أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - فلسفة جان-بول سارتر (الجزء الثاني)














المزيد.....

فلسفة جان-بول سارتر (الجزء الثاني)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7452 - 2022 / 12 / 4 - 00:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فيم تتمثل الروح الجادة؟ في هذا الموقف الذي نفضل من خلاله، مبعدين اللاطمأنينة والقلق، تعريف أنفسنا انطلاقا من هذا الغرض؛ ألا وهو أن الروح الجدية تعتبر أن القيم تُعطى ولا تُخلق، وأنها مستقلة عن الذاتية البشرية.
وجدت القيم في العالم، قبل الإنسان؛ وما على هذا الأخير إلا أن يلتقطها.
سوء النية وروح الجدية: يا لها من تسربات كثيرة تشكو منها حريتنا اللامحدودة.
من هذا المنظور، يجب علينا تعريف الوغد، بالمعنى السارتري للكلمة، بأنه الشخص الذي يخفي، بسوء نية، الطبيعة المجانية وغير المبررة للوجود:
يعتبر الوغد وجوده ضروريا بينما كل الوجود الآخر غير مبرر ومجاني.
تشير كل هذه التحليلات حول القلق والحرية وسوء النية إلى نمط وجود الكائن البشري الحالي، وهذا الشيء لذاته يختلف في كل شيء مع الشيء في ذاته.
إذا كان الشيء في ذاته يشكل امتلاء الكينونة (يحدد الأشياء على حقيقتها، المجردة من الوعي)، فإن الشيء لذاته يمثل طريقة وجود كائن لم يتطابق أبدا مع ذاته. هو في هروب دائم عن ذاته، لم يسبق له أبدا أن كان هو ذاته بالتمام. ينفصل عن ذاته، باستمرار وبدون توقف. بينما الشيء في ذاته معتم على نفسه، ممتلئ بذاته...وهكذا نستنتج أن الشيء لذاته هو نمط وجود الوعي الذي يتلاشى على الدوام، حركة بسيطة للتعالي تجاه الأشياء.
الوعي ليس شيئا آخر سوى خارجيته وهذا الهروب المطلق، هذا "الرفض لأن يكون ماهية" هو ما يشكل الوعي. وبالتالي، فالذات هي كائن يتم وصفه بأنه حركة ومشروع للوجود. 
إن فكرة المشروع هذه، في الواقع، أساسية؛ ذلك لأننا موجودون كمشاريع. نرتمي دائما إلى الأمام بأنفسنا، نحو المستقبل، نحو ما لم يحدث بعد.
وهكذا نكون أحرارا تماما ومسؤولين تماما: تمثل المسؤولية، في عرف سارتر، هذا التكفل التام للإنسان بمصيره كي يخلق طبيعته ويخلق العالم. لكن بهذا الإبداع وهذا الانبجاس الدائمين اللذين تمثلهما حرية الشيء لذاته، أبدو دائما تحت التهديد، الذي ينشأ من وجود الآخر وظهوره في العالم.
"الجحيم هو الآخرون" قولة واردة في مسرحية "الجلسة المغلقة" من تأليف فيلسوفنا، وقد فسحت مجالا لسوء التأويل، إذ غالبا ما فهمت على أنها تعديل بسيط لمقولة هوبز الشهيرة هي الأخرى: "الإنسان ذئب للإنسان".
ومع ذلك، هي لا تعني حرب الكل ضد الكل. كل ما يريد سارتر تصويره أنها مأساة داخل الوعي، من خلالها يعرض عاريا أمام نظرة الآخر.
لفهم ذلك، علينا العودة إلى ما قاله غارسان، ثالث شخوص المسرحية، في نهاية "الجلسة المغلقة": كل تلك النظرات التي تلتهمني (...) لا حاجة للشي، الجحيم هو الآخرون".
الجحيم لا يتأتى من التعذيب الجسدي، ولكنه يتأتى من كون الإنسان عاجزا عن استبعاد حكم الآخر.
وقد سبق لديكارت أن وافانا بفكرة وجود انفرادي ذي سيادة وغير قابل للاختراق.
هذه الأناوحدوية المؤسسة على الإيمان بالذات، إذا كانت موجودة، ستكون نوعا من الجنة.
الجحيم هو أن نكتشف أننا وعي بلا رد فعل ولا داخلية، محروم من أسراره. لذلك فإن الجحيم أقل عزلة وظلمة من الشفافية والضوء الساطع. لكن بالنسبة للملحد الذي كأنه سارتر، ماذا يمكن أن يعني الجحيم (مقابل) الجنة؟ في الحقيقة، تعطينا تجربة الخجل لمحة مسبقة عنه على هاذي الأرض.
تخيل، كما اقترح مؤلف "الوجود والعدم" (1943)، أني مندهش من الغيرة عبر ثقب المفتاح. إن إفصاح الآخرين هو ما يضفي على أفعالي دلالتها. من خلال نظرته، أدرك أني زوج غيور أتلصص عليه.
إن الخجل يؤثر على النفس البشرية، لكنه يحدث أمام الآخرين.
كتب سارتر يقول: "إن سقوطي الأصلي (حدث بسبب) وجود الآخر. ليس بسبب أي خطإ على الإطلاق، ولكن لأن فردا آخر يجعلني مختارا أو شيئا في العالم".
بوصفه فيلسوفا، كاتبا ومؤلفا مسرحيا، تم اعتبار سارتر الأب الروحي للوجودية. وفي نظره ليس الإنسان سوى ما يفعله بحياته، كما يقول في كتابيه "الوجود والعدم"، "الوجودية نزعة إنسانية" (1946)، ولكن أيضا في مسرحياته: "الذباب" (1944)، "الأيادي القذرة" (1948)، الغثيان (1938)، "دروب الحرية" ( 1945-1949).
بموازاة ذلك وفي غضونه، انخرط في خندق العمل السياسي النضالي تحت لواء الحزب الشيوعي الفرنسي وفي معمعان الحركات اليسارية، خاصة خلال حقبة السبعينيات.
(يتبع)



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة جان،-بول سارتر (الجزء الأول،)
- تعزيز دور المرأة في الجامعة مطلب عالمي
- هل تعد مهاجمة شبكة الكهرباء الأوكرانية جريمة حرب؟
- نداء إلى الرأي العام الوطني وكل المعنيين بالدفاع عن المال ال ...
- سؤال حارق حول الاهتمام بحركة الجسد وتهميش حركة الفكر
- فلسفة اللغة
- المسألة الدينية محور لمناظرة بين ريجيس دوبري ورونيه جيرار
- لندن: استدعاء سفير الصين بعد توقيف صحافي تابع لبي بي سي
- ميتافيزيقا أرسطو طاليس في سطور
- تغير المناخ: كيف نؤدي ثمنه من رئاتنا؟
- الجبهة الاجتماعية المغربية تدعو إلى مسيرة احتجاجية حاشدة يوم ...
- تطور مفهوم التثاقف عبر الانتقال من الأنثربولوجيا إلى التاريخ
- الكتب الأكثر -خطورة- ومدعاة لحظر قراءتها
- الكتب الأكثر خطورة ومدعاة لحظر قراءتها (،الجزء الثالث)
- الكتب الأكثر خطورة ومدعاة لحظر قراءتها (الجزء الثاني)
- الكتب الأكثر خطورة ومدعاة لحظر قراءتها (الجزء الأول)
- الإنترنت وثقافة التفاهة
- المغرب: اعتقال النقيب محمد زيان يفجر غضبا إزاء سياسة نظام ال ...
- حقوق المرأة المغربية بين الأمس واليوم
- مشروع الأنوار كما رآه تزفتان تودوروف


المزيد.....




- أين يمكنك تناول -أفضل نقانق- في العالم؟
- ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع ...
- بلينكن: إدارة بايدن رصدت أدلة على محاولة الصين -التأثير والت ...
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمارات ...
- أطفال غزة.. محاولة للهروب من بؤس الخيام
- الكرملين يكشف عن السبب الحقيقي وراء انسحاب كييف من مفاوضات إ ...
- مشاهد مرعبة من الولايات المتحدة.. أكثر من 70 عاصفة تضرب عدة ...
- روسيا والإمارات.. البحث عن علاج للتوحد
- -نيويورك تايمز-: واشنطن ضغطت على كييف لزيادة التجنيد والتعبئ ...
- الألعاب الأولمبية باريس 2024: الشعلة تبحر نحو فرنسا على متن ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - فلسفة جان-بول سارتر (الجزء الثاني)