجّهها الأهواء وانعدام الطمأنينة والحيرة وصولاً إلى البؤس:(ووجد نفسه هناك يغرق في نقطة اللامكان. وفي لحظة خارجة عن الزمن كان يشعر بشيء في داخله يقول له "لقد آن الأوان". ولبث الصوت يتردَّدُ في داخله مثل صدى يتلاشى رويداً رويداً وقد أثقل النعاس رأسه. ثم راح يَغطُّ في النوم ص١٠٥).
الجميل في تجربة الروائي الفلسطيني الأسير سائد سلامة تَحوَّلُ الذاتِ على طولها إلى موضوع يُرى من خلاله الجماعيِّ والإنسانيِّ... رؤية تظهر فيها الحاجة أكيدة إلى أنسَنةِ الأيام إبتداءً بالجسد، وذلك بإستعادة روحه الأصيلة والتقاط الوجه بعد ضياعه في التشيّؤات المُرعبة لعالمٍ يهرولُ هنا وهناك على غير هدى وتحيط فيه الذات بفخاخ المؤامرة المُهلكة، وقد استطاع الروائي أن يُعيد إخراج العالم من ذاته باختلاق شفافيّةٍ مأساويَّةٍ تجعل القارئ مشتبكاً بمصائر تلك الذات؛ التي هي ذاته، ذلك أن الكلمات الروائية لا تنغلق على نفسها انغلاقاً بلاغيَّاً منطقيَّاً تُعطي فيه الأولويَّة للمقيس والمقاس عليه، إنَّما الأولويَّة هي مشكلة التخييل الروائي بحدّ ذاته... هناك حيث تستلهم القراءة جرياً وراء الكتابة للأحلام والانتظارات والكوابيس أيضاً.



#سليم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرة القضبان للأسيرة د/سعاد غنيم
- مرايا الأسر قصص وحكايا من الزمن الحبيس للأسير المحرر حسام كن ...
- منارات في الظلام للأسير حسن نعمان الفطافطة
- المشروع الوطني الأردني الفلسطيني / بين الواقع والطموح
- جغرافيا كافرة وتيه فلسطيني جديد
- مهزومون في زمن البيع .... سائرون نياماً في الحاضر
- الثقافة في ومواجهة ثقافة الاستهلاك
- الوعي الشقي .... وشقاء ثقافة السياسي المتأسلم .
- ثقافة الاصلاح ...ديمومة القطع مع تراث ثقافة القبور
- قبل الأوان بكثير
- . وهم البصر ....المرأة الفلسطينية حلم الرغبة .
- رؤى بعض المثقفين العرب ....كوميديا سوداء .
- قراءة ماركسية للفكر السياسي النظري الفلسطيني .
- الاصولية تجذر مداميكها بالتعاون مع الانظمة الراهنة
- سرك حماس في غزة
- الدراما العربية تستشف هي الاخري ازمات التاريخ العربي
- ناجي العلي.. قمر المنفى
- المشروع النهضوي العربي- التحدي التاريخي
- قراءة في الاسلام السياسي - مسلسل الطريق الوعر
- تصريحات محمود عباس كوميدية


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - قراءة نقدية في رواية العاصي للكاتب الأسير سائد سلامة