أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ابو ماجن - مراثي الأغنيات















المزيد.....

مراثي الأغنيات


احمد ابو ماجن
شاعر وكاتب

(Ahmed Abo Magen)


الحوار المتمدن-العدد: 7212 - 2022 / 4 / 7 - 14:33
المحور: الادب والفن
    


هنا
كلُّ شيءٍ دائري
العجلةُ والساعةُ والبيتزا
والعزلةُ والكتابُ والكون
وحديثُكِ الذي تطوقينني بهِ مساءً
حينَ أعودُ مجهداً وعلى كتفي يجلسُ نصفُ يومٍ عبوس
وأنتِ مجهدةٌ أيضاً بالحديثِ عن مساحيقِ التجميل
كيفَ لي نسانُ وجهِكِ الدائري
وهو يستثيرُ غضبَ قرصِ الشمسِ في كلِّ صيفٍ عراقي
ولا مزاجُكِ الدائري أيضاً
وهو يشدُّ عزيمةَ نفسهِ
لئلا أبدو قرباناً ضعيفاً
على الرغمِ من أنَّ الوقتَ يشحذُ سكينَهُ
ليجتزَ رأسَ انتظاري حلما تتأخرين..
أعلم إنك تجيدينَ اللفَّ جيداً
وقتما تختبئُ ابتسامتُكِ وراءَ قناعٍ من خزفِ الأنوثة
لعلكَ وريثةٌ شرعيةٌ لسلالاتِ الطين
وتجيدينَ الدورانَ كمريدٍ صوفيٍّ مذنبٍ
أجهدَ كاهلهُ البحثُ عن المغفرة
بصراحةٍ أنتَ تجيدينَ كلَّ شيءٍ
وبينَ يديكِ لهبٌ يُضاهي نارَ المجوسِ
ولا تضعينَ طلاءً لأظافركِ لتكونَ صراطاً لا مستقيم
لإخافةِ أولئكَ الذينَ ضيَّعوا قلوبَهم في مرآبِ (باب المعظم)

ولأنكِ شديدةُ الأنوثةِ
اختاركِ الربُّ لتكوني آلهةً للخلاص
انظري لأوراقِ الخريفِ
كيفَ تموتُ راقصةً في نهايةِ الموسم
وكيفَ تتطايرُ أشلاءُ الناسِ بعدَ كلِّ انفجار
مثلَ خروجِ التلاميذِ من المدرسةِ بعدَ نهايةِ الدوام
وكيفَ يتلاشى الضوءُ في نهايتهِ
ليعودَ ذراتٍ صغيرةٍ يضخمُها الحبُّ
فتبدو شموساً في مجراتِ أخرى
كتلكَ المجراتِ التي يخلقُها تعرُّقكِ على زوايا أنفِكِ
وأنتَ محاطةٌ بالخجل...

السوء
يتربص بنا
مثل كلاب صيد جائعة
فلا أحد يفكر بنا
حتَّى وإن تناثرت أشلاؤنا
كالزجاج المهشم
بعضهم سيندم على أهماله فتجرحه الذكرى
والبعض الآخر سيسحقنا برأسه
حتَّى يسقط شعر أقدامه خجلاً
هم يعلمون أن الظروف كائنات مسكينة
لذا علقوا عليها كل هزائمهم
سيفخرون بينهم وبين أنفسهم
سيبكون أمامنا
ونمسح دموعهم بأكتافنا
نحن الذين فقدنا أيدينا الباحثة عنهم
بلغم عاطفي..

الراحلون
يخيطون شيئاً فشيئا
فتوق الحياة الباهتة
حتَّى يتلاشى آخر ظل لهم
وتبقى آثارهم مطرزة هنا وهناك
كما تفعل الإبر حينما تغادر مبتعدة
عن أول زر تتركه..

أكتبُ لأنني وحيدٌ
أكتبُ لأنني بلا أحدٍ
أكتبُ لأنني لا علاقةَ لي بذلك
ولا علاقةَ لي بشيءٍ
خُلقتُ لأكونَ عِلكةً
يمضغُني الوقتُ
متى شاء
ليَقضي بعضَ الوقت
أو أكونَ عمودا مهملاً
في طريقٍ طويلٍ بلا نهايةٍ
هناك من يستعملُني سبيلاً للإنارة
وهناك من يجعلُني مقصلةَ إعدامٍ باهتةٍ
فلا ذنبَ لي بذلكَ كلِّهِ
أنا الغريق في نواياهم
وليسَ معي سترةُ نجاةٍ
أو هواءٌ
أو حب..

أيتها البعيدة
عند حافاتِ الوهم
الحافونَ بك لايجيدونَ عزفَ الحقيقةِ
وإذا تكلمتي لايسمعون
ليسَ لأنهم مهملون
بقدرٍ ما أنهم ضيعوا آذانهم
عند أولِ صلاة
أيتها الموجةُ الثرية
مازال مذياعُ قلبي
يستقطبكِ بلهفةٍ، كما فعلَ أولَ مرةٍ

شكراً لكم أيها المنادون
الاسم الذي تلهجون به
ليس لي، لن أعترف باسمي الطاعن بالمجيء
هذا ليس أنا
هذا العالم..
أما ترونه فارغا مثل زجاجة نبيذ مهملة على شاطئ
يكسوها الرمل تارة
وتارة أخرى تعريها المياه
حملُها من هناك، أهون من حمل جريدة
لكنها تُفضل البقاء متجردةً
وعلى الرغم من ذلك
تركلُها قدمُ أحدِهم على سبيل المواساة
فترتطم بصخرة شاخصة بغضبِ الأعوام
حتَّى ينتهي بها المطافُ
مهشمةً بهدوء...

لكي تنجو
لاتحتاجُ لأن تكونَ واعياً
الأمرُ برمتهِ بسيطٌ جداً
اعشقْ بحماقةٍ
اهربْ نحوَ ضفةٍ بائسةٍ
تخلَّى عن دماغِكَ الثقيل
انفضْ تُرابَ أكتافِكَ
هكذا تتحركُ القطاراتُ على سككِ الفُوضى
تبتزُ المسافاتِ بسرعةٍ بالغةٍ
لكنها ليستْ واعيةً
لتقفَ أينما يَحلو لها
فللمحطاتِ سطوةٌ طاغيةٌ
وللسككِ طاعةٌ عمياء
والقطارُ مِثلُكَ تماماً
لا يَنجو أبداً...
إنْ لم يخرجْ عن فَحواه..

كن غبارا
واخنق رئة الهواء
كن دخانا
وشق بعمودك السماء
كن ريحا
واخلع مافي طريقك من سكون
كن رائحة عفِنة
ودع برفضك يحكم الذوق
بَدلاً من كونك نسمة منعشة صافية
تنكرها الأنوف....

أن تكتبَ قصيدةً
هذا يعني أن تحرث بجهدٍ
أرض مشاعرك الخصبة
وتنثر فيها كلَّ ما تملكهُ
من بذور أفكارك السحيقة
وتسقيها من بئرك المعطل
دموعا عذبة
حتَّى إذا أنبتت واستقام زرعُها
وتدلَّى ثمارها كمن عانقهُ شغفا
حبلُ الإعدام
عمدت إلى جنيِّ محصولك ليلاً
لتعِدَّ صباحاً بذلك
وجبة واحدة فقط
تسندُ رمقَ القلوب المكسورة
العاجزة عن تأدية الشكوى
الخالية تماماً من التعبير..

ستذهب
ويبقى وراؤك خاليا منك
إلا أعقاب سجائرك النابتة على سطح المنزل
كلوحة تزينها أفنان آملة من بين الحطام
وتبقى كتبك فاغرة فاها لأصابعك المقضومة
وعلى مكتبتك العتيقة
تزدحم جرائدك بكل شيء إلا منك
لم تكن لتستمع للجمادات الأخرى
لولا إن قلبك شاعرا
ولم تنصفك العزلة
وأنت بهذا الحجم الهائل من الترهل العبثي
ولم تتسع جدرانك
وأنت تجهد في تضييق صدرك بالتحسر
أفعل ما بوسعك
واعلم إنك ستبقى وحيدا
مثل غراب...
حتَّى صندوق أسرارك سيتبخر
مثل بخور في بيت محترق
سينتهي هكذا من دون أن يشمه أحد
ستبقى نصوصك محبوسة في أوراقك المبعثرة
وتبقى شتائمك مصلوبة خلف باب المرحاض
لن يحزن عليك أحد
حتَّى ثيابك المستعمَرة بجيش رائحتك
ستنال استقلالها آنذاك..
هل سيذكر التراب
الذي على رفوف مكتبتك الهزيلة
أصابعك التي تداعبهُ بسخرية!
وهل ستذكرك سلة المهملات
الجالسة مثل حجر زاوية في غرفتك النائية!
لن يذكرك شيء
فكر جيداً، لا يذكرك أحدٌ
فكر قبل أن ترمي بنفسك من أعلى السرير
فيصطدم رأسك
بالمروحة السقفية...


كن مالحا
لتكونَ أنتَ
بَدلاً من تعفيرِ جبينكَ بترابٍ عاطفي
وتمرد على الحلوى
بغرامكَ الممتدِ عبر محافظتينِ عالقتين في حُلقومِ الماضي
هكذا قيلَ لي
وتفردتُ كزجاجةٍ مكسورةٍ عبر الطريق
لم أجرح أحداً
سوى أولئكَ الذين لاينتعلونَ الحقيقة
لطالما أحببتُ هذا الدور
فالزجاجُ المهشمُ في الطرقاتِ يتركُ أثراً
ولا يُعاديهُ أحدٌ بالشتيمةِ
بقدرِ ما يُصابُ بها من أوجدَ شريعةَ الكسرِ
لو لم أكن هكذا
لوقعتُ في فخِ الانفلاتِ من يدِّ الوقت
وأنتهيتُ في ظلمةٍ ضيقةٍ
كقطرةِ تعرقٍ نازلةٍ بين نهديكِ
في ظهيرةٍ من صيفِ العراق
أو تملصتُ من ثقبِ بكاءٍ مرٍّ
لبلوغِ ناصيةِ الفرحِ
وحينَ وصلتهُ شعرتُ بالانتشاء
ومن شدةِ الفرحِ، بكيتُ...
هكذا علمتني الملوحةُ
المنتقاتُ من غزارةِ الدموعِ
كيفَ أكونُ وحيداً، بدلاً من كوني حلواً يزاحمُني الذباب
ولأني مالحٌ كلياً
هذا يعني أنني غارقٌ بتلك الغزارة من قبل
ربما لأنني تزحلقتُ على شاطئِها، لا أتذكر
أتذكرُ فقط:
إنَّ من يفضلُ الملوحةَ
مالحٌ أيضاً...
ومن يتجرَّعُها يَثِقُ تماماً بوحدةِ الوجودُ
فلا يكونُ مالحاً إلا من كانَ مقدساً
ولا يكونُ مقدساً
إلا من حفلَ بمقعدِ صدقٍ بين مُقدسينِ اثنين
كجلوسي ليلاً
بينَ كأسي المُملحِ وأنتِ...

لم يخطفني بعد
ماكنت أخشاه
ولم تبدد الحيرة
ثرثرة الرهبان الهاربين
وعلى أعناقهم صكوك البهتان
ولم يحدث أكثر من تعثر الورد
وهو يشتم القاطفين بصمت
فالورد لايبادر بشتم الالهة
خوفاً على الملائكة من أن تصاب باسهال حاد
لست معنيا بذلك القطفِ
لكنني معني بسورة الخطفِ
وهي ترتل ذاتها كزوبعة حقودة
تدَّعي إنها تمتلك مفاتيحَ العيبِ
ولا نجاةَ لي من ذلك الصخب المنتظم
ما لم أسير كلَّ العمرِ بطريقةٍ حلزونية
وأعلم جيداً
إن دخولَ الجنةِ لايستحق كل ذلك..



#احمد_ابو_ماجن (هاشتاغ)       Ahmed_Abo_Magen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فائي
- طوفان
- فضلُ العِلم
- الدرس الخامس
- اعتباطيات
- هروب
- داهية
- مراهقة
- آخر أنفاس الحجِر
- مجراتٌ وثقبٌ أبيض
- كمنجة غاضبة
- كأن شيئاً هناك
- يا أيها الريلُ
- أكتوبريات
- بكل هدوء... شعبية
- خيمة أمل
- شمس الأبدية
- حان قطاف القلب
- سورة الجدوى
- بديهياتها


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد ابو ماجن - مراثي الأغنيات