أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام القروي - الحراك السياسي والإصلاح: هل لا يزال ممكنا؟















المزيد.....

الحراك السياسي والإصلاح: هل لا يزال ممكنا؟


هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)


الحوار المتمدن-العدد: 7363 - 2022 / 9 / 6 - 21:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعض الأصدقاء الذين أعرفهم منذ سنوات طويلة، والذين هم في طور إنشاء حركة سياسية جديدة طموحة، رأوا أن يطلعوني على مخطوط البيان التأسيسي للحركة والذي ستوقعه مجموعة من المناضلين السياسيين. وطلبوا مشورتي ورأيي.
وقد شكرتهم جزيل الشكر على إطلاعي على بيان الحركة واستشارتي، وبينت لهم أنني، بكل مودة وتقدير، لا أريد الاشتراك في أي حركة سياسية تونسية، ولو حتى بإبداء الرأي. حيث غاب عليهم، وأعتقد أنه غاب على العديدين ممن يتابعونني، أنني لست سياسيا وليس لي أي طموح إلى السلطة لا في تونس ولا في غير تونس.
لقد نذرت نفسي منذ كنت في المدرسة الثانوية للكتابة والقراءة... ولا شيء سوى ذلك. ولا أرى نفسي مغيرا هذا المسار الذي قضيت فيه عمري من أجل أي حركة سياسية. أنا أحترم السياسيين إذا كانوا صادقين وأمناء وشرفاء مع شعبهم، وأحتفظ بحقي في مخالفتهم ومعارضتهم وانتقادهم وتجريدهم من أقنعتهم وملابسهم إذا لزم الأمر، حين يتبين كذبهم وزيفهم ونفاقهم. وكثيرون هم كذلك للأسف، حيث بينت الأحداث والتطورات والأزمات في تونس، وفي بلدان عربية أخرى، أن العديد ممن تولوا السلطة لم يكن هدفهم خدمة الشعب، وإنما خدمة مصالحهم الخاصة، وخدمة مصالح أولئك الذين يقفون وراءهم بالتمويل. وهؤلاء في الغالب يمثلون قوى أجنبية. وهو ما أدى بنا إلى الزقاق المسدود الذي تردت فيه بلدان اعتقدت شعوبها أنها غيرت المنظومة، واكتشفت أن التغيير يهم المشهد وحسب. لكن في العمق زاد السوء سوءا، وزادت المتاعب، وزاد الشقاء، وزادت المعاناة... وهو ما عبر عنه أحد أصدقائي وأساتذتي المرموقين من أيام الجامعة ، بعبارة أصبحت رائجة في علم الاجتماع السياسي: «النخبة ضد الأمة»... بمعنى آخر أن النخبة التي كان من المفترض أن يعتمد عليها الشعب في النهوض والازدهار، هي التي خانته وخذلته في النهاية.
ويكفي أن ننظر إلى الحال الذي وصلته بلدان كتونس وليبيا واليمن وسوريا والعراق والسودان... (وهذه مجرد أمثلة فقط) لنقتنع أن النخبة فعلا خانت الشعب، وعملت ضد مصالحه.
وليس هذا من باب إصدار أحكام القيمة على أحد، فإنني لا أنصب نفسي "قاضيا أخلاقيا"، وإنما هي استنتاجات يمكن لأي إنسان لديه عقل أن يصل إليها ويراها.
هل هناك فسحة أمل؟ لا أعرف. الحقيقة ليس لدي جواب حاليا عن هذا السؤال. عشت معلقا ومحللا سياسيا منذ كنت في عقد العشرينات من عمري (وأنا الآن تجاوزت الستين وأتجه نحو السبعين )... وبصراحة، أجدني متشائما تماما فيما يتعلق بإمكانية عمل أي شيء لإصلاح الحال في البلدان العربية.
وفي تونس تحديدا، يتجاوز عدد الأحزاب المائتين. ما القصد من ذلك؟ هل هو مثلا دليل على وجود ديمقراطية صحيحة؟ هل ستكون الديمقراطية التونسية مثلا أفضل من الديمقراطية في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وسويسرا وهولندة وغيرها؟ وكل هذه البلدان لا يتعدى عدد الأحزاب السياسية فيها أصابع اليدين.
كلا! تعدد الأحزاب ليس دليلا على صحة المسار الديمقراطي. وإلا، لكانت الولايات المتحدة أقل الدول ديمقراطية في الداخل. تعدد الأحزاب في تونس برأيي دليل على قوة أزمة البطالة التي اكتسحت المواطنين، خاصة الشباب منهم. التغيير الذي حدث في تونس بعد سقوط بن علي، فتح أبواب الأمل للعديد من العاطلين عن العمل بأنهم إن اشتغلوا بالسياسة، سيمكنهم كسب لقمة العيش بسهولة أكثر من أي قطاع اقتصادي. هذه الحقيقة واضحة لكل من يتابع ويفكر. وإنني أدعو الزملاء الباحثين في علم الاجتماع إلى القيام بدراسة بسيطة حول العناصر التي تكون الأحزاب والحركات السياسية في تونس (الخلفية الاقتصادية الاجتماعية، والخلفية الثقافية ومستوى التعليم)، والقيام بمسح إحصائي وتحليلي للبرلمان وأعضائه... إنني مقتنع أنهم سيكتشفون الأعاجيب، ويفهمون كيف أن «العمل في السياسة» أصبح هو «القطاع» الاقتصادي الذي «يأتي بالخبز» لمن عاشوا دهرا عاطلين عن العمل، سواء كانوا من حملة الشهادات العلمية أم لا.
ها هي المعادلة: من ليس لديه حزب ينشئ حزبا، أو ينخرط في حزب... لأن ذلك يفتح أبواب السلطة... يعني يفتح أبواب الرزق.
السلطة = الرزق
في البلدان الديمقراطية، السلطة هي الطريق لخدمة الشعب.
في تونس، وغيرها من بلدان العرب، السلطة هي الطريق إلى ملء الجيوب الفارغة... أو ملء الحساب البنكي....
كيف تريدون أن تفلح أمة هذه حالها وحال نخبتها القيادية؟
ولكن حسنا! قد تعددت الأحزاب. فلماذا لم تتعدد الأفكار والبرامج التي تحقق لتونس الازدهار والتقدم؟ كل هؤلاء الذين أمسكوا بالسلطة في وقت ما... ماذا فعلوا بالضبط لإصلاح الأحوال؟ هل لديهم إنجازات؟ فلماذا وصل البلد إلى الحضيض؟ من سنة 1956 إلى اليوم، ماذا فعل حكام تونس سوى إعادة إنتاج التخلف، وإعادة إنتاج الفقر ، وإعادة إنتاج التبعية للخارج؟ وليتها تبعية تنفع! ولكنها تبعية أوصلت الاقتصاد إلى الجرف الذي يقف عليه اليوم.
أنتجت تونس ديكتاتوريين كبارا ودكتاتوريين صغارا.
بورقيبة وبن علي : دكتاتوريان ، رغم أن الأول متعلم قليلا، والثاني جاهل.
هل نعتبر أيا منهما قدوة يجب أن نتبعها؟
أنا بصراحة أفضل أن أتبع زعيما ديمقراطيا نيرا تقدميا ... ولكني لا أراه. لم يحدث أن حكم تونس شخص يمكن وصفه بتلك الصفات التي تجعل الناس يلتفون حوله ولا يندمون، ولا يثورون.
بورقيبة ثاروا عليه: والعديد منكم يتذكر 26 جانفي مثلا.
وبن على ثاروا عليه ثورة أكبر وأشد فظاعة، جعلته يهرب ويموت في السعودية.
من غيرهما؟
الذين أتوا بعد 2011... أنتم تعرفون ما فعلوا... فالنتيجة أمامكم الآن.
من يستطيع أن يتحمل المزيد؟ ليكن الله في عونكم!
تقديري مع ذلك لكل من لا يزال يؤمن بإمكانية العمل من أجل الإصلاح في الحدود الضيقة المسموح بها. وأنا فعلا آمل أن يتغلب العقل والحكمة وتنتصر قضية الديمقراطية والإصلاح واحترام حقوق الإنسان والمواطن في تونس وفي العالم العربي.
لكنني لست مستعدا للتوقيع على بياض أو على سواد، بشكل مسبق، لأي زعيم أو حركة سياسية قائمة أو قادمة.
وتحياتي لجميع قرائي ومتابعي الـ:( 122.000 ) الذين يعرفون على الأقل أنني لن أخون ثقتهم، وأنني سأكتب دائما ما أراه صوابا في اللحظة التي أكتب فيها. وأما إن أخطأت، فجلٌ من لا يخطئ. وسأعود للتصويب إذا لزم الأمر.



#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمرة الوعي التونسي
- امتحان أوباما
- «حماس» والعجز عن فهم حقائق السياسة
- اسرائيل والاسلام
- أوروبا تحت المراقبة
- اعلام على الطريقة البولندية واعلام على الطريقة المالوية
- هل العرب يكرهون الديمقراطية أم هل هناك مشكلة مع أسلوب الادار ...
- وقائع ساحة معهد العالم العربي بباريس
- مشاكل كويتية
- لغة القوة والتهديد لا تجدي
- كل التفاصيل عن برنامج ايران النووي
- مقالة بلا عنوان
- هل يمكن مقارنة التيار الاسلامي الجهادي بالحركة الشيوعية؟
- الشرق الأوسط حتى عام 2020
- امبريالية في عصر غير امبريالي
- هل تكون سوريا الهدف القادم ؟
- دستور بلا وفاق
- شافيز في نظر واشنطن
- انتهت -جنة الاسلاميين- في الغرب
- افريقيا والشرق الأوسط أسوأ الأمكنة للعيش في العالم


المزيد.....




- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري
- بارون ترامب يرفض المشاركة كمندوب للحزب الجمهوري في فلوريدا
- عاصفة شمسية -شديدة- تضرب الأرض للمرة الأولى منذ 2003
- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام القروي - الحراك السياسي والإصلاح: هل لا يزال ممكنا؟