أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (١_٥)















المزيد.....

نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (١_٥)


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 7350 - 2022 / 8 / 24 - 11:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نقد الدولة _ دولة النقد
البحث عن دولة حديثة ناقدة (١_٥)



علي الوردي .. الطريق الاجتماعي للنقد


ومع الدكتور علي الوردي يصبح للنقد بعدا اجتماعياً في ظاهره ولكن في العمق يتقدم الى السياسي خصوصا وانه قد عانى كثيرا من الاهمال سواء من قبل سلطات الزمن الملكي الذي يفتتح كتابه " وعاظ السلاطين " بنقد صريح لاعلامها واذاعتها واصفا القائمين عليها " بالجلاوزة " او من قبل سلطات الزمن الجمهوري وخصوصا لدى سلطات البعث الدكتاتوري الاستبدادي الذي لم يعيد ويطبع وينشر كتبه منذ الخمسينيّات ، وذلك لانه خطابه النقدي لا يتفق مع الخطاب القومي الاصولي ، حيث يصرح علنا بالنسبة للزمن الملكي اذ يقول " ابتلينا في هذه البلد بطائفة من المفكرين الافلاطونيين الذين لا يجيدون إلا اعلان الويل والثبور على الانسان لانحرافه عما يتخيلون من مثل عليا دون ان يقفوا لحظة ليتبينوا المقدار الذي يلاءم الطبيعة البشرية من تلك المثل " (١٠)

وبذلك النقد للتقليد الاجتماعي يبين علي الوردي الخطأ والخلل الفكري الذي يضم نظاما معرفيا بأكمله يكاد ان يكون ذا هيمنة على المجتمع وتفكيره حول تغيير الانسان ، فالاخير في تصوره ليس بنيه ذات اساس وتكوين بيئي واجتماعي وبايلوجي ونفسي وثقافي وديني .. الخ بل هو بمثابة الكائن البسيط الذي يسهل تغييره او هو بمثابة الثوب الذي ما ان تغسله يعود ناصعا في صورته الاولى كما يعبر نفسه الدكتور علي الوردي عن ذلك مبينا خطأ التفكير الافلاطوني الذي يكاد ان يحكم مجتمعا سياسيا وثقافيا بأكمله . فهو دائما يدعو اي "علي الوردي" الى دراسة الانسان كونه جزء لا يتجزأ من الطبيعة المحيطة به ، وهذا ما ترفضه اي سلطة لان دراسة الانسان في تناقضاته الكثيرة سوف يخرجها من اطارها المقدس ضمن شكله الاجتماعي والثقافي والسياسي .. الخ

ودراسة الانسان هنا تكمن في شكلها الحديث المتحرر من اي جاهزية موروثة قابعة في هرميات المنع والحضر والكبت والتخويف والارهاب والوعد والوعيد .. الخ من منجزات السلطة الابوية الدينية والسياسية ، وكلما ابتعدنا عن هذه الجاهزية كلما أصبح بناء الانسان مرنا منفتحا متصارحا مع ذاته ومع محيطه ، حيث يشير بذلك الدكتور علي الوردي في كيفية التعامل مع الاطفال في المجتمع الحديث دون اي مسبقات منع وكبت وحصر ، وبالتالي مع كل نشوء سوف تزول كل عقد ، هكذا يرى الوردي في نقده للمجتمع الديني الذي ينقد الاختلاط بين الجنسين ولا يبالي بالانحراف الجنسي على انه طبيعة بشرية ناتجة عن عن الكبت والمنع والعيش في الظلام وليس النور ، وكل ما عليه اي المجتمع الوعظي هو التمسك بالسلف الصالح والدعوة الى صلاح النفس بين ليلة وضحاها وكأن امر تغيير الانسان قابع في الكلام واللغة المنمقة لا بتهيئة الظروف والمتغيرات اللازمة للبناء بشكل مختلف وحديث .



ان نقد المجتمع الوعظي ينصب على نقد المجتمع السياسي والتاريخي ، فالاخير متمسك بالمجد الزائف والتشويش على الحاضر الاجتماعي ، ولا توجد سلطة ملكية او جمهورية " ضمن النظام القومي بالطبع " لم تمارس عملية التشويش والخداع الاسطوري لدى مجتمعها ، فالسلطة التي تحتفي بالفتوحات واحتلال الامم ونشر الاسلام هي سلطة مقدسة ولكنها ليست سلطة ظالمة او سلطة منحرفة جنسيا حيث لدى الخليفة وحده أربعة الاف جارية ، هكذا خطاب لا يمكن ان يتناوله التاريخ القومي العربي الذي يخفي الكثير من الموبقات والسلوكيات اللانسانية طيلة تاريخه وما يكشف عنه سوى التمثل في صناعة الحضارة والهيمنة والنفوذ والسيطرة على الآخرين ضمن أشكاله القومية والدينية .

يقول علي الوردي ان " الطغاة وجدوا في الواعظين خير معوان لهم على الهاء رعاياهم وتخديرهم ، فقد انشغل الناس بوعظ بعضهم بعضا ، فنسوا بذلك ما حل بهم على ايدي الطغاة انفسهم من ظلم " (١١)
وهنا يمثل الواعظون بمثابة الجهاز الإعلامي لدى السلاطين تبدل مع مرور الوقت او اخذ ينافسه عليه الشعراء خصوصا في السلطة القومية غير الدينية ، فالحاكم المطلق بامر الله يحتاج الى الوعاظ والشعراء والكتبة من اجل تضمين وتثبيت شرعيته لدى العامة كذلك الحال مع السلطة في شكلها الحديث ايضا تحتاج الى الجهاز الإعلامي الذي يغطي على كل مساوئها وارهابها وفسادها .
ان دراسة الطبيعة البشرية لا تخلصنا من عقد الاستبداد كافة تلك التي يتمسك بها العامة والسلطة على حد سواء بل ما يخلصنا هو تثبيت هذه الطبيعة على انها جاهز متغير خال من التقديس والترميز واعطاء شخص ما اهمية على حساب غيره ، فالبشر هم في كل مكان متحاسدون وانانيون ومتنافسون ولا يمكننا إخفاء هذه الطبيعة باقنعة اجتماعية ودينية منذ الطفولة حتى الكبر ، وكلما كانت التربية الاجتماعية قائمة على المصارحة والمكاشفة والحرية في تحقيق الغرائز غرائز الابداع والظهور والتنافس والانانية كلما كانت الطبيعة البشرية غير مقدسة او لا تعاني من ازدواج الشخصية ، وهذا المصطلح كثيرا ما شغل ذهن الوردي ولا تقبل به اي شخصية سياسية او اجتماعية دينية مهيمنة ، اذ لم يأتي به الوردي إلا بعد دراسات ومعاينات ميدانيّة اجتماعية طبقت على الحاضر قبل ان تطبق الماضي التاريخي في بحوث ودراسات ، واكثر ما جعل الازدواج حاضرا هو طبيعة السلطة الوعظية في معالجة الشخصية وما تبدر منها من سلوكيات متناقضة ، فضلاً عن هيمنة الظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية المتخلفة ، والعرب لدى الوردي هم اكثر الامم تعرضا لازدواج الشخصية وذلك بسبب الوقوع تحت تأثير عاملين هما البداوة والاسلام ، وهذين العاملين متناقضين في تكوينهما كما يقول الوردي نفسه ، حيث الاول ينصب اهتمامه على حب الرئاسة والكبرياء والافتخار بالنسب والثاني هو دين الخضوع والتسليم والصغر الانساني امام الله ، وكل ذلك لا يستقيم مع الشخصية العربية لذلك وجد هذا الصراع على حدته حيث يكثر في البيئة القريبة من البداوة ومن كثرة هيمنة رجال الدين ، ولا يعمم الوردي خطابه هذا على العرب جميعا ، اذ يجعله منساقا ضمن بيئة معينة دون سواها كما اسلفنا اعلاه .
يبقى نقد الدكتور علي الوردي محط اعجاب جميع الراغبين ببناء مجتمع سليم لا يعاني من عقد الماضي وهيمنة الاستبداد بجميع اشكاله السياسية والاجتماعية والدينية ، يدعو الى جعل الشخصية البشريّة في العالم العربي بلا وجه وقفا او بلا وجهين وصورتين متناقضتين واحدة تدعو الى العدل والسلم والحرية والثانية تدعو الى نقيضها ويقضي الانسان عمره بأكمله غارق في هاتين الصورتين وربما لا يملك القدرة على التمييز بينهما او يحاول ان يغطيها بحجب ومبررات كي يستطيع مواصلة حياته بسلام نفسي لا اكثر ، لذلك لم تتقبل الانساق الاجتماعية التقليدية خطاب الوردي لانه يجرح نرجسيتها العالية ويعرض تاريخها الزائف الى التعرية والكشف والنقد ومحاولة الخروج من صورتها واطارها اللابث اجتماعيا وثقافيا وسياسيا لدى الشخصية في العالم العربي الذي تحكمه مقررات البداوة وكثرة هيمنة رجال الدين .




المصادر : _

١٠ _ الوردي ، علي / وعاظ السلاطين / دار كوفان ، لندن / الطبعة الثانية ، ١٩٩٥ / ص ٥

١١ _ المصدر ، نفسه ، ص ١١



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلاسل وبلاد
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- شجرة وماي صافي
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة )
- جوال في المدينة الخربة (١)
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- في دفتر الرسم
- سبعة نماذج من الهايبون الفلسفي
- الآداب والفنون السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع
- اشكال ممارسة النقد الاجتماعي (٢)
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (£ ...
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (10)
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (¤ ...
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (¤ ...
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (£ ...
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (£ ...
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (  ...
- المدنية السومرية .. نظرة تاريخيّة في الأصالة والابداع (  ...


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (١_٥)