أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند عبد الحميد - العرفاتية ما بعد عرفات















المزيد.....

العرفاتية ما بعد عرفات


مهند عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 7433 - 2022 / 11 / 15 - 11:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أثناء الأزمات والانسدادات والتحديات يبحث الناس عن عناصر قوة موجودة في حلفاء أو تجارب مضيئة أو رموز. بعد ثمانية عشر عاما من مؤامرة اغتيال وتغييب عرفات يتم استحضاره بشكل متزايد. سيما انه كان الزعيم الأطول زمنا وتأثيرا في حياة الشعب الفلسطيني، والاكثر اختلاطا بالمقاتلين وبتنظيم فتح والتنظيمات الاخرى، فكانت أبوابه مفتوحة أمام المواطنين، وهو الذي أزال الحواجز التي تفصله عن الناس، واستطاع أن يتحسس نبضهم ومزاجهم وما ينطوي ذلك على تأثير متبادل.
مأثرة حركة فتح بقيادة عرفات بدأت بالتأسيس للوطنية الفلسطينية من خلال حركة تحرر وطني فلسطيني استجابت إلى حاجة الشعب الفلسطيني لدور مستقل يتجاوز الوصاية والتبعية، ويتمرد على واقع نكبة 48 وانكساراتها الكبيرة. فكانت المبادرة التاريخية بإطلاق ثورة التحرر في مواجهة الاستعمار الصهيوني. وفي هذا المضمار الحيوي نجحت حركة فتح في بناء هوية وشخصية وطنية في سياق تحرري،هوية أذابت داخلها الهويات الفرعية كالهوية الدينية التي رفع لواءها الاخوان المسلمون وبقيت قاصره ومنعزلة، وتعاملت مع الهوية القومية كإطار عام لا يشكل بديلا للهوية الوطنية ولا يتم إخضاعها للمراكز القومية " الناصرية والبعث "، وبالمثل تقبلت الهوية الاممية التي اطلقتها التنظيمات الشيوعية، ليس بوصفها بديلا للهوية الوطنية، بل تعاملت مع حاملها - المعسكر الاشتراكي - كإطار حليف بمسمى فضفاض هو "أحرار العالم".
مفهوم حركة فتح للهوية والشخصية الوطنية فتح الأبواب أمام تعدد سياسي وثقافي وديني منسجم أكثر مع مرحلة التحرر الوطني، ومع الطبقات التي يتشكل منها المجتمع الفلسطيني. وفي الوقت نفسه مناهض للحصرية الصهيونية وللفكر الأصولي والتعصبي للتنظيمات الدينية . غير أن حركة فتح كانت تفتقد الى استراتيجية تحرر منسجمة تتكون من - فكر تحرري، واداة تنظيمية، وممارسة ثورية-. فالتجربة التي قادها عرفات شهدت طغيان الممارسة البراغماتية والتجريبية على حساب الفكر والتنظيم.
انطلق عرفات من واقع مرير وشائك، بدأ بالتطهير العرقي وتجريد الشعب الفلسطيني من شرعية الوجود والحق في تقرير المصير، وشهد عمليات طمس الهوية الوطنية وإذابتها في المحيط العربي، مرورا بفرض أشكال من الوصاية والإنابة، والتعامل مع القضية الفلسطينية كقضية لاجئين فقط. من الطبيعي ان يتم رفض هذا الواقع من قبل ألوان الطيف السياسي فضلا عن الرفض الشعبي المطلق في ذلك الوقت، ولكن كان التحدي الحقيقي هو تغيير هذا الواقع، وهنا تعددت المبادرات والاتجاهات، من اتجاه قومي يعتمد على التغيير من خلال الحرب الموعودة من قبل الجيوش العربية، واتجاه يساري يعتمد على التغيير الذي ستحدثه المنظومة الاشتراكية، وكانت الغلبة للاتجاه الذي عبرت عنه حركة فتح بقيادة عرفات وهو اطلاق كفاح مسلح يشق الطريق الى التحرر الفلسطيني بدعم ومشاركة عربية وعالمية. وجاءت هزيمة الجيوش العربية في العام 67 لتؤكد صوابية ان يكون للشعب الفلسطيني دور تحرري مستقل، ولتشهد على صعود المقاومة الفلسطينية بزخم شعبي ردا على هزيمة الانظمة العربية. بعد أعوام من النهوض الثوري انتقل عرفات الذي اشتهر "بواقعية إلى اقصى الحدود"، من الاعتماد على حرب شعبية طويلة الأمد تشارك فيها الشعوب العربية، الى البحث عن حلول وتسويات من خلال النظام العربي والنظام الدولي بعد حرب 73 ،وكان ديدنه وضع القضية الفلسطينية على الخارطة السياسية العربية والإقليمية والدولية، وبخاصة بعد الاعتراف العربي والدولي بالمنظمة وبحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني على قاعدة التعريف الدولي للحقوق والحل السياسي للقضية الفلسطينية بسقف القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
برع عرفات في التشبث ببقاء القضية الفلسطينية مطروحة على الاجندة الدولية وموجودة في خرائطها وحلولها، دون أن يكترث بالتحولات العميقة في الوضع العربي، وبتحول دولي أشد ناجم عن الانتقال الى قطب أميركي واحد بعد الانهيار السوفييتي، اعتمد على براعته في المناورة، وعلى مثابرته في قلب كل حجر بحثا عن شرعية الحضور والاعتراف بكيان فلسطيني يملك امكانية التحول الى دولة فلسطينية، وفي هذا السياق دخل في مغامرة أوسلو التي أفضت الى نهاية كارثية. حاول عرفات ان يتفادى الشطب بثمن باهظ ، لكنه أخفق واكتشف حدود اللعبة السياسية في مفاوضات كامب ديفيد 2000، ولم يسعفه تمرده عبر انتفاضة 2000 وكانت النتيجة أنه أصبح غير ذي صلة، من وجهة نظر النظامين العربي والدولي وشطب بمؤامرة إغتيال غادرة، وبعده وضعت القضية الفلسطينية في الادراج مرة أخرى، واستمر تعميق الاحتلال والاستيطان والتنكر للحقوق الفلسطينية.
لم تكن هذه النهاية حتمية، لو اعتمد عرفات والقيادة الفلسطينية نهجا سياسيا آخر يأخذ بالاعتبار التحولات العربية والدولية، فكان يمكن البناء فوق الإنجازات السياسية المهمة في مرحلة الصعود الوطني من خلال المأسسة التي تشرك قطاعات جماهيرية أوسع في النضال وفي بناء مقومات صمود حقيقية بعيدا عن الدعم الخارجي وتدخلاته وأجنداته. إن المؤسسة الفلسطينية التي تشكلت في مرحلة الحرب الباردة وتنتمي الى نظام شمولي أبوي فردي قائم على الولاء والتنفيع لم تكن مؤهلة لخوض معارك تهدد مصالحها. هذا النوع من البنية التي لم تجر أي نوع من الاصلاح والتجديد، لا غرابة في أن تغلب السلامة على المصلحة الوطنية، وفي أن يتواطأ بعضها مع الادعاء الاميركي الإسرائيلي بأن عرفات عقبة أمام " السلام"، ما يؤكد على ذلك انه عندما تمرد عرفات على خصومه بدت المؤسسة عاجزة ومترددة ومتكيفة مع مرحلة ما بعد عرفات.
أهدرت قيادة عرفات فرصا عديدة، كفرصة بناء سلطة ديمقراطية، بمنظومة قوانين حديثة، ونظام تعليم عصري، وضمان اجتماعي ونظام صحي يشكلان صمام أمان للقوى العاملة، وكذلك تنمية الموارد من داخل المجتمع وإعادة الاعتبار للعمل المنتج ، وفتح المجال امام تطوير مؤسسات المنظمة على أسس ديمقراطية جديدة. كان ذلك يعني الخروج من البنية المتكلسة وإتاحة المجال امام الأبناء – الجيل الشاب- لتولي المسؤولية والمضي في تصويب العلاقات مع الشعوب العربية وقواها الحية، ومع قوى التغيير في العالم، من خلال مكاتب وسفارات وسلك دبلوماسي حديث وفاعل واتحادات شعبية ومهنية معبرة عن قواعدها الشعبية.
لم تكن هذه النهاية حتمية لو حدث التغيير في البنية السياسية والتنظيمية في عهد عرفات، وما بعد عهد عرفات. صحيح انه لا يمكن تقييم عرفات بمعزل عن زمنه وعن معايير ذلك الزمن، ولكن في كل الأحوال لا يمكن تبرير الأخطاء ولا السكوت على الاختلالات الكبيرة والصغيرة. في الذكرى الثامنة عشرة لاغتيال قائد الشعب الفلسطيني، ما أحوجنا للتقييم والنقد والتعرف على الإنجاز ونقاط القوة، فالعرفاتية لها وجهان، وجه الاندفاع الثوري والمبادرة والروح العملي، ووجه الأبوية المتفردة والمحافظة بعيدا عن النظام والقانون. اختفى الوجه الأول من المؤسسة مع رحيل عرفات ما عدا محاكاة الشبان المقاومين في موجات متلاحقة. ويقي الوجه الاخر ما بعد عرفات في تجليات أكثر سوءا .



#مهند_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات رجعية
- العم العربي المضاد
- التضامن مع الشعب الأوكراني واجب إنساني
- سنة جديدة ..مهام جديدة
- فيلم «أميرة» بين سرديتين
- هل سيكون القرار الفلسطيني مستقلا؟
- فكر نوال السعداوي التحرري لا ينطفىء
- المسكوت عنه في تقارير الشفافية الدولية والمحلية
- بندر يعلن الحرب على فلسطين
- ماذا يعني تفوق البنات الدراسي ؟
- مسلسلات في خدمة صفقة القرن
- العمالة الفلسطينية بين مطرقة الاحتلال وسندان القطاع الخاص
- النظام العالمي في زمن الكورونا
- لماذا ترجح كفة كبح التحرر على كفة دعمه؟
- الحلقة المفقودة في الموقف من التطبيع
- مغزى الحرب على «سيداو»
- فلسطين والبحث عن حليف
- لحظة احتدام اقليمي بدون حرب
- مديح لنساء العائلة/ قراءة سوسيولوجية للرواية
- الثالوث غير المقدس يعيد بناء جدار الخوف


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند عبد الحميد - العرفاتية ما بعد عرفات