نافذة على السوريين في صندوق الشرور

المثنى الشيخ عطية
شاعر وروائي
(Almothanna Alchekh Atiah)

الحوار المتمدن-العدد: 7531 - 2023 / 2 / 23 - 07:28
المحور: الادب والفن
    

اخترعوا الأبجديةَ وأهدوا كافَ التشبيه للآخرين
وَلدوا آلهة الخلاص وأهدوها لقاهِرِين ردّوها لهم
دعوةً للحشر بين أسنان أسُود الكولوسيوم
طَعّموا أشجار الأسماء وأهدوا الشّمال منها اسم أوروبا
استمطروا كوابيس الشتاء وناموا في أحلام الرّبيع
طيورَ فينيق ترتفع غرانيق عُلا فوق الأنقاض/
ما أجمل السوريين
عشّاقاً
يلوّثون شفاه بعضهم بتوت الشام
يسقون بعضهم الفرات نبيذاً من فم جرّة ربّة الينبوع
يَطيرون بأجنحة فَراشة العالم قصائد عشق
تُرتّل أثرَ الفراشة
وينامون في أسرّةّ ياسمين دمشق
دون أن يخشوا صورتهم في مرآة السقف
مقمّطين ملائكةً بأبخرة غاز السارين...

ما أجمل السوريين
ثُوّاراً
يتابعهم العالم على الشاشات
للمرة الأولى بعد الانفجار الكوني
على صراط تراجيديا قدرهم في أن يكونوا وحيدين
من دون خيوطٍ في متاهة مينوتور تشابك العوالم
يَخرجون الى التظاهر أمام الموت بألوان شقائق نعمانهم
صفوفاً يضعون أياديهم على أكتاف بعضهم
يهزهزونها محلّقين نسوراً في سماء المعنى
كي يعيدوا المعنى الى خواء ثقب البشرية الأسود
برقصهم الدامي أمام الرصاص/
حُداةً لقوافل من أضاعوا الطريق
سعاةً لأن يرموا خبز خيرِهم في فم الطّير
عراةً أمام الدبّابات التي تنشقّ
لتقاتلَ بعضها في جنون عدوى مسّ بهائهم...

ما أجمل السوريين
شهداءً
لا يسألون إن كانوا في جنّاتِ خلودِهم يُرزقون
يفتحون صندوقَ القدر ويطلّون
على النّسخة المترجمة لكتاب الشرور
يقلّبون فصل الجحيم بأصابع شِعرهم
على سيخ جمرٍ تتعالى منه صرخاتُهم
من تحت الأنقاض ولا مجيب
على التفاتات رأس أبٍ ركّب آذان فيلٍ
تدور مجنونةً في جميع الجهات
لتلتقط نأمةَ بنتٍ ما لبثت أن اختفت مكتومةً بخذلانها
تاركةً له مفتاح سرّ الصمت
يقلّبه بين يديه حائراً إن كان عليه
ترك تلك القطة حيّة وميّتة في ذات الوقت
كي لا يموت ويحيا صمتَ القبور
أم أنّ عليه أنْ
يفتحَ على العالم صندوقَ الشرور...

ما أجمل السوريين
عشّاقاً ثوّاراً شهداءً وهم يتساءلون
ويتركون تساءلهم عن النبأ العظيم إلى أحلام ربيعِهم
يلملمون رماد جميعِهم من رميمِهم بين الأنقاض
ويرتفعون
يرتفعون
يرتفعون.

15 شباط 2023

#المثنى_الشيخ_عطية (هاشتاغ)       Almothanna_Alchekh_Atiah#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل