أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد - المقالة















المزيد.....



المقالة


ابراهيم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 7339 - 2022 / 8 / 13 - 17:08
المحور: الادب والفن
    


المقالة الأدبية
ابراهيم محمد، رئيس منظمة الشباب للعلوم والثقافة الإسلامية في الكاميرون
00237696839527/00237620402317
اختلفت الآراء وتعددت المفاهيم نحو المقالة، والمقالة بحد ذاتها هي الكتابة الوجيزة المعبرة عن شيء نريد منه البيان والتوضيح والكشف أو الاهتمام حيث عرف "أدموند جوس" المقالة في بحثه المنشور في دائرة المعارف البريطانية باعتبارها فنا من فنون الأدب و هي قطعة إنشائية ذات طول معتدل تكتب نثرا وتلم بالمظاهر الخارجية للموضوع بطريقة سهلة ولا تعنى إلا الناحية التي تمس الكاتب (والمقالة الأدبية قطعة نثرية محدودة في الطول والموضوع، تكتب بطريقة عفوية سريعة خالية من الكلفة والرهق وشرطها الأول أن تكون تعبيرا صادقا عن شخصية الكاتب) 1
المفهوم مفهوم غربي، والمفهوم العربي للمقالة ما زال محصورا لأن المقالة في العربية لم تحدد ملامحها وصورها إلا في العصر الحديث بعد احتكاكهم بالغرب، واتسع علاقتهم بهم في المجالات التعليمية والترجمة وتوسعت آفاق الدائرة العلمية بين الغرب والعرب (وتبدو شخصية الكاتب جلية جذابة تستهوي القارئ وتستأثر بلبه، وعدته في ذلك الأسلوب الأدبي الذي يشع بالعاطفة ويثير الانفعال، ويستند إلى ركائز قوية من الصور الخيالية والصنعة البيانية والعبارات الموسيقية والألفاظ القوية) 2
هناك وجود فروق أساسية بين المقالة الذاتية والمقالة الموضوعية لأن كل له دوره الخاص في الأداء والمقالة الذاتية تعني بإبراز شخصية الكاتب، بينما تعني المقالة الموضوعية بتجلية موضوعها، بسيطا خاليا من الشوائب التي قد تؤدي إلى الغموض واللبس، لكن ما يخص المقالة الذاتية حرة في أسلوبها وطريقة عرضها (لا يضبطها ضابط، بينما تحرص المقالة الموضوعية على التقيد بما يتطلبه الموضوع من منطق في العرض والبحث والجدل وتقديم المقدمات واستخراج النتائج) 3
يقول الباحث أن المقالة اتضح ملامحها عند كتاب المستغربين العرب،منهم ميخائيل نعيمة إليا أبو ماضي العقاد المنفلوطي، جبران خليل جبران طه حسين، وأجادوا في كتابة المقالة على منوال النمط الغربي، لأنها لم تولد في الوطن العربي بل ولدت في الغرب واجادوا في هذا الفن وواسعو فيه حتى عند الغربيين أنفسهم تعددت الأقوال في مفهوم المقالة ، فعرفها كثير من النقاد والدارسين ووضعوا لها ضوابط تميزها عن غيرها من الفنون الأدبية الأخرى، كما تحدث هؤلاء النقاد واختلفوا في نشأة المقالة ، فمنهم من جعلها عربية الجذور ومنهم من جعلها غربية الجذور، وإذا تتبعنا تعاريف المقالة في الكتب والدراسات المختلفة فإننا نجدها كثيرة، وقبل أن نعرض لتعاريف المقالة في الكتب المختلفة لا بد لنا من تتبع جذور المقالة في المعجم العربي على اعتبار أن جذورها من مادة ( ق و ل ) ففي لسان العرب قال قولا ومقالا ومقالة : تكلم فهو قائل والقول : الكلام ، والمقالة هي القول) 4
ومفهوم المقالة عند العرب ما هي إلا تعريف لغوي حيث يقولون في المقالة مشتق من مادة (القول) وهي تعني القول كما جاء في لسان العرب، وقد قال النابغة الجعدي مقالة السوء إلى أهلها أسرع من منحدر سائل أما المفهوم الفني للمقالة فيمكن تلمسه في التعريفات التي قدمها مجموعة من النقاد العرب والغربيين، فيعرفها محمد يوسف نجم بأنَّها قطعة نثرية محدودة في الطول والموضوع تكتب بطريقة عفوية سريعة خالية من التكلف والرهق ، وشرطها الأول أن تكون تعبيرا ًعن شخصية الكاتب)5
إلا أن مسألة المقالة تعددت فيها الآراء ومن ضمنها رأي أحمد الشايب حيث يرى أن المقالة( تطلق في العصر الحديث على الموضوع المكتوب الذي يوضح رأيا ً خاصا ً، وفكرة عامة أو مسألة علمية أو اقتصادية واجتماعية يشرحها الكاتب ويؤيدها بالبراهين) 7 أم عبد العزيز عتيق يرى أن المقالة (قطعة من النثر الفني يتحدث فيها الكاتب بنفسه ويحكي تجربة مارسها أو حادثا وقع له أو خاطرا خطر له في موضوع من الموضوعات) 7
يقول الباحث هذا المفهوم لا يصلح للمقالة بل يصلح للقصة لأن تعريفه قاصر عن تعريف المقالة لأن المقالة هي نزعة قلية والقصية أقرب تكون من نزعة خيالية تصويرية تجر العواطف والانفعالات، وعرف عدد من النقاد الغربيين منهم الدكتور (جونسون ) إِذ عرف المقالة بأنها ( نزوة عقلية لا ينبغي أن يكون لها ضابط من نظام، هي قطعة لا تجري على نسق معلوم ولم يتم هضمها في نفس كاتبها)8
يرى الباحث أن هذا الرأي أقرب لمفهوم المقالة، وعرفها (موري) في قاموسه بأنها (قطعة إنشائية ذات طول معتدل تدور حول موضوع معين أو جزء منه ومن خلال التعريفات السابقة فإنه يمكن القول إن المقالة قطعة نثرية محدودة الطول تعالج موضوعا ً معينا ً وتعكس وجهة نظر كاتبها، ومن ثم فالمقالة( قد تحددت عند النقاد العرب والغربيين في أنها تكتب تثرا ً وليس شعرا ً، وهي معتدلة الطول، و تعبر عن رأي صاحبها، فالمقالة طريق واسع لنشر الفكر والتأثير في الناس، ولقد عُرفت بعد ظهور المطابع، وانتشار الصحافة في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، وذلك حين أنشئت صحيفة الوقائع المصرية، ثم بلغت الصحافة أوجها في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، حيث ازدهرت حركتها في البلاد العربية، وصارت عِمَادَ الكُتَّاب، و، والقالبَ الذي يصبُّون فيه أفكارهم، وينشرونها بين الناس، وليست المقالة غريبة عن الأدب العربي القديم وإن تغيَّرت صيغها، فهناك المقالة الدينيَّة، التي يتناول كاتبها باباً من أبواب الدين سواء كان في الاعتقاد، أو الأحكام، أو السلوك، أو الأخلاق، أو السيرة، أو يكتب عن قضيَّة من قضايا الإسلام والمسلمين أو نحو ذلك)9
المقالات الاجتماعية، وهي التي يعالج فيها كاتبها أدواء المجتمع، وأمراضه كالجهل والفقر، والعادات السيئة، ونحو ذلك؛ فيشخِّص تلك الظاهرة، ثم يقوم بتحليلها، وعرضها بطريقة تجتذب القارئ، ثم يتوصَّل من خلال ذلك إلى العلاج، وهناك المقالة السياسيَّة التي تتعرَّض لتحليل موقف، أو قضيَّة، أو ما شاكل ذلك وهناك المقالة النَّقديَّة، وهي التي يَعْتمَدُ صاحبها إلى نَقْدِ عملٍ علميٍّ، أو أدبيٍّ نقداً يجلو محاسنه، ويكشف عن عيوبه بأسلوب مبنيٍّ على أساس من الإلمام بالضوابط والمعايير النَّقديَّة،
المقالة النَّقديَّة إذا أحسن كاتبها، وَوُفِّقَ في طريقة نقده كانت مدرسة للتهذيب، وهناك المقالة الوصفيَّة، وهي أرحب ميداناً؛ لأن كاتبها يستطيع أن يتناول أيَّ مجال من مجالات الحياة، فيصفه وصفاً يصوِّره لمن لم يره، وكأنَّه يراه رأيَ العين، غير أنَّ هذا النوع يُحتاج فيه إلى دقَّة الملاحظة وصدق التصوير، وشمول النظرة وبالجملة فموضوع المقال يتَّسع لكلِّ شيء في الوجود من تعبير عن عاطفة، أو رغبة، أو رهبة، أو فكرة تقسيم آخر للمقالة، حيث يقسمها بعض النُّقَّاد و إلى نوعين كبيرين : أحدهما المقالة الذاتية، أو والآخر هو المقالة الموضوعيَّة، أمَّا المقالة الذّاتية فهي التي ترتبط بالكاتب، فَتَظْهَرُ من خلاله شخصية قوية آسرة؛ حيث يعرض لبعض القضايا ممزوجة بمشاعره، ويستخدم فيه الأسلوب الأدبيَّ، أمَّا المقال الموضوعيُّ فيُبْعِد فيه الكاتبُ عواطفَه، وقضاياه الشَّخصيَّة، فَتَنْصَبُّ عنايتُه على الموضوع، ويقدِّم الحقائق كما هي، ويستخدم الأسلوب العلميَّ، فيجمع مادَّته، ويرتِّبها، ويعرِضها بصورة منطقيَّة متسلسلة، وبعبارات واضحة، غير أنَّ الفصل بين هذين النوعين قد يكون صعباً؛
فالمقالة تنسب إلى أظهر الموضوعين، أو إلى السبب في إنشائها، وهذا قد يخفى إذا لم يدلَّ اللفظ عليه ثم إنَّ هناك بعضَ الاختلاف بين مقالة الصَّحيفة ومقالة المجلَّة؛ فبينما تتَّسم مقالة الصحيفة باليسر والسهولة في لفظها وأسلوبها فإنَّ العمق، والجزالة، من سمات مقالة المجلَّة، والمقالة الصَّحفيَّة زادٌ يوميٌّ قد ينتهي بانتهاء يومه غالباً، بينما مقالة المجلَّة تحمل قابليَّة البقاء، بل هي أقرب إلى البحث، بل قد تكون بحثاً ومقالة الصحيفة طابِعُها القِصَر، ولا يُصَارُ فيها إلى الإطالة إلا نادراً، وعكسها مقالة المجلَّة، وهكذا عُرِفَت المقالة، وصار لها منهجها المميَّز، وطريقتها التي سار عليها الكُتَّاب إلى يومنا الحاضر والفترة الذَّهبيَّة للمقالة كانت كما (مرَّ ذكره في النِّصف الأوَّل في القرن الرابع عشر إلى ما يقارب العقد السابع من ذلك القرن؛ حيث ازدهرت، وراج سوقها في كثير من البلاد العربيَّة خصوصاً في الشام ومصر، وظهر في ذلك الوقت كُتَّاب أفذاذ يضارعون الكُتَّاب الأوائل في أساليبهم الراقية، وتحريراتهم العالية، وفي ذلك الوقت حرصت الصحفُ والمجلاَّت على استقطاب أكابر الكُتَّاب والعلماء؛ فصارت ميداناً فسيحاً لنشر الأدب، والعلم، والنَّقد، والرُّدود، وما جرى مجرى)10
مقالات ولا يغيب عن فطنة القارئ الكريم أنَّ تلك الكتابات فالاحتلال كان ضارباً بجرانه في كثير من بلاد المسلمين، كانت في عزِّ أوجها وبريقها، والجهل والهزيمة النَّفسيَّة كانا شائعين في ذلك الوقت، وهذا يدفع إلى تقدير ما قام به أولئك الكُتَّاب، وإلى التماس العذر لهم فيما فاتهم، أو قصَّروا به إن وُجِد شيء من ذلك، وهذه المقالات التي يحتويها هذا المجموع معزوَّة إلى مراجعها، ومُشَارٌ إلى تواريخ كتابتها إن كانت موجودة، كما أنَّ بعضها قصير، وبعضها متوسِّط، وبعضها مطوَّل أقرب ما يكون إلى البحث العلمي، وقد أبقيت تلك المقالات كما هي، وربَّما حَذَفْت من بعضها وهو قليل ما قد يُستغنى عنه، وما لا يخلُّ بأصل الموضوع، خصوصاً إذا كان يحتاج إلى مناقشة، أو كان فيه إلباس على بعض القراء، أو ما كان مشتملاً على تسويغ بعض الإبداع، وما إلى ذلك، و الغرض والمقال بحث قصير مركز في العلم أو الأدب أو السياسة أو الاجتماع ينشر في صحيفة أو مجلة وعرفها أدباء العرب وعلى مقدمتهم طه حسين والعقاد بأنه قالب من النثر الفني يعرض فيه موضوع ما عرضاً مسلسلاً مترابطا.
تعرف المقالة بأنها (قطعة مؤلفة متوسطة الطول، و تكون عادة منثورة في أسلوب يمتاز بالسهولة و الاستطراد و تعالج موضوعًا من الموضوعات، ولكنها تعالجه على وجه الخصوص من ناحية تأثر الكاتب به)11 فالمقال، إذًا، أيا كان الموضوع الذي يعالجه، فإّنه يتميز بالقصر ذلك أّنه( ليس حشدا من المعلومات، و ليس كل هدفه أن ينقل المعرفة، بل لابد إلى جانب ذلك أن يكون مشوقا، و لا يكون المقال كذلك حتى يعطينا من شخصية الكاتب بمقدار ما يعطينا من الموضوع ذاته)( إسماعيل، بدون ت : 32 )12تعددت الأقوال وكثرت في نشأة المقالة عند كثير من النقاد والدارسين واختلفوا في نشأة المقالة، فمنهم من جعلها عربية الجذور ومنهم من جعلها غربية الجذور، إن المقال نوع نثري فرنسي النشأة، إذ يعتبر الكاتب الفرنسي "ميشال مونتين" (أول من كتب مقالا حديثًا، و المقال كنوع أدبي لم يظهر بصورة مكتملة، بل مر بعدة مراحل حتى استوفى مختلف العناصر المكونة له، أما في أدبنا العربي، فإن المقال كلفظة "ليست غريبة على اللغة العربية، و لكنها من حيث دلالتها الفنية تعد محدثة) 13
واستنادًا إلى ما تقدم ذكره يتبين أن المقال (قد دخل في حياتنا الأدبية بعد أن أخذ في الآداب الأوروبية وضعه الحديث)14 وعليه فالمقال، نوع أدبي أوروبي، وكل ما عرفه العرب في نثرهم، مما يقترب من هذا الّنوع الأدبي الحديث هو "الرسالة"، و هي نوع عربي أصيل، "أطول من المقالة و لها نمط، وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت المقالة ارتبطت بشكل كبير بالصحافة فإن نوعًا أدبيًا آخر قد ظهر، وجد في الصحافة هو الآخر طريقة للانتشار
نشأة المقالة في الأدبين العربي والغربي ، ففي الأدب العربي يمكن القول أن المقالة قديمة النشأة، ولها جذورها في أدبنا العربي القديم، فقد ظهرت بذور المقالة جلية عند العرب القدماء في عدد من الآثار الأدبية ، لذلك يرى بعض الباحثين والكتاب أن المقالة، فن عربي أصيل، وليد من بذور عربية ومن فكر عربي والجدير بالذكر يرى الباحث إن المقالة نشأت بأنواعها المختلفة قبل القرن السادس عشر الميلادي، فالمقالة شأنها في الحقيقة كشأن سائر فنون الآداب الأخرى، تقوم على ملاحظات أصناف حياة الناس كافة (وخير صورة نقع عليها هي الحكم الشعبيّة) 15 والمقالة الأولى في الآداب العربية وهي أقدم رائد للمقالة في الآداب العالمية لأنها ظهرت قبل ظهور مقالات "مونتاني" لكن الباحث يرى أن لو كان هناك مقالة عربية في القديم لكن لم تأخذ صفات المقالة حديثا ً يقول الباحث يمكن القول إن المقالة في الأدب العربي الحديث، قد انتشرت منذ القرن التاسع عشر ، وهي مرتبطة ارتباطا ً وثيقا ً بتاريخ الصحافة في مصر بدءا ً بتطور المدرسة الصحفية الأولى
تطورت المقالة على يد مجموعة من الكتاب العرب وغيرهم كثير، من كتاب الشؤون السياسية والاجتماعية والأدبية دور كبير في استقطاب العديد، من كتاب المقالات وحين نعرض لنشأة المقالة عربيا، لابد من تناول نشأتها غربيا ً، وهنا يمكن القول، إن رائدها الأول في الغرب كان الفرنسي "مونتين" الذي بدأ الكتابة نحو سنة 1571 م، وقد كان مهتما بمشكلات عصره الفكرية والاجتماعية التي انبثقت من نهضة الأدب الكلاسيكي والفلسفة القديمة، وقد كانت كتابته في هذه الآثار تخلو من العنصر الذاتي خلواً يكاد يكون تاما،
تطور باكون في كتابة مقالاته، فعمد على كثير من التصميم والتنسيق وإلى الحديث المرسل المستفيض الذي ينضح بالحيوية والألفة واستمر تطور المقالة فنيا ً وموضوعياً في أوروبا منذ القرن السابع عشر ، (المراجع الأدبية أن تتفق على أن الكاتب الفرنسي "ميشيل دي مونتين" هو رائد المقالة الحديثة في الآداب الأوروبية لذا؛ قسم مؤرخو الأدب تاريخ المقالة إلى طورين متباينين: طور بدائي ،و طور المتطور) ( نجم ،1996م: 9)17 ويفهم من هذا أن المقالة بدأت بحكايات الشعوب والأمثال مبعثرة إلى أن صارت موضوعا مركزا المقالة في الأدب العربي القديم نشأت المقالة في الأدب العربي القديم منذ القرن الثاني للهجرة (وخير مثال في هذه الرسائل الإخوانية والرسائل الديوانية وما تدور عليها من مناظرات وأوصاف وعتاب، كما تتناول الموضوعات التي ينفرد بها الشعر كالغزل، والمديح، والهجاء، والفخر، والوصف، لوجد أنها تعكس خصائص المقالة)17
يقول الباحث إن المقالة في عصر الحديث كان عند الغرب في السادس عشر وكان التغيير الذي صاحب النهضة عند الغرب في هذه الفترة، مدعاة إلى ربط ما انقطع من التقاليد الأدبية يقول الباحث إنها تكاد تتفق آراء مؤرخو الآداب الغربية على المقالة الأدبية الغربية الحديثة (عاشت وسادت إلى الحياة الأدبية على يد الكاتب الفرنسي ميشل"دي مونتين"1" حيث نهض بها في تكوين نفسه حين اعتزل الحياة العامة إلى حياة الريف، ليعيش بهدوء في جوصافٍ آنسه في الحياة القراءة والكتابة والزراعة، مبتعدا عن الاتصال بالمدنية)18 يقول الباحث إن مونتين جمع في ذوقه بالأدب بين ثقافتين، الثقافة الإيطالية، والثقافة
الفرنسية، حيث اتجه إلى دراسة اللاتينية وتتلمذ على بعض المشاهير من علماء الكلاسيكية في عصره، (واستقطب ثقافته حول اللاتينية من خلال قراءته روائع الأدب الإغريقي، أما عنايته بالأدب الفرنسي فقد اقتصرت على بعض المؤلفين وخاصة في مجال التاريخ)19 والجدير بالذكر أن "مونتن" لما تقدمت به السن أخذ يعتني بمشكلات عصره الفكرية والاجتماعية التي انبثقت من نهضة الأدب الكلاسيكي والفلسفة القديمة، ومن اكتشاف العالم الجديد، وطغت موجتها حتى عمت أوروبا وبعد ذلك آثر أن يلجأ إلى مكتبه في مقاطعته الخاصة باسمه، ولم يمكث طويلا حتى دفعته الرغبة في تخليد اسمه وجلاء أفكاره إلى الكتابة والتسجيل)20
والجدير بالذكر ظهرت المقالة الادبية في ادبنا الحديث في القرن التاسع العشر لاتصالنا بالغرب واطلاعنا على آدابه حيث عرفت الآداب الاوربية المقالة الادبية اواخر القرن السادس عشر ويعد الكاتب الفرنسي "مونتين" رائد المقالة الحديثة في الآداب الاوربية وكان للصحافة دور كبير في نهضة وانتشار هذا الجنس الادبي.
يرى الآخرون الادب العربي القديم عرف فنا ادبيا يشبه المقالة الحديثة وهو فن الرسائل ولاسيما الرسائل الفتية والاخوانية فالرسائل الادبية التي تتناول موضوعا واحدا بشئ من الايجاز، ومن وجهة نظر كاتبها فيها بعض خصائص المقالة الحديثة في الاسلوب والموضوع، وأكد الباحثون أن بأن النهضة هو الذي شهد ميلاد المقالة الحديثة، ويمكن للمرء أ ن يجري يجمع الباحثون على أن الكاتب الفرنيس ميشيل دي مونتني مبتكر المقالة الحديثة، والجدير بالذكر أن المقالة في الأدب العربي الحديث يعود ارتباطه بتاريخ الصحافة ارتباطا وثيقا وخاصة المقالات الذاتية والموضوعية و(لم تظهر المقالة بنوعيها الذاتي والموضوعي كفنٍّ مستقل في فرنسا وانكلترا إلا بعد ظهور الصحافة، واستمدت منها نسمة الحياة منذ ظهورها وخدمت لأغراض مختلفة ثم تطور إلى المجلات)21
يقول الباحث وقد مر ظهور المقالة في الأدب العربي بالمراحل قبل أن يستتب الأمر إلى المرحلة الأولى المدرسة الصحيفة الأولى، يمثلها كتّاب الصحف الرسميّة التي أصدرتها الدولة أو أعانت على إصدارها، ومن أشهر كتّاب هذه الفترة، المرحلة الثانية، المدرسة الصحيفة الثانية: تأثرت هذه المرحلة بدعوة جمال الدين الأفغاني، ونشأة الحزب الوطني، وبروح الثورة،( وكان للمدرسة السورية الموجودة في مصر لا تنكر على تطوير المقالة في هذه المرحلة، ومن أشهر كتّابها أديب إسحاق، وسليم النقاش، وسعيد البستاني، وعبد الله نديم، ومحمد عبده، وغيرهم، ومن أهم الصحف التي كتبوا فيها الأهرام، ومصر، والتجارة، والفلاح، والحقوق)22
يقول الباحث في المرحلة الثالثة ظهور طلائع المدرسة الصحيفة الحديثة، وقد تزامن هذه المرحلة بشيء من ممارسة في مقالاتهم حتى ظهرت طلائع المدرسة الصحيفة الحديثة، حيث ظهرت فيها أحزاب سياسية ينتمي إليها كل كاتب بمقالته يبث من خلالها أفكاره ويكافح عن مصلحته ويؤيد موقفه، وكان علي يوسف يمثل حزب الإصلاح ويحمل الجريدة المؤيدة رسالته، ومصطفى كامل يمثل الحزب الوطني، وينشر مبادئه على صفحات اللواء ولطفي السيد يمثل حزب الأمة يضم مثقفي ذلك العصر وينشر أفكاره السياسية والثقافية على صفحات الجريدة (كانت المقالات متسمة بالموضوعية، وتميت في ذلك الوقت بحمل دعوة التجديد والبعث، ومهتمة أيضا بشؤون التعليم، والتربية، وحوت هذه المقالات الأسلوب الأدبي خطوات جبارة خلصته من قيود الصنعة والسجع، وتركت الكاتب حرا طلعا)23
يرى الباحث إن المرحلة الرابعة شهدت هذه المرحلة تغيرات ملموسة في حياة المصريين حتى غيرت مسيرتها اليومية، وهي من أكبر أحداث حصلت في حياة المصريين في ذلك الوقت، ومن أهم الأحداث الثورية المصرية الأولى سنة 1919م وتركت آثارا طيبة في الحياة عامة وفي المقالة خاصة وقد زادت انتماءات كتّاب المقالات إلى الصحائف بشكل فسيح جد ( كانتماء حسين هيكل إلى صحيفة السياسة، وكوكب الشرق لأحمد حافظ عوض، والنهضة المصرية لعبد الحميد حمدي)24
ما لاحظه الباحث في هذه المرحلة أن موضوعات هذه المقالات جلها منحصرة على المقالات السياسية تبعا للأحداث الثورية المصرية التي تتعلق بسياسة مصر، واتجه كل اهتمامات الكتّاب إلى زاوية سياسية أكثر من غيرها، أما أثرها الأدبي فيها ضعيف جدا، والفترة تمتد من 1915م إلى 1936 م
يلاحظ الباحث أن المقالة باعتبارها فنا أدبيا قائما بذاتها أمر جديد في العالم العربي، (إلا أنها كانت موجود بوصفها رسالة وبحثا مصغرا منذ أزمان بعيدة كرسائل إخوان الصفا وغيرها، ألوان أساليب المحدثين في كتابة المقالات إنّ المجلات ربت طبقة من الكتّاب الذين جعلوا من المقالة وسيلتهم الأولى لنشر آرائهم وإذاعة أفكارهم على جمهور القراء، واتضحت أساليب بعض هؤلاء الكتّاب واستبانت خصائصها ومميزاتها بطول الممارسة ومداومة المران)25
يرى الباحث إن في العصر الحاضر للأدب دورٌ لا يقل أهمية عن دوره في الماضي، فهو الواصل بين الماضي والحاضر ومهمته أن يأخذ من الماضي قيمه وعاداته وآدابه وكل ما يتصل بأساسيات هذا المجتمع ليقدم للقارئ بما يضمن الحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه واستمراره ، ويمكن القول إن المقالة قديمة النشأة، ولها جذورها في أدبنا العربي القديم، وإلى هذا ذهب عدد من النقاد ( فقد ظهرت بذور المقالة جلية عند العرب القدماء في عدد من الآثار الأدبية ، ففي القرن الثاني الهجري كانت رسائل عبد الحميد))26
فالمقالة في الأدب العربي وليد من بذور عربية ومن فكر عربي أخذ سمته في التطور بحسب ظروف عصره وبيئته ومجتمعه وضروراته ، وإلى هذا ذهب عباس محمود العقاد حين رأى أن الفصل في الحقيقة هو أصل المقالة الأول في الآداب العربية وهو أقدم رائد للمقالة في الآداب العالمية لأنه ظهر قبل ظهور مقالات (مونتاني) وحديثا ً يمكن القول إن المقالة في الأدب العربي الحديث قد انتشرت منذ القرن التاسع عشر، وهي مرتبطة ارتباطا ً وثيقا ً بتاريخ الصحافة في مصر بدءا بطور المدرسة الصحفية الأولى وما يمثلها من كتاب (كرفاعة الطهطاوي وعبدالله أبو السعود وميخائيل عبد السيد حين نشروا مقالاتهم في الوقائع المصرية ووادي النيل والوطن)27
وإن مجلة الرسالة كانت أول مجلة سياسية اجتماعية، صدرت في ملبورن عام 1975م، شهرية استمرت لمدة عامين، وإن مجلة "الثقافة" كانت أول مجلة حزبية شهرية تصدر في أستراليا عام 1975م، استمرت لعدة سنوات، وإن مجلة "الاقباط" كانت أول مجلة دينية تصدر عن الهيئة القبطية الأسترالية عام 1977م،
وتوقفت بعد إصدار عددها الثاني وهكذا استمرت المجلات العربية بالصدور، منها من يستمر، ومنها من يتوقف بسرعة تدل على أن الأعباء المادية، وضآلة التوزيع هما السبب في هذه المعاناة، ومع ذلك ما زلنا نقرأ مجلات التسعينيات، حتى صدور مجلة "الجذور" في ملبورن التي نتمنى لها قوة الاستمرار هكذا، وبعد هذا العرض المختصر، نجد بل ونستنتج أن الصحافة العربية
كانت ومازالت تصر على تأكيد وجودها، ولو بشق الأنفس، بل ومازالت الدليل الصارخ على رغبة المهاجر اللبناني خاصة، والعربي عامة، في التمسك بلغته وتراثه، ونعلم أن أكثر مشاريع الصحف كانت تجارية وثقافية معاً.
التطور لغة: (من طور، و الطور: التارة، و جمع الطور أطوار، و الناس أطوار أي أخياق على حالات شتى و الطور الحال، والأطوار: الحالات المختلفة و التارات و الحدود، واحده طور: أي مرة ملك و مرة بؤس، و مرة نعم، و الطور و الأطوار: ما كان على حذو الشيء أو بحذائه)28
يعتبر مفهوم "التطور" من أبرز المفاهيم التي ارتبط ظهورها تاريخيا بالقرن التاسع عشر قرن التحولات الكبرى، إذ شهد هذا القرن ظهور عديد النظريات و المفاهيم، وقد حظي هذا المفهوم باهتمام و عناية فائقين، و أثير حول أهميته و جدواه كثير من الجدل، فانقسم الدارسون بموجب ذلك بين معارض و مساند، لكلّ سنده و حجته على نحو ما سنرى انبثق هذا المفهوم في حقيقة الأمر عن نظرية التقدم التي ظهرت في القرن الثامن عشر، و المتمثلة في الاعتقاد بأن تاريخ الإنسان كان ارتقاء متدرجا من الهمجية أو البؤس إلى نمط حياة أعلى و أفضل، وكذلك الاعتقاد بأن هذا الارتقاء تحقق، و يمكن تحقيقه في المستقبل، بجهود الإنسان ذاته وحده، عن طريق استخدام العقل و العلم)29
فإن "التطور" تضمن "فكرة أن تاريخ الإنسان وراثي تكويني مستمر يعمل وفق أسباب طبيعية) 38 لقد عرف مفهوم "التطور" انتشارًا واسعًا حتى أنه "طبق في كل علم و في كل فرع من فروع الدراسة. و من ثم كان سببا في نشأة كثير من النظريات المتعلقة بتفاصيل التطور و تنوعاته، و لم يقتصر تطبيقه على تطور الحياة العضوية في النباتات، و الحيوانات الدنيا و الإنسان فحسب، بل تعداه إلى تطور مجموعات المجرات و المجموعات الشمسية، و العقل الإنساني، و المجتمع و الثقافة، و العلوم و الفنون، و أحدث في هذه المجالات كلها ثورة في الفروض و في طرائق التفكير الأساسية، حيث أحلّ الإيمان بالتغير، وبالتطور، و بالنسبية نقول أحل هذا كله محل الاعتقاد القديم بالمطلقات و الإيمان بكون ساكن، و بمجتمع هرمي ثابت، و بقوانين خالدة شاملة، للخير و الحق و الجمال)30
و لربما كان هذا الشيوع و الاستخدام المكّثف له في مختلف تلك المجالات وراء الغموض الذي يعتري هذا المفهوم، فمفهوم التطور كثيرا ما يختلط بمفاهيم أخرى قريبة منه كالتقدم و التغير و التحول...إلخ إن التقدم و التطور كلاهما يعني التغير، لكن هناك فرق بينهما، "فالتطور معناه التغير لكن التقدم معناه التغير إلى الأفضل)31
يرى الباحث بأن الفنون تتغير وتتطور فنيا لقد مرت المقالة بعد إدخالها إلى الأدب العربي بثلاث مراحل في تطورها حيث ظهرت في بداياتها الأولى بأسلوب يقترب من أسلوب عصر الانحطاط، إذ كان زاخرًا بالسجع الغث و بالمحسنات البديعية، ثم ظهرت فيها مجلات أدبية أخرى مثل: مجلة الكشاف، و مجلة ،
أما مصر مركز النهضة العربية، فإّنها لم تتنبه إلى أهمية المجلة إلا بعد الثورة المصرية، فظهرت فيها مجلات متخصصة، إلى جانب إلى بعض المجلات الأدبية التي غنيت بالمقالات الأدبية كان من بينها: الرسالة، الفجر، أبولو، الثقافة، و الكاتب المصري، فكان لها و لغيرها دور فعال في تطوير المقالة الأدبية ربما أكثر من دور الصحف و ذلك لارتباط الصحافة بشكل كبير بالسياسة و ما يتصل بها، في حين تهتم المجلات في المقام الأول بشؤون الثقافة أما في باقي الدول العربية فقد "سارت الصحف و المجلات سيرتها في مصر و لبنان)32
هكذا انتشر هذا الّنوع الأدبي في مختلف الأقطار العربية تأسيًا بهما و برع فيها أعلام كثيرون في الجزائر وفي القرن الثامن عشر تطورت المقالة ثم في القرنين التاسع عشر والعشرين ، مرت المقالة العربية الحديثة بالأطوار الآتية:
الطور الاول: ويشمل مقالات الصحف الاولى وهي الصحف الرسمية التي اصدرتها الدولة واعانة على اصدارها حتى قيام الثورة العربية
وكانت المقالة في هذا الطور بدائية وفجة فكان اسلوبها اقرب الى اسلوب النثر في عصر تدهور التفافة والادب العربي من حيث الاهتمام بالسجع والزخارف المتكلفة .
الطور الثاني: وهو الطور الذي شهد صحفا جديدا غير مرتبطة بالدولة ,اسس معظمها المهاجرون السوريون مثل "الاهرام" و"مصر" وغيرها،
الطور الثالث: وهو طور مقالات الصحف المدرسة الصحفية الحديثة التي أسسها الاحزاب السياسية التي شهدتها مصر في عهد الاحتلال الانكليزي مثل حزب الاصلاح الذي اسسه الشيخ علي يوسف واصدر جريدة "المؤيد" والحزب الوطني الذي انشأه مصطفى كامل واصدر جريدة "اللواء"
الطور الرابع: طور المدرسة الحديثة، الذي بدأ مع قيام الحرب العالمية الاولى وما تلاها من احداث مثل ثورة 1919 امتازت المقالة في هذ الطور بالتركيز والدقة العلمية والميل الى بث واشاعة الثقافة العامة واسلوبها هو الاسلوب الحديث الذي اشتهر به هؤلاء الكتاب الذين هم من اقطاب الادب العربي الحديث مثل طه حسين واحمد امين والمازني والعقاد.
المراحل التي مرت بها المقالة في العراق:
1-مرحلة العهد العثماني: شهدت هذه المرحلة بعض الرسائل الساذجة والبعيدة عن الشؤون والمشكلات الحياتية المهمة واسلوبها هو الاسلوب المسجوع والحافل بالزخارف اللفظبة و المحسنات البديعية.
لكن بتغيير الحال بعد اعلان الدستور العثماني 1908 حيث اطلق الحريات فترة من الزمن وانشئ صحف ومجلات مما ادى الى تطور المقالة نحو البساطة في الاسلوب ونبذ الاسلوب المتكلف والتعبير عن موضوعات تتعلق بحيات الناس.
2- مرحلة الاحتلال البريطاني: حيث كثر كتاب المقالة نتيجة لتشجيع الانكليز الكتاب العمل في الصحف التي انشأوها، امتازت المقالة في هذه المرحلة بالسهولة في اللفاظ والوضوح في الافكار.
3- مرحلة الحكم الوطني :الذي بدأ في عام 1921 حيث تناولت المقالة مختلف الشؤون السياسية والاجتماعية والثقافية الى الاسلوب السهل لكي تكون مفهومة من الجميع
مرت المقالة الأدبية بتطورات مختلفة من خلال العصور والفترات المتنوعة العصر
وكان الكتاب الأوائل الذين أسسوا أدب العصر الحديث أصحاب مقالات أكثر ما كانوا أصحاب كتب على أن مقالاتهم قد ضم بعضها إلى بعض حتى تألفت منها كتبهم الأولى، وظهرت حاجة المعاصرين إلى المقالة بأكثر مما ظهرت حاجتهم في مطالب الكتاب، يعد المقالة غذاء روحيا وعقليا كخبزه اليومي،
(وهناك عوامل ساندت تطور فن المقالة في الأدب العربي وأعطتها فرصة التقدم والازدهار لقارئها في العصر الحديث منها: انتشار الطباعة كان من العوامل التي ساعدت انتشار المقالة وكثرة الصحف والمجلات التي تذيع هذه المقالات والتنافس بين كتّاب المقالات في محاولة جذب نفوسهم تجاه صحيفة معينة وظهور مجموعة من المشكلات الاجتماعية والشعور بالمسؤولية نحو إرشاد أفراد المجتمع وتوعيتهم بين أدباء العصر الحديث واتخاذ الصحف والمجلات وسيلة نشر الأفكار والآراء وكثرة الأحزاب السياسية، هذه العوامل وغيرها ساهمت في دفع عجلة فن المقالة ورفع مستواها و التذوق بها)33
1. عناصر البناء الفني للمقالة: ومن عناصر بناء المقالة
هو تحديد الموضوع، و يلزم من الكاتب توحيد الأفكار وتسلسلها وابتعادها عن التفكيك والعرض الشائق، الذي يجذب القارئ، ويقع في نفسه موقع القبول والاستحسان والإقناع، وطريقة سلامة الأفكار ووضوحها واتسامها بالأدلة العقلية أو العاطفة)34
2. العناصر الفرعية للمقالة: هي المقدمة الموضوع الخاتمة
في المقدمة يهيأ الكاتب القارئ لتقبله والاستمرار في قراءته، كمدخل رئيسي يجذب القارئ إلى مواصلة القراءة، أما موضوع المقالة فيتناول فيه الكاتب الجانب الذي اختاره، ويحللها تبعا لطبيعة الموضوع، وشخصية الكاتب، وطريقة نشره، أما الخاتمة فيركز الكاتب ما يجول بخاطره، ويحدد هدفه من المقالة، ويلخص جوانب موضوعه حتى تثبت مقالته في نفس القارئ، فالخاتمة هي آخر ما يقع عليه عين القارئ)35 يقول الباحث تتنوع المقالات حسب موضوعها،
وكان مواضيعها متعددة على حسب الميول والمقدرة، من هذه الموضوعات كالمقالة الأدبية و السياسية و الاجتماعية والعلميّة، يقول الباحث تتناول المقالة الأدبّية جوانب الأدب وشؤونه الثقافية، يعالج قضاياه ويدرس مشكلاته بأسلوب أدبي جيد، أما المقالة السياسية فتعالج القضايا السياسية، إما تأييدا لرأي سياسي على غيره، أو معارضا لهذا الرأي ومهاجما له (تعبر المقالة الاجتماعية عن ما يدور في وسط المجتمع وما حول له من المشكلات التي تواجه الأفراد والجماعات، وتشخيص هذه المشكلات بصور موضوعية، والبحث عن حلولها وعلاجها، أما المقالة العلميّة فيهدف الكاتب إلى شرح موضوع علمي معين شرحا دقيقا واضحا يعتمد على الحجج وأن مهمة الكاتب أن يتجه في كتابتها اتجاها موضوعيا)36
يظهر في العناصر البناء الفني عن طريق ترابط الأفكار وانسجامها، والإقناع عن طريق سلامة الأفكار ودقتها ووضوحها والإمتاع بالعرض الشائق الذي يجذب القارئ ويؤثر فيه، و القصر فلا يتجاوز بضع صفحات فإذا طالت أكثر من ذلك صار بحثاً أو كتاباً مهما كان موضوع المقال، فالحافز للأديب على كتابة مقالته هو رغبته في التعبير عن رأيه الخاص، ولذلك تظهر ملامح شخصية الكاتب من خلال مقالته تبعا لشخصية كاتبه، وطبيعة موضوعه، فالمقالة التي تدور حول رأي أو فكرة يكون التركيز فيه على الجانب الفكري من حيث الصحة والدقة والوضوح، والمقالة التي تدور حول مشهد أو ناحية نفسية أو اجتماعية أو إنسانية، يكون التركيز فيه على حيوية العرض ودقته وطرافته، لأن الهدف من المقالة الإقناع والإمتاع لا الغموض وقوة الأسلوب في العصر الحديث
يرى الباحث أن المقالة تتسع لكل شيء في الوجود من تعبير عن عاطفة أو رغبة أو فكرة في أسلوب شيق منظم، وتتنوع المقالات وتختلف تبعا لاختلاف مادتها وموضوعاتها
أما أسباب انتشار المقال بشكل واسع في العصر الحديث هو ظهور الطباعة والصحافة وتنوع الجرائد والمجلات تشعب المشاكل الاجتماعية والسياسية بسبب الاستعمار والاستبداد و ظهور أدباء ومصلحين اخذوا على عاتقهم مسؤولية توعية الناس وإرشادهم نشاط الحركة الأدبية والنقدية بين أدباء العصر الحديث مما أدى إلى ظهور ردود قصيرة على ما ينشر في المجلات و الجرائد فقد
لاحظ الباحث أن هذا الفن خطى خطوات مذمومة نحو التكلف والتصنع حيث كثرت الزخارف والمحسنات والتعابير الركيكة، فأصبح أسلوبه متحجرا مما جعل النقاد يبعدونه عن المقال الحديث، في العصر الحديث لم يتطور فن المقال ويصل إلى ما هو عليه إلا بعد أن مر بمراحل مختلفة وكانت أساليب مقالاتهم اقرب إلى أساليب عصر الضعف حافلة بالسجع والزخرف اللفظي، ركزوا فيها على الأحوال الاجتماعية والسياسية، والمقالة فن من فنون التعبير النثري الحديث كثر استعماله في عصرنا الحاضر وهي من ثمرات الاتصال بالغرب ومرتبطة بازدهار وسائل الإعلام


المصادر والمراجع
1 محمد، يوسف نجم فن المقالة دار صادر بيروت، دار الشروق عمان الطبعة: الأولى، 1996 ص76
2.- محمد، يوسف نجم فن المقالة دار صادر بيروت، دار الشروق عمان الطبعة: الأولى، 1996 ص76
3- محمد، يوسف نجم فن المقالة دار صادر بيروت، دار الشروق عمان الطبعة: الأولى، 1996 ص76
4.إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط ، المكتبة الإسلامية، استانبول، ص 767
5. محمد يوسف نجم، فن المقالة، دار بيروت - بيروت، 1957 م ص 95
6 . نفس المرجع
7. عبد العزيز عتيق، في النقد الأدبي، دار النهضة العربية، بيروت، 1973، ص229
8. نفس المرجع ص116-117
9. محمد، يوسف نجم فن المقالة، دار صادر بيروت، دار الشروق عمان الطبعة: الأولى، 1995ص 117
10.الشرقاوي حسن،:117-118
11.شفيق البقاعي، أدب عصر النهضة، ص 258
12. نفس المرجع ، ص 163
13.نفس المرجع، ص 162
14.نفس المرجع ، ص 162
15. محمد يوسف نجم، فن المقالة، دار صادر بيروت - دار الشروق عمان الطبعة: الأولى، 1996. ص 11
17. نفس المرجع ، ص 9
18. نفس المرجع ، ص 17
19. نفس المرجع ص 25
20. نفس المرجع ص 25
21. نفس المرجع ص 25
22. نفس المرجع ص 53-54
23. نفس المرجع ص 54-55
24. نفس المرجع ص 55-56
25. نفس المرجع ص 57
26. نفس المرجع ص 64
27.الشايب،199م: 94
28.جمعة،2007م: 8
29.جمال الدين بن جلال الدين ابن منظور ،لسان العرب، ط 4، دار صادر للطباعة و النشر بيروت لبنان2005 ، ص 1560
30.توماس مونرو، التطور في الفنون و بعض نظريات أخرى في تاريخ الثقافة، تر محمد علي أبو درة و آخرون، د،ط، الهيئة المصرية العامة للتأليف و النشر، 1971 ، ص 15
31.توماس مونرو، التطور في الفنون و بعض نظريات أخرى في تاريخ الثقافة، تر محمد علي أبو درة و آخرون، د،ط، الهيئة المصرية العامة للتأليف و النشر، 1971 ، ص 15
32.نفس المرجع ص 15
33.عبد المنعم تليمة، مقدمة في نظرية الأدب، د،ط، دار الثقافة للطباعة و النشر، القاهرة مصر، 1976 ص 125
34. محمد يوسف نجم، فن المقال، ط 4، دار الثقافة ، بيروت لبنان، ص77
35.الشرقاوي حسن، 1995م: 121
36. محمد يوسف نجم، فن المقالة، دار صادر بيروت - دار الشروق عمان الطبعة: الأولى، 1996. ص 117



#ابراهيم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الاشراف التربوي في تشاد
- المقالة في الدراسات الأدبية الحديثة مفهومها ونشأتها وتطورها ...
- التعايش السلمي في ظل التعاطف والتسامح
- أحمد شوقي.. أمير الشعراء
- نونية أبو البقاء الرندي في رثاء المدن الأندلسية
- رحلة إلى أغاديس في شرق النيجر
- الشعر الرمزي
- العلاقات العربية الأفريقية
- الأدب العربي الإفريقي/ ديوان إفريقيا النازفة للشاعر ابراهيم ...
- ديوان إفريقيا النازفة للشاعر ابراهيم محمد
- الدمية الجنسية والمرأة الإفريقية
- الصدق الفني والصدق العاطفي في الرثاء الجاهلية
- المقالة الصحفية الادبية واثرها في تغيير المجتمع
- عالمية الغزل في اعمال الشاعر التشادي أحمد جابر دراسة أسلوبية ...
- المراة المحبوبة في عمق القلب
- الأدب الإفريقي الخلاسي
- الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية
- العلاقات التركية الأفريقية من جديد
- البلاغة الكلاسيكية والجديدة
- علاقة الأدب بالمجتمع


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد - المقالة