أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عبد الإله إصباح - الشهيد المهدي بن بركة.. توهج الفكر وحيوية الممارسة














المزيد.....

الشهيد المهدي بن بركة.. توهج الفكر وحيوية الممارسة


عبد الإله إصباح

الحوار المتمدن-العدد: 7415 - 2022 / 10 / 28 - 13:27
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


الشهيد المهدي بن بركة... توهج الفكر وحيوية الممارسة
كلما حل شهر اكتوبر وإلا حل في الأفق طيف الشهيد المهدي بن بركة، ليذكر القتلة بجريمتهم السياسية التي تستعصي على التقادم والنسيان. لقد كان اختطافه واغتياله اغتيالا لفكر متوهج ولمشروع سياسي يتوخى القطع مع الاستبداد والحكم الفردي المطلق، هو الذي كان يرى في هذا النمط من الحكم تجسيدا لإرادة الاستعمار الجديد في بسط هيمنته على الشعوب ونهب ثرواتها.
أدرك بوعيه وحنكته السياسية ، أن اليسار لا يمكن ترسيخه كمبادئ ورؤية سياسية في المجتمعات الغارقة في قبضة التبعية إلا في إطار نضال أممي لجميع قوى التحرر الوطني ضد الهيمنة الإمبريالية وضد وكلائها من الأنظمة الرجعية في العالم كله. وقد سعى إلى تجسيد هذه الرؤية من خلال هيكل تنظيمي قادر على تنسيق نضالها السياسي على مستوى جميع الدول والقارات. ولذلك كانت مبادرته ودوره الرائد في التهييء لمؤتمر القارات الثلاث الذي حال اختطافه واغتياله دون حضور اشغاله.
ويمكن القول أن الشهيد المهدي بن بركة برؤيته السياسية المتمثلة في " الاختيار الثوري"، قد قام بقطيعة مع نهج وفكر الحركة الوطنية التي حددت سقفا لفعلها السياسي ،فقيدت نفسها باستحالة التخلي عن التوافق مع الملكية في كل الأحول والظروف. ولذلك كانت لا ترفع من المطالب إلا تلك التي تتأكد أنها لا تتجاوز ذلك السقف وتندرج ضمن إطار الولاء للنظام والخضوع التام له.
وفي إطار هذه القطيعة مع فكر الحركة الوطنية، انتقد أداءها السياسي اثناء مفاوضات الاستقلال، إذ حصرت مضمون هذا الاستقلال في عودة محمد الخامس دون أن تلتفت إلى ما هو أهم، والمتمثل في أسس النظام السياسي الذي يضمن التعبير الحر عن الإرادة والشعبية ولا يمارس عليها أي وصاية أو تهميش.
لقد كان الشهيد مدركا لمعيقات الفعل السياسي القادر على تجاوز الوضع القائم أنداك، وهي معيقات مرتبطة قبل كل شيء بالغياب التام للديمقراطية ،أي مرتبطة بما كان يطلق عليه " الحكم الفردي المطلق" بما هو حكم قائم على الاستبداد واحتكار السلطة والثروة. هذا التوصيف للنظام ارتبط لديه بضرروة الارتكاز على الوضوح في الممارسة السياسية وفي إنتاج الخطاب السياسي ،لأن غياب هذا الوضوح كان من أهم نواقص وعيوب الأداء السياسي للحركة الوطنية بعد الاستقلال مباشرة. وانطلاقا من ذلك كان للمسألة الدستورية موقعا مركزيا في البديل الذي بنى مرتكزاته في اختياره الثوري، لآن اغفالها كان من ضمن الأخطاء القاتلة التي جعلت الحكم ينجح في خطته للاستفراد بالسلطة، وجعلت حكومة عبد الله ابراهيم عاجزة تماما عن تنفيد برنامجها لأنها لم تكن تملك من وسائل الحكم ما يساعدها على ذلك، وبعبارة أوضح لم تكن تملك السلطة الحقيقية التي بقيت محتكرة بيد النظام. ومن تم اعتبر الشهيد أن أي تفاوض مع النظام لا يركز بوضوح على صلاحيات حقيقية للحكومة تجعلها تمارس السلطة فعليا، هو تفاوض يسقط مجددا في نفس الأخطاء القاتلة، ويجعل أي دستور لا تتضمن بنوده تنصيصا صريحا على هذه الصلاحيات دستورا يكرس الاستبداد ولا يعطي أي اعتبار للإرادة الشعبية.
ولعل أهم ما كان يميز الشهيد المهدي، هو جمعه بين كونه قائدا سياسيا على المستوى الوطني، وزعيما بارزا من زعماء حركة التحرر الوطني، فكان نضاله ضد الحكم الرجعي وفق تعبيره، لا ينفصل عن نضاله ضد الإمبريالية والصهيونية، اعتبارا للتحالف الاستراتيجي لهذا الثلاثي على مستوى العالم كله. وقد انتبه مبكرا للخطر الصهيوني وحذر من تزايد تغلغله في القارة الإفريقية، لما يحمله هذا التغلغل من مخاطر تهدد استقلال شعوب افريقيا واستقرارها، وتحكم عليها بالتبعية لهذا الكيان الاستعماري والعنصري. ولا غرابة في أن هذا الكيان كان له دور اساسي في تدبير وتخطيط اختطافه واغتياله لأنه أراد بذلك أن يزيح خطرا يهدد مشاريعه التوسعية في الوطن العربي وقارة افريقيا. وكان حدس الشهيد صائبا تدعمه التطورات اللاحقة والراهنة لمجريات مسلسل التطبيع مع مجموعة من الدول الإفريقية والعربية ،ومنها المغرب الذي تمادى في هذا التطبيع خاضعا ومستسلما للمخططات الامبريالية والصهيونية، دون اي اعتبار لعدالة القضية الفلسطينية ولمعاناة الشعب الفلسطيني من جراء الممارسات الوحشية للكيان الصهيوني وجرائمه المتواصلة.
ويكاد الشهيد المهدي بن بركة أن يتفرد بين القادة السياسيين المغاربة بهذه الازدواجية المميزة لنضاله على الصعيدين الوطني والأممي، لأنه كان مدركا لجدل الداخل والخارج في تحديد مصير أي نضال يستهدف القضاء على الاستبداد والتحرر من التبعية وقبضة الاستعمار الجديد، ولذلك كان لشخصيته بعدين، بعد وطني وبعد عالمي على غرار ماوتسي تونغ وتشي غيفارا وغيرهما من زعماء حركات التحرر الوطني.
كما انفرد بين الزعماء السياسيين المغاربة بأنه الوحيد الذي خلف وثيقة سياسية بقيمة وأهمية "الاختيار الثوري" . صحيح أن بعضهم خلف مذكرات أو جمع حوارات له في كتاب، غير أن كل ذلك لا يرقى إلى البعد المرجعي والتاريخي الذي يمثله "اختياره الثوري" ولا إلى شهرته ضمن الأدبيات الثورية المغربية والعربية.
إن التوجه السياسي للشهيد المهدي من خلال هذه الوثيقة الهامة، توجه يقطع مع الانتهازية والغموض والتذبذب، لأنه يشير بوضوح لطبيعة الحل السياسي للوضع المأزوم، حل يرتكز على تغيير جذري للبنى السياسية القائمة، ويؤدي إلى تحقيق ثورة حقيقية تنقل الاوضاع جذريا من الاستبداد إلى الديمقراطية ومن التخلف إلى التقدم ، ومن التبعية إلى الاستقلال التام.
وبهذا النهج السياسي، استطاع أن يرسخ صورته كزعيم حقيقي لليسار على المستويين الوطني والعالمي، وقد ضاعف اختطافه من ترسيخ هذه الصورة، وترسيخ قيمته كشهيد من شهداء حركة التحرر. وإذا استطاع القتلة أن يغيبوه جسديا، فإنهم عجزوا عن تغييبه كفكر ومشروع وقضية.



#عبد_الإله_إصباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب الطليعة، اليسار، والموقف من الانتخابات
- سعيد ناشيد.. محنة مفكر عقلاني
- حميد برادة والعداء الدفين لليسار
- الشهيد عمر بن جلون.. والعود الأبدي لفكرة اليسار
- الناصرية.. مشروع نهضوي مجهض
- البوكر 2019 تسلل الرداءة إلى القائمة القصيرة
- أي علاقة بين الماركسية والذهاب إلى الحج
- الإسلام .. وأزمة الانفصال بين العبادة والأخلاق
- ثورة لم تكتمل، قراءة في مذكرات المناضل امحمد التوزاني.
- بن كيران، نهاية كاريزما الضحالة والتهريج
- أحمد بن جلون صديق الهوامش
- الشهيد المهدي بن بركة والانتقال من التقليد إلى الحداثة
- بوب ديلان وناس الغيوان
- الشهيد المهدي بن بركة، وحدة اليسار والملكية البرلمانية
- عبدالرحمان بنعمرو..وعدالةالذاكرة
- في دلالات التحاق عضو من العدالة والتنمية بصفوف داعش
- التوزيع العادل للثروة والمسالة الديمقراطية
- عبد الصمد بلكبير والحركة السلفية
- أحمدعصيد وتجريم التطبيع مع إسرائيل
- المؤتمر السابع لحزب الطليعة ورهان وحدة اليسار


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عبد الإله إصباح - الشهيد المهدي بن بركة.. توهج الفكر وحيوية الممارسة