أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - العابثون في حراكنا الثقافي الكوردي















المزيد.....

العابثون في حراكنا الثقافي الكوردي


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7416 - 2022 / 10 / 29 - 10:16
المحور: القضية الكردية
    


أكثر الحركات حاجة إلى التطبيق المطلق للجدلية الثقافية المتوالية، والتي بنيت عليها الحضارات، هي الكوردية، الثقافية حصراً، وبكل ما تملكه من الإمكانيات، لأنها الأكثر حاجة لتصعيد وعيه والمجتمع الكوردي عامة، وهذه لن تتم بدون التحرر من الثقافة الشمولية الموبوءة، التي فرضتها الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة، بدءً من السنوات الدراسية الأولى إلى تخرجنا من الجامعات، ومثلها في ساحات العمل، وفي الشوارع والحانات وفي الدوائر الحكومية، ومن خلال التلفاز، والمذياع، والصحف والمجلات، إلى أن أصبحت صور نمطية مهيمنة على أذهاننا. فرغم كل معاداتنا ومحاربتنا لها ولعقود طويلة، إن كانت في الوطن أو المهجر، ورغم التغيرات الهائلة في التواصل وبنية الثقافات، ظلت الدكتاتورية راسخة في أذهان شرائح واسعة منا، نتعامل بين بعضنا على سويتها وبنفس الأساليب الشمولية.
بعد عقدا أو عقود وأكثر على غياب هيمنة تلك الأنظمة، إما بعدميتها في منطقتنا، أو على خلفية الهجرة، تشكلت ثلاث مجموعات فكرية ضمن حراكنا الثقافي:
الأولى؛ تكاد أن تكون متحررة من تلك الثقافة، تلتزم الصمت أو النقد العصري لمخالفيهم في الرأي، وربما هي الأغلبية.
الثانية، مثلهم؛ لكنهم انساقوا إلى بيئة عنفيه تجاه كل من لا يوازيهم فكرا.
الثالثة؛ لا تزال تعاني ويلات تلك الثقافة، إن كانت في الداخل أو الخارج، تنشر السواد على كل الأطراف.
والأخيرتين إحداهما أخطر من الثانية. لذلك نجد ضياع أعمال الشريحة الأولى، والتي تسود عندها الثقافة الحضارية على الشمولية، وتساهم في تصحيح مسارات مخالفيها، ويحاولون أخذ العبر من الناجحين في حقل ما، على خلفية عبثية المجموعتين؛ الثالثة حصراً، والتي لا تزال تعيش التيه الثقافي، وتحتاج أكثر من أية شريحة في المجتمع إلى الحضانة والتوعية، لأنها الأكثر ضررا من الجميع على الحراك والقضية.
ومن مساوئهم، إننا جميعا نهاجم الأنظمة الدكتاتورية نظرياً، لكننا نقلدهم في الواقع العملي بكل أبعادهم، على خلفية عبثية المجموعتين اللتين لا يزالان يخلقان الفوضى الفكرية ضمن المجتمع.
نتحدث عن شريحتين من حراكنا الثقافي، وعن البون الشاسع بين التهجم والنقد في مداركهم، عن حملتهم لرايات الأولى، وتغييبهم لجماليات الثانية، عن السذج الذين يدرجون ذاتهم في خانة النقاد، عن المنتقدين الذين يجدون التجاهل خير رد على ما لا يستحق الرد، عن الإشكالية التي كتب فيها المئات من المفكرين، والكتاب، وطرحت مثلها من المفاهيم والأفكار، وبنيت عليها مدارس النقد، وما أكثر الذين تعمقوا بالحديث عن أهميتها وسلبياتها وإيجابياتها. نتحدث عن ضحالة إدراك العابثين بالثقافة لنتائج أعمالهم، وخلفياتهم، وضررهم على الثقافة والمجتمع، وعلاقتهم بالوعي، والجهالة.
نتحدث عن الضروريات التي يجب أن يستند عليها الشريحة الواعية من حراكنا الثقافي، للفصل بين الناقد الموضوعي، وبشاعة المتهجم الساذج، الغوغائي، العابث ضمن المجتمع والذي جل همه جلب الانتباه إلى ذاته. والحرص على عدم السقوط في حبائل التيه، في مرحلة يعاني فيها حراكنا الثقافي الكوردي الويلات. نتحدث عن العمل الدؤوب لإنقاذ السذج وعدمي الإدراك، من مستنقع التهجم بعمومياتها؛ وتعريفهم على جماليات التوقف عند حد ما، وتذكيرهم بمضار النسيان أو تناسي التعميم، والتمييز بين النقد الإيجابي والسلبي، علهم والحراك يستفيدون ويفيدون المجتمع.
من الجميل أن يقدم كل منا رؤية فيما يطرحه الطرف الأخر من آراء ونشاطات، إن كان على مستوى الأشخاص أو الاتحادات أو المنظمات، ومن المفيد لشعبنا ولقضيتنا أن نحاول تصحيح الأخطاء، أخطاء الكتاب، والشعراء، الأدباء، السياسيين أو الحزبيين، والتمييز بين الإنتاج الأدبي والأديب، بين الشعر كمادة والشاعر كشخص، بين نشاطات الحراك الثقافي والكتاب القائمين عليه، وعدم التيه عند تقويم المسارات الفكرية وأصحابها؛ والابتعاد عن إصدار الأحكام بمطلقه، أو الطعن في المادة والنص من خلال أصحابها، كأحكام الطغاة السياسيين.
جلنا يدرك أن الجهالة في النقد ستلحقها أحكام جائرة سلبية، وستنتهي إلى نتائج فاشلة، مثلما التقييمات الضحلة لأي عمل ثقافي أو لنص ما سيزيد من تعتيم المسيرة الثقافية، والأكثر أذية عندما تهيمن الشمولية في التهجم، وهو ما سيؤدي إلى تدمير ما تم بناءه من الثقافة الصحية في المجتمع.
ندرك، وعلى مستوى الشعب وحراكه، أن الاختلاف والتباين في الآراء وأساليب العمل سمة من السمات الحضارية، رقيها أو ضحالتها انعكاس مباشر لتطور المجتمع أو تخلفه. أما على مستوى الأفراد، مثقفين أو على نسقهم، نرى أن الطعن في الأخر شخصا أو نصا، لمجرد خلاف ودون تعليل منطقي، أو لتبيان الذات، وباء فكري، خاصة عندما لا يستند المتهجم على الحجة والأدلة؛ وتطلق الأفكار على علاتها، إلى درجة عدم إدراكه أنه يطعن في ذاته حتى ولو حام حوله شريحة مماثلة لمداركه، قبل أن يكون انتقاصا من المعني بالأمر، ويكرس العلل بين المجتمع. وهؤلاء أكثر الناس حاجة إلى المساعدة عن طريق التوعية.
لا شك، النقد مرآة عاكسة لصاحبه قبل أن يكون كشف عن الناقد وأعماله، إذا تجاوز حدوده، وغابت فيه المفاهيم والوعي، وكانت الغاية الطعن، ستبين الصورة المشوهة للناقد قبل المنتقد، وسينكشف فيها عورات ثقافته وقيمه، والأسس التي بنى عليها مفاهيمه.
على مدى العقود الماضية كنا نهاجم أساليب دوائر الدولة الثقافية ورقابتها، وبعد التحرر من خلال النت، لا تزال الشريحة العابثة غير مدركة كم هو جميل أن يقوم ضمير الأنسان ووعيه بالدور ذاته، وعلى المستويات العصرية، وحسنات التحرر من مساوئ التهجم المخفي؛ المؤشر الأكثر وضوحا عن الحقد الدفين على الحياة والمجتمع.
الخروج عن جغرافية النقد الموضوعي، عن وعي، حالة مرضية نفسية، معروفة لدى علماء النفس، يصاب بها معظم الذين يحاولون التسلق للتعريف بذاتهم، وهم أكثر الناس تبجحا بمفاهيمهم، وانتقاداتهم للأخرين دون قيود.
لا بد من العمل على إنقاذ المجتمع، ومعهم الشريحة الثالثة، من مخلفات ثقافة الأنظمة الشمولية، وتجاهل أصوات المحبطين من الشريحة الثانية، والعمل قدر الإمكان على إرشادهما إلى الدروب القويمة، وتجاهل الرد بالمثل، بل وتوجيههم للتركيز على مواجهة مشاكلنا القومية والثقافية، ففي الأولى إنقاذ لثقافة المجتمع من الانحدار نحو الضحالة المعرفية، وفي الثانية تضحية مشرفة من أجل تحرير ثقافة الشعب، وتنويره وتعويم مداركه.
لا شك أن العديد من الذين تعرضوا أو يتعرضون إلى الإساءة ليسوا بعاجزين عن ردها، لكنهم عرفوا ويعرفون قدر المسيء فتجاهلوه وثمنوا قدرهم، فارتقوا بها ورفعوها عن كل ما لا يليق بهم.



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الائتلاف الوطني السوري-التركي
- هل الإمبراطورية الأمريكية بحاجة إلى ظهور كوردستان
- عفرين أيقونة غربي كوردستان
- لماذا فشلت المخابرات المركزية الأمريكية في دمشق وانتصرت في غ ...
- لماذا خسرت ال سي أي أيه في دمشق وانتصرت في غربي كوردستان - ا ...
- فقط نحن الكورد
- تفضيل مناهج البعث على المناهج الكوردية
- كيف تعقدت القضية الكوردستانية؟
- محاضرتي ضمن فعاليات مجموعة ريبين
- الائتلاف الوطني السوري ودعاية الخروج من تركيا قبل رأس السنة
- متى ولماذا ظهرت الدول العربية؟
- البعد القومي لدى العلامة (محمد كرد علي)-الجزء الأخير
- البعد القومي لدى العلامة (محمد كرد علي ) -3
- البعد القومي لدى العلامة (محمد كرد علي) 2/3
- البعد القومي لدى العلامة (محمد كرد علي)1/3
- من غياب المصداقية إلى التحريف الممنهج لتاريخ الكورد في الجزي ...
- من غياب المصداقية إلى التحريف الممنهج لتاريخ الكورد في الجزي ...
- من غياب المصداقية إلى التحريف الممنهج لتاريخ الكورد في الجزي ...
- من غياب المصداقية إلى التحريف الممنهج لتاريخ الكورد في الجزي ...
- من غياب المصداقية إلى التحريف الممنهج لتاريخ الشعب الكوردي ف ...


المزيد.....




- الأونروا تدعو لإنقاذها من الحظر الإسرائيلي..وتحذر من العواقب ...
- إيران: إعدام 4 أشخاص تجسسوا لصالح إسرائيل
- آلاف الأشخاص يتظاهرون ضد إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي
- الداخلية السعودية تعلن إعدام مصري وتكشف ما فعله بمصري آخر في ...
- دعوات أممية ودولية في الجمعية العامة للتحرك دفاعا عن الأونرو ...
- الأونروا تدعو العالم لإنقاذها من الحظر الإسرائيلي: عواقب كار ...
- شهيد وحصار منزل واعتقالات خلال عدوان الاحتلال المتواصل على ج ...
- شهيد وحصار منزل واعتقالات خلال عدوان الاحتلال المتواصل على ج ...
- إيران.. الحكم على 4 أشخاص بالإعدام بتهمة التجسس لصالح إسرائي ...
- منظمة دولية: 12 % من النازحين العائدين يعيشون ظروفاً صعبة


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - العابثون في حراكنا الثقافي الكوردي