أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادر عبدالحميد - كوردستان العراق، إطالة عمر البرلمان ومتاهات المعارضة















المزيد.....

كوردستان العراق، إطالة عمر البرلمان ومتاهات المعارضة


نادر عبدالحميد
(Nadir Abdulhameed)


الحوار المتمدن-العدد: 7450 - 2022 / 12 / 2 - 17:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان السادس من تشرين الثاني (٦١١٢٠٢٢) آخر أيام الدورة الخامسة لبرلمان إقليم كوردستان العراق، قَبلَهُ، وفي بداية تشرين الأول، جرت نقاشات داخل صالة البرلمان بشأن تمديد الموعد النهائي لهذه الدورة وتأجيل الإنتخابات البرلمانية المقررة نهاية عام (٢٠٢٢).

رغم أن المعارضة حاولت جاهدة داخل قاعة البرلمان، عبر "قرع الطبول والنفخ في الصافرات، وإعلاء صوت الإعتراض بعدم المساومة على تمديد فترة البرلمان" كما قال رئيس كتلة (الجيل الجديد)، لكن الأغلبية صوتَت في (٩١٠٢٠٢٢) لصالح التمديد لأكثر من عام، أي حتى (٣١١٢٢٠٢٣).

هكذا، تم صب ماء بارد على رأس المعارضة البرلمانية؛ القومية النيوليبرالية (الجيل الجديد) والمعارضة الإسلامية، أي حزبي (الإتحاد الإسلامي الكوردستاني) و(جماعة العدل الكوردستانية).

في الواقع، لم يبقيا الحزبين الحاكمين (الديمقراطي الكوردستاني) و(الاتحاد الوطني)، أية مساحة واقعية وعملية للمعارضة البرلمانية وجعلا قواعد اللعبة البرلمانية مهزلة مثيرة للضحك، لأنه خلال شراكتهما السياسية والإقتصادية، قاما باحتكار سوق كوردستان، والاستلاء على حقول النفط والتجارة الخارجية وقطاع العقارات، ... وتمكنا من تحجيم اعتراضات العمال والكادحين في كوردستان من خلال قواتهما الميليشية والأمنية، وماكنة اعلامهم الضخمة، وبدعم من الدول الإمبريالية ذات المصالح في العراق، علاوة علی التنسيق مع اجندات الدول الرجعية في المنطقة، ولن يتخليا بسهولة عن هذە المصالح عبر تداول السلطة من خلال لعبة الإنتخابات البرلمانية. إنهما يُمثلان الرأسمال الاحتكاري المهيمن والمُتحكم بمصير الإقليم ولا يُباليان حتی بنقد الليبراليين القوميين والإسلاميين داخل البرلمان من أجل تجميل وجه نظامهم الرأسمالي كي لا يُستهدف من قبل العمال والكادحين.

تشويه هذە الصورة الواقعية للإقليم من قبل وسائل اعلام المعارضة البرلمانية (القومية والإسلامية)، وتقديم صورة مفادها، إن المشكلة الأساسية في مجتمع كوردستان، تكمن في صراع هذه المعارضة ضد الاحزاب الحاكمة في الإقليم.

إذا كان هناك فساد وانتهاكات قانونية، واختلاس للأموال العامة وظهور أصحاب الملايين في مدة زمنية قصيرة، وإذا كانت هناك بطالة واسعة وفقر وغلاء المعيشة، وتأخير رواتب العمال والموظفين، وإذ كانت هناك جرائم قتل المرأة بصورة مستمرة وهجرة الشباب الجماعية إلى خارج البلاد، وإذ کانت كل هذه قد فُرضت كحالة طبيعية على حياة الجماهير في كوردستان، ... ومردها، كما تدعي المعارضة، عدم اللياقة والتخطيط وقلة الخبرة لدی المسؤولين الحكوميين وقادة‌ الأحزاب الحاكمة في الإقليم، وعدم ولائهم للوطن والأمة والدين! لذا، وباعتقاد نفس هذه المعارضة، فأن تغيير أحزاب السلطة والمسؤولين الحكوميين من خلال الإنتخابات البرلمانية وتولي السلطة من قبل المعارضة، وتشكيلهم لدولة الكفاءات من المختصين التكنوقراط، سوف تحل كل هذه المشاكل تلقائيًا!!

تكشف هذه النظرة السياسية، أولاً وقبل كل شيء، الأفق المشترك للمعارضة مع السلطة، حيث تغطي نظامًا طبقيًا وبنياناً اقتصاديًا للرأسمالية النيوليبرالية الذي ترتكز وتقف عليه حكومة الإقليم وسلطة الأحزاب الميليشية. نظام متشابك مع النظام الرأسمالي العالمي، كما بين في المؤتمر المشترك الذي عقدته حكومة الإقليم والبنك الدولي بدعم من الأمم المتحدة بتاريخ (٣٠٥٢٠١٦) في أربيل، تحت عنوان "الإصلاح في اقتصاد إقليم كوردستان العراق"، حيث تم وضع استراتيجية وخطة للإصلاح الاقتصادي لإقليم كوردستان، وشَكَرهُما رئيس الإقليم آنذاك (مسعود البارزاني) في رسالة بتاريخ (٩٦٢٠١٦).

كان المعنى الحقيقي لهذا الإصلاح الاقتصادي هو تخلي حكومة الإقليم عن النفقات العامة؛ كالصحة والتعليم، ووقف التوظيف في القطاع العام وتقليل عدد العمال والموظفين، وزيادة الضرائب على المواطنين، وتسليم قطاع الخدمات إلى الشركات التي تنتمي كل واحدة منها لأحدى الأحزاب الحاكمة لنهب جيوب الجماهير. وقد تم إعطاء دفعة قوية لهذه العملية الإصلاحية النيوليبرالية من قبل الحكومة التاسعة الحالية، ومضت في طريقها بخطوات أكبر وأسرع.

هذا الوضع، خلافا لوجهة نظر المعارضة وتفسيرها السياسي، ليس نتيجة عدم لياقة وكفاءة بعض القادة السياسيين والحكوميين، بل هو نتيجة الخطة الواعية والمُستهدفة، للإصلاح الاقتصادي النيوليبرالي لحكومة الإقليم، بتوجيه ودعم من قبل الدول الإمبريالية وبمباركة مؤسساتها الاقتصادية والمالية العالمية.

أصبح إقليم كردستان، ومنذ أكثر من عقد، جزءًا عضويًا من السوق الرأسمالية العالمية، وحُددت لها دور تزويد هذه السوق بالنفط والغاز، وليس إنتاجهما لتوفير الخدمات العامة للجماهير داخل الإقليم، والسلطة السياسية في هذا الإقليم متناغمة مع الإستراتيجيات الإقتصادية والأجندات السياسية للدول الإمبريالية، الأمريكية منها خاصةً، وكذلك مع سياسات الدول الرجعية في منطقة الشرق الأوسط.

إن تراكم رؤوس الأموال والثروات، وبشكل هائل لدی الرأسماليين من جهة، وانتشار الفقر والبطالة والجوع لدی الجماهير من جهة اخری، خاصة في العقد المنصرم، أديا إلی إستقطاب المجتمع، ليس فقط في الوضع الإقتصادي والإجتماعي، بل وفي الوضع السياسي والفكري كذلك، حيث، مقابل تطور إحتجاجات وسخط مختلف شرائح المجتمع، إزداد قمع وعنف حكومة إقليم كوردستان وقوات الميليشيات التابعة للأحزاب الحاكمة ضد الجماهير.

اليوم، يدرك رؤساء الأحزاب الحاكمة والمسئولين الحكوميين الفجوة الهائلة بينهم وبين الجماهير، ويشعرون بالكراهية العميقة في قلوب الناس ضدهم في هذا الإقليم، وهذا ما يُشكل مصدر قلق لدی الدول الإمبريالية والحكومات الرجعية في منطقة الشرق الأوسط، ومع ذلك، فإن أي تغيير في الوضع السياسي الحالي؛ أي التغيير في المعادلات السياسية وتوازن القوى بين مختلف أجنحة البرجوازية في الإقليم، عبر الإنتخابات البرلمانية وتداول السلطة، بين الأحزاب الحاكمة وأحزاب المعارضة، يفتح الباب ليس فقط لمستقبل غير آمن وغير واضح للبرجوازية المحلية في إقليم كردستان العراق فحسب، بل يضغط علی الدول الرجعية المجاورة والدول الإمبريالية الغربية لإعادة تعريف وترسيم أجنداتها في هذا الإقليم.

لذا ومن هذا المنطلق، فإن الحفاظ على الهيكل الحالي لسلطة الإقليم المتشكلة بصورة رئيسية من الحزبين (الديمقراطي الكوردستاني) و(الاتحاد الوطني الكوردستاني) ليس فقط في مصلحة البرجوازية المحلية، بل وأيضا في مصلحة الدول الرجعية المجاورة والدول الإمبريالية، رغم كل الإدعاءات في دعمهم لإجراء الإنتخابات البرلمانية في موعدها المحدد.

رغم عدم وصول الحزبين الرئيسيين الحاكمين (الديمقراطي والاتحاد)، إلی إتفاق حول كيفية إجراء العملية الإنتخابية في الإقليم وآلياتها، إلا إنه ليس هو السبب الرئيسي في إطالة عمر البرلمان، وكذلك رغم تراجع أحزاب السلطة وتقدم المعارضة بعض الشيء في الإقليم في الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة (٢٠٢١)، إلا إنه ليس خوفًا من هذه الحالة، بل وفي المقام الأول خوفًا من الجماهير الكادحة والمعترضة التي عاشت تحت حكمهم على مدى السنوات الأربع الماضية ظروفا معيشية أسوأ بكثير مما عانوها سابقا تحت حكمهم، مع تزايد في القمع وخنق الحريات. فإذا واجهت أحزاب السلطة في الإنتخابات السابقة في (٢٠١٨) و (٢٠٢١) نسبة مشاركة ضئيلة جدًا من الجماهير في التصويت وتدنت نسبة الأصوات التي حصلوا عليها، فمن المؤكد أنهما يخشيان اليوم أكثر بكثير من مقاطعة الجماهير وتدني الأصوات، لذا فمن الأحسن لهم دفع هذا الخوف وإبعاده قدر الإمكان.

إن إجراء الإنتخابات البرلمانية أو تأجيلها لن يغير شيئا من حقيقة كون مؤسسة البرلمان تم تأسيسها بشكل أساسي لسلب إرادة الجماهير وإضفاء الشرعية على الإرادة المفروضة للطبقة المالكة والحاكمة علی المجتمع، لكن كون العملية الإنتخابية وكل ما يتعلق بقضية البرلمان كإطالة عمره مسألة سياسية وتصبح وسيلة بيد الأحزاب والحركات السياسية في التأثير الفكري والسياسي علی الطبقات والشرائح والفئات الإجتماعية، لذا تؤثر علی مجری نضال الكادحين صوب الخلاص من سلطة الطبقة البرجوازية الحاكمة، ومن هنا فأن الموقف تجاهها يكتسب أهمية سياسية نضالية للطبقة العاملة.

لكن ورغم ذلك، فان طريق الخلاص والتحرر من براثن النظام الرأسمالي وويلات سلطة البرجوازية المتمركزة في حكومة الإقليم، ليس طريق النضال البرلماني، بل طريق الإرتقاء باحتجاجاتهم نحو حركة طبقية موحدة قوية في المجتمع بأفق أممي إشتراكي، والنزول إلی ساحة المعركة ضد سلطة البرجوازية القومية الكوردية وحكومتها الإقليمية.

تتمثل المهمة المباشرة للشيوعيين في أن يكونوا فاعلين في هذا الإتجاه وفي ربط هذا النضال بالنضال العام للعمال والكادحين علی صعيد العراق ضد سلطة البرجوازية في الدولة المركزية.

تشرين الثاني ٢٠٢٢



#نادر_عبدالحميد (هاشتاغ)       Nadir_Abdulhameed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع الأصلي في كوردستان العراق، صراع بين الحركة الشيوعية و ...
- مكانة تيار الإسلام السياسي في إقليم كوردستان العراق
- مكانة البرجوازية القومية الكوردية والإقليم الخاضع لها في إعا ...
- تجربتان من افغانستان
- إقليم کوردستان العراق، موقفان متضادان تجاه الانتخابات المبكر ...
- حول النهضة الإسلامية وظهور الإسلام السياسي
- هامش الحرية والجو السياسي المنفتح في العراق
- قضية المرأة في العراق، الحرية والاشتراكية
- كوردستان العراق، العقدة التأريخية الواجب فكها. (في الذكرى ال ...
- الحركة الإحتجاجية في کوردستان محدودة القدرة، عليها ان تتخط&# ...
- تجسید الإشتراكية كبديل واقعي لإقليم كوردستان العراق، م ...
- الأوضاع السياسية في كوردستان العراق واربعة بدائل سياسية
- مغزى التدخلات السياسية والعسكرية لدولة تركيا
- هل سنتمكن من إعطاء درس ما لهذه الانتفاضة؟
- الحركة العمالية في کوردستان العراق وآفاق إستنهاضها
- الحراک الجماهیري، المعارک الداخلیة وآفاق الثورة ...
- المجتمع العراقي، وحدة الجماهیر الحقيقية أم وحدة -الاخو ...
- کوردستان العراق، الاوضاع السياسية، الاحتجاجات الاجتماعی ...
- کوردستان العراق، الاوضاع السياسية، الاحتجاجات الاجتماعی ...
- کردستان العراق: الاوضاع السیاسیة، الاحتجاجات الإ ...


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادر عبدالحميد - كوردستان العراق، إطالة عمر البرلمان ومتاهات المعارضة