أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماجد ع محمد - تجنب مخاطِر الحسد














المزيد.....

تجنب مخاطِر الحسد


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 7470 - 2022 / 12 / 22 - 20:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بعضُ الناس إن لم نبالغ ونقول الكثير منهم يتصرفون بتلقائية وبكامل البساطة يتحدثون أمام الأقارب والمعارف عما يقومون به أو عما ينجزونه أو عما ربحوه أو وصلوا إليه، ولا ينتبهون إلى أن هذه الكلمات العابرة قد تكون بمثابة الشرارة الصغيرة بجوار بيدرٍ يابس، وكيف أن الشرارة الصغيرة إن لم ينتبه الشخصُ إليها قد تتسبّب بحرائق كبيرة في البيدر أو الحقل أو الغابة، كذلك الأمر فالمعلومات التي نقولها عفوَ الخاطر أمام الآخرين قد تكون وبالاً علينا وتُشعل نار الحسد والغيرة في صدور مَن كان الحسد يُغطي مساحاتَ كبيرة من كينونتهم.
وصحيحٌ أن على المرء التخلص من بعض الهموم من خلال الحديث مع صديقٍ أو زميل، وأن يرتاح أحياناً في التكلم مع المقربين ويحكي لهم عن بعض أموره الخاصة، ولكن ليس كل شخص أهل لأن نُفرغ أمامه ما كان بقاؤه يجلب الأرق، لأن بعض الملفوظات يكون حملها ومسؤوليتها أكبر عندما تُندلق في حضرة مَن لم يكن أهلاً لسكب الخصوصيات في حُجراتهم، وبقاؤها طي الكتمان أقل ضرراً من إفشائها قِبال مَن لا يحفظ الأسرار، لأن ليس كل فرد أهل لأن نتحدث أمامه عن فشلنا أو نجاحاتنا، وحيث أن بعضهم إن أخبرناهم عن هزائمنا استغلوها للاستخفاف بنا والنيل من همتنا وتقديم صورةٍ لنا كأناس لا نصيب لهم من الظفر قط، وثمة أناس إن حدثناهم عن منجزاتنا فقد تثير تلك المعلومات التي نضعها بين أيديهم مشاعر الغيرة والحسد، واجتماع تلك المشاعر مع الأنانية قد تدفع بصاحبها إلى التدحرج صوب مراتع الشرور.
والإنسان الحسود حتى غلاصمه مهما كان قريباً منك فهو مهيأ في أيّة لحظة لأن يكون أخطر عليك من الخصوم، وأن يقوم بمحاربة منجزاتك، أو بناءً على ما حققته يعمل بالضد منك، ليس لأنك اقتربت من حدود مصالحه، وليس لأنك ألحقتَ به أيّ ضرر مادي أو معنوي، وليس لأنك تسببت بخسارته في مجالٍ ما، وليس لأن نجاحك كان على حساب خسرانه، ولا كان صعودك قائماً على إزاحته أو تقهقره، ولا كان تفوقك له علاقة بإخفاقاته الحياتية، ولا كان إزدهارك له علاقة بالتضييق على منافعه، إنما لأن موقد الحسدِ الموجود فيه جاهز لأن يشتعل في أيَّة لحظة، فأي عود ثقاب قادر على إضرام غيظه، وتلهيب غيرته، وإيقاد أحطاب الحسد الكامن فيه، وفي هذا الصدد يُحذرنا روبرت غرين من الأصدقاء والمعارف أكثر من الأعداء بما أننا لا نفشي أسرارنا للأعداء إنما لمن كانوا قريبين منا، وحيث يقول:" كن حذراً من الأصدقاءـ فسوف يخونونك على نحوٍ أسرع، لأنهم يُستفزون بسهولة إلى الحسد، كما أنهم يفسدون ويصبحون طغاة، والواقع أن لديك ما تخافه من الأصدقاء أكثر من الأعداء ".
لذا فلكي لا تثير حسد الآخرين وخاصة المحيطين بك من الأصدقاء والمعارف ليس بالضرورة أن تتكلم عن نجاحاتك المتتالية لهم، وليس بالأمر الضروري أن تخبرهم بأنك ميسور الحال، وأن تجارتك مربحة، أو مرتبك عالي، أو مردودك مرتفع جداً، أو أن مدخراتك كافية لأن تعيش بفضلها عقداً إن حل القحطُ في المرابع، وليس بالضرورة أن تخبرهم عن فوزك، أو أن يعرفوا ما تأكله كل يوم، وأين تقضي سهراتك، وفي أيٍّ من المطاعم العادية أو الفاخرة تتناول طعامك، وليس بالضرورة أن تخبرهم عن الأماكن السياحية التي زرتها أو الأنشطة التي شاركت بها، فلا تعطي الآخر مبرراً لكي تتفاعل محتويات ومواد الحسد المستتر لديه ليبدأ في التفكير السلبي بك، ويتهيأ لاختلاق أسباب العدان عليك، أو التفكير بوضع العثرات في دربك، أو نصب الكمائن أمامك، أو مزاحمتك في الأمور الأكثر حرجاً لديك وإغاظةً لديه، فهذه النماذج البشرية ينبغي أن تكون حذراً معها في الكلام، فلا تتحدث عما هو عليه حالك الميسور، ولا تخبرهم عن براعاتك المتلاحقة، إنما دعهم يتحدثون عن أنفسهم وأنت اقتصر بالاستماع إليهم، أو الإكتفاء بهز الرأس كدليلٍ على موافقتك لما يقولونه، لأنك بذلك تتجنب مخاطر بركان الحسد المضمر لديهم، وفي هذا الإطار أيضاً يقول غرين "إن ظهور المرء أفضل من الآخرين خطر على الدوام، ولكن الأخطر من كل شيء هو ظهور المرء بلا عيب وبلا ضعف، فالحسد يخلق أعداء صامتين، ومن الذكاء أن يكشف المرء عن نواقص فيه بين حين وآخر، وأن يعترف برذائل غير مؤذية، لإبعاد الحسد، ولكي يظهر المرء أكثر إنسانية وقابلية لأن يقترب من الآخرين، فالآلهة والموتى فقط هم القادرون على الظهور بمظهر الكمال والإفلات به من العقاب".



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية وأحلام المقيم
- آلية السرنمة بدل الإيقاظ
- ماتت دون رؤية بيتها واسم ابنها في غينيس
- من فضاءات الحرية إلى المأوى
- نموذج من بيدر المغالطات في وسائل التواصل
- من محتوى الهرم إلى إطار القدم
- الحشد البشري وجيراننا الزواحف
- العبث بالأمن غاية العدوِ والحاسِد
- الفاسد بين المحاربة والحماية
- تقارير السجن الكبير
- كل سني إخواني وكل كردي PKK
- مخططات البُلهاء
- باقة من قصائد الشاعر روخاش زيفار
- النظام في المحرَّر
- مَنَاقِص القُفة في سورية
- سورية وسطوة الهَمَج
- انتصار الحبّ في -أرواح تحت الصفر-
- الدكتور محمود والسيّد كلسي
- طلابُ سلطة أم طلابُ حرية؟
- التخلص من الرَّهط إنقاذاً للجماعة


المزيد.....




- -قوية للغاية-.. أمير الكويت يثير تفاعلا بكلمة حل مجلس الأمة ...
- السعودية تقبض على مواطن تركي في مكة بعد فيديو متداول أثار تف ...
- غسل الفواكه والخضروات بمواد التنظيف قد يؤثر سلبا في الصحة
- لماذا تتزايد السياحة الداخلية في الصين، في حين يتراجع عدد ال ...
- كيف أحمي طفلي من التحرّش أو الإعتداء الجنسي؟
- مبابي يعلن رسميا مغادرته باريس سان جيرمان نهاية الموسم
- -نحو حرب عالمية ثالثة-.. سالفيني يحذر من أحاديث الأوروبيين ع ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /11.05.2024/ ...
- -شعب حر غير متأثر-.. حقيقة فيديو مظاهرة جامعة كولومبيا تأييد ...
- هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي؟.. بحث يكشف قدرات مقلقة في ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماجد ع محمد - تجنب مخاطِر الحسد