أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - حكايات توحي بانحدار الحياة العراقية إلى مخاطر جمة الروائية والقاصة إلهام عبد الكريم في مجموعتها (إنزلاق)















المزيد.....

حكايات توحي بانحدار الحياة العراقية إلى مخاطر جمة الروائية والقاصة إلهام عبد الكريم في مجموعتها (إنزلاق)


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 7392 - 2022 / 10 / 5 - 04:35
المحور: الادب والفن
    


إلهام عبد الكريم؛ قاصة وروائية عراقية، عملت في مؤسسات ثقافية وأدبية، وكانت في الصميم من هذا الوسط الثقافي على مدى عقود، وأصدرت روايتها الأولى(الماء والنار) سنة ٢٠٠١م، فضلاً عن أكثر من مجموعة قصصية، مشيرا إلى( منحنى خطر) مجموعتها الصادرة سنة٢٠٠٨م، وقرأت روايتها (الصمت) التي نشرتها دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد سنة ٢٠٠٥، ولقد حصلت على نسخة من مجموعتها القصصية الرائعة، التي تولت طبعها دار المكتبة الأهلية بمدينة البصرة سنة ٢٠١٨، وعنوانها (إنزلاق)، ويوحي العنوان بإنزلاق الحياة العراقية إلى مخاطر جمة، بسبب السياسات الانفعالية والارتجالية الخاطئة التي ضربت العراق منذ عقود، حتى عاد ما مررنا به في تسعينات القرن العشرين، لا يعدو كونه لعب أطفال متخاصمين، بالقياس لما حدث في مقدم القرن الحادي والعشرين، كما تؤكد القاصة والروائية العراقية المتألقة؛ إلهام عبد الكريم في قصتها (ذاكرة سمكة) التي هي أولى قصص هذه المجموعة الثرية قصاً وإبداعاً، لتنقل لنا في ثناياها صوراً قاسية ممضة طواها الدهر، لكن ظلت ذكراها مرتسمة في الذهن والوجدان؛ صور أيام الإنفلات الأمني والحرب الأهلية التي قصمت الحياة في العراق بُعيْد ٢٠٠٣، وإلا " كيف تستطيع أن تنسى حادثة قتل جارتها وتركها عارية على قارعة الطريق لأنها تعمل في صالونات تجميل؟ وما ألذي يمكن أن يزيل عن أنفها روائح الجثث المتعفنة المرمية على قارعة الطريق، أو على تلال المزابل ولم تجد من يكرّمها بالدفن، وهل ستأكل من فاكهة حديقة بيتها وهي تعلم أن ثلاث جثث رقدت في ثراها قرابة شهر من الزمان؟". ص١٠.
إنها تلجأ إلى أحلامها علّها تنتشلها من وهدة الأسى ألذي غلف حياتنا، لكن من غير جدوى، إذ لا سبيل إلى نسيان ما فعلته بنا الحروب.
ولأن الحياة العراقية ظلت على مدى عقود ملفعة بالسواد وبالأسى، وأقرب إلى الفانتازيا الفجائعية، والغرائبية السحرية، فقد سارت على هذا النهج الغرائبي السحري في عديد قصصها التي ضمتها مجموعتها القصصية هذه (إنزلاق) ولاسيما قصتها (حكايات رجل لا ينام) والحكايات الخمس المتفرعة عنها، حيث تنقل للقارئات والقراء(حكاية وجه) ومن ثم (حكاية رغبات)، لتثلثها بـ(حكاية وليمة)، ورابعة الحكايات (حكاية الطيور)، وأخيراً (حكاية بيت).
في القصص التي اشتملت عليها هذه المجموعة ( إنزلاق) حكايات وجد وحب وصبابة، لكن تأتي النهايات صاعقة ومدمرة، فذاك ألذي نسي أو تناسى حبيبته سنوات وسنوات، تركها في الوطن ألذي غادره، وبعد لأيٍ وبعد أن عبّ من اللذائذ ما عب، يحاول إعادة أواصر الحب التي ذوت - عند الحبيبة التي كانت يوما- بسبب سنوات الهجر والنسيان، ولعلها الانشغال بنساء أُخر، إذ ظهر رقم غريب على شاشة الهاتف، كان صاحبه يواصل الاتصال بصاحبة الرقم بإلحاح وإلحاف، سائلاً إياها، كيف أنت، أنا.. أما زلت تذكرينني؟.
ترى هل نسيته يوما كي تذكره الآن؟ يا للسؤال السخيف، ولأنها ما عادت تثق به هو ألذي تركها لمصيرها تواجهه وحدها، وعلى الرغم من أنه قرر العودة، والالتقاء بها، ولعله يتزوج بها ومنها، إلا أنها رأت فيه ذكرى ماضية طواها النسيان والهجران٠
" وهي تواصل الإنصات إليه، سمعت تكسرات قلبها، وأدركت أن حالة الإنعاش التي أجرتها له ليست بقادرة على إحياء ميت، مضى على موته عشرون عاما.
جاهدت أن توصل صوتها إليه، وحين صار بوسعها ذلك شعرت بجنائزية نبرته:
(..) أنهت المكالمة وتركت هاتفها على الطاولة، ولم تعد تجيب على أي اتصال يأتيها منه!" ص٨٥.
قصص الحب في هذه المجموعة (إنزلاق) تأتي ذوات نهايات صادمة مأساوية، متوجة بالخيبة والخذلان، فإذ رأينا النهاية المأساوية للقصة آنفة الذكر (مرآة) فإن قصة (تعويذة لإستمالة قلب إمرأة) تحدثنا فيها القاصة المبدعة إلهام عبد الكريم، عن قصة حب لزميلين أيام الدراسة الجامعية، هو ما باح - لخجالته- بأشواقه لها، بل باح بها للجدران والأشجار ومقاعد الدراسة، حملت زميلته يوما وهي الشاعرة، مجموعة أشعارها العاشقة، وهو الرسام الأديب، علّه يرسم لها لوحة، لأنها تروم نشرها، مؤكدة له- عله يفهم- إن أشعارها بوح عاشقة، لعل ذلك يحركه، إلا أنه واجه بوحها بسكوت أصم أفجعها، وظل على هذا الحال يُكتّم حباً برى جسده وجسدها، حتى حان يوم الرحيل، بعد انتهاء سنوات الدراسة الأربع، لم تكن هي تدري بهذا الغرام القاتل، إلا في لحظات الرحيل، والقطار يأخذها نحو الجنوب، فقد رأته عبر النافذة مبتل الوجه، يكاد يموت من فرط الحزن والوجد.
في قصتها الأروع (للعاشقات أحوال) تظل الخيبة هي النتائج الصادمة المؤسفة؛ هي سيدة الموقف، فهذه المرأة التي أضحت على مشارف الخمسين عمراً، راحت تقلب جسدها وتضغط لحمها المتماسك، وتقول لنفسها: إن بإمكان هذا الجسد المطاولة والصمود، عقدا آخر من الزمن، إنها تسكن- بمفردها - شقة، ويحاذيها جارها ألذي لما يتزوج بعد، وتحدث تحايا بينهما، تحية صباح وهما ذاهبان لعملهما، أو تحية مساء مصادفة، لكن الغباء والسذاجة هما أبرز مواهب هذا الرجل الحيي الجاهل بأحوال النساء، والعماء المطبق ألذي يجعله لا يرى ما تطلقه عيناها من شعاع خلاب مُندىً بِطَل الحب والهيام.
حدث في أحد الأيام، وهي قد أضمرت في نفسها أمراً عله يفهم، لكن أنى لهذا الرجل الغر أن يفهم! أن يفسر تصرفات هذه المرأة، التي يكاد قطار العمر يطويها، يسلم عليها، لتجتازه وتقف عند باب شقته، وفي هذا ما فيه من إشاراتٍ وموحياتٍ ومعانٍ، لمن ألقى السمع وهو بصير، لكن الرجل الساذج فهم تصرفها نوعاً من السهو أو النسيان، فما كان منه إلا أن يقف إزاء باب شقتها، علها تتذكر وتعود عن سهوها وخطئها!
في عديد قصص هذه المجموعة، وفاء لذكرى الزوج ألذي رحل سراعاً، مخلفاً ولداً وحيداً يؤنس الوحدة وفراغ الحياة، ويخفف وقع الموت على النفس، تستذكره في مواضع عدة، إنه يطل علينا، ولا ريب عليها، نحن الذين عرفناه عن كثب، أو أولئك الذين عرفوه من خلال إطلالاته الشعرية الباهية "أنقلبُ على جنبي الأيسر، تقع عيني على الرجل الغافي، هكذا يبدو لي. أستغرب وجوده إلى جانبي، وهذا يحدث كل مرة منذ أن تزوجت به منذ عشرين عاماً، نعم كنت أحس بغرابة ملامحه وصعوبة التآلف معها، أو تذكرها على الفور وهذا أكثر دقة.
يشعر زوجي بقلقي، يمد يده برفق ليلامس وجهي ويهمس برقة ومحبة
(..) أختلس النظر إلى وجهه المعذب فيبدو ضاحكا.". ص١٣.
" أحس زوجي بخطئه، حاول انتزاع الأسى الخفي المتوطن في أقصى جنوب القلب، إلا أن محاولاته كلها لم تُجدِ نفعا، وما زاد في حزني حد الموت، إن قصة حبي وزواجي مرت هي الأخرى بسرعة، فقد غادرني من أحب قبل اكتمال الفرح تاركاً لي إحساساً غادراً باليتم الروحي.
لقد صار الرجل الوحيد الذي عرّش في ملكوت عمري وروحي، ذكرى مقيمة في مرايا أيامي وبيتي وصدى لبوحي وأنيني ألذي ما بَرِح يتردد(..) استسلمت لحزني دهرا، فرشت خلاله ذكرياتي آلاف المرات " ص٥٥



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أستاذي إبراهيم الوائلي مواهب لم تأخذ مداها
- شجون يوسف زيدان المصرية: نبتسم لأننا ننسى إساءة البلد الذي ن ...
- أثار ضجة واسعة حين صدوره الرصافي وكتابه(رسائل التعليقات)
- ضحايا المحرقة النازية
- آراء يجمعها غبط المكانة. الجواهري متنبي زماننا الذي انتظرناه ...
- لماذا لم يمكث المعري في بغداد وبارحها غضبان اسفا؟
- الرجل بهجت العطية..سيرة مثيرة للجدل
- قبل الورقة الاخيرة. مقالات ثقافية
- حديث في النحو العربي
- مقالات تتفاوت أهمية... آخر ما كتب الناقد علي جواد الطاهر
- حنون مجيد مبدع متعدد المواهب.. وقفة عند الظاهرة الطباقية في ...
- محمد خضير في مثابات شاخصة بعالم السرد والكتابة
- الدكتور صبري مصطفى البياتي.. مفكر هوى من عليائه سراعا
- في وداع العروبي الطبيب أحمد الخطيب
- نقاش هادئ مع إبراهيم محمود بين مقص الرقيب والرشوة السياسية
- يظل للكتاب الورقي سحره وحميميته
- لطفية الدليمي تكتب عن -ما لم يقله الرواة- ... ما لم تقله الم ...
- شاعر المطولات والمرتجلات الشعرية عبد المحسن الكاظمي
- هل حقا كتب جيمس جويس ملحمة القرن العشرين؟ رواية قائمة على ال ...
- ضرورة الدقة في نقل وقائع التاريخ دراميا أو سينمائيا


المزيد.....




- تكريم الأديبة سناء الشّعلان في عجلون، وافتتاحها لمعرض تشكيلي ...
- ميريل ستريب تعود بجزءٍ ثانٍ من فيلم -Devil Wears Prada-
- ستيفن سبيلبرغ الطفل الذي رفض أن ينكسر وصنع أحلام العالم بالس ...
- أشباح الرقابة في سوريا.. شهادات عن مقص أدمى الثقافة وهجّر ال ...
- “ثبت الآن بأعلى جودة” تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لمسل ...
- الإعلان عن قائمة الـ18 -القائمة الطويلة- لجائزة كتارا للرواي ...
- حارس ذاكرة عمّان منذ عقود..من هو الثمانيني الذي فتح بيوته لل ...
- الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة
- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة
- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - حكايات توحي بانحدار الحياة العراقية إلى مخاطر جمة الروائية والقاصة إلهام عبد الكريم في مجموعتها (إنزلاق)