أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - تحضير روح كاتب روائي














المزيد.....

تحضير روح كاتب روائي


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 7387 - 2022 / 9 / 30 - 14:44
المحور: الادب والفن
    


هذه المرة قررت ان احضر روح احد الكتاب الكبار المتوفين, لعلي استفيد من تجربته الابداعية, فتلوت الاذكار السرية الخاصة بتحضير الارواح, وتم استدعاء روح الروائي فلان الفلاني, وكان يعيش في عقد التسعينات من القرن الماضي, حيث كان القراء يهرولون للحصول على نسخة من رواياته, جاءت روحه وبيدها الة طابعة ميكانيكية, كان منهمكا في الكتابة, جلست من دون كلام كي لا اقطع حبل افكاره, الى ان ترك الطابعة الميكانيكية وحمل كوب الشاي وانتبه لوجودي, رحب بي كثيرا واعتذر لعدم التفاته, فهو يكون في عالم اخر عندما يكتب, كأنه يسافر عبر الحروف والكلمات الى عالم بعيد, وسألته متعجبا: كيف ما تزال تكتب بجهاز الطابعة الميكانيكي! ونحن نعيش زمن الكومبيوتر والذي يوفر فرصة الكتابة الاسهل؟
فقال: استخدمها لأنها بطيئة الحركة, وهذا ما يساعدني على الكتابة ببطء والتأمل بعيدا جدا.

• الكتابة والاستذكار
سألته: ماذا تكتب الان؟ حدثني عن مشروعك القادم الذي ينتظره القراء؟ فقال لي: انا الان في مرحلة الاستذكار, احاول ان اكتب عن تجاربي, فانا اعتقد ان الرواية تنبثق من الذاكرة, كما يقول بورخس في جملة عميقة: " الذاكرة هو الشيء الوحيد الذي نملكه ويمكننا ان نستخدمه بحرية".
لكن يجب ان تفهم ان الماضي ليس احداثا ووقائع فقط, اي انه لا يتكون من اشياء تستعيدها الذاكرة, كما حدثت في الواقع الموضوعي, وانما هي احاسيس وانطباعات واحلام وتخيلات, وهنا يجب ان نشيد بهذه الالة العجيبة التي يملكها الانسان وهي الذاكرة والتي لا تتوقف ابدا عن الاشتغال.

• اكتشاف سر خطير
حاولت ان استفيد من فرصة لقاء روح روائي لأفوز ببعض الاسرار الخطيرة, فجاء على بالي هذا السؤال: ماذا يمكن ان يميز رواياتك عن باقي الكتاب, هل هنالك سر ما في منهجك بالكتابة؟
التفت الي طويلا وهو يحاول كشف امرا خطير, ثم قال: في كل رواياتي كل شيء يبدأ دائما حين يكون كل شيء قد انتهى, وما اعنيه قد يبدو لك اول الامر غامضا, فيكون الراوي ينخرط في سرد احداث ووقائع تكون قد حدثت منذ زمن وبتعبير ادق, زمن السرد لا يوافق ابدا زمن الوقائع والاحداث, لذلك اجعل من فعل الاستذكار حاضرا في رواياتي, مما يوجد مسافة فاصلة بين زمنين مختلفين, وهكذا يستطيع الراوي ان يرى الاشياء ويقاربها بشكل اكثر وضوحا.
وهنا يجب ان اوضح حقيقة مهمة في عملية الاستذكار والسرد الروائي, وهي يجب ان يكون هنالك تركيز مناسب بالشخصيات الاخرى في الرواية, فان ملامح ومواصفات اي شخصية لا تظهر للقارئ فقط من خلال ما تقوم به الشخصية, بل من خلال علاقتها بالشخصيات الاخرى.

• هل الرواية الواقعية يمكن ان تنجح؟
سألته عن كتابة الرواية: هل الافضل ان تكون عن عالم خيالي ام عن الواقع؟ وهل نكتب عن واقعنا حتى لو كان ممتلئ بالخيبات والانكسارات؟
فقال: نعم عن الواقع هو الافضل مهما كان, ان الكثيرون كتبوا عن الواقع الذي نعيشه, وهنالك اهتمام كبير بهذا الجانب, ونذكر هنا كمثال ان الروائي الطيب صالح كتب كثيرا وتنقل كثيرا بين بريطانيا وفرنسا وبلدان الخليج, لكن اجمل ما كتبه واعمق ما انتجه كان عن الواقع السوداني, ويقال نفس الشيء عن الروائي الايرلندي جيمس جويس الذي عاش جزءا هاما من حياته متنقلا بين باريس وزيورخ وترييست في ايطاليا, لكن الاجمل كان ما كتبه عن ايرلندا.
فان علاقة الكاتب بالمكان اكثر عمقا وغموضا وتعقيدا والتباسا مما نتصور, فيظهر هنا ان الكتابة لا تستوجب الاقامة الدائمة, بل ان الابتعاد جسديا او نفسيا ضروري احيانا, اذ يمكننا من ان نراه من زاوية مختلفة, وان نكتشف فيه اشياء ما كان بالإمكان اكتشافها لو ظللنا قريبين منه.

• كارثة النقد المفرط
عندي سؤال يلح علي وهو: هل النقد ينفع العمل الابداعي؟ هل انت تؤيد النقد وتدعم استمراره؟
قال: النقد الحقيقي المستند لمنهج علمي ادعمه فهو مقوم لأي عمل, لكنني استنكر وجود جزء خطير من النقد الهدام, وهو ينقسم الى نوعين, وهما:-
القسم الاول: النقد بقسوة مفرطة لا مبرر لها, وصولا الى مرحلة كسر العظم, حتى قال احدهم في جلسة نقدية لمجموعة قصصية لشاب: " اترك كتابة القصة انها لا تناسبك" مع ان كل الحاضرين اشادوا بالشاب ومجموعته القصصية, هذا نموذج من النقد الهدام والمتوفر بكثرة في الساحة.
القسم الثاني: النقاد المداحون مقابل المال, او بعضهم يمدح بعض, ويصل المدح عندهم الى حد مضحك, ويقوم احدهم بمدح الاخر, في سعي لتضخيم اعمالهم وجعلها فتوحات ادبية, وهو ايضا نقد هدام غير حقيقي بل وراءه مصالح خاصة.
ويشكل هذ النقد بشقيه خطر مميت على عالم القصة والرواية, لان الناقد منحاز وغير واقعي, ويتحرك قلمه حسب دوافع وليس حسب منهج نقدي.

• ما موقفك من المراة في الرسم الروائي؟
سؤال اخير: ما هو موقفك من المرأة العربية, وكيف تنظر لها؟
فقال: بصورة عامة تعيش المرأة العربية فترات طويلة من الاحباط, وذلك لوقوعها تحت نوعين من القمع:
القمع الاول: ما تمثله كمواطن من الدرجة الثانية في بلد ينظر لها كعورة وموجود للمتعة فقط.
القمع الثاني: العائلة ومصدره الزوج والاب والاخوة والاعمام والاخوال, باعتبارها مصدر للعار للك يجب مراقبتها والحد من حريتها وايقاف حقوقها.
مما جعل المرأة دوما حبيسة الاحساس بالانكسار, لذلك تجد الشخصية النسوية في رواياتي تواجه هذا القمع بما تملكه من اسلحة, معتمدة على الذكاء والجرأة, ولا اخفي لك انني منحاز للمرأة باعتبار اني دوما انحاز للمظلومين, وادعو دوما عبر كتاباتي الى الاهتمام بالإنصات للمرأة والاستماع لما تطرحه.

• اخيرا:
شكرته على عظيم الفائدة من لقاءه, وعلى اهمية كلامه, وتمنيت طول اللقاء, لكن انتهى وقت التحضير, وحان وقت رحيله عن عالمنا, وقبل ان يغادر طلب مني ان اكتب عن مشاكل المجتمع, فهو ما يخلد وينجح وينفع الناس, انتهى الصوت ورحل الكاتب الى عالمه.



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد العراقي وخطر فوضى الاستيراد
- قصة قصيرة جدا/ جورية
- فكرة مصرف يساعد الناس
- ثلاث قصص قصيرة للكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي
- يجب محاربة منهج التسييس
- ممارسة الطبقية داخل مؤسسات الدولة
- الكرة العراقية تغرق في الفوضى والغموض
- نظام صدام وزرع ثقافة -العدو الايراني-
- الكرة في اسبوع/ فوضى عراقية وسخونة انكليزية
- الأرجوحة 13 ما بين الغموض والضياع
- قراءة في الفيلم الفرنسي فضل الليل على النهار
- كيف تحول اجتثاث البعث الى اجتذاب
- انتشار ظاهرة الابتزاز الالكتروني ضد النساء
- اسباب نكبة تصفيات كاس العالم 2006
- من مشاكل الرواية العراقية الحديثة
- ضرورة العودة الى الزراعة
- ضغوطات كبيرة على المحاسب الحكومي
- شروط تعجيزية ومقاعدة قليلة للدراسات العليا
- نظرة في روايات الرعب
- هل سمعتم بالقانون الجديد -ممنوع الكلام-!


المزيد.....




- إلغاء حفل النجمة الروسية -السوبرانو- آنا نيتريبكو بسبب -مؤتم ...
- الغاوون.قصيدة مهداة الى الشعب الفلسطينى بعنوان (مصاصين الدم) ...
- حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة- ...
- رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا ...
- فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة
- “شاهد قبل أي حد أهم الأحداث المثيرة” من مسلسل طائر الرفراف ا ...
- تطهير المصطلحات.. في قاموس الشأن الفلسطيني!
- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - تحضير روح كاتب روائي