أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - البرازيل -في صندوق الاقتراع-














المزيد.....

البرازيل -في صندوق الاقتراع-


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7434 - 2022 / 11 / 16 - 14:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظلّت الانتخابات كمصطلح يمرّ على العديد من بلدان "العالم الثالث" مرور الزائر الحزين، لكن مثل هذا المرور أخذ "يستوطن" في بلدان عديدة منذ انهيار الأنظمة الشمولية في أوروبا الشرقية، وانتهاء عهد الحرب الباردة وتحوّل الصراع الأيديولوجي من شكل إلى شكل آخر، خصوصًا بارتفاع رصيد الفكرة الديمقراطية وزيادة تأثير منظمات المجتمع المدني ودورها على الصعيدين الوطني والعالمي.
ولم يحدث ذلك التطوّر بصورة مفاجئة، بقدر ما كان تعبيرًا عن مخاضات فلسفية وتشريعات قانونية وحركات ثقافية ونشاطات مدنية وصراعات مجتمعية، حتى أضحت القاطرة الانتخابية إحدى الوسائل الأساسية للتغيير بعد أن كان الحذر وعدم اليقين، بل والشك مصاحبًا للدعوات التي تنادي بالتطوّر السلمي واللّاعنفي.
هكذا أخذ الخيار الديمقراطي يتقدّم وإن كان ببطء ودون يسر أحيانًا، لكنه أصبح ممكنًا بعد عدد من التجارب الدولية، أولها - نجاح التغيير في أوروبا الشرقية؛ وثانيها - تململات وحركات احتجاج ونجاحات في بعض دول أمريكا اللاتينية؛ وثالثها - نجاح نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا بانتخابات ديمقراطية وانتهاء نظام الفصل العنصري، حتى أصبح الحديث عن الانتخابات والنظم الانتخابية شغلًا شاغلًا لمرحلة الانتقال، بل مطمحًا تتوق إليه شعوب وأمم، خصوصًا بمقارنته بالخيارات الأخرى العسكرية أو الانقلابية التي برهنت الحياة على عدم جدواها حتى وإن حقّقت نجاحات تنموية معينة، إلّا أنها تعثّرت وارتدّت بعد سنوات من المعاناة.
من هذه الزاوية يمكن النظر إلى نجاح لولا دي سيلفا اليساري في الانتخابات البرازيلية الأخيرة (30 أكتوبر / تشرين الأول 2022)، الذي حكم البلاد لدورتين انتخابيتين الأولى في العام 2002 والثانية في العام 2006، وخلال فترة رئاسته تبنّى برامج اجتماعية وعمل على مكافحة الفقر واهتم بشؤون الكادحين. وقال في أول تصريح له بعد أن فاز على منافسه اليميني جايير بولسونارو أن "الشعب البرازيلي يريد أن يعيش بشكل جيّد، ويأكل بشكل جيّد... ويريد الحصول على تعليم وصحة عامتين جيدتين، ويريد الحريّة الدينية ويريد الكتب بدلًا من البنادق... الشعب البرازيلي يريد استعادة الأمل".
وأشار لولا سيلفا أن البرازيل تحتاج إلى "السلام والوحدة" وآن الأوان لإلقاء الأسلحة وإعادة بناء البلد سياسيًا واقتصاديًا وإداريًا، وإصلاح الأوضاع التي ساءت، مشدّدًا على السلام والمحبّة وتحويل الحلم إلى واقع، ومن حق الشعب البرازيلي أن يحلم مرّة أخرى.
وتأتي هذه الإشارة من رجل خَبِر الحكم وتحدّياته، وذاق حلوه ومرّه، فبعد أن حكم لدورتين فشلت خليفته ديلما روسيف التي ساهم في إيصالها إلى منصّة الحكم، لكن أداءها كان مخيّبًا للآمال، وما زاد الوضع سوءًا هو هيمنة اليمين على مقاليد الحكم، خصوصًا في ظروف تردّي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وتراجع معدلات التنمية.
وكانت تهمة "غسل الأموال" و"الفساد" قد لاحقت لولا سيلفا، وقُدّم إلى المحاكمة وصدر الحكم بحقّه بالسجن ﻟ 9 أعوام ونصف العام، قضى منها في السجن نحو عام وثلثي عام، لكن المحكمة الاتحادية العليا ألغت جميع الإدانات بحقّه وبرّأته، علمًا بأن المحكمة التي حاكمته لم يكن من اختصاصها ذلك، وهكذا استعاد حقوقه المدنية والسياسية، ليس هذا فحسب، بل استعاد ثقة الشعب البرازيلي به، وفاز لولاية ثالثة، وذلك هو سحر الصندوق العجيب.
لم يكن بإمكان ماسح الأحذية والعامل البسيط في مصنع لقطع غيار السيارات الوصول إلى سدّة الحكم، إلّا عبر الانتخابات كوسيلة من وسائل الانتقال الديمقراطي الذي يستطيع فيها الشعب استبدال حكّامه بطريقة دورية وتداولية وتناوبية، انسجامًا مع إرادة الناس وقناعاتها، خصوصًا حين تكون الانتخابات حرّة ونزيهة وفي ظلّ تبلور وعي عام وبمشاركة واسعة، لأنها أداة سلمية للتغيير.
وكنت قد عنونت كتابي ﺑ "الانتخابات والتغيير - الثورة في صندوق الاقتراع" (2014)، لأن من يسعى إلى التغيير اليوم عليه أن يختار وسيلته السلمية، فالوسيلة من شرف الغاية، بعد وصلت الوسائل الأخرى إلى طريق مسدود، وقد تراه اليوم حاكمًا وغدًا معارضًا، وذلك وفقًا لمواصفات الصندوق.
فاز سيلفا بأغلبية بسيطة، حيث صوّت له 50.9 % مقابل 49.1 % لمنافسه، وعليه لحكم البلاد التي يتجاوز سكانها 215 مليون عدم التمييز بين من صوّت له ومن صوّت لخصمه، وتلك فضيلة الحاكم الناجح، وليس هناك من سبيل للنجاح، إلّا بالاستماع إلى نبض الناس، فرضاهم يمثّل "الشرعيّة السياسية" مع المنجز الذي يقدّم لهم، و"حكم القانون" يمثّل "المشروعية" التي ينبغي أن تسير بخط متواز مع الشرعية.
جدير بالذكر أن لولا سيلفا يقف بالضدّ من خصمه بولسونارو بشأن دعم قضايا الشعوب العادلة، وخصوصًا الشعب العربي الفلسطيني، وقد سبق له ارتداء الكوفية الفلسطينية كرمزية للتعبير عن عدالة القضية، في حين ارتدت زوجة خصمه علم "إسرائيل" حين توجّهت للإدلاء بصوتها في الانتخابات في دعم فاضح لا تخفيه هي وزوجها.
المعيار في النصر هو الناس، فهل نقول أن البرازيل انتصرت "عبر صندوق الاقتراع"؟ الجواب سيكون بعد انقضاء الدورة الحالية أي في العام 2026.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المهاجر وهويّته الثقافية
- المستقبل العربي 2045
- الحق في السلام
- مجموعة السلام العربي (نداء القاهرة 2022)
- لا مرجعية فوق مرجعية الدولة وهناك سلفيون دينيون وسلفيون علما ...
- جامعة الدول العربية كلمة الافتتاح لمجموعة السلام العربي القا ...
- الدولة وسؤال النهضة
- البيان الختامي الصادر عن المؤتمر التأسيسي لمجموعة السلام الع ...
- نداء القاهرة
- دين العقل ، وفقه الواقع كتاب يضع الظلام تحت الشمس
- حوار مجلة كولان مع المفكّر والأكاديمي الدكتور عبد الحسين شعب ...
- عن مفهوم الدولة وتفريعاتها
- الإسلام الشعبي والإسلام الأيديولوجي
- نجاح العطّار السنديّانة الثقافية السامقة
- هل سيتكرّر النموذج الأفغاني في أوكرانيا؟
- حسين شحادة الركن الثالث - الاجتماع الإسلامي – المسيحي (الحلق ...
- المفكر عبد الحسين شعبان: يدعو الى دين العقل
- خريطة الفكر الإرهابي
- الرابطة العربية للقانون الدولي: إلى الملوك والرؤساء العرب
- الإرهاب واحتكار العدالة


المزيد.....




- إيلون ماسك يقارن نفسه بـ-بوذا- خلال لقاء مع إعلاميين
- 5 قصّات جينز مريحة تسيطر على إطلالات النجمات هذا الموسم
- CIA تنشر فيديو جديد يهدف لاستدراج مسؤولين صينيين للتجسس لصال ...
- وزارة الداخلية الألمانية تصنف حزب البديل من أجل ألمانيا -كيا ...
- تركيب مدخنة كنيسة السيستينا إيذانا بانطلاق العد التنازلي لاخ ...
- الخارجية اللبنانية تعد بتعيين سفير جديد في سوريا
- حادثة الطعن داخل مسجد بجنوب فرنسا: دعوات للتعامل مع الجريمة ...
- الحوثيون يعلنون استهداف قاعدة عسكرية قرب حيفا بصاروخ باليستي ...
- انطلاق التصويت في الانتخابات الرئاسية الرومانية 
- مقتل 15 شخصا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - البرازيل -في صندوق الاقتراع-