أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليمان يوسف يوسف - المسيحية ، نعمة أم نقمة، على الآشوريين ؟؟















المزيد.....

المسيحية ، نعمة أم نقمة، على الآشوريين ؟؟


سليمان يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 7462 - 2022 / 12 / 14 - 12:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تساؤل قد يبدو غريباً وصادماً للكثير من أبناء شعبنا الآشوري المسيحي، وهو يستعد هذه الأيام لاستقبال أعياد الميلاد المجيد . قد يتساءل البعض ، ما الجدوى من طرح هكذا قضية بالغة الحساسية في هذه المرحلة وبعد ألفي عام من اعتناق الآشوريين للمسيحية ؟؟. قطعاً، المقال ليس للتشكيك بالعقيدة المسيحية أو للنيل من ألوهية و قدسية السيد المسيح له كل المجد ، وإنما هو "جردة حساب " ، من وجهة نظر سياسية قومية ، لما جناه الشعب الآشوري من المسيحية وهو قدم لأجلها آلاف بل ملايين الشهداء . وجهة نظرنا تنطلق من المفارقة التاريخية التالية: (العبرانيون اليهود) ، رغم قلة عددهم و افتقارهم إلى إرث حضاري وتشتتهم خارج إسرائيل، نجحوا في استعادة أرضهم وإقامة دولتهم في وطنهم الأم( إسرائيل - ارض الميعاد) بعد أكثر من 2700 عام من سقوطها على أيدي ملوك بابل وآشور. بينما (الآشوريون)، ورثة أقوى الإمبراطوريات وأعظم الحضارات القديمة، أخفقوا في استعادة مجدهم السياسي وإعادة بناء دولتهم الآشورية، ولو على جزء من وطنهم التاريخي (بلاد ما بين النهرين- بلاد آشور).
أعتقد بأن السبب الأساسي هو الاختلاف الكبير بين (العقيدة والمفاهيم اليهودية) و ( العقيدة والمفاهيم المسيحية) .. ( التلمود والتوراة ) لعبا دوراً كبيراُ وإيجابياً في الحياة السياسية والقومية للعبرانيين، من خلال التبشير بـ "الوعد الإلهي" لليهود وحث يهود الشتات على العودة أرض المعياد (إسرائيل). يعتقد اليهود أن (الإله) وعد إبراهيم وعاهده على أن تكون هذه الأرض( إسرائيل ) لنسله. جاء في سفر التكوين 15: 7 : قَالَ لَهُ: " أَنَا الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيُعْطِيَكَ هذِهِ الأَرْضَ لِتَرِثَهَا ". أنبياء وحاخامات اليهود بشروا بهذا "الوعد الإلهي" و شحنوا به عقول اليهود ، حتى غدت "الأسطورة اليهودية" بمثابة "حقيقة مطلقة" لدى العبرانيين اليهود . الحركة الصهيونية والمنظمات السياسية اليهودية ، وظفت " الوعد الإلهي - أرض الميعاد" في خدمة مشروعها القومي القائم على " عودة يهود الشتات الى أرض الميعاد وإعادة إقامة دولة إسرائيل للشعب اليهودي " وقد نجحت في تحقيق "النبوءة - الأسطورة التوراتية".
بالمقابل، المسيحية " عقيدة وشعائر ومؤسسة كنسية" لعبت ومازالت تلعب دوراً سلبياً في الحياة ( السياسية و القومية) للآشوريين (سرياناً كلداناً) . صحيح أن (الدولة الآشورية) سقطت( 612 ق.م ) قبل قرون من ظهور (المسيحية). فهي (المسيحية) ليست مسؤولة عن أفول الإمبراطورية الآشورية وعن خروج الآشوريين من التاريخ السياسي للعالم . لكن بدخول الآشوريين للمسيحية ، فقدوا الكثير من خصالهم وسماتهم القومية. المسيحية أحدثت " قطيعة تاريخية" بين الشعب الآشوري وتراثه الحضاري العريق وقتلت (العقل الجمعي) لدى الآشوريين. الكنيسة نبذت وحاربت (التراث الآشوري ) بحجة أنه يعود الى (المرحلة الوثنية). خطورة ما أقدمت عليه الكنيسة، لا يدركها إلا من يعلم بأن "روح الشعوب تكمن في تراثها".
الآشوريون وجودوا في قيم ومبادئ المسيحية ، نوع من العزاء والخلاص الروحي لهم.. " مملكتي ليست من هذا العالم .. أحبوا أعدائكم.. سامحوا لا عينكم .. عَلَى كُلِّ نَفْسٍ أَنْ تَخْضَعَ لِلسُّلْطَاتِ الْحَاكِمَةِ. فَلا سُلْطَةَ إِلّا مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالسُّلْطَاتُ الْقَائِمَةُ مُرَتَّبَةٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ- من رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 13 ".. هذه المقولات وغيرها من المفاهيم المسيحية، عززت روح الاستسلام والخنوع لدى الإنسان الآشوري وقتلت فيه روح المقاومة التي تميز بها .. المسيحية، حولت اهتمام الإنسان الآشوري من الحياة الدنيوية الى الحياة الأبدية( الآخرة)، اي العمل للآخرة بدلاً من أن يعمل لحاضره ومستقبله . عشرات بل مئات الآلاف من الآشوريين(سرياناً كلداناً) تنسكوا (أصبحوا رهبان)، عزفوا عن الزواج وهذا سبب انخفاضاً كبيراً في تعداد الآشوريين. المسيحية بمفاهيمها و قيمها و تأثيراتها (الروحية والاجتماعية والأخلاقية)، ساهمت في تقويض الوجود الآشوري وانسلاخ الآشوريين عن هويتهم القومية . المسيحية أحدثت تحولاً عميقاً وانقلاباً كبيراً في حياة ومفاهيم الإنسان الآشوري. المسيحية اقتلعت الإنسان الآشوري من جذوره الحضارية وسلخته عن تراثه وتاريخه . أعادت تشكيل وعيه وتكوين شخصية وفق العقيدة والمفاهيم المسيحية، بعيداً عن الروح القومية الآشورية، بل على النقيض منها. على خلفية الاجتهادات والخلافات اللاهوتية حول طبيعة السيد المسيح وهل العذراء مريم والدة الله أم والدة المسيح وغيرها من البدع، انقسم الشعب الآشوري على نفسه الى طوائف ومذاهب ( أرثوذكسية وكاثوليكية وبروتستانتية وإنجليين) . مع الزمن انقسمت الطائفة الواحدة على نفسها و تعمقت الانقسامات وتباعدت الطوائف والمذاهب عن بعضها أكثر فأكثر ، ثقافياً واجتماعياً وفكرياً. كل طائفة تنظر اليوم لنفسها على أنها قومية وأمة بذاتها (الأمة الآشورية .. الأمة السريانية .. الأمة الكلدانية . الأمة الآرامية . الأمة المارونية )، ومنها من استعرب وذاب في بوتقة القومية العربية، مثل الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك. توحيد هذه الطوائف تحت التسمية الآشورية أو تحت أية تسمية قومية أخرى جامعة، يحتاج إلى معجزة. البعض يتسائل : لماذا المسيحية لم تكن عائقاً أمام نهضة و تحرر شعوب وأمم مسيحية أخرى كثيرة مثل الشعوب الأوربية والأمريكية وغيرها ؟؟. لهؤلاء نقول: ثمة فارق كبير بين شعوب وأمم ، مثل ( الآشوريين والسوريين والأقباط الفراعنة) اعتنقت المسيحية وهي مستعمرة وارضها محتلة وإرادتها مصادرة من قبل المستعمرين ، وبين شعوب اعتنقت المسيحية وهي حرة محررة لها دولها تقرر مصيرها بيدها تمتلك إرادتها ، كما هو حال غالبية الشعوب الأوروبية والأمريكية وأمم مسيحية أخرى .
القول: "بأن الكنيسة لها فضل كبير في الحفاظ على الاسم الآشوري وعلى الهوية الآشورية وعلى اللغة الآشورية السريانية". مثل هذا الكلام ينطوي على مغالطات كبيرة وفهم قاصر لطبيعة المجتمع الآشوري. الكنائس ( السريانية، الأرثوذكسية والكاثوليكية.. الكلدانية.. المشرق الآشورية، بشقيها..) تحمل تسميات طائفية مذهبية . حتى (كنيسة المشرق الآشورية) كانت تسمى (كنيسة فارس) ثم ( الكنيسة النسطورية). عودة الكنيسة إلى (التسمية الآشورية) حصل مع بروز (التيار القومي) في الأوساط الشعبية الآشورية. هذه العودة لا تعني "بأن كنيسة المشرق الآشورية حافظت على الاسم الآشوري والهوية الآشورية" ، إلا إذا كان( الشعب الآشوري) بالنسبة لأصحاب هذا الراي هو فقط أتباع كنيسة المشرق الآشورية، بشقيها(القديمة والجديدة) وهذا أخشى ما نخشاه . آشوريو الجبال والريف ، هم من حافظ على اللغة الآشورية(السريانية) وليست الكنيسة . معلولا الآرامية السورية وقرى أخرى في جبل القلمون،( المسلمون الآراميون) أكثر تمسكاً بلغتهم الأم ( الآرامية) من المسيحيين الآراميين.. تعريب (الطقس الكنسي)، يُعد جريمة ثقافية كبيرة ارتكبتها كنائسنا . تعريب الطقس، ساهم وإلى حد كبير ليس في تهميش وإهمال اللغة القومية(الآشورية - السريانية) فحسب وإنما ساهم في عملية تعريب الآشوريين(سرياناً كلداناً).قد يقول البعض إن هذا كله مسؤولية رجال الدين القائمين على الكنائس وليست مسؤولية(المسيحية) . لهؤلاء نقول: ومن الذي ألبس هؤلاء (ثوب الكهنوت) وجعلهم وكلاء الله وأوصياء على الشعب الآشوري، أليست المسيحية ؟؟؟ . البعض يقول " لو لم يعتنق الآشوريون المسيحية ، لذابوا في المجتمعات والقوميات الأخرى " .. لهؤلاء نقول، جميع الأقوام والشعوب المشرقية الغير مسيحية حافظت على هويتها وقوميتها وتراثها الخاص أفضل بكثير من الآشوريين ومن بقية الشعوب والأقوام المسيحية الأخرى( الأقباط الفراعنة و السوريون)، بل الكثير من هذه الأقوام المسيحية ، أستُعربت وذابت في المجتمعات العربية . ألم يقل البطريرك (زكا) "دم العروبة يجري في عروقنا " . كم من الويلات والابادة الجماعية تعرض لها الآشوريون (سرياناً كلداناً) عبر تاريخهم الطويل على أيدي المسلمين(التتر, العرب , الأتراك العثمانيين ، الفرس ، الأكراد) ، لا لجرم ارتكبوه وإنما فقط لأنهم مسيحيون.. أخيراً: في ضوء ما أوردناه و سقناه من حقائق تاريخية ووقائع مجتمعية ، يتضح بشكل جلي ، بأن" المسيحية " مع أنها " دعوة للتسامح والسلام والمحبة بين البشر" ، كانت ومازالت "نقمة " على الآشوريين.



#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مونديال قطر 2022 ، بين ( التسييس والأسلمة )
- آشوريو .. مسيحيو المشرق و(الإرساليات التبشيرية الغربية)
- الجزيرة السورية: وقف (التعليم السرياني) ، جريمة ثقافية وتعدي ...
- الحكام العرب والمتاجرة بـ(قضية مسيحيي القدس و المشرق)
- مذبحة سميل الآشورية، شكلت بداية سقوط العراق
- أردوغان والعودة الى (الحروب الدينية)
- بريطانيا و(الدولة الآشورية )
- سوريا: -الإدارة الذاتية- الكردية، والبحث عن (الشرعية المفقود ...
- الآشوريون يحتفلون بأقدم عيد عرفته البشرية
- الاسلام، أفاد شعوباً وأضر بأخرى
- حكومة اربيل والاستثمار السياسي ليهود السبي الآشوري البابلي
- نشأة الأكراد وأصولهم
- لأجل حوار (اسلامي – مسيحي) مشرقي، حقيقي وبناء
- (داعش) مشروع اسلامي متجدد
- - تركيا أردوغان- على ابواب الجحيم
- تهاوي -المثقف المسيحي المشرقي-
- نعم أنا طائفي
- العرب والاسلام
- من أجل أن يكون -الأكيتو- عيداً وطنياً سورياً
- الادارة الذاتية في الجزيرة السورية بين المشروع الوطني والطمو ...


المزيد.....




- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليمان يوسف يوسف - المسيحية ، نعمة أم نقمة، على الآشوريين ؟؟