أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - دلير زنكنة - ثورة أكتوبر والحزب الطليعي - بعض الاستنتاجات التاريخية والنظرية















المزيد.....

ثورة أكتوبر والحزب الطليعي - بعض الاستنتاجات التاريخية والنظرية


دلير زنكنة

الحوار المتمدن-العدد: 7413 - 2022 / 10 / 26 - 10:26
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كمال أوكويان
الحزب الشيوعي التركي TKP

في فبراير 1917 ، عندما واجهت روسيا مرة أخرى ثورة حقيقية بعد عام 1905 ، كان سيعتبر مجنونا من يزعم بانه" في روسيا ، في فترة ثمانية أشهر ستصل الطبقة العاملة إلى السلطة تحت قيادة البلاشفة و سوف تبدأ في البناء الاشتراكي " .
لم تكن الطبقة العاملة بدون شك قوة لم تؤخذ على محمل الجد ولا كان البلاشفة غير مهمين. لم تأت الخطوة التاريخية ، التي منحت الثورة الروسية الطابع الاشتراكي في أكتوبر 1917 ، من فراغ. كانت نتيجة سنوات طويلة من خبرة النضال .

ومع ذلك ، فإن العوامل التي حولت الحزب البلشفي ، المنظمة الطليعية للطبقة العاملة ، إلى حزب في السلطة، تستحق المزيد من الدراسة. إن بنية الثورات هي بالتأكيد أحد أبعاد المناقشة . الثورات هي اضطرابات اجتماعية شديدة يتغير فيها توازن القوى السياسي الموجود بسرعة ، ويسرع الاستقطاب في المجتمع وتبدأ القطاعات الاجتماعية التي لم تشعر بضغط النضالات الطبقية من قبل بالانخراط فيها. الأهم من ذلك أن الثورات تعني أزمة كبيرة للطبقة الحاكمة. أولئك الذين في القاع لا يرغبون في العيش كما كانوا من قبل ، والطبقة الحاكمة التي لم تكن قادرة على الحكم كما اعتادت أن تكون ،سمتان تغذي كل منهما الأخرى. و قبل كل شيء ، فإن الوضع الثوري هو أزمة جهاز الدولة. نحن نتحدث عن فترة تاريخية معينة حيث لا يمكن ابقاء الانسجام الداخلي للطبقة الرأسمالية على الرغم من كل المحاولات. تنضج الظروف التاريخية للطبقة العاملة للاستفادة من ضعف النظام القائم ، لاتخاذ المزيد من المبادرات للاستيلاء على السلطة السياسية.

في هذه الفترة التاريخية ، قد تحدث في أيام قليلة فقط تغييرات سياسية كانت تستغرق سنوات وسنوات في ظل الظروف العادية. كان هذا هو الحال في روسيا عام 1917. حقبة رائعة مختلفةً تمامًا عن البقاء عالقًا في صناديق الاقتراع والبرلمان ، فقد كان عام 1917 عامًا من الحرية الحقيقية حيث اكتسبت كلمات و أفعال الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء شرعية حقيقية ، وقام العمال المسلحون بدوريات في الشوارع وكان بإمكان طوابير كاملة من الجنود الانضمام إلى صفوف الطبقة العاملة.
بدون وجود قوة فاعلة ، الحزب الطليعي ، الذي سيقيّم هذه الفترة الحادة والخاصة وسيحدد متطلبات هذه العملية ويعطي الإجابات الصحيحة على الأسئلة الجديدة التي أثيرت ، كانت تلك الطاقة التاريخية في روسيا في عام 1917 ستضيع. إما كانت تنتصر الثورة المضادة أو تتلاشى الثورة الروسية في أيدي الائتلاف الليبرالي الإصلاحي.

بهذا المعنى ، من المفيد التعرف على خصائص المرونة واليقظة و الثورية للحزب الذي باستخدام هياكل ثورة أكتوبر الاشتراكية لعام 1917 ، أخذ الثورة الروسية من أيدي أولئك الذين أرادوا انهاءها . كُتب هذا المقال للتأكيد على السمات المميزة ، التي تم التغاضي عن بعضها ، لـ " حزب طليعة الطبقة العاملة ".

يولد حزب الطليعة للطبقة العاملة من جديد في الوضع الثوري

" لا تحدث المعجزات في الطبيعة أو التاريخ ، ولكن كل انعطاف حاد في التاريخ ، بما في ذلك الثورة، كل ثورة ، يعطي قدرًا من غنى المضمون و يسفر عن تشابكات من اشكال النضال و عن نسب بين قوى المتصارعين، فريدة و غير منتظرة ، بحيث لا بد للعقلية التافهة الضيقة الافق ان ترى الكثير من الأشياء معجزات." [1]

هكذا وصف لينين أصالة الفترات الثورية في رسالته المنشورة في البرافدا في مارس 1917. هل من الممكن للأداة الثورية ، التي تشكلت لانجاز مهمة استيلاء الطبقة العاملة على السلطة ، الاستمرار بنفس الوتيرة السابقة في مثل هذه الفترة التاريخية؟

إذا لم نصوّر الحزب الطليعي للطبقة العاملة كمؤسسة بيروقراطية وإذا لم تكن لدينا اوهام " برلمانية" بأن الحزب سوف يوسع قاعدته الاجتماعية بطريقة خطية وثابتة ، يجب أن نجيب على هذا السؤال بـ "لا". لا يمكن لحزب الطليعة في الوضع الثوري أن يتغلب على مسؤولياته التاريخية دون إعادة هيكلة نفسه. والحقيقة أن نضال الحزب واستعداداته وخبراته السابقة هي ضمانات لتحول هائل وحيوي يمكن أن يمر به خلال فترة الوضع الثوري.

ثورة أكتوبر هي أفضل دليل على أن الحزب بحاجة إلى تغيير حالته خلال نضوج ثوري تتحشد فيه الطبقات الاجتماعية بسرعة ، ويظهر مناخ سياسي جديد ولن يكون أي شيء على حاله من جانب المضطهَدين. ينبغي النظر في إعادة تنظيم الحزب البلشفي عام 1917 من وجهة نظر ديالكتيك الاستمرارية و الانقطاع.

بشكل عام ، ماذا يمكن أن يقال عن محتوى إعادة الهيكلة هذه؟

أولاً ، إن نمو الحزب الطليعي فوق وتيرته العادية وتزايد الانتقالات بين أعضائه وأنصاره في ظل الوضع الثوري، قاعدة. من المستحيل تحقيق اختراق ثوري دون التعرض لهذه المخاطر. نحن نتحدث بمعنى الكلمة عن نمو كمي. على الرغم من عدم اليقين بشأن عدد أعضاء الحزب قبل الثورة في روسيا ، فمن الواضح أن وتيرة نمو الحزب في عام 1917 كانت استثنائية للغاية ومذهلة. من المستحيل تفسير هذه القفزة إلا بواسطة راديكالية و تسييس الجماهير العاملة ، حيث يواجه البلاشفة مخاطر معايير حزبية أكثر مرونة بدءًا من مارس 1917.

لم تكن هذه المرونة ذا بعد كمي فقط. تم تحقيق عمليات التجنيد الجديدة النوعية، والمثال الأكبر خلال هذه الفترة هو تروتسكي . إنه وضع جديد أبدى لينين وزملاؤه ، الذين لم يرغبوا في تفويت الفرصة الوشيكة وكانوا يتطلعون إلى الاستيلاء على السلطة ، عزمهم على إدراج بعض العناصر التي كان لها بالتأكيد ثقل في الحركة العمالية الروسية ولكنها وقفت في السابق، مواقف مختلفة عنهم . هكذا ، دخل تروتسكي من اعلى ،الى أعلى جهاز للحزب وتولى مسؤوليات مهمة خلال أيام الثورة الصعبة. لا يمكن للمواقف السابقة لتروتسكي أو غيره ، والأهم من ذلك الدور المؤسف والخطير والمدمّر الذي اضطلع به بعد عام 1917 ، أن تلقي بظلالها على شرعية جهد الحزب البلشفي لاحتضان الطاقات الثورية في عام 1917.

لقد اقدم البلاشفة على المخاطرة وثبت أنهم على حق ، لأن عوامل أخرى رافقت أيضًا التحول الكمي والنوعي الذي نشير إليه.
نلاحظ أن استراتيجية الحزب قد تم تجديدها من خلال التغييرات المستمرة و قد حدث التغيير الاكبر بين أبريل وأكتوبر 1917. وتحرر الحزب من قوالب الثورة الديمقراطية - الثورة الاشتراكية التي لطالما أثرت على الحزب بأعتبارها نتيجة لتاريخ الحركة العمالية العالمية وبالتحديد خلال هذه الأشهر من التاريخ الفعلي للاشتراكية الديمقراطية الروسية. إذا لم يتحقق هذا التوضيح ، الذي يدين بالكثير للسلطة الشخصية للينين ، فقد كان من الواضح أن الحزب سوف يصيبه العجز بسبب نموه السريع ، والأهم من ذلك أنه في روسيا سيكون من المستحيل على الحزب الاستجابة لتطلعات العمال والفلاحين وملايين الجنود الفقراء .

هناك قضية أخرى يجب التأكيد عليها ، وهي إحياء " ثقافة التنظيم " التي حالت دون أن يصبح الحزب عاجزًا أو من الانجرار إلى اليمين أو اليسار بسبب النمو المفرط الذي تحقق في عام 1917. لقد عمل البلاشفة لأكثر من عشر سنوات في اطار تنظيم، اهتم بالاستمرارية و تحقيق النتائج والانضباط والأمن وكان هذا الإطار مرتبطًا بنظرية الحزب الطليعي التي تم تحديد أكثر أشكالها تقدمًا في كتاب لينين " ما العمل". لقد قاموا خلال الفترة الثورية بتكييف الهيكل التنظيمي للظروف الجديدة من أجل الحفاظ على هذه التقاليد. وفي هذا الصدد ، نجحوا في العمل بسرعة وسط فوضى عام 1917 ، واغتنموا الفرص ، و استجابوا للعوامل التي تحدت وحدة الحزب على مستوى القاعدة وفي القمة و قاوموا ضربات الأعداء.

ممارسة الحزب اللينيني لسياسة متسقة ومركزية

نستخدم تعريف " المركزية الديمقراطية " لوصف البنية التنظيمية لأحزاب الطبقة العاملة. يُعرّف هذا المفهوم بأنه " انتخاب اللجان من الأسفل إلى الأعلى واتخاذ القرار من الأعلى إلى الأسفل". كان على العديد من الحركات ، بما في ذلك الحزب البلشفي ، الكفاح لسنوات في ظل ظروف تاريخية جعلت من المستحيل العمل بشكل كامل وفقًا لهذا التعريف. ومع ذلك ، لا يزال من الصحيح أن أحزاب الطبقة العاملة يجب أن تهتم إلى أقصى حد ممكن باتباع هذه المبادئ فيما يتعلق بآليات صنع القرار. بعد هذا القول، يجب أن نذكر أيضًا أن الحزب الطليعي و عندما يتعلق الامر بسياسته هو حزب مركزي بلا تردد، ولا يمكن ربط هذا الأمر بآليات صنع القرار وسير العمل فقط.

سياسة الحزب الطليعي متسقة ومركزية.

يجب البحث عن السبب الرئيسي لذلك في منطق العلاقة بين حزب الطليعة والطبقة العاملة نفسها. تتمتع الطبقة العاملة ببنية غير متجانسة في جوانب عديدة في كل بلد. هذه الحقيقة ، التي ترتبط أيضًا بقانون التطور غير المتكافئ للرأسمالية ، تحدد الخصائص الأيديولوجية والسياسية والثقافية للطبقة العاملة. هناك اختلافات تؤدي إلى عواقب اجتماعية مهمة بين العمال المهرة و العمال غير المهرة ، بين العمال الصناعيين وعمال الخدمات ، بين العمال في قطاع المعادن و العمال في قطاع تكنولوجيا المعلومات. الطبقة العاملة لا تمثل متوسط هذه الفروقات. يعمل حزب الطليعة من خلال وضع الطبقة العاملة نفسها أو مصالحها التاريخية في المركز فوق كل الاختلافات البينية داخل الطبقة العاملة. لذلك يتدخل الحزب الطليعي في الحياة الاجتماعية بأسلوب أحادي غير تعددي. سياسته تمتد من الكل إلى الأجزاء والمحلية غير مسموح بها.

تستمد خاصية المركزية جوهرها من هذا ولا يمكن اختزالها في الأداء الداخلي للحزب (الانضباط والصلابة وما إلى ذلك). هذا هو أحد العوامل في عام 1917 التي جعلت البلاشفة أكثر قدرة. كما هو الحال في جميع الانتفاضات الثورية ، في روسيا عام 1917 تم تعبئة جماهير الطبقة العاملة ، وشاركوا في ممارسات تنظيمية جديدة و إبداعية واتخذوا مبادرات لا حصر لها. خلقت هذه التعبئة للطبقة العاملة طاقة ثورية لا يمكن الاستفادة منها إلا من خلال سياسة مركزية ومتسقة. فقد كل من المناشفة وغيرهم من الجماعات الأناركية الأصغر تاثيرهم في محاولة ملاحقة هذا الحراك ، وابتعدوا عن فهم المعنى الحقيقي لقضية الطبقة العاملة.

كانت بعض الأسباب التي جعلت المناشفة ، وهم أحد أقوى معارضي البلشفية داخل حركة الطبقة العاملة ، في أوقات مختلفة في عام 1917 غير قادرين على اخذ زمام المبادرة عندما كانت لهم تاثيرات قوية ، هي عدم اليقين المستمر بشأن كيفية التدخل في الواقع الموجود ، حقيقة أنهم أخذوا في الاعتبار كل من الاتجاهات المختلفة في الطبقة العاملة وأن قيادتها تأثرت بشكل مباشر بهذا الانقسام. كما أنهم حوصروا في حلول داخل النظام الرأسمالي كانت في الواقع رجعية في التحليل الأخير.
لا يمكن القول إن البلاشفة لم يتأثروا بهذا التنوع بأي شكل من الأشكال. من المعروف أن خلافات مهمة في الرأي ظهرت عند نقاط تحول حاسمة عام 1917 داخل اللجنة المركزية للحزب ، بين اللجنة المركزية والتنظيم العسكري ، بين اللجنة المركزية وممثلي السوفييتات ، بين اللجنة المركزية ومنظمة بتروغراد. وقد تم توثيق هذه الاختلافات في الرأي التي كانت تضع الحزب أحياناً في موقف صعب ، وتضعه على حافة الانهيار.

ومع ذلك ، لم يواجه الاتجاه البلشفي أي تشويش ذهني بفضل قيادته القوية و السلطه الشخصية للينين ، وعلى الرغم من وجود بعض التردد ، فقد تمكن من حمل الطبقة العاملة إلى السلطة من خلال القيام بالتدخل الصحيح في اللحظة الأكثر أهمية. .

العمل الفني المتقن لحراك 6-7 تشرين الثاني (نوفمبر) ، والذي تجسد في الاستيلاء على قصر الشتاء ، كان في الواقع تحركًا نحو القضاء على السلطة المزدوجة لصالح الطبقة العاملة ، {هذا العمل المتقن}يؤدي عمومًا إلى سوء الفهم القائل بأن تفوق البلاشفة يأتي من الأعمال التنظيمية. ومع ذلك ، اعتاد البلاشفة على وضع الفهم الثابت للسياسة ومنظور اكتساب السلطة السياسية في مركز كل مبادرة تكتيكية. كانت قدرتهم التنظيمية و العملية نتيجة لهذا المنظور.

لشرح أهمية وحدة حزب الطبقة العاملة وسلطة قيادته وتماسكه ، يكفي إلقاء نظرة على صورة روسيا عام 1917. تظهر العديد من الحالات أنه في النضال الثوري لا يوجد صواب"مطلق" أو خطأ "مطلق". قد لا يكون تحديد قرار أو موقف بأنه "خاطئ" أو "صحيح" ممكنًا ، حتى بعد الحدث. ما هو مهم في هذه المرحلة هو الاتساق. كيف تغذي القرارات المتتالية بعضها البعض ووجود استراتيجية ثورية صلبة.

والضمان لهذا هو قوة القيادة واستمراريتها. لا يمكن لحزب ثوري أن يغير إستراتيجيته عند كل نقطة تحول ، ولا يستطيع تجديد قيادته بين الحين والآخر ، ولا يمكنه أن ينجح مع قيادة ليس لها سلطة على الحزب.

الدليل الأكثر مأساوية على حيوية هذه الميزة للحزب اللينيني ، ظهر بعد عامين فقط من ثورة أكتوبر في ألمانيا التي كانت تعتبر أهم مركز للحركة العمالية العالمية. إن الارتباك الذي حدث في المؤتمر التأسيسي لـ KPD بين السبارتاكوسيين ، الذين قرروا الانفصال عن الاشتراكية الديموقراطية وتأسيس حزب شيوعي بينما كانت الطبقة العاملة الألمانية تنتفض في العديد من المواقع ، هو درس مفيد للغاية. أهم وأشهر قياديي الحركة روزا لوكسمبورغ وكارل ليبكنيچت لم يتمكنوا من إقناع المندوبين في المناقشات بشأن الموقف الذي ينبغي اتخاذه في الانتخابات المقبلة ، لذلك كان على القيادة أن تقف وراء قرار لم يقتنعوا به. انغمس الحزب في مأساة كبيرة خسر فيها في الأشهر القليلة التالية زعيميه البارزين .
هذا مثال على صنمية الديمقراطية الرسمية.

حقيقة أخرى تعلمناها من المثال الألماني فيما يتعلق بنظرية حزب الطليعة هي حدود الاعمال العفوية للطبقة العاملة.
على الرغم من أنهم كانوا دائمًا في الجانب الثوري للحركة العمالية الألمانية ، فإن أهم نقاط ضعف لوكسمبورغ و ليبكنيچت كانت مقاربتهم المتشككة تجاه فكرة "حزب الطليعة" وتأكيدهم المفرط على الإجراءات الذاتية للطبقة العاملة ، خاصة فيما يتعلق بالإضرابات الجماهيرية.

في المقال الذي كتبته روزا لوكسمبورغ عام 1918 ، نرى بوضوح كيف يتشابك الصواب والخطأ وكيف يتم التقليل من أهمية دور حزب الطليعة:
"لن تتولى رابطة سبارتاكوس سلطة الدولة إلا استجابة لإرادة واضحة لا لبس فيها للغالبية العظمى من الجماهير البروليتارية في كل ألمانيا ، إلا بدعم البروليتاريا الواعي لآراء وأهداف وأساليب رابطة سبارتاكوس.
لا يمكن للثورة البروليتارية أن تصل إلى الوضوح الكامل والنضج إلا على مراحل ، وخطوة خطوة ، على الطريق الوعر لتجاربها المريرة في النضال ، من خلال الهزائم والانتصارات.
إن انتصار رابطة سبارتاكوس لا يأتي في بداية الثورة بل في نهايتها: إنه مطابق لانتصار الملايين من الجماهير البروليتارية الاشتراكية ". [2]

لا يعطي هذا المقطع المقتبس فكرة عن دور نقاط ضعف "العوامل الذاتية" في فشل الثورة الألمانية فحسب ، بل يوضح أيضًا مزايا فهم التنظيم الذي امتلكه البلاشفة خلال ثورة أكتوبر.
روزا لوكسمبورغ تتحدث عن الأغلبية العظمى. لكنها تنسى بوضوح أن المقادير الكمية لا يمكن حسابها في الثورات ، وأن الموازين تتغير كل ساعة ، وأن جميع الثورات في التاريخ قد تحققت من خلال دعم جماهيري ديناميكي يتيح الاستيلاء على السلطة ليس بأغلبية 51 في المائة. و انه لم يكن لدى رفيقها كارل ليبكنيچت أي دليل على أن الغالبية العظمى كانت تؤيد القرار عندما كان يعلن الحكم السوفياتي في ألمانيا أمام الرايخستاغ في نفس الفترة!

لقد تحققت ثورة أكتوبر لأن إرادة الملايين من العمال كانت في هذا الاتجاه ، وليس لأن "الغالبية العظمى" ، التي ليس لدينا معايير لحسابها ، كانت ترغب في ذلك.
من المحزن أن ثورية صلبة مثل روزا لوكسمبورغ ، التي كرهت الرأسمالية حتى الموت ، تبتعد كثيرًا عن منظور الاستيلاء على السلطة السياسية ، وتتخذ نظرة سلبية تجاه فكرة الحزب الطليعي و تقلل من شأن حقيقة أن الاستيلاء على السلطة هو بداية ثورة اشتراكية.
عند المقارنة بين روسيا عام 1917 وألمانيا عام 1919 ، مع صعوبة التكهن بذلك، لا نبتعد عن وجهة النظر القائلة بأن الثورة كانت ستنتصر في ألمانيا إذا لم يكن هناك غياب لحزب الطليعة. و لكن ، من المؤكد أن الثورة الروسية لم تكن تنتهي الى حكم البروليتاريا في غياب الحزب اللينيني.

لذلك ، نصل إلى النقطة الأخيرة التي نرغب في التأكيد عليها. إن ثورة أكتوبر هي أكثر من مجرد انفصال عن الاشتراكية الديمقراطية. معنى الاستمرار في تسمية "الحزب الشيوعي" على الساحة الدولية بعد الثورة هو توضيح سبب وجود أحزاب الطبقة العاملة. من الواضح أن الأحزاب الشيوعية ستواجه واجبات مختلفة. سوف يناضلون من أجل المطالب اليومية وأيضًا ضد الحرب والفاشية والعنصرية ومن أجل الحريات ومن أجل السلام. ومع ذلك ، فإن هذه لا تستبعد المهمة الرئيسية للأحزاب الشيوعية: الحزب الشيوعي هو حزب يسعى إلى الثورة الاشتراكية. يجب أن تربط جميع الخطوات العملية لتحقيق هذه الغاية.
هذا بالضبط ما أشار إليه حزب لينين عام 1917.
هذا هو السبب في أن طريقنا هو طريق ثورة أكتوبر ، طريقنا هو طريق الحزب البلشفي.
——————

كمال أوكويان ،(مواليد 1962)، خريج قسم العلوم السياسية من جامعة بوسفور في تركيا،
الامين العام للحزب الشيوعي التركي. من مؤلفاته :
نصوص مناهضة للديمقراطية
ماذا يريد حزب العسكر؟
المجتمع المدني: تطوير الدولة
فهم ستالين
فهم قوة الاشتراكية في تركيا
كتاب ما يجب فعله
نظرية الثورة الاشتراكية
رسالة مناهضة لحل الاتحاد السوفيتي
اليسار عالق بين ارغنكون و حزب العدالة
امتحان حب الوطن من اليسار التركي
في ظل الثورة: برلين - وارسو - أنقرة 1920

المصدر
International Communist Review, issue 7. 2017

ترجمة دلير زنگنة

ملاحظات

[1] لينين ، فلاديمير إيليتش ؛ رسائل من بعيد ، الأعمال الكاملة 23 ، الصفحة 297. {بالعربي: لينين.المختارات في 10 مجلدات، المجلد 6. الصفحة 263-م}
[2] روزا لوكسمبورغ ؛ ماذا تريد رابطة سبارتاكوس؟



#دلير_زنكنة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفغانستان: إغتيال ثورة
- الاشتراكية هي الحل للقرن الحادي والعشرين
- الليبرالية والفاشية: شركاء في الجريمة
- رقْص الديالكتيك. خطوات في منهج ماركس .
- البرازيل: هل الاشتراكية الديمقراطية هي الحل؟
- نهاية الطبقة العاملة؟
- تذكر السياسة الراديكالية لمارلين مونرو
- عودة الفاشية
- بيان مجلس تعاون قوى اليسار والشيوعية في إيران : تطورات ثورية ...
- تاريخ بيئي جديد للدول الاشتراكية
- عملية البناء الاشتراكي والوطني في كازاخستان وآسيا الوسطى. ال ...
- تمت خيانة الاشتراكية !
- ما هو المشترك بين زيوغانوف وتروتسكي؟ -اشتراكية السوق- بين ال ...
- كيف كانت الحياة اليومية في الاتحاد السوفياتي
- المادية الديالكتيكية وبناء نظرية جديدة للكم
- أرباح رائعة في أوكرانيا : أسرار البنك الدولي
- الكسندر زينوفييف عن حل الاتحاد السوفياتي
- أهمية التقييم النقدي للبناء الاشتراكي في القرن العشرين
- 2 تريليون دولار للحرب مقابل 100 مليار دولار لإنقاذ الكوكب
- الأزمة الاقتصادية و السياسية في الاتحاد السوفياتي


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - دلير زنكنة - ثورة أكتوبر والحزب الطليعي - بعض الاستنتاجات التاريخية والنظرية