أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد الفيتوري - بورتريه المنتصر















المزيد.....

بورتريه المنتصر


أحمد الفيتوري

الحوار المتمدن-العدد: 1711 - 2006 / 10 / 22 - 11:45
المحور: سيرة ذاتية
    


 فيض من الروح يجرى منك يا قلم / أم أنت بالدمع ، والآلام منسجم ؟ / أم في الجوانح ذكرى لست تذكرها / إلا مررت على القرطاس تبتسم ؟ / جرت دماؤك حرى في صحائفنا / حتى ظننت يميني منك تضطرم / وهزني منك وحى كنت ترسله / إلى والكون في أجفانه الحلم / قد بات كل سمير غير أن يدي / باتت يحركها من وحيك الكلم / لو صغت يا قلمي لحنا به ألمي / لرددت لحنك الأجيال والأمم .
 ـــــــــــــ * قلمي ؛ شعر : محمود عبد المجيد المنتصر .


غص بصرخته الأولى :
فجع يوم ولد وفزع أنه ولد في هذه البلاد ، فر من موطنه ومن هذا الميلاد القدري اللعنة ، تأكد من هذا : إن الإنسان يولد مقهورا لأنه لا يختار .. لا يختار حتى اسمه ، هو ليبي ومصراني واسمه محمود المنتصر ويقول الشعر ؛ فإذا تنبهت للاسم فقد شهر به غيره وحمله كثيرون من أهله ، إذا نظرت لمدينته فقد عرفت بالتجارة وبينها وبين الشعر ما بين مالك والخمر ، أما البلاد فإمبراطورية الرمل وعطر الغبار .
هكذا كتب على هذا المنتصر الفرار من الأقدار الثلاث هذه ولكن دون النجاة منها ، فالنجاة دونها بحر الرمال الأعظم .
وان تميز في الشعر فستلاحقه الغبرة ويطاله الطمس ؛ من ولد في الصحارى الكبرى قبر مع صرخته الأولى ، لابد أن هذا ما دار في مخياله وهو يشد الرحال حيثما أتيح له ذلك ، وظن – وبعض الظن آثم - : أن بهذا الرحيل يغربل المرء ما علق بالحلق من رمل ، لكن ليس له من وطن غير الذي يعجن من ترابه ويتشكل في عجيجه ويطحن في دروبه .
توكد في عودة غير ميمونة لمسقط الرأس ، من ذلكم .
الأم تضطهد ابنها ، الابن يهاجر ، الشاعر يتهم في بلده بالسرقة ، محمود المنتصر تطمسه الذاكرة المثقوبة ، ما أعقبه من جيل ينكره فقد ادعوا أن لا أباء لهم ولكنهم سيتجرعون من نفس الكأس : علقم النكران والازدراء . مات بالغصة ولم يدرك أن الفرية التي طالته ستكون وباء الوطن الذي هجره اتقاء اضطهاد الأم ، مات ولم يعرف أن الوطن – وطن المولد – ينكره أهله فليس من الشعر في شيء أن تكون ليبيا ، و لا من العقل في شيء أن تكون " معنى الكيان " ؛ هذا الكيان الذي طمس قبيلة القبلي سيقتل الباحث في معناه " بلدياته : عبد الله القويرى " بالغمة وقلة القيمة .
محمود عبد المجيد المنتصر - رغم ذلك - لم يصغ قلمه لحنا به ألمه ، وقد يكون ذلكم مدعاة لأن لم تجد الأجيال والأمم ما تردد .
الشاعر المنسي في الطين ؟ :
قبل ذلك أود أن أشير إلى مصدر معلوماتنا الضنينة عن الشعر المنسي في الطين ؛ في زوبعة سؤال : هل لدينا شعراء ؟ الاستنكاري ، والحفل الدموي المثير لغرائزنا في وأد زامر الحي .
لقد مر بالبلاد جامع عنده أن لكل محارة سر وان لم يكن للمحارة لؤلؤة فذلك لا يعنى أنها ليست محارة ، وان التأريخ الأدبي غير النقد وغير نظرية الشعر ، وعند هذا الجامع كما تتبين من كتابه : إن قنينة نبيذ معتق تذكر بحقل العنب .
وهذا الكتاب : الشعر والشعراء في ليبيا بقلم محمد الصادق عفيفي عضو البعثة المصرية بالجامعة الداودية بلبنان " وليبيا سابقا " ، تقديم الدكتور سلامة حماد المستشار الثقافي بلبنان ، تصدير فريد أبو حديد مستشار المعارف الليبية ، مراجعة الأستاذ عارف النكدي عضو المجمع العلمي بدمشق والأستاذ على الجندي وكيل كلية العلوم بالقاهرة ، ملتزم الطبع والنشر مكتبة الأنجلو المصرية عام 1957م ، في 260 صفحة متوسطة ، حوى على دراسات في الشعر الليبي وترجمة ونماذج لواحد وأربعين شاعر ، منهم :
محمود محمد عبد المجيد المنتصر
[ ولد في مصراته سنة 1915م ، وقضى بالمدارس الحكومية ثماني سنوات ، هذا إلى جانب دراسة خاصة وهو يتكلم العربية والإيطالية ، وله إلمام بسيط بالإنجليزية . ولقد أحس بشعور نفساني ينبعث من أعماقه بأنه مضطهد من والدته فساقه هذا الشعور إلى التفكير في الهجرة ، فرحل إلى اليمن ، في بعثة إيطالية لتقوم بأغراض صحية من سنة 1935 حتى سنة 1945 م ، ولما عاد اشتغل بعد فترة من الوقت مع السلطات الإنجليزية في أعمال إدارية ، ثم شغل قائمقام في زليتن ، ثم متصرف زليتن ثم ترهونة ثم غريان ، وأخيرا نقل إلى مصلحة الأملاك الأميرية .
والشاعر معجب بابن زيدون ، والمتنبي ، وشوقي ، والرصافي ، ويتهمه بعض الأدباء بأنه سارق لشعر بعض شعراء اليمن والعراق ، وهذه الدعوى فرية كما يقول الشاعر ، وأكذوبة يدعيها بعض المغرضين ، حتى أنه ليتحدى من تسول له نفسه بهذه الكلمة أن يثبت ذلك ، ويكشف عن شخصه لنرى أينا أصدق شعرا ، وأقوم قيلا ، ويقول الشاعر : وفوق هذا فجل شعري نشر ببعض الصحف : العدنية ، والليبية والعراقية ولم أجد من يعقب على بهذه الفرية .
ويميل الشاعر إلى البقاء على مناهج الشعراء القدامى ، ومع تغذية الشعر الليبي بالطريف من الحديث الذي يتفق والبيئة العربية ، وأنه لا بد للشاعر لكي ينجح في هذا من إجادة لغة من اللغات ، كما يميل إلى تنقيح شعره وتهذيبه ، فإذا لم يرض عنه قبره في مهده .
وهو من أقدر الشعراء على التصورات البديعة والخيالات الشعرية العالية . ] .
غموض السيرة وضوحها !
ما ورد في هذه السيرة يدعو للحيرة ويستحضر روح الريبة ؛ فالشاعر في سيرته يضطرم بقلق وغرائب روح ؛ فان يذهب إلى ذكر ما واجه أو اعتقد أنه يواجهه من قمع أم واضطهادها فقد أتى بهذا أمرا غريبا في متن الثقافة العربية التقديسية للأم ، ويشاكله في ذلك شاعر آخر من شعراء بعد الحرب ومن يناهضون مثل تجربة المنتصر الشعرية الكلاسيكية ، وأعنى حسن صالح من كتب قصيدة في هجاء الأم ومن تصور أن الأمومة مشينة .
و يهجر المنتصر البلاد والعباد لأن الأم مضطهده ؛ هذا خالج نفسه وكان مدعاة لهجران شاب في مقتبل العمر – حيث لم يتجاوز الرابعة والعشرين – موطنه إلى بلد " اليمن " غير السعيد ، هكذا يبدو أن " اليمن " لتحقيق فكرة الهجرة وحسب . وبهذين المدخلين في هذه السيرة يتضح غموضا شعريا مفصليا اللافرويديا ؛ حيث النفس هنا تنبثق عكسيا مع مقولة فرويد حول إخصاء الأب ومنتوجها التسامي كمنبع لتحقيق الذات وينبوع للإبداع .
الأم متن الشعرية في هذه النفس المفارقة ، والسرقة – لا المادية كما عند جان جينيه – الشعرية أو الاتهام بالسرقة سمة توصم الشخصية الإبداعية لهذا الشاعر المنسي في الطين ، وبهذا وغيره من المسكوت عنه يبدو أننا أمام سيرة ستضئ بغموضها تجربة شعرية متميزة في الشعرية الليبية التي دفنها القبلي ، هذه الشعرية التي توكد على أن ثمة شاعر من المحاربين الأفذاذ الذين ذهبوا كطمي لروح القبلي ، المعافرين والطالعين بعنفوان الحية / الحياة المتجددة . إن سيرة محمود المنتصر كسيرة يغطيها الغبار تشع ببريق يلهب البصر والبصيرة التواقة للمعرفة التي تشف الضوء . وفي سيرة كهذه كلما اشتد الضوء اشتدت الظلال ؛ فغير ما فتح من نافذتي اضطهاد الأم والاتهام بالسرقة نجد أن القصائد الثلاث المرفقات مع ما تيسر من سيرته تولجنا لمواشير مضيئة لتجربة كهذه .
الغنائية الومضة :
اذا ما كانت الغنائية بوح وتحير ، صدح مكلوم وتكلم نفس لنفسها فإن في ذلك شعرية ما تيسر من قصائد للمنتصر هذا ، وان كانت الكلاسيكية عقلنة الوجدان بسبك محكم فيه أن هذه الشعرية قصيدة البيت الواحد كما جاء في نظرة خليفة التليسي للشعرية العربية ، فإن هذا هو متن ما تيسر من قصائد للمنتصر هذا .
 تعنى القلب واخضلت محاجره / مذ عن للقلب أن الإلف هاجره / وزاد شوقا إلى من في صبابته / عشنا من الأمل الزاهي نشاطره / نسقيه صفوا ، ونسقى من مودته / كأسا يعاقرنا كنا نعاقره / تسعى إليه الأماني من خواطرنا / وكم تغنت بنا ليلا خواطره .
 ـــــــ * محمود عبد المجيد المنتصر
في هذا القصيد تكثيف صارخ يعنى بالمشاعر الخاصة كما تتراء لشاعر كلاسيكي متميز بنبذ الحواشي والزوائد ، فأي قلب هذا المخضل المحاجر وآيا قصيد الذي يعاقر كأسا كنا نعاقره ، هنا ما جد أن يمكن النسج في القديم بجدة ، وأن بين قصيدة كهذه وقصيدة الرومانتيكية العربية في مبتداها وشائج ؛ كم تغنت خواطر واشتركت في شجن متن القصيدة العربية الكلاسيكية الجديدة ، وكم تململت تلكم الشعرية مما أثقلها من طرز استحكمت وفي هذه القصيدة روح متوثبة لتعبير عن تململ وعن انشداه بشعر تسعى إليه الأماني وتتوثب الروح .
والفرية التي طالت المنتصر قد يكون مدعاها أن هذه الشعرية ليست من متن الشعرية في ليبيا ؛ مثل هذا الشعر يمت بصلة لمتن الشعرية العربية في طرز بديع خيالها ، شعرية صافية ومن نبع صاف ، قصيدة البيت الواحد حيث البيت ومضة تكثف شعورا شفافا وقويا صلدا وطريا وفيه من طزجاجة النفس التواقة .
النفس من الوجود وفي الوجود حيرة ، الشاعر مرتب ودقيق في صوغ حيره في أسئلة مضطرمة ، وفي قصيدة " السعادة " اضطراب الشعرية التواقة للتحقق بين متن مسبوك وجزالة معتادة وبين جدة تختزل هذا التوق للانفكاك من وشي المعتاد ومن طرز البديع ، وفي هذا خيال الخيال حيث الشعر شعر الأولين قد قال فكيف للنفس التواقة أن تنفك من تناص النفس مع النفيس في الشعر ديوان العرب المثقل بـ " قصيدة البيت الواحد " التي لم يحن آنذاك شرع نقضها .
إن ما تيسر لي من قصائد ثلاث في أبيات معدودة تؤمي أن وراء الأكمة ما ورائها ، وحتى يجمع شعر مثل هذا ، ويتحقق من سيرة كهذه فإني أختزل الكلام في الكلام أن المعلوم المتوفر يضئ الطريق لتجلى المجهول .
لعل مقالة كهذه تكون تلكم الومضة لما تتغياه من تنقيب في بحر الرمال وكشف ما غطاه القبلي من الشعرية الليبية .

 نشدتـك بين الربـا والنجـود / ودون الوجود ، وخلف الوجود / أفي الكون أنت ؟ أم الكون فيك ؟ / أم البحث عنك سيفنى الجهود ؟ / نشدتـك بـين بديـع الزهور ونـور الخدود ، وصافى الورود / طلبتـك بـين رياض الجمال / فـكان الـجمال كثير الصدود / تـرى أين أنت ؟ أنجم حواك ؟ / أم الـنجم يرجو إليك الصعود ؟ / فللنجم نـور تـراه الـعيون / ولـكن أراك كـيوم الـخلود / دنوت ، دنوت ، فكنت المنى / وخـلتك حولي ظنون الحسود / وبنـت فـكنت شقاء النفوس / وأي شقـاء كـنحس الجدود / أسائـل عنـك جميـع الأنام / شـبابا ، كهؤلاء ، نيام المهود / فكان الجواب ؛ كما تعلمين : / بـأنك شـيء مضى لن يعود / صليني ، صليني ، لعلى أراك / فأبدى سناك لهذا الوجود / أطرز فيك بديع الخيال / وأكسوك لحنا كوشي البرود / فإني غدوت أهز الصدور / وأزفر شعرا كقصف الرعود / مهرتك عزا ، ومجدا ، وفخرا / ولكن طبع الحساد الجحود / فما أنت إلا خيال الخيال / فأين السعادة ؟ أين السعود .
 ـــــــــ * السعادة ؛ شعر : محمود محمد عبد المجيد المنتصر .



#أحمد_الفيتوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بورتريه مطاوع
- بورتريه زغبية
- بورتريه مطر
- بورتريه لوركا الليبي
- بورتريه توينبي
- المفكر الليبي عبدالله القويرى ومشكل الهوية
- نقد ثقافة التنمية
- اطرابلس : طرابلس الغرب ، طرابلس الشروق
- الفارس الوحيد يتكلم الآن
- محاكمة عمر المختار
- لو لم يكن رضوان بوشويشة ما كانت طرابلس الغرب
- حربستان .. عشق آباد
- ثلاثة وجوه لسيرة واحدة!
- الإصلاح ملابس داخلية!
- لماذا لبنان يدفع فاتورة الديموقراطية؟


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد الفيتوري - بورتريه المنتصر