|
في ذكرى خليل توما
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 7521 - 2023 / 2 / 13 - 02:42
المحور:
الادب والفن
قبل أببعة أعوام وفي 12 فبراير 2019 اختطف الموت الشّاعر الجميل "كارلوس" خليل توما، وشاعرنا الرّاحل لا يزال وسيبقى حيّا لأجيال قادمة رغم أنّه غادرنا جسدا، لكنّ سيرته العطرة ستبقي اسمه خالدا، وأشعاره الملتزمة ستبقى خالدة، وكما قال الرّاحل الكبير سميح القاسم في تأبين صديقه الشّاعر الكونيّ محمود درويش:" إذا مات الشّاعر فإنّ الشّعر لا يموت"، ويعني بذلك أنّ الشّعر يخلد شاعره، وبالتّالي فإنّ خليل توما سيخلّده شعره. والفقيد الرّاحل خليل توما المولود عام 1945م أبرز الشّعراء الذين أسّسوا للقصيدة وللشّعر في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عام 1967م، بل هو من أبرز مؤسّسي الحراك الثّقافي في الأراضي المحتلّة، ويتجلّى ذلك بأنّه واحد من مؤسّسي تجمّع "كتّاب البيادر" عام 1978، وهو أحد مؤسّسي رابطة الكتّاب الفلسطينيّين في الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة، وشغل عضويّة هيئته الإداريّة. كما أنّه عمل حوالي عقدين في صحيفة الفجر المقدسيّة باللغة الإنجليزيّة، فقد كان يجيد الإنجليزيّة بطلاقة، كما عمل في قسم الاستقبال في فندق "الكولونيّة الأمريكيّة. ولم يقتصر نشاطه على المجال الثّقافي فقط، فهو أحد مؤسّسي نقابة الفنادق، وشغل عضوا منتخبا في هيئتها الإدارية لسنوات عديدة. وخليل توما الشّاعر المبدع والنّقابيّ النّشيط تحلّى بصفات حميدة يفتقدها كثيرون، امتاز بالصّدق والأمانة والمثابرة، لم يكن كثير الكلام، وكان يعرف متى يتكلّم ومتى يسكت، أحب النّاس فبادلوه حبّا بحبّ، لم يعرف الطّائفيّة في حياته، وأذكر أنّه وقف ودعم فتاة مسيحيّة الدّيانة، تزوّجت من مسلم، فقاطعها أهلها والكنيسة، لكن خليل لم يتخلّ عنها، واحترم خيارها بالزّواج من مسلم، وهو يردّد، كلّنا عرب وأبناء شعب واحد، ولا فرق بين مسلم ومسيحيّ. وهو رغم تفّوّقه في الشّعر إلا أنّه لم يسع يوما للشّهرة حتّى أنّه لم ينشر قصائدة في الصّحف إلّا في حالات نادرة. بل كان ينشرها في دواوين. والرّاحل خليل توما الذي انحاز بفكره ومسلكيّاته إلى الفئات الكادحة، فانتظم في الحزب الشّيوعي الفلسطينيّ، وشغل عضوا في المكتب السّياسي لحزب الشّعب الفلسطيني الذي يشكّل امتدادا للحزب الشّيوعيّ، واعتقل أكثر من مرّة، وكان جدّيّا في تصرّفاته ومسلكيّاته مع الجميع، وفي الوقت نفسه كان مرحا صاحب نكتة مع أصدقائه المقرّبين. ومع أنّه كان مقلّا في شعره، إلّا أنّه عاد يكتب الشّعر بغزارة وبتميّز في سنوات عمره الأخيرة بعد أن أحيل إلى التّقاعد. حدّثني كثيرا عن بعض الفواصل الهامّة أو الظريفة في حياته وحياة أبيه، وأبدى قلقه لقلّة عدد أفراد عائلته، لذا فقد كان حريصا على عدم هجرة أو نزوح أبنائه أو أقاربه. قبل أن يختطفة الموت بعدّة اشهر حدّثني بفخر عن بناته وأبنائه وأين درس كلّ منهم وماذا يعمل. ذات يوم من العام 1916م زرت بصحبة صديق دير مار سابا في العبيديّة، فدهشت بجمال الدّير التّاريخيّ المبني قبل ما يزيد على سبعة عشر قرنا وبالمنطقة المحيطة به، فتحدّثت مع خليل توما لاحقا حول هذا الدّير بشكل خاصّ، وعن الأديرة الأخرى الموجودة في فلسطين مهد السّيّد المسيح عليه السّلام بشكل عامّ، وعرضت على خليل أن أشترك وإيّاه في عمل بحث توثيقيّ عن هذه الأديرة التّاريخيّة، وركّزت على ضرورة البحث عن أيّ وثائق عن هذه الأديرة التي تشكّل جزءا هامّا من تراثنا الفلسطينيّ العربيّ، لكنّ مرض وموت خليل حالتا دون تحقيق هدفنا. وممّا رواه لي خليل أنّ المرحوم والده أو جدّه، -فذاكرتي تخونني بتحديد أيّ منهما- زار الدّير بصحبة رجل آخر في عشرينات أو ثلاثينات القرن الماضي مشيا على الأقدام، وجلسا يستريحان في ظلّ سلسلة حجريّة، وإذا بضبع يقفز من فوق رأسيهما، ومعروف أنّ الدّير يقع في البراري الذي تكثر فيها الضّباع والذّئاب. ومهما كتبنا عن هذا الرّجل المعطاء سنبقى مقصّرين بحق هذ الشّاعر الإنسان. فله الرّحمة ولذكراه الخلود. مساء 12-2-2023
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدون مؤاخذة-حكم الأقوياء
-
الحقيقة الضّائعة
-
المضحك المبكي- طاقيّة جحا
-
المضحك المبكي-ناموا ولا تستيقظوا
-
رواية -ومضة أمل- بين الحبّ والخيانة
-
المضحك المبكي-أمور لافتة
-
بدون مؤاخذة-هل بدأت الحروب الدّينيّة
-
المضحك المبكي-تقبّل الله الطّاعات
-
المضحك المبكي- بين الطّبلة والعصا
-
قصّة مزرعة أبي مرزوق بعيدة عن المنطق
-
المضحك المبكي: دعونا ننتبه ونفكّر
-
المضحك المبكي-زمن الخراب
-
المضحك المبكي- كبار ومتفوّقون ولكن...
-
المضحك المبكي-يتستّرون بالدّين
-
ولله في خلقه شؤون
-
بدون مؤاخذة-عندما يعيد التّاريخ نفسه
-
قصّة القطّة سمّورة والرّفق بالحيوان
-
المضحك المبكي- زمن الشّقلبة
-
بدون مؤاخذة- لا بواكي للفلسطينيين
-
المضحك المبكي-الإرهاب العربيّ الإسلاميّ
المزيد.....
-
هُنـــا .. لينك ورابط موقع ايجى بست لمتابعة الأفلام والمسلسل
...
-
ذاكرة المكان والمعنى.. قراءة تاريخية اجتماعية لفلسطين في مكت
...
-
فيلم روسي للرسوم المتحركة يدرج على القائمة الطويلة لجائزة -أ
...
-
صدرت حديثا رواية -أصدقاء في عالم الفضاء- للروائي مصطفى عطية
...
-
عدسة عبد الله الخان توثق تاريخ الإمارات
-
رئيس إذاعات وتليفزيونات التعاون الإسلامي يستقبل مستشار وزيرة
...
-
دينزل واشنطن يهزم روما في ملحمة سينمائية جديدة
-
الجيش الروسي يتسلم دفعة جديدة من دبابات -تي – 90 إم- المطورة
...
-
نصرة لفلسطين.. هذه الدول ترفض الرواية الإسرائيلية +فيديو
-
شاهد.. مهرجان -كرامة لأفلام حقوق الإنسان- في الأردن بعدسة ا
...
المزيد.....
-
سعيد وزبيدة . رواية
/ محمود شاهين
-
عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء...
/ محمد الحنفي
-
ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد
/ الحسين سليم حسن
-
الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال وآخرون
-
رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
زمن التعب المزمن
/ ياسين الغماري
-
الساعاتي "صانع الزمن"
/ ياسين الغماري
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء
...
/ السيد حافظ
-
مسرحية - زوجة الاب -
/ رياض ممدوح جمال
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأ
...
/ مجموعة مؤلفين عن أعمال السيد حافظ
المزيد.....
|