أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 52 الفصل الأخير














المزيد.....

قطار آخن 52 الفصل الأخير


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7493 - 2023 / 1 / 16 - 00:44
المحور: الادب والفن
    


حصل إبراهيم على منحة مغرية للدراسات العليا من شركة "غارغويل"، غيّر إقامته من ألمانيا إلى إنكلترة، استقر به المطاف في مدينة "باث" الإنكليزية، هناك انشغل ببحوث الدكتوراه تحت إشراف أستاذه "ستيفن"، أحد الأصدقاء المقربين جداً من الدائرة الضيقة التي يحرك خيوطها غير المرئية الأمير حسن أدليرهورست بمساعدة زوجته ويده اليمنى الدكتورة هناء شابر.

كان موضوع إطروحته يدور حول "مقاومة التعب والعمر التشغيلي لأعمدة ومحاور آلات تحريك القطارات".

فوق طاولة مكتبه علّق إبراهيم لوحة مكتوبة بخط اليد وباللغة الإنكليزية "مَنْ لم ينجز عملاً مفيداً أو لم يجنِ بعض المعرفة في يومه، لم يعشه حقيقة، بل أنفقه هباءً". كانت هذه هي هدية الأمير الشخصية بعد استلام إبراهيم لعمله البحثيّ.

أخذ يعمل صباحاً ومساءً وبقي على يقين بأن بحوثه العلمية لن تتوقف عند ملاقاة الإبرة الضائعة في كومة القش، بل عليه أن يتابع بحثه بجدٍ عساه يعثر على إبرة ثانية أكثر أهمية من الأولى.

**

وهكذا فقد اقتصرت حياته على المخبر والمكتب وسرير النوم ومراسلة صديقته مانويلا. الغربة المرتبطة بالعزلة تجعل صدر الإنسان صبوراً نقياً دافئاً ومؤمناً بالله.

ماتت صديقته الإيرانية "أمينة" ـ الصداقة التي لم تكن قد تبلورت بعد ـ أمام بوابة بيتها العريضة في مدينة "بريستل" حين كانت تنتظر خروج سيارة زوجها من كراج الفيلا. أفادت الشرطة بأن الحدث قضاء وقدر. دهسها الزوج الإنكليزي من أصول إيرانية بسيارته وشطرها شطرين دون أن يلمحها، بينما كانت تتبادل القبلات الهوائية مع ابنها الذي جلس في المقعد الخلفي للسيارة.

انقطعت علاقته مع هنيلوري التي استقرت في موسكو، هناك استلمت إدارة شركة "غارغويل" بشكل كامل بتكليف رسمي من الأمير وزوجته.

أما علاقته بعشيقته سابينه فقد تضاءلت وانكمشت حد الجفاء، بعد حوالي الشهرين من عودتها إلى عملها في شركتها الخاصة في مدينة آخن اكتشفت طبيبتها النسائية إصابتها بسرطان الثدي. صارا يتهاتفان في فترات متباعدة ولم يلتقيا إلا مرة واحدة لعدة دقائق أثناء حضورها لحفل تأبين الدكتور "توفيق فريد شابر"، كانت حالتها النفسية في أقصى درجات الحضيض.

الذي يعرف مرض السرطان لا يصفه، ومن يصفه لا يعرفه حتماً. للإنسان الحق في حياة خالية من الداء الخبيث.

إصابتها بالسرطان صنعت من إبراهيم رجلاً آخر، جعلته يمعن التفكير في صحته ومستقبله، بين ليلة وضحاها توقف عن التدخين وصارت سجائر "غارغويل"، السحرية الفائضة بالشغف، أمراً من الماضي، صارت لا تعني له شيئاً ما عدا ذلك الحنين الجارف إليها، صوت المشتاق. طلّق السجائر في يوم عيد ميلاده ومنذ ذاك اليوم لم يستطع احتساء القهوة مع الحليب. كان قراره البطولي هذا هو الهدية الأثمن التي تلقاها في حياته حتى ذلك التاريخ. انتصر على السجائر دون حاجته إلى نصائح من أحد أو إلى استخدام العقاقير لتعويض نقص النيكوتين في جسده.

إذا اعتاد الإنسان على تدخين السجائر ـ مهما كان نوعها ـ تراه يكبر ويغرق بمآساته يوماً بعد يوم غير مصدّق بأنّ للآخرين القدرة على التخلي عنها أو أنهم لم يدخنوها قطعاً. مثله مثل من يلد دون أصابع فتراه يكبر غير مصدق بأنّ للآخرين أصابع قادرة على العمل.

على الصعيد الآخر أخذت علاقة إبراهيم بصديقته مانويلا تتعمق أكثر فأكثر وتتوطد يوماً بعد يوم. أنهت مانويلا دراستها وعادت للعمل في جامعة دورتموند في ألمانيا ودأبت تقتنص الفرصة تلو الأخرى لزيارته في مدينة "باث" أو لقضاء عطلة نهاية الأسبوع معه في مدينة لندن، حتى أنهما أمضيا معاً لعامين متتاليين أعطال عيد الميلاد في منزل أهلها.

تزوج إبراهيم مانويلا بعد أن صارت حبلى.
حين أخبرته مانويلا بأنها حامل، لم تسعه الفرحة، سمّى جنينهما "اسحاق" دون أن يعرفا نوع جنسه، ثم امتنع عن تناول المشروبات الكحولية ودأب على الصلاة يومياً.

**



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطار آخن 51 الفصل الأخير
- قطار آخن 50
- قطار آخن 49
- قطار آخن 48
- قطار آخن 47
- قطار آخن 46
- قطار آخن 45
- قطار آخن 44
- قطار آخن 43
- قطار آخن 42
- قطار آخن 41
- قطار آخن 40
- قطار آخن 39
- قطار آخن 38
- قطار آخن 37
- قطار آخن 36
- قطار آخن 35
- قطار آخن 34
- قطار آخن 33
- قطار آخن 32


المزيد.....




- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...
- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 52 الفصل الأخير