أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد ع محمد - تلاوة اللامبالاة














المزيد.....

تلاوة اللامبالاة


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 7489 - 2023 / 1 / 12 - 00:27
المحور: الادب والفن
    


بالرغم من مرور أكثر من اسبوعٍ على دخولنا العام الجديد إلاّ أن وتيرة الأيام بقيت كما هي، فما من أحداثٍ صاعقة تشي بأن المُقبل أكثر ظلاماً من المغادر، ولا وقائع إيجابية تشير إلى أن الوافد سيكون أكثر إشراقاً من المنصرف، لذا فإن الوضع الراكد هذا جعل تساؤلات نهاية السنة الفائتة ما تزال معلّقة في صدر بهو الذاكرة على غرار الأشياء التي جررناها معنا إلى العام الجديد، ومن تلك الاستفهامات التي كانت أقرب إلى وخز الذات ومساءلتها، ما الذي يدفعك صوب مناخات الخمول وأنتَ في الشريط الأخير من وصلةٍ زمنية سريعة العدوِ وحيث أنك تدرك بأن تلك اللحظات الحاسمة التي تبدو فيها مستهتراً ستُضاف إلى الغابر بكل نجاحاتك وإخفاقاتك؟ ولن يكون بمقدورك إعادة إقلاع أي نابضٍ من نوابض المبادرة طالما أنها غدت خارج حدود الاستطاعة، وليس لك إلاَّ التحسر على الفائت أو معاهدة الذات بألا يكون القادم بسوية الذاهب.
ما الذي عليك القيام به في الهزيع الأخير من السَّنة المغادرة أو مع تباشير السنة الآتية وأنتَ قابَ قوسين من ألسنةٍ ستحرق آخر صفحات التقويم؟ وعادةً ما تكون المناسبة محطة مهمة لجرد الحسابات الحولية لما مضى وإعداد خططٍ جديدة للقادم من الأيام والشهور؟ ما الذي يدفعك لكامل البرود عوضاً عن مشاعر الحماسة التي تحثك على سرعة اغتنام لحظاتٍ على وشك التملص منك وأنت على ناصية الحدث الذي ينتظره الملايين غيرك حول العالم على أحر من الجمر؟
ما الذي ألزمك السكينة في الوقت الذي ترى كل مَن حولك يعيش في كامل الاضطراب بكونه على مفترق الوداع والاستقبال، ذلك ربما هو السؤال الذي لن تجد له جواباً عندما تكون بصدد القيام بشيء وإذ بشيء آخر لم يكن موضوع اهتمامك ولا كان حديث الساعة يوماً بالنسبة لك ولكنه مع ذلك يتصدر زمام المبادرة، وتراك بكامل الإنسابية متتبعاً خطى تلك الهواجس التي داهمتك من غير ميعاد، ويغدو حالك كمن كان قاصداً وجهةً ما في القطار ولكنه يرى نفسه ماضياً باتجاهٍ آخر عكس الأول، ويبقى أغرب ما في الأمر هو سرعة اندماجك مع الاتجاه الجديد بدلاً من تذمرك من آلية تغيير المسار برمته.
يظهر أن التوق الداخلي الخفي لدى المرء لمعرفة شيء جديد في الخارج أشبه بالاشتهاء المفاجئ لنوع معين من الطيبات، ويبدو لي أن هذه الرغبة تأتي في بعض الأحيان بغتةً، بدون مقدمات، بدون أيَّ جاهزية وبدون تحضير مسبق، بل ويغدو ذلك الميلُ الجارف كالفكرة الخاطفة التي تأتيك ليس في وقت بحثك عنها أو تطويقك لكل الأفكار في زاوية ما حتى تستطيع الإمساك بتلك المطلوبة كما تفعل المرأة القروية وتحشر كل دجاجاتها في زاوية الحظيرة لكي تختار الأفضل من بينهن لمائدة يومها، ولكنها وسط اضطراب الكائنات في الحظيرة إذ بالدجاجة التي كانت ببالها تفر منها ويقع اختيارها لا شعورياً وعفو الخاطر على واحدة لم تكن محط اهتمامها قط، ولا فكّرت بها يوماً، ولا وضعتها نصب أعينها قبل حصارهن في الزاوية، وهكذا يكون وضعنا على الأغلب مع تزاحم التصورات ونحن بصدد تخميناتٍ معينة، وحيث نكون مشغولين بأخريات ومنتبهين لغيرها من الأفكار وهب تطل برأسها فكرة وتستحوذ على كامل تفكيرنا.
هكذا كان الحال مع القراءة أيضاً، فحيث يكون بعض الأحيان اهتمامنا منصب نحو نوعٍ معين من المصنفات ونكون مخططين لنهل صنفٍ محدّد من الأسفار، وإذ بنا في مجالٍ آخر، ونرى أنفسنا منهمكين بقراءة ما لم نخطط له وما لم يكون محور اهتمامنا في تلك الأوقات، ومنها أذكر أني حملتُ إلى البيت قبل أيام من مكتبةٍ في حي الفاتح باسطنبول كتابي الألفاظ الكتابية للهمذاني والحكمة الخالدة لابن مسكوية، وذلك علّني أبدأ عامي بهما ولكني عوضاً عنهما لم أجد نفسي إلاَّ وأنا أسبح في عالم مارك مانسون في كتابه فن اللامبالاة وأتصور أن اختياره ربما للشخص الفاشل لإيصال فكرته كان قد شدني أكثر لاتمام القراءة، لأن الاستهلال بتجربة صاحب "لا تحاول"* جرني لفضائه مع أنه سبق أن تحدث أمامي الزملاء عن الكتاب من قبلُ عشرات المرات ونصحني به بعضهم كثيراً ولم أشتريه، ولم أفكر طوال تلك المدة بقراءته، إنما من باب الاحتياط حملتُ يوماً ملفاً إلكترونياً من الكتاب في المحمول، ولأن الميترو كان مزدحماً جداً ذلك اليوم وهو ما منعني من تصفح ما اقتنيته حينها ولإشغال نفسي بشيء ما أثناء الرحلة بدأتُ بتصفح الكتب الموجودة في الجوال، وفتحتُ عدة ملفاتٍ وأغلقتها تباعاً، ولكني حين تصفحت سِّفر مانسون جذبني بشكل عجيب وربما لحاجة ما نفسية استحوذ على اهتمامي ذلك الكتاب ونسيتُ أمر الكتب الورقية التي اشتريتها للتوِ، وعند وصولي إلى البيت وضعتُ المشتريات على الرفِ، وعوضاً عنهما رحتُ أقلب صفحات الملف الإلكتروني واحداً تلو الآخر، ورأيتني في خضم اهتمام العالم من حولي وإكتراثهم الجم أطأُ عتبة السنة الجديدة بتلاوة سطور اللامبالاة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*ديوان الشاعر تشارلز بوكوفسكي.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجنب مخاطِر الحسد
- الحرية وأحلام المقيم
- آلية السرنمة بدل الإيقاظ
- ماتت دون رؤية بيتها واسم ابنها في غينيس
- من فضاءات الحرية إلى المأوى
- نموذج من بيدر المغالطات في وسائل التواصل
- من محتوى الهرم إلى إطار القدم
- الحشد البشري وجيراننا الزواحف
- العبث بالأمن غاية العدوِ والحاسِد
- الفاسد بين المحاربة والحماية
- تقارير السجن الكبير
- كل سني إخواني وكل كردي PKK
- مخططات البُلهاء
- باقة من قصائد الشاعر روخاش زيفار
- النظام في المحرَّر
- مَنَاقِص القُفة في سورية
- سورية وسطوة الهَمَج
- انتصار الحبّ في -أرواح تحت الصفر-
- الدكتور محمود والسيّد كلسي
- طلابُ سلطة أم طلابُ حرية؟


المزيد.....




- مهرجان للسينما بالذكاء الاصطناعي.. هل تتأثر هوليود بالتطور ا ...
- مهرجان للأدب الروسي في جنوب الهند
- يسرا: هذا ما شجعني على خوض تجربة فيلم -شقو-
- -أوقفوا تسليح إسرائيل!-.. الممثل خالد عبد الله يطلق نداء في ...
- مهرجان كان: السعفة الذهبية... منحوتة فاتنة يشتهيها مخرجو الس ...
- مزرعة في أبوظبي تدّرب الخيول لتصبح نجوم سينما.. شاهد كيف
- ثلاثة وزراء ثقافة مغاربة يتوجون الأديب أحمد المديني في معرض ...
- مشاهدة المؤسس عثمان ح 160.. قيامة عثمان الحلقة 160 على فيديو ...
- فروزن” و “موانا” و “الأميرة والوحش” وغيرها من الأفلام الرائع ...
- جامعة كولومبيا الأميركية تنقل الرواية الفلسطينية الى العالم ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد ع محمد - تلاوة اللامبالاة