أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - الشعر في الطقوس الإبداعية لدى الشاعرة التونسية الكبيرة فائزة بنمسعود : وميضٌ من النبض الإنساني الجليل















المزيد.....

الشعر في الطقوس الإبداعية لدى الشاعرة التونسية الكبيرة فائزة بنمسعود : وميضٌ من النبض الإنساني الجليل


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7517 - 2023 / 2 / 9 - 11:44
المحور: الادب والفن
    


الشعر وميضٌ من النبض الإنساني، مشترك بين الناس جميعًا،من مبدِعين أو دارسين أو نقَّاد، وعلى أيدي النُّقاد والدارسين تتألق جذوة الشعر،وتتضح خوافيه،وتتعطر مسيرته إلى جميع الناس..
والواقع أن الدراسة الأسلوبية تركِّز على دراسة الظواهر اللغوية،وبيانِ ما تؤديه من معانٍ بلاغية،ومقاصدَ أسلوبية؛وذلك من خلال المستويات الصوتية،والصرفية،والمعجمية،التي تهدف إلى إيضاح العلاقة بين اللفظة المفردة،وتأثيرها في الشعور النفسي للمتلقِّي،مع سماحها بالوقوف على دراسة التركيب من خلال دراسة الأساليب الإنشائية،وما يُعاونها من أساليبَ تكشف براعةَ التركيب ودقةَ الأسلوب،ومن خلالها نُدرك الصِّلة الوثيقة بين النظرية والتطبيق.
إن التطبيقات في المنهج الأسلوبي ليست بالأمر الهين؛حيث يتبين من خلالها قدرةُ الدارس، ومدى فَهمه للمنهج الأسلوبي وكيفية تطبيقه،وكيفية تحليل النصوص،والوقوف على بلاغتها، وإبراز محاسن صياغتها ونظمها.
اللغة هي الوسيلة الأولى لعملية التواصل مع الآخرين،غير أنها تتعدَّى وظيفتها الاجتماعية المحدودةَ هذه،فتشكِّل الأساس في عملية بناء القصيدة؛إذ تمثِّل الطريق الموصلة بين المبدع والمتلقِّي،فتؤدي بذلك وظيفةً أخرى،تتمثَّل في إيجاد روابطَ انفعالية بينهما،فتتَجاوز بذلك لغة التقرير إلى لغة التعبير،وتسعى للكشف عن العواطف والأحاسيس،والانفعالات الكامنة في قلب الشاعر،ومحاولة إيصالها في نفس المتلقي.
تختارالشاعرة التونسية القديرة فائزة بنمسعود من اللغة وإيحاءاتها،وتولِّد منها ما قدر على التوليد،لا لتأتي بمعانٍ تربك القراء،ولكن لتصور صفوةَ معارفهم من زوايا متفردةٍ تدهشهم وتعيش إحساسات جماليةً لا تنتهي،وحجارة هذا البناء الموضوعيِّ الألفاظ،إلا أن الألفاظ في الشعر تومئ إلى ما وراء المعاني،فتُضيف إليها أبعادًا جديدة،وبذاك تتجدد وتحيا،وبغير ذلك تذبل وتموت؛إذ نجد ألفاظها تقدِّم صورة إنسانية وفنية بغرَض إماطة اللِّثام عن هذه الألفاظ.
وتسعى الشاعرة في بعض قصائدها إلى لغةٍ شفافة تعتمد على الوضوح والواقعيَّة؛فهي لغة تكاد تكون خاصة بالشاعرة،لغة تنطلق من الواقع ومن وعي الشاعرة بأدواتها الفنيَّة،فالنظر في التجربة الشعوريَّة وفَهم الحالة الذهنية لقصيدةٍ ما يتطلَّب القدرة على الانغماس في العالم النفسي للشاعر واستحضار حالته النفسية من خلال كتابته لهذه القصيدة،وفَهمُ الحالة الذهنية تَعني القدرة على استعادة الجوِّ الشعوري ومُعايَشتِه من جديد،ولا يتم ذلك إلا إذا استطاع الناقد أن يُمعِن النظر في الظروف والوقائع التي أدَّت إلى ولادة القصيدة،بدون ذلك قد تُنزع القصيدة عن سياقها النفسيِّ وتَبقى تراكمًا لغويًّا وشكلاً دون معنى،وتفقد الحسَّ الشعري..
ففي قصيدة ، "حبنا بعث وحشر" تقول الشاعرة (فائزة بنمسعود) بلغة واضحة مؤثرة
"إذا كان حبّك لي
خطيئة وآثامَا
فاقرأْ على العشقِ السلامَا
وتنفل ْ في جوف الظلام
وصلِّ صلاة الغرامَا
وأعلمُ أنّكَ مورط في الحبّ
ويبقى الكلام كلامَا
وأعلمُ أن حبي غزاك
وأنك تحتسي الشوق هيامَا
وأعلمُ أن يومك طويـــل
وأنّ ليلك سهاد وقيامَا
وأعلمُ أن قلبكْ طفلـــي
وعنّي ما رام الفطامَا
لا تدعْ الحزن يجرّ حزنا
والحزن في العشقِ حرامَا
الحبّ قدر جميل
وللروح بلسم وانسجامَا
وقصص العشقِ لا تنتهي
دوما بلقاء وأحمر ورد
وأسراب حمامَا
وحبنا ولد كبيرا
وأكبر من كل ملامَا
وحبّنا فوق الموت
ورمز شجاعة وإقدامَا
حبنا تناقلته قوافي القصيد
ودوّنته أقلاما وأقلامَا
والحبّ في شرع الهوى مباح
وما كان يوما إجرامَا
الحبّ خلود سرمديّ
لمن أخلص واستقامَا
وحبّنا بعث وحشر
وعبور صراط
يوم تقوم القيامَا.."
هذه القصيدة وجدت فيها سطوعاً وبريقاً،تتراقص حروفها تعبيراً عن اشتعالها من دون اشتعال،والتهاب من دون نار وحرارة دائمة.تعتمد الشاعرة مخايل نصّور في بناء قصيدتها على الترداد والتكرار،كما تعتمد على البناء المتوازن الذي يظهر وكأنه انسياب نهرٍ وإيقاعات عصافير..
وما من شك أن الشاعرة التونسية الكبيرة فائزة بنمسعود كغيرها من شعراء جيلها لا في تونس فحسب،وإنما على امتداد الوطن العربي،تعيش حالة من القلق النفسي،والغربة والإغتراب الذي يفجر في دواخلها هذه ثورةعمياء وتمردا أخرس،تمرد على كل شيء،حتى على قلمها الذي هو الوسيلة التي تحفر بها ما تنبجس عنه أحاسيسها ومشاعرها،وإني أسمعها تصرخ عاليا بأن قلمها لم يعد يسعفها في رسم هواجسها وهمومها وترجمة مداركه وعواطفه،لأن هذا القلم ما عاد هو السلاح الذي لا يحسن استعماله إلا ذوو المشاعر والخواطر التي تصدر عن رؤى صادقة،وإنما أصبح مطية طيعة يعتليها كل متسلق باليد ..
إن الغربة التي تعاني منها الشاعرة،رغم أنها تعيش بين ظهراني أهلها وصحبها (وأزعم أني واحد منهم)،ونتمتع بصحبتهم في ربوع بلادها (تونس)،ما هي الا حتمية من حتميات الغربة النفسية التي أفرزتها جراحات ومواجع متواترة أرهقتها ولم تكسرها،إذ ظلت شامخة شموخ الرواسي أمام العواصف..(وهذا موضوع آحر يستدعي الحبرَ الغزير )
لقد وصف النقاد الخيال الشعري بأنه قوة سحرية وتركيبية تعمل مع الإرادة الواعية،فهو مصحوب دائما بالوعي،وفي داخله يتم التوحد بين الفنان وبين المعطيات الخارجية،وعن طريق تجمع هذه المستوعبات والمشاعر يعمل الخيال على خلق بناء خيالي متكامل ..
ومن المنطلق السابق نجد شاعرتنا (الأستاذة فائزة بنمسعود) تثور أحيانا على الصور البلاغية التقليدية والعبارات العاطفية،وتحاول استبدالها بالصور الشعرية المهموسة..
إشراقات اللغة الشعرية :
ونعني باللغة الشعرية ما تعارف عليه النقاد من استخدام الشاعر لمكونات القصيدة اللفظية ذات التداعيات والدلالات الإيحائية،وهو ما اتفقوا عليه بالمدلولات الانفعالية للكلمة،ولا يعنينا في هذا المقام ما قال به بعض النقاد من مفهوم للغة الشعرية بأنها الإطار العام الشعري للقصيدة ، والتي يقصد بها مكونات العمل الشعري من ألفاظ وصور وخيال وعاطفة وموسيقا ومواقف بشرية .
وعليه،فقد تميزت لغة شاعرتنا (فائزة بنمسعود) بالشفافية والوضوح،فهي بعيدة عن لغة التعتيم والتهويم في سرف الوهم واللاوعي،تلك اللغة التي تلفها الضبابية القائمة والرمزية المبهمة ، فلغتها ناصعة واضحة لا غموض فيها،وتعبر عن مضامينها بأسلوب أقرب فيه إلى التصريح المليح منه إلى التلميح،هذا يعني أن الشاعرة ذات مهج تعبيري سلس،وقاموسها الشعري لا يحتاج إلى كد ذهني وبحث في تقاعير اللغة،وأنا إذ أصرح بهذا إنما أغبط شاعرتنا على الرؤى الواضحة والألفاظ المعبرة بذاتها .
ختاما أقول :
الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود تعرف من أين يورد الشعر..تمتطي صهوة الحرف وتحلق بالقصيد بأجنحةٍ من تميز ..
-فائزة بنمسعود-أراها وأؤمن بأنها علامة فارقة في عالم الشعر بمختلف تجلياته الخلاقة على صعيد الشعراء العرب بشكل عام،وعلى صعيد الشعراء المبدعين ببلدي-تونس التحرير-بشكل خاص..
قاصرٌ هو الحرف عن الإمساك بكل خيوط إبداعك أيتها الشاعرة السامقة (فائزة بنمسعود)..
وأتمنى أن أكون قد طرقت بعضاً من ملامح الجمال بين ربوع قصيدتك الخلابة "حبنا بعث وحشر"
هل لدي ما أضيف..؟
أترك الباقي لإختمار عشب الكلام..



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصدقة : فضلها عند الله كبير..وأجرها عظيم
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الطبي ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الأست ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الصيد ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الأست ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الأست ...
- هنا تطاوين : الأستاذ المختار صميدة (العدل المنفذ) قامة شاهقة ...
- هنا تطاوين : الأستاذ علي بن منصور (عدل إشهاد) قامة شاهقة في ...
- الأستاذ الفذ كمال الحداد (الإبن البار لجهة تطاوين) : نضيئ أع ...
- حين ينتصر شاعر مسكون بالإبداع في نخاع العظم..إلى شاعر نالت م ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى رجل ا ...
- التاجر الورع الحاج الحبيب الهوش : الإبن البارلولاية تطاوين ب ...
- إشرقات البعد الفني و تجليات الإبداع في قصيدة الشاعر التونسي ...
- الأستاذ التونسي القدير مبروك العابدي-عدل منفذ- نضيئ أعمالنا ...
- قراءة نقدية-متعجلة-في قصيدة الشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي ...
- قراءة نقدية-متعجّلة- لقصيدة (نزرع الأشجار صباحا ) للشاعر الت ...
- جماليات الإنزياح اللغوي في قصيدة الشاعر التونسي د.طاهر مشي - ...
- ..حتى لا تكون أشعارنا راشحة بالمرارة،طافحة بالحزن ومتخَمة با ...
- اشراقات الإبداع..وتجليات المبنى الحكائي في القصة القصيرة جدا ...
- عمق الألم..وصدق الإحساس في قصيدة -وَداعاً مُطفّرَ النّوّاب- ...


المزيد.....




- هل ترغب بتبادل أطراف الحديث مع فنان مبدع.. وراحِل.. كيف ذلك؟ ...
- “أخيرًا نزله لأطفالك” .. تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 لمشا ...
- باسم خندقجي أسير فلسطيني كسر القضبان بالأدب وفاز بجائزة البو ...
- “القط بيجري ورا الفأر”.. استقبل Now تردد قناة توم وجيري الجد ...
- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - الشعر في الطقوس الإبداعية لدى الشاعرة التونسية الكبيرة فائزة بنمسعود : وميضٌ من النبض الإنساني الجليل