أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال جمال بك - وجه الخير في الدائرة المربعة














المزيد.....

وجه الخير في الدائرة المربعة


كمال جمال بك
شاعر وإعلامي

(Kamal Gamal Beg)


الحوار المتمدن-العدد: 7503 - 2023 / 1 / 26 - 09:21
المحور: الادب والفن
    


بيدين ناضجتين كرغيف التَّنور، هزَّت أمُّه بدفء عَبّارةَ الخشب، سريرَ وجوده وحلمه ولهوه. ومع تبادل الابتسامات بينهما حيلةً للنوم، ورغبةً بالمزيد من الدعابة، دندنت له من سهول قلبها ألوانا من أغنيات المهد، بصوتٍ نهريّ عميق ما مال إلى ضفّة دون أخرى، ولا روى بستانا دون آخر. وسال عسله دائما بنغم شجي رخيم ممدود ليداعب سمعه ويلامس أعصابه كي ينام بهدوء وراحة!
من أين تأتي الراحة، وشوالات دقيق موروث وادي الفرات مثقلة ببكائيات، وحكم وأمثال شعبية صفوة معاناة مع الحياة وقسوة باديتها، ورباعيات شعرية و موّالات وبعض من العتابة- والأبوذية- والدارمي- والزهيري؟
من أين تأتي الغمامات بأجنحة الفرح إن لم تكن من قُطـَـبٍ في أطراف الأعين تخبئ سرّ ابتساماتهما؟ ومن أين تأتي ضحكةُ بيضةٍ مسلوقةٍ تقدمها زهرة الطيّبة لربيعه المنفصل عنه فيُسرّ بالقول: إنها من أخيك؟ ربيعه القادم لزيارته على دراجة برتقالية بثلاث عجلات، الولد الكبير بثلاثة أعوام، والمغامر بالزيارات لرؤية أخيه ابن العامين، وكلما انتهت زيارة بعقوبة جسدية في بيت الجد للأب قال ضاحكا: المهم أنني شفت أخي. في العائلتين كانا أول بشارتين، وفي الحارة ومع الأصدقاء وفي المدرسة شكّلا رفقة توأمين وربيعين في التكتم على أسرار بعضهما وفي اللعب ومشاغبات الطفولة والصبا، وفي اجتياز البساتين إلى الفرات. موفور الحظ أخوه في السباحة وصيد الطيور وصيد السمك، مقابل قلب مغمض العينين ويد مرتجفة تصوب بارودة الضغط إلى هدف يطير قبل الإطلاق، ورئتين امتلأتا ست مرات بالموت غرقا من دون أن يمتلك مهارة الوصول إلى أعماق بعيدة.
************* **********

في سلّة الحب لكلّ ثمرة طعم ورائحة ولون. ومن جني تربةٍ حُسينية في ضفاف الفرات هدهدتْ له أُمه بلطف، وهي ترسله بعبّارته إلى الأمام، وتشدّه إليها بأمان:

"ما دام گهوة وتتن كل الأمور تهون
وآني نخيتك علي يا الراگب الميمون"
ومنذ طفولته وحتى مرحلة متقدمة من شبابه لم تدفعه هذه المقاطع ولا الأغاني المتنوعة للتساؤل حول دائرة الديانات والمذاهب والطوائف، فالجامع جوار الكنيسة بينهما مقهى شعبي للجميع، والفروقات بدت ليست ملغاة فحسب، بل إن الوجدان الشعبي والتكوين التراثي امتزجا في بنية اجتماعية واحدة.
كما لو أن الأمر الصالة الدائرية المفتوحة داخل المشفى، والمفروشة بطاولات مربعة، لكل طاولة فيها خصوصيتها. تحت أستار العقل بأوامر الغيب تتم تغطية الفساد وتدعم أركان سلطة الطغيان، وعلى سطح مستو يجمع النزلاء الفاقدون أهليتهم على تناول الطعام في أوقاته المنتظمة، وربما يختلفون قليلا أو كثيرا في انتقاء وجباتهم. إلا أنهم لا يتقاتلون على حصتهم ولا على الله، ولا يبحثون عن أدلة وجوده لا في الأرض ولا في السماء. ولا تسجن أحاديثهم أقفال انتماءات ضيقة من العائلة إلى الوطن مرورا بكل ما يشكل حدودا لردع أي تمرد أو نزعة عقلانية.
************* **********

إلى حديقة التدخين ذهب باتري والغريب، وتبادلا التقاط الصور لكل منهما عند شجرة مضاءة في منتصفها، مع رقص وغناء للعام الجديد. غادر باتري معتذرا لانشغاله بأوراقه، وبعد عبور سحابة من النجوم عاد الغريب إلى الغرفة رقم 2 غرفة التحرير الإذاعي. وسريعا لحق به صديقه لزيارته. قال الغريب: " غنيت لكم، لك، لماري، لشعبنا، للناس الطيبين، رقصت في الحديقة وكنتم معي، فردت ذراعي وغنيت:
فلاي.. فلاي
فلاي إن ذا سكاي
يطير .. يطير
يطير في السماء
حلق.. حلق
حلق يا شهيد
حلق.. حلق
حلق في الفضاء
بين سكرة كلام على غبار عشرات السنين، وبين ما حمَّلت به أمُّهُ الريح من وصايا المطر تتهاطل الهدهودة من دون لطم لتبرد الأنفاس:

"يا علي ما زارتك عليا بهالليل
ودموع عليا يا علي
شبه المطر بالسيل
ويلي لا گالت الميمة عليكم ويلي
الويل لعدانا
ولليحگي بگفانا ورانا بشين"



#كمال_جمال_بك (هاشتاغ)       Kamal_Gamal_Beg#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع زفير الغياب
- دين المحبَّة
- لقمان محمود والصمت الذي لا يتوقف عن الكلام
- الاندماج
- وجه الخير بين إذاعتين
- وجه الخير و أهل البركة
- للشام تاج من الأسماء
- لم يبخل الحبُّ
- بعد منتصف الحرب
- لا يريد الذي لا يريد
- بساتين فيينا
- للحنين شموس لا مقر لها
- الدانوب الفراتي
- وجه الخير - حُبّ ومنفضة الأجساد
- كلمات الحبّ المتقاطعة
- عروة في قميص السؤال لـ فرج بيرقدار
- ذات حربٍ ولا سلام
- لا أشبهني.. مع الدكتور أديب حسن محمد
- بانتظار غودو السُّوري للما الخضراء
- بيتها على النهر للشاعر فواز قادري


المزيد.....




- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال جمال بك - وجه الخير في الدائرة المربعة