أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الإله إصباح - سعيد ناشيد.. محنة مفكر عقلاني














المزيد.....

سعيد ناشيد.. محنة مفكر عقلاني


عبد الإله إصباح

الحوار المتمدن-العدد: 6886 - 2021 / 5 / 2 - 23:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أثار قرار عزل المفكر البارز سعيد ناشيد من الوظيفة العمومية استياء واسعا في وسائل التواصل الاجتماعي ولدى الرأي العام الفكري والثقافي بالمغرب وخارجه، بالنظر إلى الوضع الاعتباري الذي يحظى به كمفكر كرس جهده للتنوير وترسيخ العقلانية ومناهضة الأصوليه في أبعادها الإديلوجية والثقافية. فمدار جل كتاباته ومؤلفاته هو إرساء فكر نقدي يدحض المرتكزات التي تستند إليها هذه الأصولية في بناء نفسها كخطاب. ولذلك كان من الطبيعي أن يكون مستهدفا من طرفها، ويتعرض للتضييق من طرف أتباعها وأنصارها في مجاله المهني كأستاذ.
وبصدور قرار العزل في حقه، تكتمل حلقات التضييق وتبلغ ذروتها في التعبير عن الحقد الدفين والسعي إلى خنقه كصوت تنويري يقض مضجع خصومه ويصيبهم في الصميم بكشفه تهافت خطابهم والنزعة الشمولية لمشروعهم السياسي.
إن ما تعرض له سعيد ناشيد يعكس محنة الفكر العقلاني والحداثي في مناخ يسيطر عليه الفكر التقليدي المحافظ. ومحنته الراهنة تماثل محن العديد من المفكرين التنويريين منذ مرحلة النهضة إلى الآن. فعلي عبد الرازق طرد من وظيفته وجرد من لقب العالمية من طرف مؤسسة الأزهر إثر صدور كتابه الهام الإسلام وأصول الحكم ونصر أبوزيد حرم من الترقية بسبب كتابه مفهوم النص وفرق القضاء المصري بين وبين زوجته بدعوى أنه مرتد. وصادق جلال العظم حوكم ومنع كتابه نقد الفكر الديني وفرج فودة تم اغتياله بتحريض من رموز الأصولية الذين كفروه واستباحوا دمه حسين مروة زمهدي عامل تم اغتيالهما لإسكات صوتهما إلى الأبد. ولقي عمر بن جلون نفس المصير من طرف أتباع تنظيم الشبيبة الإسلامية بالمغرب.
هو إذن أسلوب الخنق والحصار والاغتيال الذي تمارسه الأصولية في حق خصومها و المناهضين لخطابها ومشروعها السياسي الشمولي . واليوم مع المفكر سعيد ناشيد تم صبغ الاعتداء بصبغة إدارية توحي بأن العزل قرار إداري محض اتخذه المجلس التأديبي في حقه لإخلاله بواجبه المهني. وهو أسلوب يريد أن يعتم على الدوافع الحقيقية للقرار المتمثلة في السعي لإسكات صوت عقلاني مزعج، عمل على تفكيك الخطاب الأصولي وفضح غاياته و منطلقاته، لأن هذا الخطاب يدرك ان التنوير هو الخطر الذي يهدده، ولذلك يسعى بكل الوسائل لمحاصرته وخنقه، ومن تلك الوسائل استعمال النفوذ الإداري لتحقيق هذه الغاية. غير أن ما لم ينتبه له أصحاب القرار هو الإشعاع الفكري والثقافي للمفكر سعيد ناشيد الذي حول القرار إلى فضيحة مدوية تدين أصحابها. فهو قرار مصادق عليه من طرف رئيس الحكومة الإخواني، مما يجعله قرارا لا تخفى خلفياته السياسية ودوافعه الإيديولوجية، مهما تخفى وراء المساطر الإدارية البحتة وحيادية القوانين. و الأفظع من ذلك أن من يقفون خلف القرار، سبق لهم أن سحبوا التكليف الذي بموجبه كان الأستاذ ناشيد يدرس الفلسفة بالثانوي، وخوفا من إشعاعه أعادوه إلى الابتدائي حنقا وانتقاما.
والقرار بالإضافة إلى ذلك، يكشف مشكلا آخر، هو انفصال المسؤول الإداري عن مجال الثقافة والفكر، وإلا لما بقي مفكر بوزن سعيد ناشيد بالتعليم الابتدائي، وكان الأجدر أن يعين بمركز بحث أو معهد جامعي، لأن التدريس بالتعليم الابتدائي أو الثانوي يستطيع أن يقوم به أي خريج جامعي تلقى تكوينا في هذا المجال. ولكن ليس كل خريج يستطيع أن يصبح مفكرا قادرا على بناء خطاب حول التنوير، وتشييد صرح نظري حول الإصلاح الديني كما فعل المفكر سعيد ناشيد باقتدار نال إعجاب قامات فكرية من طراز عزيز العظمة وجورج طرابيشي وعلي حرب وغيرهم.
و لا يفوتنا في هذا الصدد التذكير بما قام به طه حسين عندما كان عميدا للجامعة المصرية ووزيرا للتعليم، إذ عين أحمد امين بالجامعة على الرغم من عدم حصوله على الدكتوراه، لأن القيمة الفكرية لأبحاثه وكتبه تشفع له في ذلك و تجعله مستحقا للمنصب أكثر من العديد من الدكاترة الذين كانوا يدرسون بالجامعة واختفى ذكرهم، بخلاف أحمد أمين الذي خلدته أبحاثه وكتبه وبوأته مكانه المستحق بين المثقفين والمفكرين وأصبح مرجعا في مجال اختصاصه.
وسعيد ناشيد استحق بدوره مكانته الفكرية المرموقة، فهو لا يقل وزنا عن عبد الله العروي والجابري وغيرهما، بل يتميز عنهما بخاصية الاشتباك مع قوى الإسلام السياسي، ومقاربته الخطاب الديني بجرأة وبمنظور يعرضه باستمرار لخطر التحريض ضده بتهم التكفير والمس بالمقدس. ولذلك فإن خطابه، بالإضافة إلى كونه خطاب فكر وثقافة، هو أيضا خطاب نضال ومواجهة وتعبئة ضد الأصولية والرجعية.
وقد أسيء فهمه مؤخرا عندما تحدث عن قوة إسرائيل، وفهم ذلك على أساس أنه مساند للتطبيع. والحال أن قوة الكيان الصهيوني واقع قائم لا يمكن إنكاره، لأن قوته متأتية من قوة الإمبريالية في تحالفها مع الرجعية، ومواجهة هذا الكيان تقتضي دوما استحضار أن الانتصار عليه وانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني، يمر أولا عبر مواجهة الأصولية والرجعية، لأن جزءا كبيرا من قوة الكيان الصهيوني نابعة من متانة التحالف الثلاثي الصهيونية والامبريالية و الرجعية، وهذه الأخيرة ترتكز وتتجلى أكثر في الأصولية كخطاب وكقوة سياسية لها هيمنة إيديولوجية كاسحة على وعي الشعوب العربية.



#عبد_الإله_إصباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حميد برادة والعداء الدفين لليسار
- الشهيد عمر بن جلون.. والعود الأبدي لفكرة اليسار
- الناصرية.. مشروع نهضوي مجهض
- البوكر 2019 تسلل الرداءة إلى القائمة القصيرة
- أي علاقة بين الماركسية والذهاب إلى الحج
- الإسلام .. وأزمة الانفصال بين العبادة والأخلاق
- ثورة لم تكتمل، قراءة في مذكرات المناضل امحمد التوزاني.
- بن كيران، نهاية كاريزما الضحالة والتهريج
- أحمد بن جلون صديق الهوامش
- الشهيد المهدي بن بركة والانتقال من التقليد إلى الحداثة
- بوب ديلان وناس الغيوان
- الشهيد المهدي بن بركة، وحدة اليسار والملكية البرلمانية
- عبدالرحمان بنعمرو..وعدالةالذاكرة
- في دلالات التحاق عضو من العدالة والتنمية بصفوف داعش
- التوزيع العادل للثروة والمسالة الديمقراطية
- عبد الصمد بلكبير والحركة السلفية
- أحمدعصيد وتجريم التطبيع مع إسرائيل
- المؤتمر السابع لحزب الطليعة ورهان وحدة اليسار
- الشهيد المهدي بن بركة، بلاغة الوضوح ومنطق التسوية
- حركة 20 فبراير ومرحلة ما بعد الاستفتاء


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الإله إصباح - سعيد ناشيد.. محنة مفكر عقلاني