أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ابو ماجن - إدراكٌ تحتهُ خط.















المزيد.....

إدراكٌ تحتهُ خط.


احمد ابو ماجن
شاعر وكاتب

(Ahmed Abo Magen)


الحوار المتمدن-العدد: 7427 - 2022 / 11 / 9 - 19:46
المحور: الادب والفن
    


لم تَدرُكْ أبداً
كيف قطعتني إرباً إرباً
ورَمَتني لأسماكِ مشاعرِها الجائعة
كما يفعلُ الناسُ في نهرِ الزيتونة
لم تدركْ ذلكَ حتَّى التفتتْ إليَّ
ولم تجدني
وكأني ما كنتُ عرياناً في قبو الصمت
وهي تغزلُ مُعطفاً من صُراخها على سطحِ الغار
بل كنتُ في عينِها صرخةً في قبرٍ
صدىً للعنةٍ سومرية
كتلةَ طينٍ
خرافةً تسكنُ لسانَ جدتِها
تقصُّها بَصقاً قبلَ أن تَدُسَّ في جيبِها
طُقمَ أسنانِها
وما تبقّى من العمرِ

لايطردُ اللهُ
من حديقتهِ أحداً
ما لم يكنْ من العابثينَ
ولا يجرأُ على تذوقِ الجنةِ
إلا الموغلُ في الحرمان
وليسَ بينَ الوِردِ وقطفِ الوَردِ
إلا المتيمُ بالكسرِ
كنتُ قد كتبتُها على بابِ اللهِ
وبيدي قلمٌ حادٌ
كنتُ قد أعددتُهُ لقطعِ تدفقِ دَمي
لو لم يَستجبلي اللهُ
حضرَ أمامي وقالَ من أنتَ:
قلتُ مُستبشِرا:
أنا الحريصُ...
أنا المحرومُ...
أنا الذي ينظفُ حديقتَكَ من بقايا الدناسةِ
َومن أجلِ مَرضاتِكَ غرستُ ها هنا
شجرةَ تفاحٍ جديدةٍ
ما رأيُكَ يا إلهي؟
تبسَّمَ في وجهي لبرهةٍ
وطردني..

توقفتُ الآن
عن خوضِ المعاركِ
لم تعدْ تثيرُني الحروبُ
ولم تحرِّكْ بي شعرةً في نهايةِ حاجبي
أركنُ الآنَ
في زاويةٍ بعيدةٍ عن أقطارِ الجميعِ
أضعُ رأسي على حجرةٍ خشنةٍ
وليسَ بيدي حيلةٌ سوى سكّين
تراهنُ بدمٍ باردٍ
على شرحِ الموقفِ لأطفالِ أوردتي
ربما سَيفهمونَ حينَ يأخذُني الوهْنُ
لأنامَ إلى الأبدِ في بركةِ دمٍ حار..

بعينينِ أشدّ خضرةً من السماح
وشعرٍ مجعدٍ كطريقِ العسكرِ
وصوتٍ جهورٍ يصلحُ في تلقينِ الموتى
تشحذُ وجوهَ الصدفةِ بمُبردٍ معارٍ
وترسمُ بأحمرِها على الرملِ:
تركوني هنا
وحدي..
مثلَ سنبلةٍ فتيةٍ
تركوني أعشقُ حرارةَ الحَصى
حينَ أحدثهُ بالدمعِ، فيبتسم
أعلقُ على كتفي ذكرياتٍ ميتةٍ
وصَرخاتِ أمي، ووعودَ من يخشونَ رائحةَ التمردِ
وعلى كتفي الآخرِ صبراً يتيماً
وحجةً دامغةً على وضوحي الذي لا يفهمُهُ المُبغِضون
ماذا لو لم يخلقِ اللهُ الـ لماذا
ماذا لو لم يَصدنا السؤالُ عن وجهِ الرِّحلةِ
ماذا لو تُركَ لنا خيارُ النهايةِ
طالما تنهشُنا البدايةُ بأنيابِ خرافةٍ شعبيةٍ
يمتطي لهيبَ انتشارِها برومثيوس
بعينينِ خضراوتينِ
يأكلُها اليباسُ
تتحدثُ هاربةً من الأجوبةِ
وليسَ في حقيبتِها إلا مسبحةٌ بلونِ الدمِ
ودميةٌ أكثرُ وفاءً من الأمسِ
وصرخةٌ مقطوعةٌ الأنفاسُ
تراوغُ لُهاثَ صدرِها الجاثمِ عليهِ
حزنُ الريفِ..
وثلاثةُ عقودٍ..
وقلبٌ مُكسور...
بعينينِ دامعتينِ
أرغمتني على النحولِ والتصلبِ والانحناءِ
ها أنا ماثلٌ على طريقِها
ما لكم تظنونني عَمودَ إضاءةٍ مُهمل !!

من دونِ سابقِ إنذار
وعلى مقربةٍ من شريطِ الخلود
أيقنتُ أن الحياةَ
ما هي إلا لعبةٌ
واللاعبونَ لهم أعمارٌ متفاوتةٌ
والقدرُ قانونُها الغليظ
يبعثرُ أدوارَنا ويرميها
على مسرحِها كـ نردٍ ...
ومن يخشى الدورَ الأسوأَ
يحرِّك شفتيهِ بدعاءٍ
أو ينذرُ ابنَهُ قرباناً للخلاصِ
أو لينزلَ مرتبةً نحوَ السيءِ
هنا من يستلقي جزعُهُ على بساطِ حَنجرتِهِ
هنا من يتركُ أوتارَهُ الصوتيةَ
بيدِ من لا يَحسُنُ العزفَ
هنا من يسلخُ جلدَهُ ليصنعَ وشاحاً
ترتديهِ الخيبةُ على خصرِها عند الرقصِ
ويبقى جسدُهُ مكشوفاً
كـ ثعبانٍ ظفرَ بهِ أحدُ العطارين
تلاحقهُ الأوجاعُ مُلتصِقةً بلحمهِ اللزجِ
ثم تختفي ملامحهُ
تختفي للدرجةِ التي تجعلهُ مشبوهاً في المطارات
حينَ يسمعُ هذا النداء:
الآن، وقتُ إقلاعِكَ أيها المسخُ
الآن، ستقلعُ كلَّ شيءٍ
أسنانَكَ، سجائرَكَ، ذاكرتِكَ، وضميرَكَ
إلا طائرتُكَ لن تقلعَ
ستبقى هنا
حيثُ أصلِ الشيطان
ستجعلُني أقلعُ يدي أيضاً
نعم، سأفعلُ ذلك..
وأثبتُ لكَ أن الشيطانَ عراقيٌّ
بكلِّ ما يحملُهُ من غباء..

لسنا عديمي حظٍّ
لسنا قليلي حيلةٍ
نملكُ ما يثيرُ لُعابَ العالمينَ
بعدما ترشدُهم بوصلةُ الفاقةِ
ذبابٌ... ذبابٌ
يَتكدسونَ على أبوابِنا طمعاً
لدينا من الماءِ
ما يكفي لإحداثِ طوفان أخيرِ
ولدينا من النفطِ
ما يكفي لأشعالِ شَمساً و وألفَ جحيمٍ
ولدينا من الزراعةٍ
ما يكفي لإطعامِ جيلاً من المُعاقينَ
ولدينا...
ما يكفي من المعادنِ والمجدِ والتأريخِ
والسعادةِ والحبِّ والمِلحِ والضَحِكاتِ
ذلكَ كلهُ يتدلّى فوقَنا
كأثداءٍ خصبةٍ
لكننا يا إلهي بلا أفواه

لا تحتضنُ الأرضُ صالحاً
إلا لتحوليهِ نفطاً على مقامِ الصبا
وعلى إيقاعٍ منفلتٍ من قوسِ ربابةٍ حمقاء
يحترقُ النفطُ
تاركاً خلفهُ سلالةٌ من الأوغادِ
علَّ السلالاتِ تُشرّعُ الكفايةِ
عن بهرجةِ الموقفِ
ولا تشذُّ كما شذَّ كاحلُ أخيل
وهو يمددُ نفسَهُ على مقامِ الجورجينا
من دونِ أن يسيلَ لُعابُ طروادة
أو يشيخَ متأزماً بقولهِ:
من ضيَّعْ أسئلةَ العودةِ
لا يشكُ تغربَهُ في وعورةِ الأجوبةِ
ومن يهبِ البقاءَ
ذكورتَهُ المعوجّة
يَستملْ قلوبَ عذارى الفناء

قالتِ السنةُ: ماذا تعلمتَ يا تموز؟
قالَ مُتحمساً: تعلمتُ من أوراقِ الخريفِ
كيفَ نسندُ بعضَنا ببعضٍ وقتَ العاصفةِ
على الرغمِ من أننا سَنموتُ
أو يفسحُ لنا العناقُ
فرصةً أخرى
للموتِ فيما بعد..
كأنْ نتيبسَ حُزناً
ونَحنُ نوازنُ هشاشةَ الدِّفءِ الأخيرِ
مع مَخالبِ الفُرقةِ القارسةِ
_ وتَعلمتُ من أوراقِ الخريفِ أيضاً
كيفَ تنبذُنا الأوطانُ
مُستعينةً بالعواصفِ الدخيلةِ...
_ يَهتفُ تشرينُ من قَصاصهِ:
إنَّ الخَنقَ يَجعلُنا زئبقيينِ جداً يامعلمتي
أما ترينَ إننا نَنسلُّ بفرحةٍ من بينِ ثقوبِ الرصاص.

قد لا أكونُ نبياً عاشقاً
وإن تزاحمتْ حولي أفئدةُ الحواريينَ
أعدُّ اللعناتِ بعينٍ خجلةٍ
مُصابةٍ بالبؤسِ والنعاسِ
وأرتشفُ الغفرانَ بقدحٍ ثَملٍ
لا يكادُ يحتفظُ بما فيهِ
وإن صفعَهُ التأنيبُ بريشةٍ هاربةٍ من عصفورٍ حبيسٍ
أنا ذلكَ المُمسوخُ بالقوانينَ
المُشكّكُ في تُفّاحِ العَبثِ
الهاربُ من بينِ صخرتينِ
كأيةِ نفخةٍ خفيفةٍ
من فمِ مُصابٍ بالشللِ
لا أتركُ أثراً واضِحاً
وإن مَشَيتُ بأقدامٍ من حديدٍ
ولا أشاركُ أحداً في تفنيدِ العدمِ
وإن دعتني لذلكَ ضرورة القَرف
قفزتُ من تأريخٍ مُتخمٍ بالهُراء
ووضعتُ رَاحلتي هناكَ
هناكَ بعيداً...
حيثُ تمكثُ سَبَّابتُكِ
حينَ تُطالبينني بالسكوت.



#احمد_ابو_ماجن (هاشتاغ)       Ahmed_Abo_Magen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث بغداد
- فوتوجرام
- تراب
- طقوس
- فناءات
- مراثي الأغنيات
- فائي
- طوفان
- فضلُ العِلم
- الدرس الخامس
- اعتباطيات
- هروب
- داهية
- مراهقة
- آخر أنفاس الحجِر
- مجراتٌ وثقبٌ أبيض
- كمنجة غاضبة
- كأن شيئاً هناك
- يا أيها الريلُ
- أكتوبريات


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ابو ماجن - إدراكٌ تحتهُ خط.