|
أضاءة نقدية لحديث .. السلام على غير المسلمين
يوسف تيلجي
الحوار المتمدن-العدد: 7339 - 2022 / 8 / 13 - 07:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يتردد ويتداول كثيرا بين المسلمين ، هل يجوز السلام على غير المسلمين / الكفار - أي اليهود والمسيحيين و .. ! ، ففي هذا المقال المختصر سأبحث في تقاطعات هذا الموضوع .
الموضوع : في هذا المقام سأسرد بعض التفاسير من بعض المصادر ، حول موضوعة " السلام على غير المسلمين / الكفار " : (1) فمن موقع / حبل الله ، يجيب على هذا التساؤل ، ويبين : (( يجوز للمسلم أن يبدأ غير المسلم بالسلام ، فقد سلّم إبراهيم عليه السلام على والده ( قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ / سورة مريم ، 47 ) ، وكان المؤمنون يواجهون لوم الكافرين إياهم بالقول ( لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ / سورة القصص 55) ، وقال سبحانه لنبيه ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ / سورة الزخرف 89) . نفهم من الآيات السابقة أنه لا حرج من ابتداء غير المسلم بالسلام ، وابتداؤه بالسلام هو جسر للتواصل والتعاون معه ، وربما يؤدي ذلك لأن يتعرف على الاسلام ويؤمن به )) .
(2) وأما حديث « لا تُبَادِرُوا أَهْلَ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طريق فاضطروهم إلى أضيقه » ، (( يظهر أن النبي قال ذلك في ظرف خاص حيث كان يتجهز لحرب بني قريظة بعد انتهاء غزوة الأحزاب كما تشير بعض روايات الحديث ، ولا شك أن حالة الحرب لها مصطلحاتها وقوانينها ، ويصح أن نسمي هذا بمقدمات الحرب ، ولا يمكن أن يُعمم قول النبي في الحالة الطبيعية ، لأن التعميم يعارض ما ذكرنا من آيات )) . (3) ومن موقع / الشيخ د . خالد السبت ، - الموقع يبين أن " النهي بمعنى التحريم " ، ومنه أنقل التالي : (( فهذا باب تحريم ابتداء الكافر بالسلام ، وكيفية الرد عليهم ، واستحباب السلام على أهل مجلس فيهم مسلمون وكفار . تحريم ابتداء الكافر بالسلام ، وذلك للنهي الصريح في قول النبي في الحديث الذي صدّر به المصنف هذا الباب: لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام . فهذا نهي ، والأصل أن النهي للتحريم ... )) . (4) أما إذا سلم عليكم أهل الكتاب :(( وذكر حديث أنس قال : قال رسول الله: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم - متفق عليه . يعني : نرد عليهم ، لكن لا نقول : وعليكم السلام ، فضلًا عن أن نقول : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)). القراءة : أولا - مرة أخرى ، هناك تقاطع دوما ، بين النص القرآني وبين الأحاديث النبوية ! ، وهنا لا بد من القول كيف تنص الآيات في جواز السلام على غير المسلم : ( سورة مريم 47 ) و ( سورة القصص 55 ) و ( سورة الزخرف 89 ) / المذكورة في أعلاه ، وكيف لرسول الأسلام أن يخالف الوحي القرآني ! ، ولكن من جانب أخر ، أن الرسول نفسه ، لا يتكلم من هواه ، وأنما : ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى / سورة النجم: 3 ، 4 ﴾ .. وهنا لا بد من القول أي القولين أصدق ! : الوحي القرآني ، أم وحي الأحاديث ! .
ثانيا - ولكن ما الوضع في حالة مبادرة غير المسلم بالسلام ، فهل يمتنع المسلم عن الأجابة ، علما أن النص القرآني يقول ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا / سورة النساء:86 ) هذا أيضا مجرد تساؤل ! . علما من أن بعض المصادر تتساأل : " هل إذا قال غير المسلم : السلام عليكم ، نقول : وعليكم السلام ، أو وعليكم السلام ورحمة الله ، أو نزيد وبركاته / نفس المصدر السابق " .. هنا أرى أن المروث الأسلامي وضع المسلم في حيرة من أمره في موضوع التعايش الاجتماعي مع الأخرين ، وبالتحديد في موضوع كيفية وطريقة الرد على غير المسلم ! .
ثالثا – كذلك يظهر أن رسول الأسلام كان لديه " تكتيك مرحلي " ، حتى وأن خالف هذا التكتيك النص القرآني ، وهذا ماقاله المفسرون حول حديث « لا تُبَادِرُوا أَهْلَ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طريق فاضطروهم إلى أضيقه » ، يظهر أن النبي قال ذلك في ظرف خاص حيث كان يتجهز لحرب بني قريظة بعد انتهاء غزوة الأحزاب كما تشير بعض روايات الحديث / كما أشرنا في الفقرة ( 2 ) أنفا .. ويظهر أن الرسول كان يؤمن بما يطلق عليه حديثا بالمبدأ الميكافيلي " الغاية تبرر الوسيلة " . بمعنى أخر ، كان الرسول يكييف النصوص القرآنية ، بما تخدم الظروف الزمانية والمكانية للوضع القبلي السياسي آنذاك ، وأذا لم يخدم النص الحدث ، يستعيض عنه بحديث ! لكن الأشكال أن التضييق على الكفار مستمر لحد الأن.
رابعا - في بعض المصادر يذهب المفسرون الى موضوع شائك أخر ، وهو " الطبقية " ، وهذا الموضوع هو الذي تفاقم لغاية الوقت الحالي ، وجعل من المسلم يظن نفسه الأعلى شأنا والارفع مكانة من الأخر - الكافر ، فقد ورد في موقع / طريق الأسلام ، التالي أنقله بأختصار (( ولا يجوز كذلك أن يبدؤوا بالتحية كأهلاً وسهلاً وما أشبهها لأن في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً لهم ، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم مثل ما يقولون ، لأن الإسلام جاء بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه ، ومن المعلوم أن المسلمين أعلى مكانة ومرتبة عند الله عز وجل فلا ينبغي أن يذلوا أنفسهم لغير المسلمين فيبدؤوهم بالسلام .. )) .
خامسا - بعض المفسرون يربط أبتداء الكفار بالتحية ، بمبدأ أخر ، وهو " مبدأ التقية " / بشكل أو بأخر ، حيث يسرد موقع / الأسلام سؤال وجواب ، التالي أنقله بأختصار " وقال ابن القيم في " زاد المعاد " (2/424) في ابتداء الكفار بالتحية :" و قالت طائفة - أي من العلماء - : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون إليه ، أو خوف من أذاه ، أو لقرابة بينهما ، أو لسبب يقتضي ذلك " انتهى .
الخاتمة : في ختام هذا البحث المختصر ، لا يسعني ألا أن أقول ، ان الأحاديث النبوية تذهب دوما الى المناطق الخطأ في تقاطعها مع النص القرآني ، وذلك لأن تبادل السلام والتحايا ، هما من أساليب التعايش الأجتماعي الراقي والانساني معا ، كما أن مفردة " السلام " هي من أسماء الله الحسنى " هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ " سورة الحشر:23 . وفي صحيح البخاري ، أن النبي يقول : " فإن الله هو السلام . وهنا أيضا نلحظ وجود تقاطع بين بعض الأحاديث مع النصوص والأحاديث معا ! . وخلاصة القول : أن المجتمعات لا تبنى ، ولا تقوم على الحقد والكراهية والطبقية والغل واللؤم ! ، بل تؤسس على قواعد الشراكة والتكاتف والتعاضد والتضامن والتكافل ، واللبيب يفهم ! .
#يوسف_تيلجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أضاءة في الموروث الأسلامي
-
بلا السيد المسيح .. بلا السيد المريخ
-
في الشخصية المحمدية – الجزء 4 / الأخير ( محمد .. الشخصية الل
...
-
في الشخصية المحمدية (3) / من الرعي الى الحكم
-
في الشخصية المحمدية (2)
-
في الشخصية المحمدية (1)
-
الجهاد بين الأرهاب وبين القتل المشرعن
-
نبوة محمد قبل البعث بين الواقع والوهم
-
كيف يجب أن نكون في خضم الأفكار الظلامية
-
قراءة .. في سورة الأنفال / آية 17
-
دور رجال الدين والمذهب في خراب و دمار العراق
-
أضاءة .. حول توظيف الرواية الجنسية في التراث الأسلامي
-
الفتوحات الأسلامية بين مفهومي الغزو و نشر الأسلام
-
الأسلام المبكر حقبة بلا تاريخ
-
شيرين أبو عاقلة بين الترحم وبين التكفير
-
لمحات عن توظيف العهد القديم في القرآن
-
الأمام علي دور مشهود وحق مفقود
-
أزمة المصاحف في العقيدة الأسلامية
-
الموروث الأسلامي بين الواقع و الوهم / واقعة الطف كأنموذج
المزيد.....
-
عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
-
إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت
-
أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة
...
-
إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن
...
-
“بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى
...
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات
...
-
“نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو
...
-
تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
-
مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم
...
-
كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|